الغرب يشتري الوقت ليقرر أين تكون الحرب الكبرى: مع روسيا أم في الشرق الأوسط..
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
في الأشهر الأخيرة، شهدنا ازديادا حادا في عدد المآزق الاستراتيجية التي يواجهها الغرب، والتي تعجز النخب الغربية عن إيجاد مخرج منها.
الأسوأ من ذلك هو أن معظم هذه الأزمات قد تبلغ ذروتها في نفس الوقت.
في الولايات المتحدة أصبح فوز ترامب واضحا بشكل متزايد، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى أزمات داخلية في الولايات المتحدة وأوروبا وحلف "الناتو".
من ناحية أخرى، فإن كل محاولات الغرب لتجنب الانهيار الاقتصادي باءت بالفشل، فلا يمكن قمع التضخم، وأسعار الفائدة المرتفعة تدمّر قطاعات الأعمال، والنظام المصرفي يحتاج إلى جهاز تنفس صناعي مستمر، فيما يبيع أصحاب أكبر الشركات الغربية أسهمهم، والذهب أصبح أكثر تكلفة، والجميع يستعد لانهيار البورصات.
إقرأ المزيد هل تتمكن الولايات المتحدة من تجميد صراع أوكرانيا وبدء حرب كبيرة في الشرق الأوسط في العام 2024؟أظن أن كل جهود أصحاب المال العالمي الآن تتركز على تأجيل الانهيار حتى فوز ترامب، وإعطائه "شرف" تلقي الضربة الناجمة عن خيبة آمال المواطنين وغضب الشعب.
في الوقت نفسه، وجّهت الحرب في البحر الأحمر ضربة ساحقة للتجارة البحرية التي يسيطر عليها الغرب، والتي ستؤدي عواقبها إلى زيادة التضخم على أقل تقدير في غضون بضعة أشهر، ما سيسهم في الانهيار الاقتصادي الوشيك لنظام الدولار. من المؤكد أن العواقب يمكن أن تكون أسوأ بكثير، ولا توجد طريقة لمنعها دون تحييد إيران.
بالنسبة لإسرائيل، فإن حتى النجاح المحتمل في غزة لا يعني نهاية الحرب، كما أن إطالة أمد الحرب إلى أجل غير مسمى هو أمر غير مقبول لأسباب اقتصادية. وهو ما لا يترك أي خيار سوى التصعيد على أمل تحقيق نصر سريع على "حزب الله" ومن ثم إيران. في المقابل، فإن حربا كبرى مع "حزب الله"، بل وحتى توجيه ضربة إلى إيران، من شأنها أن تكون فرصة كبيرة لجرّ الولايات المتحدة إلى الحرب، ما سيؤدي إلى تفاقم مشكلاتها.
وعلى العموم، فإن إيران، من خلال حرب إقليمية تتصاعد بالتدريج، قد انتقلت بالفعل إلى فئة اللاعبين العالميين الرئيسيين، ولكن هذا أيضا يجعل من تحييدها العاجل أمرا ضروريا للغرب، الذي يضطر هنا للاختيار بين روسيا وإيران كهدف ذي أولوية، وهو ما من شأنه أن يؤجل الصدام مع الصين إلى أجل أطول.
وأخيرا، أوكرانيا هي أكبر وأثقل قطعة دومينو، يمكن أن يؤدي سقوطها إلى صدام مباشر بين روسيا وحلف "الناتو"، الأمر الذي من شأنه أن يقلب العالم رأسا على عقب، ويطلق سلسلة من ردود الفعل لكل الانهيارات والهزائم الأخرى التي مني بها الغرب، منذ ذلك الحين، ومن غير المرجح أن تقتصر هذه الحرب على أراضي أوكرانيا.
وقد عانت أوكرانيا، التي تم تزويدها بالأسلحة قبل عام، من فشل ذريع في هجومها. ويقوم الجيش الروسي، مثل جرافة الأسفلت، بسحق المواقع الأوكرانية ببطء، ولكن بلا هوادة على طول خط المواجهة بأكمله.
لقد أصبحت هزيمة أوكرانيا وانهيارها لأسباب داخلية أمرا لا مفر منه بالفعل، فيما يبدو أن هذا الأمر يد بدأ يصل إلى إدراك الغرب تدريجيا، استنادا إلى التصريحات الهستيرية للساسة الأوروبيين حول احتمال نشر قوات غربية هناك، وأن أوروبا ستكون في حالة حرب مع روسيا في غضون سنوات قليلة.
