عربي21:
2025-02-24@05:06:40 GMT

هل يراجع الإسلاميون أطروحاتهم في ضوء طوفان الأقصى؟

تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT

سؤال يطرح نفسه من المحيط إلى الخليج ومن المغرب إلى المشرق في لحظة فارقة من مسيرة كدح الأمة نحو التحرر الوطني والاستئناف الحضاري، حيث تكمن أهمية المراجعات  فيما يمكن  استخلاصه من دروس من فشل الموجة الأولى من الثورات العربية ومسارات انتقالها الديمقراطي وكذلك من زلزال الأقصى وارتداداته المنتظرة.

لكن لسائل أن يسأل لماذا الإسلاميون دون غيرهم؟ أليست كل القوى والأطراف الفكرية والسياسية مطالبة بالمراجعات؟

نعم إلا أن التركيز يقع على الإسلاميين دون غيرهم في هذا الموضوع لعدة اعتبارات لها علاقة بفكرتهم المرجعية وعمق تجذرها في وجدان الأمة وفشل المنظومات الفكرية الأخرى ومشاريعها.

. ثم لدورهم المتقدم  في مقارعة الاستبداد والاحتلال وكذلك للثقة التي وضعتها الشعوب فيهم عبر الصناديق  لقيادة الانتقال الديمقراطي .

هذا بالإضافة إلى تأكيد المنهج القرآني القويم والتجارب التاريخية العملية على أهمية المراجعة الفورية عند المصاعب والأزمات وجدواها في قوله تعالى "قل هو من عند أنفسكم" في غزوة أحد ردا على تساؤلات الصحابة.

إن الهروب من المراجعة والتقييم الفوري فضلا عما يفوته من فرص للتدارك والمعالجة الحينية فإنه يراكم الأخطاء ويعمقها ثم يؤبدها ويؤبد المسؤولين عنها في مواقعهم ويؤدي أحيانا ودون إدراك إلى الشخصنة والتقديس الذي ما أنزل الله به من سلطان .إلا أن ما تتطلبه المراجعة من تقييم وربما محاسبة فردية وجماعية لا يعني تحولها إلى محاكمات وأحيانا تصفية حسابات داخل الكيان الواحد بل إن إنجازها يحتاج إلى منهجية واضحة وآليات محددة أساسها  المرونة دون التعويم والصرامة دون القسوة حتى تؤدي غرضها في استخلاص الدروس والعبر من الأخطاء، فالعيب ليس في السقوط ولكن في العجز عن القيام منه وليس في الأخطاء ولكن في الإصرار عليها.

إن مشكلة الإسلاميين ليست في مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم إنما في عدم قدرتهم على ابتكار آليات  لتجسيدها في ممارستهم العملية وإدارة شؤونهم العامة.. بل وعدم الاستفادة مما توصل إليه العقل البشري المعاصر من معايير للتعاطي مع مثل هذه الاستحقاقات. لينتهي بهم الأمر إلى  الهروب من مواجهتها بالتأجيل حينا وبالرفض القاطع أحيانا.. وفي هذه الحالة يكتسبون قدرة فائقة على التبرير بمسوغات مختلفة مثل المحافظة على الوحدة  والخوف من الاختلاف إلى عدم توفر الوقت المناسب إلى الظروف الاستثنائية وغياب بعض القيادات أو الشخصيات وغيرها.

إن الهروب من المراجعة والتقييم الفوري فضلا عما يفوته من فرص للتدارك والمعالجة الحينية فإنه يراكم الأخطاء ويعمقها ثم يؤبدها ويؤبد المسؤولين عنها في مواقعهم ويؤدي أحيانا ودون إدراك إلى الشخصنة والتقديس الذي ما أنزل الله به من سلطان .

وتجاوزا لمعيقات الفهم والتنزيل المتعلقة بالمراجعات وضرورتها الفكرية والسياسية والحركية في هذه المرحلة وبعد النظر والتحقيق في تجارب الإسلاميين بالاستئناس بتجربة حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين رغم خصوصية القضية التي تحملها، وطبيعة المرحلة التي تمر بها المتمثلة في مقاومة الاحتلال بدل بناء الدولة وإن كان في الأمر شيء من الازدواجية، حيث أدارت حماس قطاع غزة منذ سنوات في ظروف صعبة إلا أنها كانت مساعدة فيما وصلت إليه الآن بالكفاح الفلسطيني. وكذلك التجربة الماليزية والتجربة التركية كنموذج في إدارة الدولة من منظور وطني إسلامي فإن المراجعة يمكن ان تتجه إلى الإخلالات التالية  :

1 ـ الرؤية والمشروع:

تمثل محدودية الرؤية وعدم وضوحها وأحيانا غيابها مع هلامية المشروع قاسما مشتركا لدى الإسلاميين في مختلف تجاربهم وخاصة العربية منها .

والرؤية في جوهرها خطة طويلة المدى تتمحور حول أهداف كبرى تتحدد بالاعتماد على المنطلقات المرجعية الفكرية والسياسية وتقدير المصالح الوطنية والقومية والحضارية وفق أولويات واضحة وبتدرج محسوب وصرامة في التنزيل    .

لقد وقعت جل التجارب في الخلط بين الأهداف والوسائل الشيء الذي جعلها تفشل في إدارة الدولة مع أول فرصة لتحقيق الحرية والديمقراطية لأن الأهداف لم تكن مرتبطة بمهام كبرى على أساسها تتم تعبئة طلائع الأمة وشعوبها من أجل تحقيقها وتتعلق بها الهمم وتتحد حولها الإرادات تمثلا لما ورد في الأثر مجازا "لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله".. بمعنى المبالغة في تعظيم ما يتحقق بعلو الهمة، إذ لا خلق ما وراء العرش كما قال أهل العلم.

ومن المهام الكبرى تحرير فلسطين والمسجد الأقصى في تجربة حماس أو تحقيق الريادة الحضارية والتقدم  في التجربتين التركية والمالزية .

2 ـ العلاقة بالمجتمع

لقد اتسمت علاقة الإسلاميين بمجتمعاتهم في المجمل بالعزلة وأحيانا بالتوتر رغم ما ظهر لديهم من انتشار إلا أنه لم يتحول إلى حاضنة اجتماعية صلبة قادرة على الصمود والثبات معهم على طريق تحقيق الأهداف الكبرى مثلما يحدث الآن في فلسطين بين الشعب والمقاومة وما حدث في تركيا أثناء محاولة الانقلاب على الديمقراطية في تموز / يوليو 2016.

ولا يعود الأمر فقط الى حملات الدعاية الممنهجة والتشويه لتكريس العزلة بين الشعوب ونخبها الأصيلة  وإنما يعود أيضا إلى خلل في الرؤية للمجتمعات ومنهجية التفاعل معها لخدمتها وتعبئتها من أجل قضاياها والتي كانت فيها كثيرا من التعالي والفوقية والاستعجال واللامبدئية خاصة في القضايا الدينية والحضارية الضاربة في العمق الوجداني للمسلمين مثل قضية فلسطين وغيرها.

3 ـ العلاقة بالدولة الوطنية الحديثة

انطلاقا من سياق نشأتها التي انبنت على سقوط الخلافة العثمانية كرابطة جامعة للمسلمين على علاتها في أواخر عهدها ومن تجزئة وتقطيع خبيث لأوصال الأمة بمفهومها الحضاري والسياسي فقد انطبعت علاقة الإسلاميين المعاصرين مع الدولة الحديثة بالرفض والصراع والصدام زادها تيار التغريب والإلحاق الحضاري تأجيجا واستعارا حولها من دولة وطنية إلى دولة وظيفية لضرب تطلعات الأمة للتحرر والنهوض خدمة للغرب رغم أن منطلقاتها التأسيسية لم تكن معادية لهوية الشعوب وعمقها الحضاري وأن دورها كأدة للتحديث القسري كان في بعض السياقات ضروريا لإحداث صدمة في الوعي  لتجاوز عصور التخلف والانحطاط الذي تردت فيها الأمة.. ولا عجب إن أصبحت الدول الأكثر تأهلا للإصلاح الديمقراطي هي تركيا وتونس.

لقد بات من الضروري أن يتصالح الإسلاميون مع الدولة الوطنية الحديثة وأن يعملوا من خلالها على أساس رؤية وطنية حضارية منطلقة من هوية الشعوب وخصوصيتها الثقافية وتنوعها الفكري والسياسي ضمن استراتيجية تتجنب الصدام معها دون التخلي عن العمل من أجل إصلاحها في اتجاه الديمقراطية وتبنيها لرؤية تنموية وطنية ذات عمق حضاري على غرار التجربة الماليزية.

4 ـ بناء الإنسان

لا شك أن أي مهمة تحتاج إلى من يحملها ويناضل من أجلها وعلى حجم المهمة تكون همة حامليها أي على قدر اهل العزم تأتي العزائم كما يقال.. ومن هذا المنطلق تحتاج مهمة البناء الوطني الحضاري بناء متكاملا لإنسان معاصر واع ومسؤول وقدوة في ذاته ولمن حوله ونافعا لنفسه ولمجتمعه قولا وفعلا، وهذا ما حصلت فيه إخلالات فادحة لدى الإسلاميين في مختلف تجاربهم منذ بداياتهم وتفاقمت مع اختبار إدارة  الحكم أو المشاركة فيه وإغراءاته فتحول التنظم وبناء الإنسان إلى مجرد تهيكل إداري لا روح فيه ولا معنى له ولا رؤية ولا مناهج معاصرة لإدارته ولا علاقة له ببناء حاضنة اجتماعية قادرة على حمل المشروع الوطني الحضاري، وهو عكس ما باحت به تجربة حماس وغيرها من متانة في بناء الإنسان وقدرته على العطاء والتحمل تمثلا لقول سعد بن معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر نيابة عن الأنصار "فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ".

لقد بات من الضروري أن يتصالح الإسلاميون مع الدولة الوطنية الحديثة وأن يعملوا من خلالها على أساس رؤية وطنية حضارية منطلقة من هوية الشعوب وخصوصيتها الثقافية وتنوعها الفكري والسياسي ضمن استراتيجية تتجنب الصدام معها دون التخلي عن العمل من أجل إصلاحها في اتجاه الديمقراطية وتبنيها لرؤية تنموية وطنية ذات عمق حضاري على غرار التجربة الماليزية.5 ـ ديمقراطية البناء الداخلي

لقد نشأت تجارب الإسلاميين في بنائهم الداخلي لأحزابهم وحركاتهم حاملة في طياتها بذور موروث عصور الانحطاط والتخلف من سوء إدارة للاختلاف وفردية وتشبث بالسلطة خارج الشرعية والصراع من أجلها بدل الانضباط لآليات الإدارة الديمقراطية ومستلزماتها من تداول وحوكمة وشفافية وتخطيط استراتيجي والتزام بالقرار الجماعي.. وغالبا ما حصل انفصام بين التنظير والتدبير على عكس تجربة حماس وغيرها التي أثبتت وعيا متقدما في الالتزام بمعايير الإدارة الديمقراطية العصرية والالتزام بمواعيد الاستحقاقات الداخلية والتجديد في الوجوه والسياسات.

6 ـ العلاقات الدولية

لقد بينت معركة طوفان الأقصى بما لا يدع مجالا للشك حقيقة الخلفية الحضارية التي يتعامل بها الغرب مع الأمة العربية الإسلامية بكل مكوناتها والقائمة على تكريس الإلحاق والتبعية والهيمنة بدل التعايش والتعاون والتعامل بندية.

والإسلاميون اليوم في حاجة إلى مراجعة ما حصل ويحصل من ارتباك في علاقاتهم بالغرب وخاصة مؤسساته الرسمية التي بدت وكأنها داعمة للتحولات الديمقراطية وتحرير إرادة شعوب الأمة، وهذا لا يعني بالضرورة الاستعداء والدفع نحو الصراع وصدام الحضارات كما نظر لذلك هنتنغتون إنما يعني جعل مبدإ التعويل على الذات والأخذ بأسباب التطور والتقدم أساسا لأي رؤية أو مشروع لبناء وطني حضاري مستقبلي استئناسا بتجربة حماس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المراجعات العربية عرب رأي اسلاميون مراجعات سياسات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة اقتصاد اقتصاد مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلا أن من أجل

إقرأ أيضاً:

غدا “طوفان الوفاء” في وداع سيديّ شهداء الأمة

الثورة نت/

بيروت ستكون يوم غد الأحد على موعد مع حدث استثنائي، يشارك فيه الآلاف ممن جاءوا من أصقاع العالم المختلفة لتأكيد بقائهم على العهد مع محور المقاومة ضد قوى الطغيان والاستكبار العالمي،كما هو تأكيد على التزامهم نهج وطريق التضحية الذي جسده الشهيدين العظيمين على طريق القدس.

ستكون بيروت على موعد مع تشييع لائق وعظيم لجثماني الأمينين العامين لحزب الله؛ اللذين تمثل تضحيتهما درسا عظيما على طرق مقاومة مشروع الاستعمار الجديد.

إزاء ما ينتظر أشرف الناس من رهبة التشييع الجلل والإستعداد اللائق للإرتقاء بروح سيدي شهداء الأمة ، أكمل حزب الله اللبناني تحضيراته لمراسم تشييع سماحة أمينيه العامين الشهيدين القائد السيد حسن نصر الله والسيد الشهيد هاشم صفي الدين ، تحت شعار” إنّا على العهد”.

وربطاً بأمميّة شخصيتي السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ، تستقطب العاصمة اللبنانية بيروت يوم غد الأحد الآلاف من المشيعين الذين جاءوا من لبنان وجميع أنحاء العالم لتقديم تحية تقدير ووفاء لقائدين استثنائيين جسدا روح المقاومة، وأفنيا حياتهما في سبيل مقاومة قوى الاستكبار العالمي، ومواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، حتى نالا الشهادة على طريق القدس في المعركة التاريخية مع العدو الصهيوني .

ويترقب العالم مشهدية شعبية ورسمية عالمية من 79 دولة، يمثلون مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية وبمستوى تمثيل سياسي وحزبي وفكري متعدّد ، ما يعكس البعد العالمي للمقاومة وتأثير حزب الله في الساحة الدولية، ويجسّد إرادة الأحرار في الدفاع عن الأرض والسيادة والكرامة.

وعشية التشييع المهيب لأميني الحزب أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله أن “التحضيرات لتشييع الأمينين العامين لحزب الله شبه مكتملة”، مشيراً إلى أن “الإجراءات المتخذة فعالة لضمان سير التشييع بشكل منظم، بغض النظر عن الظروف المناخية أو محاولات التهويل من أي طرف كان”.

وقال في مقابلة عبر إذاعة “سبوتنيك”، “التشييع سيكون تاريخياً وغير مسبوق في لبنان والمنطقة العربية، من حيث الحضور الجماهيري الكبير الذي سيكون مشحوناً بالعاطفة السياسية والتعبير عن الموقف والالتزام”.

وأوضح أن “التعاون القائم مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، بما في ذلك الجيش وقوى الأمن الداخلي، لضمان نجاح العملية، وجميع التفاصيل المتعلقة بالتشييع قد تم إنجازها بشكل كامل لضمان مرور هذا اليوم التاريخي بسلاسة”.

كما أكد فضل الله أن “التشييع سيحمل رسالة تاريخية ويعكس الالتزام بنهج السيد نصر الله”، مشيرًا إلى أن “هناك وفودًا عديدة قادمة من الخارج، وأن “التشييع سيجمع بين الحضور الشعبي والسياسي الرسمي”.

