تعكس حركة الوسطاء رغبة في التوصل إلى اتفاق حول هدنة في غزة قبيل شهر رمضان المبارك، الذي يبدأ الأسبوع المقبل، خاصة وأن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يحتمل المزيد من تأجيل التوصل لحل بوقف إطلاق النار، إلا أن جولة التفاوض في القاهرة لم تنته بعد، وثمة معلومات عن تعقيدات تحيط بالمسار الراهن الذي يتطلب، بحسب المتابعين، تنازلات من الطرفين والا سوف تنهار المفاوضات.



ثمة معطيات تشير إلى أن واشنطن تستعجل وقف إطلاق النار في غزة، وقد تظهر ذلك للوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس الذي فوجئ خلال محادثاته مع وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين أنتوني بلينكن ولويد أوستن ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بحدة الانتقادات لإسرائيل ومدى التباعد مع الولايات المتحدة.
وأفادت شبكة إن بي سي نقلا عن مسؤولين أميركيين أن مسؤولي مجلس الأمن القومي خففوا أجزاءً من خطاب هاريس بشأن غزة وأن مسودة خطابها الأصلية كانت أكثر قسوة تجاه إسرائيل بشأن الوضع الإنساني في غزة.

إن الهدنة في غزة يفترض أن تنعكس على لبنان، على غرار ما حصل في كانون الأول الماضي حيث امتدت الهدنة في القطاع إلى جنوب لبنان، إلا أن الواقع الراهن اليوم يبدو ضبابيا، فرغم تأكيد حزب الله أن عندما تبدأ الهدنة في غزة فستبدأ أيضا في لبنان، وتوقف الحرب في قطاع غزة يعني توقفها في لبنان وبعدها ستنجز كل النقاشات المتعلقة بالجنوب بالطريقة الصحيحة، فإن الموقف الإسرائيلي لا يزال متشدداً في شأن الفصل بين غزة وجنوب لبنان، فوزير الحرب يوآف غالانت أعلن بأن "وقف القتال في غزة لا يعني أن إسرائيل ستتوقّف عن ملاحقة مقاتلي الحزب وضرب البنية العسكرية التحتية التابعة له".

لا شيء يبشر بالتفاؤل أو بالايجابية، فالميدان يشهد سخونة مع تكثيف العدو من عملياته وغاراته في الأيام والساعات الماضية على قرى جنوبية عدة أبرزها عيتا الشعب واعتماده نهج التدمير للأحياء، بالتزامن مع تحليق المسيرات الإسرائيلية في سماء لبنان ووصولها إلى البقاع بعد صور وصيدا، في حين لجأ حزب الله إلى توجيه ضربات لمواقع عسكرية إسرائيلية في كريات شمونة ونهاريا.

وبالتزامن مع هذا التصعيد، برزت زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت التي انتقل منها إلى تل أبيب من قبرص، علما أن هوكشتاين زار تل أبيب الشهر الماضي ولم يزر لبنان، في حين أنه حصر زيارته تل أبيب هذه المرة بلقاء وزير الحرب غالانت ولم يلتق رئيسَ الحكومة بنيامين نتنياهو.

أما في ما خص لبنان، فيشير مصدر مطلع على اتصالات هوكشتاين لـ"لبنان24"، إلى أنه لم يزر بيروت من أجل التفاوض إنما لإبلاغ المعنيين بالورقة الأميركية والاستماع إلى الرد اللبناني الرسمي حول الطرح الإسرائيلي. ويشدد المصدر على أن تصريح الموفد الاميركي كان متشائماً، وقد حاول إقناع المسؤولين في لبنان أن لا عودة الى ما قبل 7 أكتوبر، ويجب العمل على فصل الجبهات.

أهم ما قاله هوكشتاين في بيروت، بحسب المصدر نفسه" أنه اذا لم يتم التوصل إلى حل دبلوماسي وسياسي للوضع في الجنوب، فواشنطن لا تستطيع أن تضع خطوطا حمراء على إسرائيل، وأن هدنة غزة ليست بالضرورة أن تشمل لبنان، كما أنه لم يأت على ملفي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

غابت ملفات الرئاسة ودعم الجيش ودوره عن محادثات الوسيط الأميركي، واكتفى بالتركيز على ضرورة وأهمية غياب المظاهر المسلحة والنشاط العسكري لحزب الله.

وبينما غادر مساعد هوكشتاين بيروت سريعا، اعتبر مصدر دبلوماسي، أن من الخطأ الرهان على أن إسرائيل ستوافق على وقف إطلاق النار وأن نتنياهو وحده من يرغب بالتصعيد وبالحرب، فكل هذه الافتراضات ليست دقيقة، فإسرائيل لا يمكن أن تفتح حربا مع لبنان ربطاً بالاستحقاق الرئاسي الذي ينتظر الولايات المتحدة ولا يمكنها في الوقت عينه تأجيل القيام بعمل عسكري في لبنان، ولذلك فهي تخطط، وفق المصدر لاحتلال جنوب الليطاني وإقامة منطقة عازلة، من دون الوصول إلى حرب شاملة، على أن يتم الذهاب بعد ذلك إلى التفاوض حول تثبيت الحدود البرية، وتطبيق القرار 1701 بصيغة جديدة، وهي حددت مهلة حتى 15 آذار الجاري للتوصل إلى تسوية سياسية مع لبنان، وإلا الأمور قد تذهب نحو التصعيد العسكري.

في النهاية، يبدو مؤكداً ان اللقاءات الأساسية لهوكشتاين كانت مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، فاللقاءات الأخرى التي عقدها كانت لقاءات شكلية لا سيما مع "المعارضة"، يقول المصدر المطلع على حراك هوكشتاين، مع تشديده على أن الاهتمام الاميركي منصب راهنا على الجنوب دون الملف الرئاسي، اقتناعا أن حزب الله هو من سيبث بالوضع الجنوبي من خلال رئيس المجلس النيابي الذي طلب منه هوكشتاين ان يكون التواصل معه مباشرة عند أي مستجد وبعيداً عن الوسطاء.
وسط ما تقدم يبقى أن تتركز الجهود الدبلوماسية الغربية والعربية من أجل أن تنسحب هدنة غزة على لبنان تمهيداً لتثبيت وقف إطلاق النار، على أن يتم الانتقال في مرحلة لاحقة الى بت النقاط المتنازع عليها وإيجاد صيغة حل لمزارع شبعا وكفرشوبا يوافق عليها لبنان الرسمي والمقاوم.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار فی لبنان على أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

تلويح إسرائيل بتأجيل انسحابها يزيد المخاوف جنوباً

كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": انشغال القوى السياسية بمواكبة الجهود الرامية لتشكيل الحكومة الجديدة لن يصرف الأنظار عن ارتفاع منسوب المخاوف العربية - الدولية حيال إصرار إسرائيل على «التفلُّت من التزامها بالانسحاب من جنوب لبنان بدءاً من فجر الأحد المقبل»، الذي يتزامن مع انتهاء المهلة التي حددها الاتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار، بذريعة أن البدء في تنفيذه تأخر 10 أيام، وهذا ما أبلغه مندوبها لدى «اللجنة الدولية» المشرفة على تطبيقه في اجتماعها الاثنين الماضي بمقر «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» في الناقورة، برئاسة رئيسها الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز.
ولم يطرح مندوب إسرائيل لدى «اللجنة الدولية» الأسباب الكامنة التي أملت عليه طلب تمديد المهلة المنصوص عليها في الاتفاق، فيما يمعن الجيش الإسرائيلي في تدميره المنازل بعدد من البلدات الواقعة جنوب نهر الليطاني، ومنع سكانها من العودة إليها، وعدم استجابته لطلب «اللجنة» وقف الخروقات.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر نيابي بارز أن تلكؤ إسرائيل في الانسحاب من جنوب لبنان يتصدر جدول أعمال اللقاء المرتقب في الساعات المقبلة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والجنرال الأميركي جيفرز للاستيضاح منه بشأن الظروف والدوافع التي تتذرع بها إسرائيل لتبرير طلبها تمديد المهلة التي حددها الاتفاق للانسحاب من جنوب لبنان، وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات لن تكون لمصلحة تثبيت وقف إطلاق النار تمهيداً لتطبيق القرار «1701».

