رأي اليوم:
2024-09-30@19:12:55 GMT

صالح عوض: معاهدة لوزان.. واستعمار فلسطين

تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT

صالح عوض: معاهدة لوزان.. واستعمار فلسطين

 

 

صالح عوض غدا ينقضي قرن على توقيع معاهدة لوزان وبدء مفاعيلها في تركيا والمنطق،  المعاهدة التي شكلت خريطة المشرق العربي والاسلامي، غدا يوم اعلان تركيا المعاصرة، انها اهم معاهدة استسلام في العصر الحديث كما أحب المرخون الغربيون أن يقولوا، معاهدة تقرر موت السلطنة العثمانية، وهي الصياغة الاخيرة للمسألة الشرقية كما اعتقد واضعوها .

. فماذا اكتشفنا؟ – جسم واحد هو أمتنا.. أينما وقع سهم الضربة فهو يستهدف الجميع لاسيما الجوهر.. المسألة ليست أخلاقية فقط بل هي واقع نعيشه فلقد ملء أعيننا في فلسطين غبار الدمار في أي مكان من بلداننا، و إنهد ركن لنا كلما سقطت عاصمة من عواصمنا فجاء سقوط القدس ليعلن  سقوط الجميع..  لقد كان القرن العشرون في تاريخ أمتنا شرسا عنيفا تلون بالدم والخراب والسقوط تلو السقوط  حيث وصلنا الى السقوط الكلي، ولقد كشف أن وسائل دفاعاتنا هشة وأن منظوماتنا الفكرية متيبسة، فلم يكن لاقتطاع فلسطين من أرض العرب ووجودهم أن يتم بدون ضمانات حقيقية تصنع في الإقليم وقائعا كبيرة تكون هي أس الأمان التلقائي لعملية السرقة الكبيرة، من هنا جاءت المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية كلها لخدمة هذا الغرض الاستعماري، ومن هنا سارت الهجمة الغربية على المنطقة نحو تحقيق أهدافها بتكامل على اعتبار أنها معركة وجودية وفي آخر حلقاتها كما تظن.. قرن دام حققنا فيه انتصارات جزئية لكن خساراتنا كانت فادحة، ومع ذلك كله يمكننا القول انه شهد في حمى لهيبه تبخر كثير من جهلنا وعدم مبالاتنا وضلالنا، و لا يمكن الشك أبدا أننا فتحنا صفحات للوعي وأن طلائع شعوبنا تتحسس جراحها وأسباب أمراضها.. من الواضح للجميع أن هذا القرن القاتم لم ينهينا فهل يشهد ما سيأتي نهوضنا؟ موقع الاتفاقية في الصراع: منذ منتصف القرن التاسع عشر اجتمعت الدول الغربية على هدف مركزي وهو تقسيم أراضي الخلافة العثمانية وكان انحياز الاستانة الى المانيا في الحرب العالمية الأولى 1914 الفرصة التاريخية المواتية لشن الحملة العسكرية الضخمة عليها وذلك بمشاركة فرنسا وبريطانيا وروسيا وايطاليا واليونان ورومانيا.. فكانت الخطوات المتلاحقة لفرض وقائع على الارض من “سايكس بيكو” ووعد بلفور واحتلال المناطق العربية وكل البلاد المحيطة بتركيا بل واحتلال اسطميول والسيطرة على مرافقها الحيوية.. فكان هذا من أخطر نتائج الحرب العالمية الأولى وبعد اتفاقية سوفر التي وقعتها السلطنة العثمانية جاءت معاهدة لوزان لترسم خريطة تفصيلية ليس فقط لما له علاقة بتركيا انما كذلك لما له علاقة بالإقليم كله حيث ثبتت ما قد سبق من خطوات سياسية وعملية قام بها الاستعمار الحديث حيث كان قرار الانتداب البريطاني على فلسطين والعراق وشرق الأردن، وكذلك وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا لبناء وطن قومي