رئيس الوزراء العراقي يقول ان بقاء التحالف الدولي اصبح مبررا لعدم الاستقرار وخروجه سيكون مدخلا لحصر السلاح بيد الدولة
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
مارس 7, 2024آخر تحديث: مارس 7, 2024
بقلم: وليد ابراهيم
حمل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مسؤولية التداعي الامني واستمرار التوتر التي يشهدها العراق بين الحين والاخر، الى استمرار بقاء قوات التحالف الدولي على الاراضي العراقية.
وأشار السوداني في احدث تصريحات له خلال مقابلة تلفزيونية ان انسحاب هذه القوات سيكون مبررا لانهاء الفصائل المسلحة العراقية التي تستهدف التواجد العسكري الامريكي الذي يقود قوات التحالف الدولي في العراق.
وقال ان “وجود التحالف الدولي اصبح مبرر لاثارة التوتر والتاثير على الامن والاستقرار في العراق. عندما تختفي المبررات لن يكون هناك مجال امام اي جهة باي عنوان لحمل السلاح.”
واشار “هذا هو اهم الاسباب التي تدفع الحكومة الى انهاء مهمة التحالف الدولي في العراق”.
وكشف السوداني عن اتفاق كان قد تم التوصل اليه في مباحثات تشكيل الحكومة قبل اكثر من عام داخل الاطار التنسيقي الشيعي الذي يضم قوى سياسية لها فصائل مسلحة. وقال ان هذا الاتفاق يقضي بتفويض الحكومة “لانهاء مهمة التحالف الدولي ثم الذهاب باتجاه اخضاع السلاح لمؤسساتها، ولن يكون هناك سلاح خارج المؤسسة الرسمية”.
واعتبر مراقبون تصريحات السوداني بانها قد تكون مناورة سياسية جديدة يحاول من خلالها رئيس الوزراء استمالة بعض الدول في المنطقة التي تعارض التواجد العسكري الامريكي في العراق.
وقال الدكتور علاء مصطفى، وهواكاديمي ومحلل سياسي، ان عقيدة هذه الفصائل بحمل السلاح يرتبط بمفهوم المقاومة، وان هذا “المفهوم (المقاومة) واسع ولا تقتصر مبررات وجوده واستمراره بموضوع تواجد قوات امريكية او قوات للتحالف الدولي فحسب بل بموضوع محاربة الارهاب بشكل عام”.
واضاف مصطفى لـ (المستقلة) ” اعتقد ان رئيس الوزراء يحاول توظيف هذا الموضوع كورقة لاستمالة دول في المنطقة لتعزيز موقفه من مسالة انهاء مهمة التحالف الدولي في العراق”. معبرا عن اعتقاده بان هذه التصريحات “لن يتفاعل معها لا التحالف الدولي ولا حتى دول الاقليم المعنية بالموضوع”.
وتساءل مصطفى عن السبب الذي يدفع السوداني على التركيز في حديثه على قوات التحالف الدولي وتجنب الحديث عن القوات الامريكية.
وقال “هل ان المراد هو انهاء مهمة التحالف الدولي والابقاء على القوات الامريكية؟”. ومضى يقول “ان حدث هذا فانه يثير الكثير من علامات الاستفهام وهو يعني ابقاء القنبلة موقوتة” في التعاطي مع هذا الملف.
وكان السوداني قد اكد في اكثر من مناسبة بان حكومته ترغب، وبعد الاتفاق على انهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، في اقامة علاقات مباشرة مع الدول التي يتشكل منها التحالف، من بينها علاقات أمنية.
وكانت دعوات اخراج القوات الامريكية من العراق قد عادت للواجهة مرة اخرى عل خلفية التصعيد بين القوات الامريكية وهذه الفصائل التي تتهمها واشنطن بانها ادوات ايران في العراق.
واتهمت واشنطن هذه الفصائل بالوقوف وراء عدد من العمليات التي استهدفت قواتها مؤخرا، واهمها مابات يعرف بعملية البرج 22 التي وقعت داخل الاراضي الاردنية قرب الحدود المشتركة مع العراق والتي ادت الى مقتل ثلاث جنود امريكان واصابة اكثر من اربعين اخرين.
وقالت هذه الفصائل ان استئناف عمليات ياتي للرد على المجازر الوحشية التي تحدث في غزة.
وردت القوات الامريكية بعمليات طالت عدد من المواقع والقيادات البارزة تابعة الحشد الشعبي وفصائل مسلحة ادى الى مقتل عدد منهم.
وعلى اثر هذا التصعيد، دعت قوى سياسية وخاصة شيعية، الى انهاء التواجد العسكري الامريكي في العراق. وطالبت هذه القوى البرلمان الى عقد جلسة لاصدار قرار بهذا الشان، لكن البرلمان اخفق في عقد الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب.
وفي تطور ملفت، شهدت الساحة العراقية مؤخرا هدوءا واضحا تمثل بوقف للعمليات بين الطرفين.
وقالت مصادر مطلعة لـ (المستقلة) ان “هذا التطور جاء بعد وصول وفد امريكي عسكري واستخباراتي، واجراءه مباحثات مع الطرف المؤثر في مسالة تنفيذ العمليات المسلحة ضد الامريكان في العراق”.
واضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع “ان هذا الطرف المؤثر ليس عراقيا وان حكومة بغداد لم تكن جزءا مباشرا من هذه المفاوضات.”
وكان وفد امريكي يراسه نائب مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون العراق وايران فيكتوريا تايلور قد حضر الى العراق في اليومين الماضيين واجرى سلسلة لقاءات مع كبار القادة السياسيين العراقيين تركزت حول الوضع العراقي والاقليمي.
ووصف الدكتور احسان الشمري، استاذ العلوم السياسية ورئيس مركز التفكير السياسي، تصريحات السوداني الاخيرة بانها “محاولة باتجاه اقناع القوات الامريكية والتحالف الدولي بوضع جدولة لانهاء مهمة التحالف في العراق، وانه (السوداني) يحاول خلق مبررات لتحقيق هذه الغاية”.
وعبر الشمري لـ (المستقلة) عن شكوكه تجاه احتمال اقتناع الطرف الامريكي بهكذا مبررات “خاصة وان العقيدة القتالية للفصائل المسلحة العراقية هي طرد القوات الامريكية من المنطقة وليس فقط العراق”.
وقال الشمري ان السوداني “اظهر اصطفافا وميلا مع هذه الفصائل اكثر من المجتمع الدولي”.
وكان حكومة بغداد قد اعلنت مؤخرا عن بدء مباحثات لثلاثة لجان عسكرية مع الطرف الامريكي بهدف التوصل الى وضع جدولة لانهاء مهمة التحالف الدولي في العراق. وهي تصريحات نفاها اكثر من مسؤول عسكري امريكي، مؤكدين ان مايجري حاليا من مباحثات ليس له علاقة باي جدولة لانهاء مهمة التحالف في العراق.
ويرى البعض ان المطالبة باخراج هذه القوات اصبحت مجرد دعوات للاستهلاك الاعلامي وان حقيقة الموقف هو ان اغلب القوى التي يتشكل منها الاطار التنسيقي الشيعي لا ترغب بتصعيد الموقف مع واشنطن حاليا.
ويخشى كثيرون ان يؤدي هذه التصعيد بازمات داخلية عراقية قد لا تقف عند المشهد الامني بل قد تطال الوضع الاقتصادي العراقي الذي يواجه تحديات كبيرة تقف في مقدمتها عد قدرة الحكومة وقف تراجع قيمة الدينار العراقي امام الدولار الامريكي.
وكان قيس الخزعلي الامين العام لحركة عصائب اهل الحق، والمنضوية داخل الاطار التنسيقي ويمتلك فصيلا مسلحا، قال اعلن في مقابلة معه قبل ايام أن الطرف الامريكي قد بدأ باستخدام أكثر من ورقة ضد حكومة بغداد من أجل الضغط عليها وموقفها الرافض لبقاء القوات الامريكية في العراق.
وقال الخزعلي ان احدى اساليب الضغط هذه هي اقتصادية والمتمثلة بالعقوبات الأخيرة على شركة فلاي بغداد للطيران والعقوبات على بعض المصارف العراقية.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: انهاء مهمة التحالف الدولی فی العراق لانهاء مهمة التحالف القوات الامریکیة رئیس الوزراء هذه الفصائل اکثر من
إقرأ أيضاً:
حكومة السوداني.. معركة بقاء معقدة سلاحها الضغوط المركبة والتنافس في الانتخابات
بغداد اليوم - بغداد
تشهد حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني مرحلة حرجة في ظل التحولات المتسارعة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، إلى جانب التحديات الداخلية المتزايدة التي تهدد استقرارها قبيل انتخابات 2025.
وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية خليفة التميمي، أن "المشهد الإقليمي أصبح أكثر تعقيدًا، خصوصًا بعد تداعيات “طوفان الأقصى” والتغييرات التي طرأت على السياسة الأمريكية مع عودة دونالد ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض".
وأشار التميمي، في حديثه لـ "بغداد اليوم"، إلى أن "إدارة ترامب تتبنى نهجًا يعتمد على القوة في إعادة فرض النفوذ الأمريكي، مما يضع حكومة السوداني في موقف تفاوضي ضعيف أمام واشنطن، سواء على الصعيد الاقتصادي أو العسكري".
وأضاف التميمي، أن "الحكومة العراقية تواجه ضغوطًا مركبة، فمن جهة، هناك التحديات الداخلية المتمثلة في الأزمات الاقتصادية والصراعات السياسية، ومن جهة أخرى، تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا لدفع بغداد نحو تقليص علاقاتها مع طهران، رغم الارتباط الوثيق بين البلدين بحكم المصالح الاقتصادية والجغرافية".
وأوضح، أن "قطع العلاقات مع إيران ليس قرارًا يمكن اتخاذه بسهولة، إذ ستكون له انعكاسات خطيرة على العراق سياسيًا واقتصاديًا".
وفي الداخل، تبرز بوادر صراع مبكر على رئاسة الحكومة، حيث تسعى بعض القوى السياسية لإضعاف فرص السوداني في الترشح لولاية ثانية".
وأشار التميمي إلى أن "هناك محاولات لاستغلال الأزمات، مثل ملف الكهرباء في الصيف المقبل، كأداة لإضعاف حكومته، إلى جانب التحركات غير المعلنة لتعديل قانون الانتخابات، ما قد يشكل عقبة أمام فرصه في الاستمرار بقيادة البلاد".
في ظل هذه المتغيرات، يبدو أن السوداني يواجه معركة بقاء سياسية معقدة، حيث تتشابك الأجندات الداخلية والخارجية في محاولة لرسم ملامح المرحلة المقبلة في العراق.