فيكتوريا نولاند.. المرأة التي أزاحت تشايكوفسكي
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
لا يقتصر تأثير المؤلف الموسيقي الروسي بيوتر تشايكوفسكي (1840-1893) على روسيا أو دول الاتحاد السوفيتي السابق فحسب بل يتخطاه إلى العالمية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
ولا شك أن هناك شوارع مهمة في عدد من عواصم العالم الكبرى تحمل اسم ذلك المؤلف الموسيقي الجهبذ الذي نعرف جميعا إن يكن أوبراته فعلى أقل تقدير باليهاته الشهيرة "كسارة البندق"، و"بحيرة البجع" و"الجمال النائم"، والتي تزين جميع مسارح العالم من الصين واليابان وأستراليا وحتى القاهرة وإسطنبول، ناهيك عما تعنيه سيمفونيات تشايكوفسكي العظيمة (لا سيما السيمفونيات الثلاث الأخيرة) بالنسبة لريبرتوار الموسيقى الكلاسيكية في جميع الأوركسترات حول العالم.
وقد ولد تشايكوفسكي في مدينة فوتكينسك بروسيا، والتحق بمدرسة القانون في بطرسبورغ قبل أن يتجه إلى دراسة الموسيقى في كونسيرفاتوار بطرسبورغ الذي تأسس عام 1862، ليكون بيوتر تشايكوفسكي هو أول خريجيه عام 1865.
وعلى الرغم من رحيله المبكر إلا أن بيوتر تشايكوفسكي ترك إرثا هائلا تضمن 10 أوبرات، أشهرها "يوجين أونيغين" (1878)، و"مازيبا" (1883)، و"ملكة البستوني" (1890). كذلك كتب تشايكوفسكي 6 سيمفونيات وسيمفونية سابعة بعنوان "مانفريد"، وأربع متتاليات للأوركسترا إلى جانب متتالية "كسارة البندق" من الباليه الذي يحمل نفس الاسم، وكتب تشايكوفسكي كذلك عدد من أعمال الكونشيرتو لعل أشهرها كونشيرتو البيانو والأوركسترا رقم 1 وتنويعات على لحن من عصر الروكوكو للتشيللو المنفرد والأوركسترا، وكذلك مجموعات للبيانو المنفرد أشهرها "فصول السنة"، و"ألبوم الأطفال"، وكتب لموسيقى الحجرة 3 رباعيات، وثلاثي البيانو، ومن بين مؤلفاته أيضا 104 أغنية على أشعار عدد من الشعراء الروس من بينهم بوشكين وليرمونتوف.
إلا أن كل ذلك لم يشفع لتشايكوفسكي لدى نظام كييف الذي قرر مؤخرا أن يتم تغيير شارع المؤلف الموسيقي الروسي الكبير تشايكوفسكي في العاصمة كييف إلى شارع فيكتوريا نولاند، وهو القرار الذي اتخذه نواب مجلس العاصمة الأوكرانية لتخليد صديقة ميدان 2014 الأوروبي في أوكرانيا التي كانت توزع الحلوى على المتظاهرين من أجل قلب نظام الحكم، وما أسفر عنه الانقلاب فيما بعد من انفصال وصراعات وحروب لا تزال تنزف دما سلافيا حتى هذه اللحظة.
فمن هي فيكتوريا نولاند التي أزاحت بيوتر تشايكوفسكي من شوارع العاصمة الأوكرانية كييف؟
نولاند تعد واحدة من الملهمين الأيديولوجيين للانقلاب في أوكرانيا (2014)، وكانت نائبة وزير الخارجية الأمريكية آنذاك حاضرة شخصيا في الميدان، حيث يتذكرها الجميع لأنها كانت توزع الحلوى في الميدان، وكان وصولها هو ما دفع المجلس الانقلابي في كييف لحد كبير إلى استخدام القوة ضد ضباط إنفاذ القانون، الذين ضمنوا النظام أثناء الاحتجاجات.
وظلت المهمة الرئيسية لنولاند خلال العشر سنوات الأخيرة، وفقا لمحللين، هي "إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا"، وهي المهمة التي كانت ذروتها في الهجوم الأوكراني المضاد الذي تم سحقه وفشل فشلا ذريعا بشهادة المحللين العسكريين الغربيين.
وعملت نولاند خلال فترة عملها بوزارة الخارجية الأمريكية على تعزيز أوكرانيا كدولة معادية لروسيا، وتشكيل نظام إداري في أوكرانيا يعتمد على الولايات المتحدة.