ولفت فضل الله إلى أن “صفحة السيد حسن نصر الله لا تطوى”، وأن “الحزب سيواصل السير على نهجه ووصاياه التي وضعها لا سيّما وأن “حزب الله” هو حزب ذو قيادة جماعية، حيث أن الأشخاص في الحزب لهم تأثير ودور، لكنه لا يتوقف على حياة هؤلاء الأشخاص، وهذا ما رسمه السيد نصر الله بنفسه”.

وعن اكتمال الترتيبات النهائية لمراسم التشييع أكد رئيس اللجنة التنظيمية حسين فضل الله أن “التشييع سيكون حدثًا استثنائيًا لن ينساه العالم، وقد بلغنا أعلى درجات الجهوزية والاستعداد لاستقبال عشاق الثورة والحرية والمقاومة وإدارة هذا الحشد المهيب بما يليق بالتضحيات الكبرى للأمينين العامين لحزب الله”.

وأضاف: “باسم اللجنة العليا لتنظيم تشييع سيد شهداء الأمة والسيد الهاشمي، نعلن أننا في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، ونعد بأن نقدم ما يليق بالتضحيات الكبرى للأمينين العامين لحزب الله”.

بالمقابل، أنجز أكثر من 20 ألف شاب وصبية من حزب الله، كل الترتيبات التنظيمية واللوجيستية من جميع النواحي لتأمين كل السبل لوصول الوفود الرسمية إلى المنصة الكبرى، ونشروا أكثر من 420 شاشة لمتابعة وقائع الاحتفال ونقل جثمان السيدين من المدينة الرياضية إلى مكان الدفن في الضاحية الجنوبية، وعُلم أن أكثر من 400 ألف مواطن من اليمن والعراق وإيران والبحرين والكويت ومسقط وأحزاب ووفود من كل دول العالم وصلوا إلى بيروت للمشاركة في الحدث الجلل .

أمام ملامح التشييع المرتقب سيشهد العالم “طوفان الوفاء” يكتب من خلاله المشيعون حرفياً فصول مرحلة جديدة ، عنوانها أن الوفاء قائم والتمسك بعقيدة المقاومة والأرض والديار ممتدة ، لا تتوقف عند رحيل قائد، ولا تنهزم أمام المؤامرات.

بهذا المعنى، ستحمل مراسم التشييع بين طيّاتها، رسالة وفاء من قوى المقاومة في فلسطين واليمن والعراق وإيران وأحرار العالم، لمقاومة لبنان ، التي قدمت أغلى الأثمان في معركة إسناد غزة منذ بداية ملحمة “طوفان الأقصى”.

وفي هذا، يؤكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، الشيخ علي دعموش، أن “الحضور في التشييع هو رسالة وفاء من أهل الوفاء لهذا القائد الأممي الكبير، وهو تأكيد على أننا على العهد، نحمل فكره وروحه ومبادئه وأهدافه، ونمضي على دربه، فهو الذي قضى عمره الشريف في الدفاع عن لبنان وسيادته وكرامته الوطنية، وحقق الانتصارات، وأحبط أهداف العدو، وحمل قضية فلسطين وقضايا الأمة، وارتقى شهيدًا على طريق القدس، مستحقًا بجدارة لقب “سيّد شهداء الأمة”.

وغدا الأحد سيثبت جمهور المقاومة كيف يكون الوفاء للقادة الشرفاء، وكيف سيكون هذا التشييع جامعًا للطوائف والمذاهب كافة، والتي سيقف أبناؤها كتفًا إلى كتف لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش من قادنا من عصر الهزائم إلى عصر الانتصارات.

وتحدث الكاتب والمحلل السياسي العراقي، ضياء أبو معارج الدراجي، بما يتوافق مع هذه الرؤية قائلًا ، “إن تشييع الجثمان الطاهر لسيد لبنان ورفيقه ليس مجرد جنازةٍ تقام، أو موكبٍ يطوف المدن، بل هو رسالة وصرخةٌ مدوية تقول إن الالتفاف الشعبي حول قوى المقاومة لم يكن شعارًا، وإن الجماهير التي قيل إنها تخلّت، عادت لتثبت أنها لم تكن يومًا بعيدة، وإن هذه المقاومة، برجالها وسادتها وشهدائها، لم تكن وحدها كما أراد الأعداء تصويرها، بل هي امتدادٌ لوجدانٍ جمعي، لأمةٍ لم ترفع الراية البيضاء، ولم تنس من قدموا أرواحهم قرابين على مذبح العزة والكرامة”.

وفي تعليقه على رسالة الوفاء التي سيحملها المشيعون نشر مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير اللبناني تقريرا خاصا أكد فيه “أن يوم التشييع لن يكون صفحة وانطوت كما يعتقد البعض أو يتخيّل، بل هو نقطة تحوّل تاريخيةٍ حاسمة في موضوع إعادة بناء المقاوِمة. إنّ يوم التشييع التاريخي ليس محطة لتسييل الوجد العاطفي والمشاعر فقط، بل هو رسالة أولاً وأخيرًا بأن هذه الجماهير التي فقدت قائدها وحاميها وظهرها، لن تموت بموتِه ولن تنكسر أو تنهزم، كما يحلم أعداؤها، بل هي تستضيئ بدمائه وتعاليمه ووصاياه لتتابع النهج الذي سار عليه وتتأسّى به”.

ويتابع التقرير ” من الطبيعي أن يتماثل يوم تشييع شهيد الأمة مع يوم العاشر من المحرم حين تخرج الجماهير الملتاعة لتعبّر عن الحزن والولاء والقسم بأنها ستبقى على العهد، فهو يوم الوفاء القليل لمن كان حضوره كبيرًا، ليس على مستوى لبنان واللبنانيين فقط، بل على مستوى العالم وكل مؤيدي خيار التحرّر والمقاومة والمعادين للمشروع الصهيوني” .

ولأن دماءُ السيد غالية وكذا دماء الشهداء من بعده ، يبقى الجانب الأهم في مناسبة التشييع بحسب الكاتب والمحلل السياسي جميل الحسيني، أن شعب المقاومة الذي كان مخلصاً لقائده في حياته سيثبت إخلاصه في البقاء على نهجه بعد رحيله، وسيوثّق صلة الارتباط بالمشروع الذي نادى به الحزب وقادته ومقاوموه والشهداء، وهو أنهم ماضون في مسيرة المقاومة مع القيادة الجديدة انسجاماً مع الشعور بالإنتماء العقدي والوطني، وستبعث الحشود برسالة بالغة العمق والأهمية للداخل والخارج ولا سيما “لإسرائيل” وأمريكا، في أنها منتصرة على الرغم من الفقد العظيم باستشهاد القادة والأبناء وتدمير القرى والبيوت والتهجير، دون اكتراث بنعيق المروّجين لحال الهزيمة وخطاب الانكسار تسويغاً للاستسلام.

مقالات مشابهة

  • قبل «طوفان الأقصى» بـ6 أيام.. تقرير استخباراتي يكشف رفض نتنياهو اغتيال السنوار
  • مسير حاشد لخريجي “طوفان الأقصى” في الزهرة يؤكد التلاحم والاستعداد للجهاد
  • القسام تبث تسجيلا لعملية تسليم أسيرين إسرائيليين في رفح (شاهد)
  • اختتام بطولة طوفان الأقصى بإب
  • الفتح يحرز بطولة طوفان الأقصى في عبس
  • غدا “طوفان الوفاء” في وداع سيديّ شهداء الأمة
  • قياديان في حماس: السنوار رفض لقاء كوشنر وهكذا موه على طوفان الأقصى
  • مسير لخريجي الدورات المفتوحة “طوفان الأقصى” في مديرية المراوعة بالحديدة
  • صحفي إسرائيلي: الضيف صاحب قرار عملية طوفان الأقصى
  • بالأسماء.. القسام تفرج عن 6 أسرى إسرائيليين ضمن الدفعة السابعة