ومن غير المرجح أن يتصور الغرب أن تكرار المحاولة الهجومية، في ظل ظروف أسوأ بالنسبة لأوكرانيا، من شأنه أن يؤدي إلى نتيجة مختلفة وأكثر نجاحا.
إلا أنه من الممكن الحديث عن محاولة الغرب تمديد هزيمة أوكرانيا إلى ما بعد 2024 والرغبة المتأصلة لدى كافة الأطراف في البدء بأقل قدر من قائمة الأزمات. ولكن في ظل الظروف الراهنة، فإن كل شيء مترابط ومتفجّر إلى حد أن عملية صغيرة تقوم بها "حماس" لتحرير السجناء الفلسطينيين قد تنتهي بحرب الجميع ضد الجميع على نطاق عالمي.
ومن الواضح أن الإمدادات الجديدة من الأسلحة الغربية لأوكرانيا لن تغيّر النتيجة المتوقعة لهذه الحرب. ومع ذلك، فإذا تحققت عمليات التسليم هذه، فإنها ستزيد بشكل كبير من احتمال أن تكون الحرب الكبرى الأولى حربا كبرى في الشرق الأوسط، ومن المرجح أن تشمل جيران إسرائيل ودول الخليج.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف ألكسندر نازاروف الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي البنتاغون الجيش الأمريكي الجيش الروسي الحرب العالمية الثالثة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو وزارة الخارجية الأمريكية وزارة الخارجية الروسية وزارة الدفاع الروسية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
انطلاق أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
بدأت في محافظة دهوك فعاليات المنتدى الخامس للسلام والأمن في الشرق الأوسط الذي تحتضنه الجامعة الأميركية في دهوك شمالي العراق.
ويشارك في المنتدى رئيسا الجمهورية والنواب، ورئيس إقليم كردستان، وعدد كبير من الشخصيات الرسمية المحلية والعربية والدولية.
ويؤكد القائمون على المنتدى الذي سيستمر ليومين أنه يتضمن جلسات حوارية وندوات وورش عمل عن الأوضاع في الشرق الأوسط والعالم، وأنه يهدف إلى مد جسور التعاون بين مختلف الدول المشاركة، والتباحث حول المشكلات والحلول، ودور المجتمع في الشرق الأوسط.
وأكد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، الجمعة، أن بلاده والمنطقة يمران "بظروف عصيبة، تتطلب وضع حلول مناسبة لها ودراسة الأوضاع بشكل جيد"، معتبرا أن "الوقت حان لتعيش شعوب المنطقة بعيدا عن الحروب".
وعبر الرئيس العراقي في كلمة خلال منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط بالجامعة الأميركية في محافظة دهوك، عن أسفه لتصعيد الحرب الدائرة في لبنان وقطاع غزة، خاصة ما يعانيه المدنيون جراء هذه الحرب.
وأضاف: "حان الوقت كي تعيش شعوب المنطقة بسلام واستقرار بعيدًا عن الحروب"، معتبرا أن استمرار النزاعات "سيؤدي إلى توسيع تأثيرها على التجارة العالمية واستقرار الاقتصاد الدولي".
ودعا رشيد المجتمع الدولي إلى العمل من أجل إنهاء الحرب، والالتزام بتحقيق السلام الشامل في المنطقة.
يذكر أن المخاوف تتصاعد من توسع دائرة الصراع، مع شن ميليشيات مسلحة موالية لإيران، بعضها في العراق، هجمات على إسرائيل، دعما لحركة حماس في غزة.
من جانب آخر، أوضح رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، أن العالم "يترقب تغييرات في السياسة الأميركية"، بعد فوز المرشح دونالد ترامب بالانتخابات وعودته المرتقبة إلى البيت الأبيض.
وأضاف بارزاني في كلمته بالمنتدى نفسه، أن التوقعات "تشير إلى أن إدارة ترامب الجديدة ستختلف كثيرا عن إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن، أملا في تحقيق السلام والخير للعالم والمنطقة"، على حد تعبيره.
وبشأن التحديات الأمنية في المنطقة، دعا بارزاني إلى وقف الحرب الدائرة في لبنان وقطاع غزة وإنهاء "المأساة" في المنطقة، مشيرا إلى أهمية أن يكون العراق "بعيدا عن تأثيرات تلك الحروب".
وحذر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني من انتشار المخدرات في المنطقة، وهو ما اعتبره "التحدي الأخطر"، مؤكدا انتشار الإتجار بتلك المخدرات، دون الإشارة إلى منطقة محددة أو شخصيات معينة.