منذ سنوات طويلة، عرف الممثل السوري تيم حسن كيف يوسع لنفسه أماكن مختلفة عن الجميع، لدرجة بات فيها علامة مسجلة على اعتبار أنه وصل إلى المآلات التي تستحقها موهبته، والكاريزما اللافتة التي تميزه عن غيره، لدرجة أنه بالمفهوم التسويقي لم يعد أحد يتمكن من منافسته محليا، على الأقل من ناحية الحضور والنجومية، واجتراح مكانة متفردة له وحده.
حتى أن بعض نجوم الدراما السورية المكرسين، والمترفين بالموهبة إلى جانب الأنا العالية والاعتداد، لا يخفون سعادتهم المطلقة إذا أتيح لأحدهم أن يقاسمه دور البطولة في مسلسل ما، رغم معرفتهم سلفا أن أسماءهم ستكون وراء نجم العمل الذي يتسلح بجماهيرية طاغية، و"اسم بياع"، وشركة إنتاج كبرى تخضع لوجهات نظره. كل ذلك لا يُعد جديدا على ممثل يعرف كيف يشد البساط نحوه عندما يكون واقفا في مكانه الصحيح.
طبعا الحديث هنا بعيدا عن حمى الأداء البراني الذي اعتمده في سلسلة "الهيبة" (مجموعة كتابة وإخراج سامر البرقاوي) والنمط التجسيدي الساذج، والمنطق الدرامي المبتذل، والاعتماد على لوازم كلامية متهاوية لغويا، وتحول المشروع إلى حالة تجارية خالصة تدر أموالا! جرّب تيم خلال السنوات الأخيرة الافتكاك من أسره الإرادي في سجون "الهيبة" من خلال تجربته في مسلسل "العميد" (كتابة وإخراج باسم السلكا) لكن دون أن يحظى العمل بجماهيرية كبيرة، أو أن يرافقه سجال نقدي مختلف.
لكن في كل الأحوال أعطى النجم السوري آنذاك فرصة ذهبية للمخرج الناشئ حينها، الذي سبق أن قدم كل ما يمكنه لـ"الهيبة" ضمن فريق الإخراج وبوصفه أيضا كاتبا أساسيا فيه، إضافة إلى مساهماته في مشاريع أخرى من بطولة نجم الوسامة السوري. وتمثلت الهدية الثمينة في وقوفه أمام كاميرا السلكا بثقة مطلقة، وفي أولى تجاربه الإخراجية، فمنحه كناية عن جواز عبور نحو السوق، بعدما كان يراد له أن يظل مساعدا.
منذ أكثر من عام انتهت فصول "الهيبة" وعُصر حتى آخر قطرة، بعد أن أنجز منه فيلما مكثفا عن كل أجزائه. فاستعان تيم بصديق قديم هو عمر أبو سعدة خريج "المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم النقد" في دمشق، واقتنى له نص "عاصي الزند" (إخراج سامر البرقاوي وإنتاج الصباح) فحقق المسلسل نجاحا مشهودا العام الماضي في مادة سورية خالصة، وجديدة ومحكمة.
وبهذه القفزة النوعية والاستحقاق اللافت كأن حسن قال كلمته وانتهى الأمر: سأنجز دراما سورية خالصة تصور في غالبيتها في بلادي وبخبرات تراكمت خلال أكثر من عقدين من الزمن، وصنعت سيرا مهنية مهمة من خلال شغلها بأيقونات الدراما السورية، وبناء على إفادة ذكية من مراحل تاريخية غنية سبق أن واكبتها الدراما السورية، لكن هذه المرة وفق اقتراحات حكائية ومعطيات جديدة لم تسبق أن طرقتها الشاشة التلفزيونية.
ليكرر تيم حسن التجربة هذا العام مع أبو سعدة والمخرج سامر البرقاوي، لنكون على موعد مع حكاية جديدة قيل إن تكلفة إنتاجها هي الأعلى بتاريخ الدراما السورية، وقد وصلت إلى ما يناهز 8.5 ملايين دولار.
مسلسل "تاج"، الذي يعرض في رمضان 2024، من بطولة تيم حسين وبسام كوسا وفايا يونان ونورا رحال وإيهاب شعبان وجوان خضر وكفاح الخوص وعبد الرحمن قويدر وأوجا أبو الدهب، وكتابة عمر أبو سعدة، وإنتاج "صباح إخوان".