لهذا رأى نواب مجلس المدينة في كييف أن يردوا الجميل لفيكتوريا نولاند، بمناسبة اقتراب موعد تقديمها استقالتها، فحذفوا جزءا لا يتجزأ من الثقافة الأوكرانية والروسية والعالمية مقابل الحلوى الأمريكية التي يبدو أنها رسخت على نحو أعمق في أذهان مسؤولي كييف.
لكن، ما العجب هنا، فقد قام نظام كييف ومن ورائه أوروبا و"الناتو" بتزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية، واعترف الرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يوشينكو بستيبان بانديرا بطلا قوميا في أوكرانيا. في الوقت الذي قام به بانديرا بالتواطؤ مع قوات النازي، وارتكب فظائع وعمليات قتل جماعي واسعة ضد السكان البولنديين واليهود.
محمد صالح
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو وزارة الخارجية الأمريكية وزارة الدفاع الروسية فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
طرحت فرنسا والمملكة المتحدة فكرة إرسال قوات إلى الميدان كضمان أمني بعد اتفاق السلام. ولكن حتى الآن، يبدو أن قلة من الدول توافق على ذلك.
خلال قمة عُقدت في لندن يوم الأحد، طرحت فرنسا والمملكة المتحدة، مقترحًا لتطوير "تحالف الراغبين"، بهدف تعزيز الدفاع عن أوكرانيا والمساهمة في أي خطة سلام مستقبلية، في إطار الجهود الغربية المستمرة لدعم كييف في مواجهة التحديات الأمنية.
ووصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر التحالف بأنه مجموعة من الدول "المستعدة لدعم أوكرانيا بقوات على الأرض وبطائرات في الجو، والعمل مع الآخرين ".
لا تزال طبيعة المهمة العسكرية المحتملة للقوات الغربية في أوكرانيا غير واضحة، وسط تساؤلات استراتيجية حول نطاق وأهداف هذا التدخل. ويطرح فيليب بيرشوك، مدير "معهد البحوث الاستراتيجية" في المدرسة العسكرية في أوروبا، سلسلة من التساؤلات الجوهرية حول السيناريوهات المحتملة لنشر القوات.
ويشير بيرشوك ليورونيوز إلى أن هناك فارقًا جوهريًا بين إرسال قوات إلى غرب أوكرانيا للسماح للجيش الأوكراني بإرسال وحدات محلية للقتال على الجبهة، وبين نشر قوات لحفظ السلام، حيث يتطلب هذا الأخير تمركز قوات عند خطوط التماس لمنع استمرار القتال، وهو نهج يختلف تمامًا عن التدخل العسكري التقليدي.
Relatedأوكرانيا تجدد رفضها دخول مفتشي الطاقة الذرية إلى زابوروجيا عبر الأراضي المحتلةرئيس وزراء السويد السابق" يصف مفاوضات ترامب للسلام حول أوكرانيا بأنها مباحثات "هواة" ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامبويقدر الخبراء أن تنفيذ مهمة حفظ سلام موثوقة يتطلب نشر عدة آلاف من الجنود. وفي هذا السياق، صرّح سفين بيسكوب، الباحث في "معهد إيغمونت" في بروكسل، لقناة يورونيوز قائلاً: "قد يكون من الضروري إرسال فيلق عسكري يضم 50 ألف جندي، لإيصال رسالة واضحة إلى روسيا مفادها أننا جادون للغاية في هذا الأمر."
ورغم أن باريس ولندن تبديان استعدادًا لاستكشاف هذا الخيار، إلا أن المواقف الأوروبية لا تزال منقسمة بشكل كبير حيال هذه الخطوة الحساسة، إذ تتحفظ بعض الدول على التصعيد العسكري المباشر، ما يضع مستقبل هذا المقترح أمام اختبار سياسي ودبلوماسي معقد.
الدول المترددةويبدو أن بعض الدول الأوروبية تتجه نحو تأييد المبادرة الفرنسية-البريطانية، لكنها لم تحسم موقفها بعد بشأن مسألة نشر جنود على الأرض في أوكرانيا.
ففي البرتغال، تعهدت الحكومة بدعم الخطة التي ستضعها لندن وباريس، لكنها ترى أن الحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا في إطار عملية حفظ السلام لا يزال سابقًا لأوانه. وأكد الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا أن أي قرار يتعلق بنشر قوات برتغالية يجب أن يُعرض على المجلس الأعلى للدفاع الوطني، المقرر اجتماعه في 17 مارس للنظر في الأمر.
أما في هولندا، فقد أوضح رئيس الوزراء ديك شوف أن بلاده لم تقدم أي التزامات ملموسة بعد، لكنه أكد انضمام هولندا إلى الجهود العسكريةالفرنسية-البريطانية للمساهمة في وضع حلول ممكنة.
بدورها، قد تنضم إسبانيا إلى المبادرة في مرحلة لاحقة، إذ صرّح وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أن مدريد "ليس لديها مشكلة" في إرسال قوات إلى الخارج، لكنه شدد على أن التركيز الحالي بشأن أوكرانيا لا يزال سياسيًا ودبلوماسيًا بالدرجة الأولى. ومع ذلك، يبدو أن الرأي العام الإسباني يدعم هذا التوجه، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته قناة "لا سيكستا" أن 81.7% من الإسبان يؤيدون نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا.
إيطاليا وبولندا: المتشككونرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تُعد من أكثر القادة الأوروبيين تحفظًا بشأن فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، حيث وصفتها بعد اجتماع لندن بأنها "حل معقد للغاية وربما أقل حسمًا من الخيارات الأخرى". وأكدت في تصريحاتها أن إرسال قوات إيطالية لم يكن مطروحًا على جدول الأعمال في هذه المرحلة.
وترى ميلوني أن أفضل ضمان أمني لأوكرانيا يكمن في تفعيل المادة 5 من ميثاق الناتو، التي تلزم جميع أعضاء الحلف بالدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لهجوم. ومع ذلك، يظل تطبيق هذه المادة غير واضح في ظل عدم عضوية أوكرانيا في الحلف، مما يجعل مقترح ميلوني غير محدد المعالم في الوقت الحالي.
Relatedردًّا على ترامب وبوتين: الدنمارك تُطلق صفقة تسليح ضخمة بـ6.7 مليار يوروفون دير لاين تدعو لتسليح أوكرانيا "بسرعة" حتى لا تصبح لقمة سائغة في فم روسياقمة أوروبية تناقش تعزيز تسليح أوكرانيا والحرب في غزةأما في بولندا، أحد أبرز داعمي أوكرانيا منذ بداية الحرب، فلا يزال الموقف حاسمًا برفض إرسال قوات بولندية إلى الأراضي الأوكرانية. وأوضح رئيس الوزراء دونالد توسك أن بلاده تحملت بالفعل عبئًا كبيرًا باستقبال نحو مليوني لاجئ أوكراني خلال الأسابيع الأولى من الحرب، مما يجعلها غير مستعدة للانخراط عسكريًا بشكلٍ مباشر.
وبينما تبدو وارسو مستعدة لتقديم الدعم اللوجستي والسياسي، إلا أنها لا تعتزم نشر قوات على الأرض، ما يعكس الانقسامات داخل أوروبا بشأن هذا الخيار العسكري الحساس.
المجر وسلوفاكيا، غير مستعدتين على الإطلاق للقيام بذلكتتخذ كل من المجر وسلوفاكيا موقفًا أكثر انتقادًا للدعم العسكري الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، إذ تدفعان باتجاه فتح حوارٍ مع روسيا لإنهاء الحرب بدلاً من تصعيد المواجهة العسكرية.
وهاجم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان القادة الأوروبيين المجتمعين في لندن، متهمًا إياهم بالسعي إلى "مواصلة الحرب بدلاً من اختيار السلام"، في إشارة واضحة إلى رفضه لاستراتيجية الدعم العسكري المستمر لكييف.
من جانبه، أعرب رئيس وزراء سلوفاكيا عن تحفظه الشديد تجاه مبدأ "السلام من خلال القوة"، معتبرًا أنه مجرد مبرر لاستمرار الحرب في أوكرانيا بدلًا من البحث عن حلول دبلوماسية حقيقية.
وبناءً على هذه المواقف، يُستبعد تمامًا أن تنضم بودابست وبراتيسلافا إلى أي مبادرة لنشر قوات أوروبية، إذ ترفض حكومتا البلدين بشكلٍ قاطعٍ الانخراط العسكري المباشر في النزاع الأوكراني.
موقف برلينتتوجه الأنظار الآن إلى ألمانيا، حيث يجري تشكيل حكومة جديدة برئاسة المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس.
وقد استبعد المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا، على الرغم من أن وزير دفاعه بوريس بيستوريوس ألمح إلى إمكانية نشر قوات حفظ السلام في منطقة منزوعة السلاح، في حال وقف إطلاق النار.
إلا أن هذا الموقف قد يتغير، حتى وإن كان من الصعب إقناع الرأي العام المحلي بقرار نشر الجنود الألمان في أوكرانيا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية من محام إلى مستشار.. شتوكر يتولى رئاسة الحكومة النمساوية الجديدة بعد مشادة البيت الأبيض.. زيلينسكي: مستعدون لتوقيع اتفاق المعادن ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب الغزو الروسي لأوكرانياالمملكة المتحدةالاتحاد الأوروبيقوات عسكرية