لليهود على ارَض فلسطين وقرار سايكس بيكو هي معاهدة أقرب الى شروط الاستسلام تمت بينَ تركيا منْ جهةٍ، وبينَ بريطانيا وفرنسا -الجمهوريةِ الثالثةِ ، ومملكة ايطاليا،واليونان بشكلٍ رئيسيٍّ ومعها بقيةُ دولِ الحلفاء يوغسلافيا ورومانيا واليابان منْ جهةٍ أخرى.. اتفاقية أملتها أرادة المستعمر القوي، لقد كانت الاتفاقية تتويجا للهجوم الغربي بكل قوته لاسقاط الخلافة العثمانية على مدار قرنين من الزمن حيث انتهت الى احتلال فرنسي بريطاني ايطالي لمواقع حساسة في الجغرافيا العربية.. وبموجب الاتفاقية وبنودها العديدة من قبل الأتراك الذين وقعوا على الاتفاقية بخسارة تركيا دورها في قيادة العالم الإسلامي مقابل قطعة أرض صغيرة مقيدة بقيود أيديولوجية وثقافية وسياسية كما شرح ذلك الكاتب التركي” قدير اوغلو” في كتابه” معاهدة لوزان انتصار أم خدمة” الاتفاقية -ببنودها المائة وثلاث وأربعين- والتي وقعت في 24 تموز يوليو 1924 جردت تركيا من كل عناصر السيادة والقوة وإمكانات العودة لمكانتها  حيث وضعت البلاد تحت إشراف دولي مباشر وغير مباشر بعد ان حددوا كل شيء فيها: منافذها وممراتها و القانون وفلسفة الحكم ومناهج التعليم والعلاقات الإقليمية والدولية وحجم قدرات الجيش التركي ومهماته كما فتتت مكونات الدولة العرقية ووضعت أسس التمزيق الإثني حيث تم توليد دولة معاصرة لا علاقة تاريخية لها بسياق الدولة العثمانية  وفي جنبها أزمات عرقية حادة كما تم إنشاء دول مستحدثة على أرض الخلافة  فكان بناء الدولة لمهمتين الأولى: إلغاء الصلة التاريخية بالمنطقة والثانية إلغاء قوانين البلاد واستبدالها بقوانين أوربية معززة بثقافة لائكية تلغي التاريخ العثماني مع إلغاء استخدام الحرف العربي. مائة عام وتركيا ترسف في قيود معاهدة لوزان على كل المستويات،.. وشيئا فشيئا حوّل الغرب تركيا لتكون جزءا من قوته الباطشة “حلف الناتو” ولكن لم يقبلوها في الاتحاد الاوربي، بعد ان أقنعوها بأنها ستنعم بفضائل العلاقة الامنية مع الغرب.. وبعد مائة سنة يكتشف الغرب أنه لم يستطع ان تتم عملية اخراج تركيا عن دورها وهويتها كما تم التخطيط على أرضية معاهدة لوزان، واكتشف الأتراك انهم لن يقبلوا في الاتحاد الأوربي رغم إعلانهم عن علمانيتهم وإبدائهم حسن النوايا مع الغرب بما فيها تلك العلاقات المحيرة مع الكيان الصهيوني على مستويات عدة. الواقع العربي الاسلامي: مما لاشك فيه أن الهجمة التغريبية التي انطلقت منذ بدايات الحملة الاستشراقية على بلداننا العربية والاسلامية بدءا من تركيا وايران ومصر استطاعت ايصال النخبة المتغربة الى قيادة المجتمع لتكون التجزئئة واقع تم ترسيمه بعناوين الدولة الوطنية المعاصرة المشبعة بثقافة التجزئة وشروطها وفي واقع التجزئة هذا تم زراعة عناصر الفتن المتلاحقة المنبثثقة من تغذية الاثنيات بعناصر التضاد والتنافر مما أنٍشأ لنا حالات صراع عرقي وجهوي متوالي على قاعدة “فرق تسد” وفي الدولة الوطنية الواحدة تم تفعيل الروح الجاهلية باثارة النعرات العرقية وكل ذلك يتم من خلال ما يبثه مطبخ الاستشراق