عبد الله علي إبراهيم
توقفت عند واقعة خاطبت فيها نيكي هيلي، منافسة ترمب للترشيح للرئاسة عن الحزب الجمهوري، شباباً من حزبها عن دماثة الناشطية السياسية مما عاد بي إلى أيامنا شباباً في الحزب الشيوعي. فقد سألتهم أن يكفوا عن عادة جمهورية حيال خصومهم الديمقراطيين أو الليبراليين. وهي عادة "own the libs" وهي عادة، في سياق الحروب الثقافية في أمريكا، يريد منها الجمهوري مغايظة الليبرالي وإخراجه من طوره.
“I know that it’s fun and that it can feel good, but step back and think about what you’re accomplishing when you do this — are you persuading anyone? Who are you persuading?” Haley implored the audience. “We’ve all been guilty of it at some point or another, but this kind of speech isn’t leadership; it’s the exact opposite.” She added: “Real leadership is about persuasion; it’s about movement, it’s bringing people around to your point of view — not by shouting them down, but by showing them how it is in their best interest to see things the way you do.”
هل غلبت أصول هيلي الهندية الغاندية عليها في ذلك الحديث الرشيق؟ سبق لي أن سألت السؤال عن رالف نادر الذي "اختراع" ثقافة حماية المستهلكين في أمريكا: وسألت هل غلب عليه، وهو اللبناني الذي تربي على يد والدين مسيحيين تقليديين، مثال ثقافة الشرق في التراحم؟
الثقافة "دساسة".
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
التحدي الوجودي الذي يواجه العرب!
د. محمد بن عوض المشيخي **
يجب الاعتراف بأننا نعيش في عالم غريب لا يعرف إلّا لغة القوة والسيطرة على الآخرين، وقوة الدول الاستعمارية غير المسؤولة والتي تفتقد إلى المنطق وتكرس قانون الغاب، تجعلُ العرب والمسلمين في أنحاء العالم على المحك، وتفرض عليهم خيارًا وحيدًا هو الجهاد في سبيل الله، وتدفعهم للمقاومة ورد الظُلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني طوال سبعة عقود من الزمن.
ولعل التهديدات التي صدرت خلال الفترة الماضية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإبادة سكان غزة ثم التهجير القسري لمن تبقى منهم إلى مصر والأردن، قد شكَّلت صدمة غير مسبوقة للعالم وللضمير الإنساني في الشرق والغرب، باستثناء الصهاينة والأحزاب اليمينية المتطرفة فقط التي ترقص على أنغام هذيان ترامب ووعده الذي لا يُمكن أن يتحقق، لكونها أقرب لأحلام اليقظة منها إلى الحقيقة؛ لأن من خطَّط ونفَّذ "طوفان الأقصى" كفيل بإفشال كل المؤامرات والأطماع الغربية والصهيونية على حد سواء بعون الله. وبينما يقف قادة العرب هذه الأيام في حيرة من أمرهم، فهذه المرة لا مجال للمراوغة أو إصدار بيانات جوفاء لا تُساوي قيمة الحبر المكتوب بها، كما جرت العادة طوال عقود الصراع العربي الإسرائيلي المُسانَد بقوة والمزروع في الأساس من أوروبا وأمريكا في قلب الوطن العربي مثل الشوكة في الحلق؛ ذلك لكونهم يدركون أن شعوبهم لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تقف متفرجة على هذه المهزلة من شخص لا يعرف سوى سلب ونهب أموال الغير، وزاد على ذلك السطو على الأوطان وتحويلها إلى صفقات عقارية إذا ما تمكن من ذلك، على الرغم من توليه رئاسة أكبر دولة في العالم. وإذا كانت نكبة 1948 التي تم فيها قتل وحرق الشعب الفلسطيني أحياءً ثم تهجير من بقي منهم على قيد الحياة إلى الضفة الغربية والأردن وقطاع غزة، فإنَّ الأمر في الألفية الثالثة مُختلف تمامًا، ومن الصعب تمريره أو ابتلاعه من المواطن العربي من المحيط إلى الخليج.
المَشَاهِد التي تأتي من غزة عبر الشاشات والقنوات التلفزيونية، العربية منها والعالمية، تكشف عن أكبر محرقة في التاريخ الإنساني على أرض فلسطين المستباحة بالسلاح الأمريكي والألماني، وهي الأرض التي استبسل عليها المجاهدون وضحُّوا بأنفسهم للدفاع عن الأقصى والعرض الفلسطيني، من خلال مواجهة الجيش الصهيوني والمُرتزقة الذين أتوا من بعض البلدان بهدف الحصول على المال؛ بل والقوات الأمريكية والبريطانية التي اشتركت في القتال إلى جانب الكيان الغاصب، تحت مُبرر البحث عن الأسرى الإسرائيليين في أنفاق غزة الصامدة.
لا شك أنه كانت هناك خيانات في الشرق الأوسط في ذلك الوقت؛ بل وحتى يومنا هذا؛ لأن الخوف على الكراسي يجعل البعض يطلب الحماية الوهمية من الأعداء، وقد سجَّل لنا التاريخ أن هناك من أخذ الأثمان البخسة وباع المقدسات وتراب فلسطين الغالي للمعتدين الصهاينة الذين قدموا من كل حدب وصوب بهدف السيطرة على أرض الرباط فلسطين المباركة، بزعم بأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهي عبارة تمثل أكبر أكذوبة في التاريخ المعاصر.
والسؤال المطروح الآن: هل طرأ جديد على مؤتمرات القمة العربية لتكون مختلفة عن سابقاتها؟
نعم، الجديد هو صحوة الشعوب العربية والإسلامية ووصولها إلى مرحلة الغليان؛ كرد فعل طبيعي على طرد الشعب الفلسطيني من أرضه وتحويلها إلى منتجعات للشركات التي يملكها اللوبي الصهيوني وترامب. لذا يجب التأكيد هنا على أهمية اتخاذ قرارات شجاعة وقوية من الزعماء العرب في قمتهم المرتقبة في القاهرة، بما يمنع وقوع أي تصرفات ظالمة من الإدارة الأمريكية الراهنة والتي تتسم بالتهوُّر، وكذلك من نتنياهو الذي تلاحقه تهم خيانة الأمانة وممارسة الفساد. لقد ظهر الرئيس الأمريكي الجديد بأسلوب عدائي غير مسبوق ضد شعوب العالم في جميع القارات الخمس، بدون أي مبرر، ولعل العقوبات التي فرضها على جنوب أفريقيا بسبب ملاحقتها لإسرائيل في محكمة العدل الدولية قد قُوبلت برد فعل أكثر مما توقعه البيت الأبيض، إذ هددت جنوب أفريقيا بتعليق تصدير المعادن النفيسة إلى أمريكا.
وأخيرًا.. ماذا سيفعل العرب تجاه غطرسة النظام العنصري في واشنطن الذي لا يعرف إلّا لغة القوة؟ وهل النُظُم العربية سترفع الراية البيضاء أمام ترامب ومطالبه الجنونية؟
لا شك أن الأيام المقبلة ستكشف ما يملكه العرب من قوة وكرامة تجاه الأشقاء في فلسطين المحتلة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصر