أظهرت دراسة حديثة مدى تأثير ذوبان الجليد وتقلص كمياته في المحيط المتجمد الشمالي على النظم البيئية البحرية في المناطق الشمالية على وجه التحديد، وكانت النتائج مربكة على خلاف ما كان متوقعا.

فعلى مدار 25 سنة انقضت تضاءلت كمية الجليد على سطح مياه المحيط في القطب الشمالي بأكثر من مليون كيلومتر مربع، فباتت تظهر مساحات شاسعة خالية تماما من آثار الجليد، لا سيما في فصل الصيف.

وعليه سعى العلماء إلى مراقبة ودراسة مدى تأثير هذا التغير الجوهري على النظم البيئية المختبئة تحت سطح الماء في أقصى شمال الكرة الأرضية.

ويسلّط عالم البحار من جامعة جنوب الدانمارك كارل أتارد، الضوء على مدى تعقيد الظروف المتغيرة للمحيط المتجمد الشمالي بسبب تناقص وتضاؤل تلال الجليد البحري، ويدرس فريقه البحثي العلاقة بين ارتفاع تركيز أشعة الشمس وإنتاج عملية التمثيل الضوئي في الكائنات الحية بسبب غياب الطبقة الجليدية، وذلك ضمن دراسة بعنوان "الإنتاج الأولي لقاع البحر في المحيط المتجمد الشمالي المتغير"، ونُشِرت في المجلّة العلمية "متابعات الأكاديمية الوطنية للعلوم".

وركّز الفريق على مناطق الجرف الشاسعة في المحيط المتجمد الشمالي، وهي أجزاء من قاع البحر ضحلة نسبيا ونادرا ما يتجاوز عمقها 200 متر. وتمثّل هذه المناطق الكبيرة نحو نصف مساحة المحيط المتجمد الشمالي، وهو ما يجعلها منطقة مميزة للدراسة وفهم طبيعة استجابة الكائنات الحية فيها والنظم البيئية مع التغيرات الحاصلة.

كما يُعد ضوء الشمس مصدرا حيويا للطاقة لشتى أنواع الحياة على الأرض، بما فيها النباتات والطحالب ومجموعة من البكتيريا التي تعتمد على أشعة الشمس في عملية التمثيل الضوئي، بالإضافة إلى اعتمادها على الماء وثاني أكسيد الكربون وبعض المواد المغذّية. ويشير العلماء إلى أنّ هذه الكائنات تمثل أساسا لشبكة غذائية أوسع في المحيطات.

مآلات الدراسة

كانت النتائج التي توصّل إليها الباحثون صادمة وعلى عكس المتوقع، فعوضا عن مشاهدة زيادة في نمو الأعشاب البحرية والطحالب في المناطق الضحلة من المحيط بفعل زيادة تغلغل ضوء الشمس، أظهرت النتائج خلاف ذلك تماما.

ولمدة 20 عاما اعتمد البحث على استخدام الأقمار الصناعية المحلّقة فوق المحيط المتجمّد الشمالي، وظهر بالمشاهدة أنه منذ 2003 كانت رقعة المناطق المعرّضة لضوء الشمس في القاع تزداد مساحةً نحو 47 ألف كيلومتر مربع سنويا. إلا أنّ هذه الزيادة لم يواكبها في المقابل أيّ زيادة في إنتاجية الكائنات الحيّة.

ويُرجع العلماء هذه النتيجة المفاجئة والمحيّرة إلى درجة شفافية المياه التي انخفضت في أجزاء كثيرة من المحيط، مما جعلها تعمل كطبقة مانعة لوصول أشعة الشمس إلى القاع. ويعلّق كارل أتارد موضحا أنّ العوالق النباتية والرواسب والمواد الذائبة في الماء تمتص ضوء الشمس بكميات كبيرة وتمنع الكثير من أشعة الشمس من الوصول إلى القاع.

ويكمن تفسير وجود هذه المياه العكرة والكدرة ونسبتها إلى اليابسة التي تحيط بالمحيط المتجمد الشمالي، إذ يتدفق من اليابسة بعض أكبر الأنهار في العالم، ومع مياه تلك الأنهار تأتي العديد من الجزيئات والرواسب التي تمرّ بمناطق سكنية.

وتنبع هذه الأنهار من أماكن بعيدة مثل منغوليا ووسط أميركا الشمالية، وتحمل معها كميات كبيرة من الأجسام والجسيمات العالقة عندما تتدفق إلى المحيط المتجمد الشمالي، وتحتوي الأنهار أيضا على جزيئات مذابة تلوّن الماء وتمتص ضوء الشمس.

ويشير أتارد إلى أنّ بحثهم هو الأول من نوعه، إذ يتناول نسبة التغيّر الموجودة في قيعان المحيط على مستوى إنتاجية ونمو الكائنات الحية التي تعتمد على عملية البناء الضوئي، ويشمل ذلك الطحالب الدقيقة والأعشاب البحرية. وتظهر الدراسة نقطة مهمة إضافية محيّرة، وهي أنه في مناطق أخرى على طول سواحل غرينلاند وكندا، هناك زيادة ملحوظة في نمو هذه الكائنات الحيّة، وهو ما عجز الباحثون عن إيجاد تفسير لهذا الاختلاف حتى هذه اللحظة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المحیط المتجمد الشمالی أشعة الشمس فی المحیط ضوء الشمس

إقرأ أيضاً:

تعرف على الإعجاز العلمي في سورة «النمل» والإبداع في خلق الكائنات

عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد عقب صلاة المغرب اللقاء الرابع من ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني بالظلة العثمانية تحت عنوان: «أمةالنمل في القرآن الكريم»، وذلك بمشاركة فضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد، عضو مجمع البحوث الإسلامية، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر، عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية، وأدار اللقاء الشيخ على حبيب الله، الباحث بالجامع الأزهر.

تناول الدكتور إبراهيم الهدهد خلال كلمته تفسير بعض الآيات الواردة في سورة النمل، مسلطًا الضوء على اختيار اسم السورة وما يتضمنه من دلالات إعجازية. وأوضح أن الآيتين اللتين ورد فيهما ذكر النملة تمثلان محور السورة، حيث قال: «إن تسمية السورة بـ«النمل» توقيف من الله عز وجل، وتؤكد أهمية الدروس والمعاني المستفادة من قصة النملة التي وردت في قوله تعالى: «حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوْا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمْ».

وأضاف أن القرآن أطلق على مساكن النمل اسم «مساكن» وليس «بيوتًا»، مبينًا الفرق بين الكلمتين. فالمساكن تشير إلى مكان يتحقق فيه السكن والراحة، وهو ما يظهر في مساكن النمل التي تتسم بدقة التصميم، حيث تضمن حسن التهوية، الحماية من المياه الجوفية، والأمان من الأضرار الخارجية. كما أوضح أن حرف الجر «على» في قوله: «أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ» يشير إلى أن مساكن النمل تقع تحت الأرض، ما يعكس إعجاز القرآن في وصفه لهذه التفاصيل الدقيقة.

ومن جانبه، قدم الدكتور مصطفى إبراهيم تحليلًا علميًا لكيفية سماع النملة وتواصلها، مؤكدًا أن العلماء اكتشفوا هذه الحقائق حديثًا باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني. وأوضح أن النملة تسمع عن طريق أجهزة استشعار دقيقة موجودة في أرجلها، وليس في رأسها كما هو الحال عند الإنسان. وقال: «عندما يتحرك جيش عظيم مثل جيش سيدنا سليمان عليه السلام بخطوات منتظمة وأدوات ثقيلة، فإنه يحدث اهتزازات أرضية تلتقطها النملة عبر هذه المستشعرات الدقيقة في أرجلها، التي تعمل كآذان ترسل هذه الذبذبات إلى دماغها لتفسيرها».

وفي حديثه عن مصدر كلام النملة، أشار الدكتور مصطفى إلى أن الفحص الدقيق لجسم النملة كشف أن منطقة البطن، وتحديدًا بين العقلة الثالثة والرابعة، تحتوي على شعيرات دقيقة وهياكل خاصة تمكن النملة من إصدار الأصوات. وبيّن أن هذا الاكتشاف يعكس الإبداع الإلهي في خلق الكائنات الدقيقة، كما يؤكد دقة النصوص القرآنية التي أشارت إلى هذا الإعجاز منذ قرون.

واختُتم الملتقى بتأكيد العلماء على أن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم يمثل دعوة للتأمل والتفكر في خلق الله عز وجل، وأهمية هذه اللقاءات العلمية والعمل على استثمار ها في تعميق الفهم وتبصير المجتمع بعظمة القرآن الكريم.

مقالات مشابهة

  • بحضور رموز الرياضة.. تنظيم يوم عالمي للتزحلق على الجليد في مصر
  • محافظ دمياط تشارك في مؤتمر النظم الكهربية
  • الأقصر تستعد لاستقبال ظاهرة تعامد الشمس بمعبد الكرنك
  • دراسة: تغير المناخ يرفع الحرارة خلال الشتاء ويهدد النظم البيئية والاقتصادات والتقاليد بأوروبا
  • تعمد إثارة الغرائز من أجل المشاهدات.. قائمة راقصات الساحل الشمالي أمام المحاكم
  • اكتشاف 230 نوعا جديدا من الكائنات بمنطقة نهر الميكونج
  • اكتشاف 230 نوعاً جديداً من الكائنات بمنطقة نهر الميكونج
  • تعرف على الإعجاز العلمي في سورة «النمل» والإبداع في خلق الكائنات
  • محافظ بغداد يعلن موعد افتتاح مستشفى الشعب ومدخل العاصمة الشمالي
  • حلقات البث المباشر من برنامج المنكوس تنطلق غداً