تعيد قصة المسلسل مشاهدها إلى سوريا في حقبة أربعينيات القرن الماضي، وسط أحداث تشويقية مع جهد إنتاجي مبهر للحد الأقصى على مستوى الديكور والعناصر الفنية التي بنيت خصيصا وتركت انطباعا لافتا عند كل من أتيحت له زيارة مواقع التصوير، كل ذلك في لمحاولة استعادة تلك الحقبة المزدهرة في سوريا.
أما الحكاية فتنطلق زمنيا قبيل استقلال سوريا عن الاستعمار الفرنسي بسنوات قليلة وتتحدث عن شخصية "تاج الدين الحمال" (تيم حسن) الملاكم الذي يواجه الخسارة في عديد من مفاصل حياته بسبب تمسكه بقيمه ومبادئه الوطنية، ليستمد الصراع جوهره من مواجهته مع التاجر الدمشقي المتواطئ مع الاستعمار الفرنسي "رياض بيك" (بسام كوسا) بسبب علاقة الحب التي تجمع تاج بنوران (فايا يونان) وهي ابنة العميل.
وتتصاعد الأحداث وفق فرجة بصرية مدهشة وتعاقب تشويقي يتوقع أن يكون محكما، ربما يحقق أعلى درجات الإبهار بالاتكاء على حبكة ناحية النص المكتوب على يدي مسرحي أكاديمي، تواكبه رؤية بصرية استفادت للحدود القصوى من كل الخبرات التقنية الموجودة في سوريا.
أما عن اختيار المغنية السورية الشابة فايا يونان في أولى تجارها التمثيلية التي سترى النور، فقد حصلت على هذه الفرصة بعد اختبار أداء أجرته أمام المخرج سامر البرقاوي وفريق العمل، وخضعت لتدريبات على يد الممثل والمخرج المسرحي اللبناني عصام بو خالد.
ومع التعتيم الشديد حول تفاصيل وطبيعة العمل وماهية الأدوار، كشفت مصادر مطلعة عن أن الدور الذي تؤديه يونان لن يكون لمغنية، كما أنها لن تقدم أغنيات إلا بشكل عابر من باب استثمار موهبتها الغنائية. وقد جاء اختيارها بناء على اعتبارات كثيرة، أهمها الموهبة والشكل والجمال والكاريزما إلى جانب العفوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدراما السوریة تیم حسن
إقرأ أيضاً:
ناقد فني: موسم رمضان 2025 يشهد تنوعًا غير مسبوق في الدراما المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الناقد الفني أحمد سعد الدين أن الموسم الدرامي في رمضان 2025 يشهد تنوعًا غير مسبوق، حيث تقدم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مزيجًا من الأعمال الاجتماعية، الكوميدية، التراجيدية، وأعمال الإثارة، ما يرضي مختلف الأذواق.
وأشار، خلال مداخلة هاتفية على قناة «إكسترا نيوز»، إلى أن انتشار مسلسلات الـ15 حلقة أحدث حراكًا كبيرًا في سوق الدراما، إذ يتميز هذا الشكل بإيقاع سريع، مما يسمح للمشاهد بمتابعة أكثر من عمل خلال الشهر الكريم.
وأوضح أن الموسم الحالي يطرح موضوعات جديدة وغير تقليدية، مثل مسلسل «ولاد الشمس»، الذي يتناول حياة الأطفال في دور الأيتام، ويسلط الضوء على التحديات التي تواجههم، سواء كانت إيجابية أو سلبية، مسلسل «لام شمسية»، الذي يقدم معالجة جريئة لقضية التحرش، مما يعكس رغبة الدراما في رفع الوعي المجتمعي.
وأضاف أن الأعمال الكوميدية لها حضور قوي هذا العام، حيث يقدم أكرم حسني مسلسل «الكابتن»، ويطل أحمد أمين في مسلسل «النص»، المستوحى من قصة حقيقية عن نشّال يتحول بالصدفة إلى مناضل ضد الاحتلال في أوائل القرن الماضي، كما حقق مسلسل «وتقابل حبيب» نجاحًا كبيرًا، حيث يقدم دراما اجتماعية رومانسية.
وأكد أحمد سعد الدين أن التنوع في الموضوعات والأساليب الفنية ساعد في استقطاب الجمهور واحترام ذوقه الفني المتنوع.