ولفت المصدر النيابي إلى أن الاجتماع المقرر بين بري والجنرال جيفرز يأتي «استباقاً للقاء ثانٍ تعقده قريباً (اللجنة الدولية) قبل أن يبدأ سريان إلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب». وقال إن أعضاء «اللجنة» سيراجعون مرجعياتهم السياسية؛ «لاتخاذ القرار المناسب الذي يُفترض أن يؤدي إلى قطع الطريق على توفير الذرائع لتهديد مصير اتفاق وقف النار».

وأكد أن الموقف النهائي لإسرائيل سيحمله الجنرال الأميركي إلى بري ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه؛ «لأنه المعني الأول بالاتفاق الذي توصل إليه، وبتفويض من (حزب الله)، مع الوسيط الأميركي آموس هوكستين وقوبل بتأييد دولي وعربي، وحظي بمباركة في حينه من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن وخلَفه الرئيس دونالد ترمب قبل دخوله البيت الأبيض ليبدأ ممارسة صلاحياته الدستورية، مما يضعه أمام تعهده بتطبيق الاتفاق الذي كان لواشنطن اليد الطولى في إعداده».

ورأى المصدر نفسه أن «إصرار إسرائيل على التفلُّت من التزامها بالانسحاب من جنوب لبنان يشكل تحدياً للدول المؤيدة للاتفاق؛ وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، ويهدد مصداقيتها على الصعيد الدولي». وسأل: «ما الذي يمنع الرئيس ترمب من الضغط على إسرائيل للتقيد بحرفية الاتفاق والمهلة الزمنية لانسحابها من الجنوب على غرار الضغط الذي مارسه على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإلزامه بالسير في الاتفاق الذي أدى لوقف إطلاق النار في غزة؟». وتابع: «إذا كانت إسرائيل جادة في تطبيق الاتفاق، فلماذا تواصل خرقه كأنها توفّر لـ(حزب الله) الذرائع ليرد على خروقاتها؟ وهذا ما يحذّر منه معظم السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى لبنان، ويطالبون الولايات المتحدة بالتدخل في الوقت المناسب في ضوء تعهد الرئيس ترمب بأنه سيضع حداً للحروب في المنطقة».
 

مقالات مشابهة

  • لبنان يعتقل جاسوساً يعمل لصالح إسرائيل
  • نيويورك تايمز: إسرائيل قد تستأنف حرب غزة بعد عودة 30 رهينة
  • إسرائيل تطلب من واشنطن تأجيل انسحابها من جنوب لبنان
  • آخر خبر عن إنسحاب إسرائيل من جنوب لبنان.. ماذا طلبت تل أبيب من أميركا؟
  • ‏سفير إسرائيل لدى واشنطن: تل أبيب ستتوصل إلى تفاهم مع إدارة ترامب بشأن الانسحاب العسكري من جنوب لبنان
  • إسرائيل مصرّة على البقاء في الجنوب.. هذا ما يتم التخطيط له
  • تلويح إسرائيل بتأجيل انسحابها يزيد المخاوف جنوباً
  • مصدر مطلع لـCNN: نتنياهو طلب موافقة ترامب على بقاء إسرائيل بمواقع في لبنان
  • إسرائيل تتحدث بشأن عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله
  • عون: المجتمع الدولي متجاوب للضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان