شبكة اخبار العراق:
2025-04-26@03:20:58 GMT

أرواحنا في الليل.. غياهب الجسد الآخر

تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT

أرواحنا في الليل.. غياهب الجسد الآخر

آخر تحديث: 7 مارس 2024 - 11:27 صطالب عبد العزيز               تشعر آدي موور «جين فوندا» الأرملة في فيلم «أرواحنا في الليل-Our souls at night –” وقد تجاوزت الستين بالوحدة، فتطرق الباب على جارها الأرمل أيضاً، لويس ووتزر “روبرت ريد فورد” طالبة منه أن يأتي لينام معها، في بيتها، فتستدرك، متجنبةً دهشته من الطلب الغريب، قائلة: “ليس من أجل الجنس!” لكنْ، وبعد أكثر من ليلة من وجودهما في فراش مشترك ظلَّ الحديثُ عن الطقس واحداً من الملاذات التي جنبتهما الخوضَ في فعل الجنس، وهكذا كانت “موور” تتفادى الحرج، فتصغي له، أو تأخذه في جولة داخل منزلها، مشيرة إلى الغرفة التي كانت لها وزوجها، ذات يوم، دون الخوض في تفاصيل أكثر.

كنتُ قد شاهدتُ الفيلم هذا قبل ثلاث سنوات، لكنني واستجابة إلى مشورة إحدى الصديقات- تصغرني بعقد وأكثر قليلاً- جلستُ وشاهدتُه ثانيةً. متعقباً حياتي على أكثر من سرير “قد أجرؤ يوما على كتابة بعضها في كتاب المذكرات” ومستحضراً سنوات الصِّبا والفتوّة والشباب ومن ثم صورة الرجل المستكين، الذي يقمعُ رغباته بهدوء، محتفظاً  بسكونه القلق، في جسده الآن، بعيداً عن سفاسف البطولة، وخارج المفاخرة بين النساء والأنبذة وصراع الأسرّة، وناظراً إلى حياته بمرآة ما صار اليه، غير توّاقٍ إلى خوض مغامرة، ولا ساعياً وراء لذة، حتى ليبدو مكتفياً بما تحقق له ذات يوم، وبيين شبه تامٍّ، يقول بأنَّ الدرسَ كان جميلاً، وأنَّ ما تحصل في السنوات تلك كان استحقاقاً، ولعلَّ بعضَ ما كتبَتُ من قصائدَ كان حصيلةَ ذانك كله.  لا أريدُ أن أنصِّبَ نفسي حكيماً هنا، ولست بوارد البحث في الأسباب، التي تجعل الحياة واقفةً عند نقطة ما بسبب العجز أو التقدِّم في العمر، لكنني، وجدتُ السيدة موور «جين فوندا» الأرملة بحاجةٍ إلى اللحظة الحميمية أكثر من السيد ووتزر، الارمل أيضاً.. فقد ظلت تستهجنُ حديثه عن الطقس، ولأكثر من مرة، وحين حدَّثها عن علم أصدقائه «كبار السن» في المقهى بذهابه إلى بيتها والنوم معها لم تأبه لذلك، إنما قالت: «قضيتُ حياتي أفكِّرُ بماذا يقول الناسُ عنّي». وحين طرق البابَ الخلفيَّ عليها ذات يوم لم تفتحه، بل طلبت منه أنْ يدخل من الباب الرئيس، فيما ظلَّ هو يترك مجلسه في المقهى مع أصدقائه متذمراً وحانقاً حال سماعه تقريعهم.   وفي لقطة تجمعهما معاً  في الكنيسة حيث لم يبديا اهتماماً واضحاً بما يتلى من الكتاب هناك، سألتُ: هل يمكن أنْ يكون دخولُ المعبدِ معادلاً موضوعياً عند الانسان الذي فقد الجسدَ الآخر، ذكراً كانَ أم أنثى؟ يقول ديكارت إنَّ «الجسم آلة صنعها الله بطريقة منظَّمة، تتجاوز في تفوّقها كلَّ الآلات التي يمكن للإنسان أنْ يخترعها» وبذلك لا أظنُّ بأنَّ الرغباتِ تبلى بذبول الجسد وتراجع الرغائب فيه. دخولُ الجسدِ بغياهب الجسدِ الآخر حقيقةٌ مطلقةٌ في فهم أبديّة الروح، أما حكاية التقدم في العمر أو البكاء على أطلال الجسد ذاته فتشبه إلى حدٍّ بعيد دخول بطليْ قصة «ليلة القبيحين» لـ «ماريو بنيديتي»* بجسدي بعضهما، في الليلة الشهيرة تلك، حيث كان الظلامُ الكامل الذي لفهما، والذي حال دون رؤية وجه احدهما للآخر بمثابة الجسدِ العتيقِ المشترك لايِّ اثنين «رجل وامرأة» في لحظة علوية كتلك سيتلاشي فيها ذبولُ الذراعين، والساقين والعنقين لصالح رغبة طال انتظارها، ظلت كامنةً تبحث عن منفذ لعبورها التقليدي، حيث تتكفل اليدُ رؤية المفاتن، وستعمل الستائرُ المسدلة والابواب المغلقة وقطع الأثاث الصامتة على اكتشاف ما كان  مضمراً في الثياب، ولن تُفلحَ مصابيحُ المنزل الأخرى في اكتشاف حقيقة ما سيكون عليه. هناك دائماً، ما لا يستشعر بالأصابع، ولا يرى بعين، لأنَّ زاوية النظر ستنحرف إلى كلِّ ما هو حسيٍّ وذهنيٍّ متخيل، بعيداً عن كلِّ وجودٍ محسوس ومرئيٍّ ومعاين، هناك حيث تنبتُ للذائذِ أجنحةٌ أربعُ لا تسعُ رفيفَها أيُّ سماء.  الحبُّ والرغائبُ واللذائذُ تعيدُ تكوين الجسد ثانيةً، تدخله من بلادته فتخلّصه من حقيقته في الزمن الرقميّ، لصالح حقيقته في الميتافيزيق، الزمن الذي لا يتبدلُ بالسنوات، فتفعل به ما فعلته العصيدةُ المشويّةُ في الأسطورة الافريقية، القائلة بأنَّه وعندما حلَّ الموتُ، لأوّلِ مرّةٍ، أرسل الإنسان الحرباءَ تتحرى السببَ، فاخبرَالإلهُ الحرباءَ بانْ تبلِّغَ الانسانَ أنَّه إذا رمى عصيدةً مشويّةً على جثة فأنَّها تعودُ إلى الحياة.  كانت حياة آدي مور ولويس ووتزر قد تغيرت ما أنْ تحركتْ يدُ أحدهما باتجاه الآخر داخل السرير، ليكتشفا أنَّ الكنيسةَ ليست مكاناً «خاتمةً» نهائيةً لهما، وأنَّها ليست الطريق تلك التي تنتهي بشجرة ميتة، وكان واضحاً أنَّ المشاهدَ الخلفيّة والحواراتِ الملحقةِ بالفيلم ما هي إلا زوائد، لا معنى لها، إزاء ما يجبُ أن يتحقق في السرير، ولمّا أُضطرا لترك بعضهما بسبب موقف ابن آدي موور المتشدد كان لويس ووتزر يواجه صعوبةً في النوم، على الرغم من انشغاله بتحريك القطار «الدمية» الذي سيظل يدور حول نفسه إلى الأبد.   

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

بحضور الرئيس بارزاني.. إقامة اليوم الوطني للصلاة في كوردستان

شبكة انباء العراق ..

أقيمت اليوم الأربعاء، 23 نيسان 2025، وبحضور الرئيس مسعود بارزاني ورئيس إقليم كوردستان ورئيس حكومة الإقليم وعدد كبير من كبار المسؤولين والقادة في العراق وإقليم كوردستان والعالم، ووفود برلمانية من دول مختلفة، وممثلي ومبعوثي الدول من أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط، وشخصيات دينية من أديان ومذاهب متعددة، مراسم اليوم الوطني للصلاة تحت شعار (نحو الوحدة في الإيمان) بأربيل عاصمة إقليم كوردستان.

وهذه هي المرة الأولى التي يُقام فيها اليوم الوطني للصلاة في إقليم كوردستان، حيث ألقى الرئيس مسعود بارزاني كلمةً، جدد في مستهلها، التعبير عن تعازيه ومواساته لرحيل قداسة البابا فرنسيس، مؤكداً أن جذور ثقافة التعايش وقبول الآخر وحرية الرأي والمعتقد الديني والمذهبي مترسخة في كوردستان منذ القدم، ونحن نفخر بها وندافع عنها وسنواصل المضي على هذا النهج.

كما أشار الرئيس بارزاني إلى أن عبادة الله قاسم مشترك لجمع الأديان المختلفة على أساس أن الحق لا يتجزأ، وأن الطرق للوصول إلى الحق كثيرة، كما أن جميع الأديان المقدسة التي تقبل حقيقة وحدانية الله، كلها تبحث عن تلك الحقيقة ويجب احترامها جميعاً، فالأخلاق هي جوهر الدين.

وفي جانب آخر من كلمته، أشار الرئيس بارزاني إلى أنه منذ بداية سلطة مشيخة بارزان بقيادة الشيخ عبدالسلام بارزاني والشيخ أحمد بارزاني، كان احترام الأديان المختلفة وقبول الآخر جزءاً أساسياً من عقيدتنا.

نص كلمة الرئيس مسعود بارزاني؛

بسم الله الرحمن الرحيم

بدايةً، أرحب بكم جميعاً بحرارة، أيها الضيوف الكرام… أهلاً وسهلاً بكم في كوردستان، مهد التعايش القومي والديني.

قبل أن أبدأ كلمتي، أود أن أعرب مرة أخرى عن مشاركتنا الأحزان مع جميع محبي الإنسانية في العالم بفقدان رجل عظيم محب للسلام والإنسانية، ألا وهو قداسة البابا.

هذه هي المرة الأولى التي يُنظم فيها مثل هذا التجمع في كوردستان، والهدف منه هو تعريف العالم بالثقافة الغنية المتأصلة في كوردستان منذ القدم، وهي ثقافة التعايش وقبول الآخر وحرية الرأي والدين والمذهب. هذه الثقافة التي نفخر بها ونؤكد تمسكنا باستمرار المضي على هذا النهج. وآمل أن يساهم هذا التجمع في تعميق وتوسيع هذه الأخوّة وهذا التعايش في كوردستان.

إن عبادة الله تمثل نقطة مشتركة لجمع الأديان المختلفة، فالحق لا يتجزأ، والطرق للوصول إلى الحق كثيرة، وكل الأديان المقدسة التي تقبل حقيقة وحدانية الله، تبحث عن تلك الحقيقة ويجب احترامها جميعاً، فجوهر الدين هو الأخلاق.

يقول جلال الدين الرومي: الحق مثل قمة الجبل، هناك طرق عديدة للوصول إلى القمة، ولكن الهدف واحد، وهو الوصول إلى الحق.

منذ بداية سلطة مشيخة بارزان بقيادة الشيخ عبدالسلام بارزاني والشيخ أحمد بارزاني، كان احترام الأديان المختلفة وقبول الآخر جزءاً أساسياً من عقيدتنا، وهذا استناداً إلى قول الله تعالى في القرآن الكريم:

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

هذه آية من القرآن الكريم ترشدنا إلى طريق الاستمرار على هذه العقيدة وهي التعايش وقبول الآخر.

على مر التاريخ، عندما كانت الهجمات تُشن على كوردستان، لم يكن المعتدون يميّزون بين المسلم والمسيحي والإيزيدي، فقد أحرقوا جميع القرى، وتم ترحيل الجميع، وتعرضوا جميعاً للإبادة الجماعية ودُفنوا تحت الأرض وهم أحياء. وأخيراً حرب داعش التي لم تفرِّق بين المسلم والمسيحي والإيزيدي، حيث ارتكبوا جرائم فظيعة، وفي المقابل، كان البيشمركة البواسل بتضحياتهم منقطعة النظير يدافعون عن الجميع وحطّموا أسطورة داعش، ولكن بعد تقديم ثمن باهظ جداً، وهو ما يقارب 12 ألف شهيد وجريح.

فلتكن هذه البداية لعقد مثل هذه التجمعات مستقبلاً، لكي نعلم جميعاً، بأننا وقبل كل شيء، عبادُ الله وأننا جميعاً إخوة في الإنسانية.

ونستطيع جميعاً أن نعيش معاً من خلال قبول الآخر والمحبة والسلام؛ ولكن بممارسة الظلم، فأن الظالم لن يتمكن من الشعور بالراحة، ولا المظلوم كذلك.

كانت وصايا وإرشادات جميع الأنبياء أيضاً بمد يد الأخوة للآخر، كما أوصوا بالتعايش.

في الختام، أسأل الله تعالى أن يهدي الجميع، وأن يعم السلام في المنطقة والعالم بأسره، وأن تسود الأخوة. وأتمنى أن تقضوا وقتاً سعيداً في كوردستان، ونحن نفخر بكم، ومرة أخرى نرحب بكم جميعاً ترحيباً حاراً، ونشكر جميع السادة الذين نظموا هذا التجمع، شكراً لجهودهم.
والسلام عليكم.

user

مقالات مشابهة

  • بقرار أمني.. إغلاق مقاهي الرمادي بعد منتصف الليل والمخالف أمام المساءلة
  • المعنى في الصورة- مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
  • المعنى في الصورة – أو مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • سامح قاسم يكتب | ضي رحمي.. أن تترجم لتكون القصيدة قلبك الآخر
  • تمساح يقرع جرس باب منزل في فلوريدا
  • "حرام الجسد" رجعني لزمن دعاء الكروان.. أحمد عبد الله محمود: أنا ابن مدرسة تحب الفن مش الإيرادات
  • بحضور الرئيس بارزاني.. إقامة اليوم الوطني للصلاة في كوردستان
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ
  • تيتي يتوقف عن التدريب بـ «إشارة الجسد»!