السودان: «التغيير» ترصد انتهاكات مروعة بواسطة الدعم السريع بولاية الجزيرة
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
في الوقت الذي تتحصن فيه قوات الجيش السوداني في بعض المناطق والارتكازات خاصة مدينة المناقل، فإنها تركت الدعم السريع تمارس كافة أنواع الانتهاكات من قتل ونهب وسلب واغتصاب وتهجير قسري
التغيير: الجزيرة
استباحت قوات الدعم السريع مئات القرى بولاية الجزيرة، وارتكبت انتهاكات وفظائع غير مسبوقة لم تشهدها الولاية من قبل قوات الدعم السريع.
وساهم انقطاع خدمتي الاتصالات والإنترنت في وعدم معرفة ما يجري على واقع الأرض.
في الوقت الذي تتحصن فيه قوات الجيش السوداني في بعض المناطق والارتكازات خاصة مدينة المناقل، فإنها تركت الدعم السريع تمارس كافة أنواع الانتهاكات من قتل ونهب وسلب واغتصاب وتهجير قسري.
كما تقوم قوات الدعم السريع بطرد سكان القرى وإجبار الآلاف على مغادرة مناطقهم.
وهو الأمر الذي أدى إلى حدوث موجة نزوح كبيرة تجاه ولايات النيل الأبيض وسنار والقضارف وكسلا وبورتسودان.
وترك هؤلاء المواطنون ممتلكاتهم خلفهم، وغادروا إلى محطات نزوح يسبقهم إليها مصيرهم المجهول.
عقب سقوط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في الـ 17 من ديسمبر العام الماضي انفرط عقد الأمن في بقية محليات الولاية المختلفة بعد دخول تعزيزات كبيرة لـ”مليشيا الدعم السريع”.
أحكمت سيطرتها على المدينة، وبدأت في الانتشار إلى بقية المحليات، وحولت حياة مواطنيها إلى جحيم.
في الأيام الأولى حاولت قوات الدعم السريع تحسين صورتها أمام المدنيين، ولم تتعرض لهم في مدينة ود مدني، لكنها شرعت في في نهب الأسواق والمحال التجارية والمصارف.
وبعد (5) أيام من سقوط المدينة بدأت معاملتها تجاه المواطنين تتسم بالعنف. ومنعت المواطنين من مغادرة المدينة وإجبارهم على البقاء.
فضلاً عن اقتحامها منازل المواطنين لتوزيع القناصين ونصب الارتكازات وبدء نهب السيارات وتحويل العديد من المؤسسات الحكومية إلى مقار اعتقال لكل من يشتبه في انتمائه إلى الجيش أو المستنفرين.
الانتماء مقابل الغذاء
انتهاكات الدعم السريع بولاية الجزيرة، دفعت مئات المدنيين إلى التسلل ليلاً سيراً على الأقدام لمغادرة المدينة.
وفي ظل حصار قوات الدعم السريع المحكم على المدينة، بدأت في فرض شروطها على المدنيين المجبرين على البقاء المتمثلة في توفير الغذاء والأمن مقابل الانتماء.
إلى جانب تجنيد المواطنين، وتكوين لجان في الأحياء بحجة توفير الغذاء والدواء والحماية.
كما قامت الدعم السريع بمنح الشباب بطاقات انتماء إلى الدعم السريع لتسهيل الحركة، على حد قولهم.
دفعت هذه الضغوط من قبل الدعم السريع بعض الشباب للانضمام إليهم لتوفير الحماية لأسرهم العالقة في ظل الخيارات الصعبة.
مقتل العشرات
رصدت «التغيير» مقتل عشرات المواطنين في ولاية الجزيرة خلال الفترة الماضية في ظل غياب إحصائيات من قبل جهات رسمية أو حتى منظمات؛ بسبب لانقطاع شبكات الاتصال.
فضلاً عن صعوبة حركة المواصلات نتيجة لندرة وشح الوقود خاصة البنزين واعتماد المواطنين على عربات “كارو” والسير على الأقدام لقطع مسافات طويلة.
وسجلت محلية الحصاحيصا النصيب الأكبر لانتهاكات الدعم السريع مُقارنة ببقية محليات الجزيرة تليها محلية الكاملين.
أواخر فبراير الماضي شنت قوات الدعم السريع هجوم مسلح مروع استهدف المواطنين العزل في قرية “العقدة المغاربة” شمال مدينة المناقل أدى إلى مقتل (6) أشخاص من المدنيين وإصابة نحو (15) شخصاً على الأقل، ونزوح كامل لأهل المنطقة.
كما ستباحت مليشيا الدعم السريع قرية (الرباعيات) ريفي طابت بمحلية الحصاحيصا لعدة أيام، ونهبت كل مقتنيات المواطنين ومركباتهم كما هجرت مواطنو القرية.
كما هاجمت قوات الدعم السريع على قرية (أم بوشة الصديق) ريفي طابت وقتلت ثلاثة من الشباب العزل.
كما قامت هذه القوات بالتعدي على كل الممتلكات ونهبها خاصة السيارات.
وقتلت “المليشيا” (6) مواطنين بينهم سيدة في قرية (البصيلات) الحلاوين في هجوم مسلح على القرية بغرض النهب الذي لحق بقرية (19) الفقراء.
وأدى الهجوم إلى جانب القتل إلى التنكيل بالمواطنين وازلالهم وسرقة ونهب الماشية.
والأسبوع الماضي شنت الدعم السريع هجوماً مروعاً على قرية (ود الجمل المغاربة) ما أدى إلى مقتل أربعة بالقرية وإصابة العشرات من المدنيين الذين حاولوا المقاومة.
وبحسب مواطنين تحدثوا لـ«التغيير» ، فإن هجوم الدعم السريع على هذه المناطق جاء بدافع النهب والسلب والسرقة خاصة سرقة السيارات.
يشار إلى أن المناطق في ولاية الجزيرة التي تعرضت لهجوم قوات الدعم السريع، تخلو من المظاهر العسكرية للجيش.
مسلسل الانتهاكات
واستمر مسلسل انتهاكات الدعم السريع في قرى محلية الكاملين بدوافع السرقة والنهب والاستيلاء على ممتلكات المواطنين.
وقتلت قوات الدعم السريع (5) مواطنين بقرية (الطليح الخوالدة) ريفي المسلمية في اجتياح عنيف كان بغرض التهجير القسري بعد أن نُهبت الممتلكات العامة والخاصة.
ووصلت الدعم السريع أيضاً إلى تجمع “قرى المحيريبا” الذي يضم حوالي (20) قرية، وقتلت اثنين من المواطنين أحدهما إمام مسجد كان قد خاطب المصلين في إحدى خُطب الجمعة عن الجهاد.
وفي قرية “عجان” ريفي المحيريبا قتلت الدعم السريع (2) من الشباب حاولوا التصدي للقوات ومنعهم من دخول القرية التي مارسوا فيها النهب والسرقة.
وهاجمت المليشيا أيضاً قرية (سليم) ريفي المحيريبا بغرض النهب والسلب؛ مما أدى إلى سقوط مقتل أحد شباب القرية وإصابة آخرين بجروح خطيرة إثر إطلاق الرصاص الحي.
فاجعة قرية تنوب
كشفت لجان مقاومة قرية “تنوب” التابعة لمحلية الحصاحيصا عن انتهاكات واسعة للدعم السريع بالمنطقة.
وأوضحت أن المواطنين سمعوا نداء يحذر بقرب اجتياح قوات الدعم السريع للقرية عند مدخل (حي الربع) والذي يقع في الجهة الشمالية لتنوب عبر مكبرات الصوت في المساجد.
ودعا ذلك المواطنون إلى التوجه إلى مدخل القرية يحملون العصي للدفاع عن أنفسهم وصد القوات المُدججة بالأسلحة الثقيلة.
وقالت لجان المقاومة في بيان، إن قوات الدعم السريع، دخلت إلى القرية وكأنها تريد أن تحارب جيشاً.
وبحسب لجان المقاومة، فإن القوات أطلقت النار على المواطنين ما تسبب في مقتل المواطن كامل يوسف فوراً.
ونوهت اللجان إلى أن كبار القرية، خاطبوا الدعم السريع، إلا أنها لم تستجب.
إثر ذلك طلب كبار القرية من الشباب في ا (لارتكازات) عدم مواجهة الدعم السريع لعدم تكافؤ القوة والسلاح.
كما طلبوا منهم إخراج النساء جميعهم إلى خارج القرية إلى المناطق المُجاورة لقرية “تنوب” وقرى المناقل.
وأكدت اللجان المقاومة مقتل (4) أشخاص من القرية عن طريق الدعم السريع هم “كامل يوسف عمر، جمال الصديق، التقى الهندي، وطفل من القرية”، وإصابة ستة أشخاص آخرين.
وينطبق هذا الواقع على معظم القرى التي استباحتها قوات الدعم السريع بلا استثناء في ولاية الجزيرة بمحلياتها المختلفة مع تنوع أساليب الانتهاكات.
الوسومآثار الحرب في السودان الجيش الدعم السريع انتهاكات الدعم السريع انقطاع الاتصالات والأنترنت ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الجيش الدعم السريع انتهاكات الدعم السريع انقطاع الاتصالات والأنترنت ولاية الجزيرة انتهاکات الدعم السریع قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة أدى إلى
إقرأ أيضاً:
أين اتجهت قوات الدعم السريع بعد الخروج من الخرطوم؟
سكاي نيوز عربية – أبوظبي/ أثار خروج الآلاف من مقاتلي قوات الدعم السريع من عدد من المواقع الاستراتيجية التي ظلت تتمركز فيها منذ اندلاع الحرب مع منتصف أبريل 2023، واتجاهها نحو جنوب غرب العاصمة السودانية، تساؤلات عديدة عن خارطة التموضعات الجديدة لطرفي القتال - الجيش والدعم السريع - ودلالات ذلك.
وعزز عدم صدور أي بيانات رسمية من طرفي القتال والضبابية الكبيرة التي احاطت بعملية الخروج تلك، من الشكوك حول إمكانية وقف الحرب نهائيا بما يسمح بعودة قريبة لأكثر من 7 ملايين من سكان الخرطومالذين فروا من بيوتهم في الخرطوم.
الوجهة والسيناريوهات
منذ بداية الأسبوع الثالث من مارس بدأت قوات الدعم السريع في تنفيذ عمليات خروج منظمة من العاصمة الخرطوم.
ويقول شهود عيان إن الآلاف من تلك القوات تمركزت في المناطق الواقعة جنوب خزان جبل أولياء الذي يبعد نحو 30 كيلومترا إلى الجنوب من وسط الخرطوم، وفي مناطق غرب أم درمان متاخمة للشريط الذي تسيطر عليه تلك القوات منذ اندلاع الحرب.
لكن في الجانب الآخر، تحدثت منصات إعلامية عن تحركات كثيفة في اتجاه مناطق في إقليمي دارفور وكردفان في سياق تفاهمات إقليمية ودولية غير معلن عنها.
وفتح غياب التوضيحات الرسمية من طرفي القتال الباب أمام التكهنات، ودفع بالمراقبين للحديث عن عدد من السيناريوهات المحتملة.
ووفقا لبعض المراقبين، فإن خروج قوات الدعم السريع من الخرطوم دون أي مواجهة مباشرة مع الجيش السوداني يثير تساؤلات عديدة حول دوافعه وخلفياته.
ويرى الدلوماسي الصادق المقلي أن الخروج من الخرطوم دون معارك والذي سبقه انسحاب ممرحل من ولايتي سنار والجزيرة في وسط البلاد، يمكن النظر اليه من خلال سيناريوهين يتمثل الأول في وجود "صفقة" ما بتنسيق دولي وإقليمي لاستئناف مسار الحل التفاوضي المتوقف، فيما يتمثل الثاني في احتمال وجود خطة لنقل الحرب إلى الهامش وهو ما قد يؤدي الى حرب أهلية ربما تمتد لسنوات بسبب تغير خارطة التحالفات.
ضابية شديدة
زادت الضبابية التي أحيطت بها عملية خروج قوات الدعم السريع وتباين التفسيرات من المخاوف من احتمالات استمرار الحرب لفترة اطول.
ويلخص نازحون فروا من بيوتهم منذ الأسابيع الأولى من اندلاع القتال تلك المخاوف بالقول بأن التكتم الشديد على طريقة الخروج وعدم وجود رؤية واضحة لحل سلمي يمكن أن ينهي كل العقبات التي تعيق استعادة الاستقرار وتتيح للفارين العودة الى بيوتهم. إضافة إلى انتشار الألغام والأجسام المتفجرة والمجموعات المسلحة وانعدام الخدمات الضرورية من كهرباء ومياه والمخاطر الصحية الناجمة عن التدهور البيئي، تشكل احتمالية تجدد القتال داخل العاصمة أحد ابرز الأسباب التي قد تقطع الطريق أمام العودة الآمنة.
ويشير عدد من السكان إلى استحالة العودة في ظل الضبابية المتعلقة بامكانية الوصول الى وقف نهائي للحرب يساعد على استعادت الخدمات الاساسية في ظل الاضرار الجسيمة التي لحقت بشبكات الكهرباء والمياه بسبب القصف الجوي والذخائر المتفجرة مما أدى إلى أزمة كهرباء ومياه حادة في معظم مناطق الخرطوم.
ووفقا لمهندس متخصص في مجال التخطيط الحضري، فإن نحو 90 في المئة من شبكات ومنشآت الكهرباء الأساسية تعرض لنوع من التدمير.
ويعبر ياسر النور، وهو أحد سكان وسط الخرطوم عن تلك المخاوف بالقول "في ظل انعدام خدمات الكهرباء والمياه لن يكون هناك أمل في عودة قريبة".
مخاوف
وتتزايد المخاوف من احتمالية وجود احتكاكات مسلحة واردة بعد أن برزت مؤشرات عديدة خلال الفترة الأخير على وجود خلافات كبيرة بينها وسط تنافس محتدم على السلطة والنفوذ وتباينات حول الموقف من وقف الحرب، خصوصا بالنسبة للكتائب الإخوانية التي ترفض الحل السلمي.
وترى الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن أن رفض بعض المجموعات للحلول التفاوضية سيعقد الأوضاع الأمنية، وهو ما دفع أطراف دولية واقليمية للتشديد على ضرورة معاقبة الرافضين للحل السلمي.
وتوضح "الإتجاه إلى تنفيذ خطة إزاحة الذين يعرقلون مسار السلام بأدوات وآليات دولية قد يفتح مداخل على ميدان الصراع عبر ضربات مجهولة، لا يدري كل طرف ممن ومن أين أتت".
وتدور مخاوف أيضا من تصفيات عرقية أو سياسية، حيث كشفت وكالات تابعة للأمم عن تلقيها تقارير مقلقة تفيد بارتكاب الجيش ومجموعات مقاتلة معه أعمال انتقامية ضد المدنيين بعد تموضعها في عدد من المناطق في الخرطوم خلال الأيام القليلة الماضية.
ويقول عادل محمود وهو من سكان جنوب الخرطوم الذين فروا إلى شرق البلاد منذ الأسابيع الأولى من القتال، لموقع سكاي نيوز عربية "إذا لم تتوقف الحرب بشكل نهائي ويتم اخراج المسلحين من العاصمة وتنظيفها من الألغام والأجسام المتفجرة سيكون من الصعب المجازفة بإعادة أسرنا وأطفالنا".