الغربي وتلامذته في الدول العربية والاسلامية. لقد كان نموذج كمال اتاتورك هو الاشرس والاكثر عنفا والتزاما بالرغبة الاستعمارية الغربية حيث تم التوقيع على افراغ تركيا من تاريخها والتزاماتها الجيوسياسية وبذر كل عناصر التنافر داخلها لاسيما مع الاكراد الذين نصت عليهم المعاهدة في اطار نيلهم للاستقلال.. بعد ان حقق الاستعمار مشروعه الاكبر في المنطقة الاسلامية وبضربات حاسمة سريعة بدأ العصر الجديد للوطن العربي والعالم الاسلامي في اطار الالزام بالتبعية الاقتصادية والثقافية والتخلص نهائيا من الانتماء العملي للامة. قامت الدولة الوطنية المشبعة بروح الانانية والتمركز حول الانا متخبطة في مشاريع تنمية معزولة عن امكانيات الامة ومصيرها ومرتبطة بسياسات استعمارية وبفوضى على مستوى الحكم وتقلبات متوالية لا تشهد استقرارا وتبحث عن ضمانات البقاء من العواصم الغربية. في ظل الدولة الوطنية المعاصرة ضاعت فلسطين ودمرت العراق ودمرت ليبيا وفتك بسوريا وهكذا كما ان الناجين من الدمار لم ينجوا من التخريب والحروب الداخلية العنيفة وظل الاستعمار جاهزا للتدخل وقت الحاجة لارجاع الاوضاع الى حالتها الاولى فكلما حاولت دولة وطنية البحث عن دور اقليمي يتم حصارها وتبديدها وكلما حاول نظام ايجاد سيبيل للنهضة والاستقلال ضربت محاولته بعنف لتكسير اعمدة التجربة، ان الشواهد عديدة حول العناوين الكثيرة التي طرحتها بخصوص تجربة الدولة الوطنية المعاصرة وما كرسته من قيم وثقافات عززت روح الانفصال والانقسام بين العرب فاصبح العرب رغم كل عناصر وحدتهم الحقيقية والقوية عبارة عن دول متنافرة واحيانا متناحرة تسقط الواحدة تلو الاخرى وكأن ما يحدث انما هو في اخر الدنيا.. فهل يعقل أن يتم اسقاط العراق فيما دول العرب تشارك في هذا السقوط، وهل يعقل ان يتم تمزيق ليبيا وتدميرها واحتلالها من قبل الناتو فيما تقع بين دولتين عربيتين مركزيتين من الشرق والغرب تقفان جامدتين تتفرجان على السقوط الرهيب مما يعني أن الدولة الوطنية لم تفقد فقط حس الانتماء للامة بل وفقدت القدرة على تحسس الاخطار المترتبة على سقوط الجار العربي. الا ان هذا السوء في الواقع العربي لم يكن هو الخاتمة بل اقتضى المشروع الغربي خطوة لاحقة خطيرة للقضاء على الدولة الوطنية التي تضخمت واصبحت تبحث عن سبل للتنمية والاستثمار في مواردها الطبيعية فكان الربيع العربي وعاصفته التي اسقطت عواصم عربية عديدة، وذهب ضحيتها ملايين العرب بين قتيل وشريد، ودمرت عواصم، وانهارت جيوش، واصبح الدول العربية مرتعا للجيوش الاجنبية وتفتت الدول الى مليشيات طائفية وجهوية.. وبرزت شعوبية مقيتة ضد العنصر العربي الذي اصبح مهددا في كل شيء. فأي حال ستكون عليه فلسطين والقدس في هذا الواقع العربي والاسلامي؟ لقد بلغت الضمانات الاستراتيجية لبقاء الكيان الصهيوني مداها ووصل الامر بأن تأتي عملية الهرولة للتطبيع التي شهدتها الدول العربية مؤخرا لتقدم للكيان الصهيوني شروطا اضافية للهيمنة على الاقليم. الحرب الروسية الغربية: لعل الحرب الروسية الغربية المندلعة بشكل شافر لا تقف عند حدود القنابل والصواريخ في جبهات القتال حول اوكرانيا انما تمتد لمساحات عديدة في السسياسة والاقتصاد والتكنلوجيا فليس عبثا ان يقول بوتين الرئيس الروسي ان الغرب يحرق ما توصل اليه من تكنلوجيا في ساحات المعركة.. هذه الحرب الممتدة من غير المحتمل توقفها غدا، وهي حرب كبرى ستحدد خرائط السياسات القادمة بل والخرائط القادمة، كما ان التماحك بالصين ومحاولة استغلال الصين للظرف الدولي يجر الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الى حرب استنزاف من نوع مختلف خطير قد يودي باقتصادات دول غربية بالكامل. في ظل هذا الصراع المتنوع والذي يمكن اعتبار ان البريكس المتوسع والذي يفرض نفسه على الخريطة الاقتصادية العالمية اصبح معطى جديد لا يمكن اغفال قدرته على التنغيص على النظام الراسمالي العالمي. من الواضح ان العرب وجدوا فرصة لملمة ارواحهم الممزقة عندما شعروا بان القوى الاستعمارية الغربية اصبحت في ورطة استراتيجية في المواجهة القائمة مع روسيا والمواجهة المحتملة مع الصين.. وفي هذا السياق وهذه المناخات بدأن نلاحظ تعديل في السياسات العربية الداخلية والخارجية فمجلس التعاون الخليجي الذي كان مهيئا للدخول الجماعي في زفة التطبيع ماعدا الكويت اصب حالان اكثر تماسكا في التقاط الانفاس محتميا بموقف عربي بالمبادرة العربية للسلام، ويبدو ان قسطا من اخذ الاكسجين لاعصاب الحكام العرب تم من خلال متابعاتهم للصمود الروسي المتواصل وللخسارات الغربية المرهقة.. فتحرك كثير من الزعماء العرب شرقا الى موسكو في تفاهمات اقتصادية وشراء اسلحة استراتيجية وكسر طوق الحصار عن روسيا. وواضح ان تركيا لم تكن تماما تخطو خطوات الغرب تجاه روسيا وظلت حريصة على خيط التواصل بمعنى انها بدأت تبحث عن مكان لها تحت الشمس بعيدا عن التبعية للناتو وتأخذ حسابات المصالح مداها في السياسة التركية فتتجه مجددا لترميم علاقاتها بالدول العربية لوضع حد لمشكلات عميقة داخلية كان لتركيا دور في صناعتها في العشرية الفائتة. هناك حسابات دقيقة ينبغي ان ننتبه لها ففي الأحوال جميعا نحن في عرضة للخطر فمثلا لو انحزنا للروس فهذا يعني ان هزيمة الروس ستجلب علينا كوارث وسيغرس الاستعمار انيابه بشراسة في لحومنا الطرية المنهكة، واذا تركنا روسيا لحالها تواجه الغرب واشتركنا بفرض الحصار و ضخ النفط بكميات كثيرة نكون اجهزنا على فرصة محتملة في تكسير سطوة النظام العالمي الاستعماري.. وحتى في حال صمود الروس وعجز القوة العسكرية الغربية وتلاشي الحصار عليه فهل نحن مهيئين لاستثمار التحول السياسي الكوني؟ أي مرحلة نعيشها الان: بلاشك نحن على وعي بالمرحلة والصراع واطرافه اكثر من أي مرحلة سبقت، وصحيح ان شعورا يتنامى في طبقات الحكم بضرورة تشكيل تكتلات عربية واسلامية ودولية تخرج القرار العربي من الظل الى العلن والاستقلال، وصحيح ان هناك في الوطن العربي تتولد الهمم والتصميم على بناء قاعدة بنية تحتية لنهضة محمية بسلاح استراتيجي وجيوش مدربة كما هو في مصر والجزائر والسعودية.. وهذا كله يحدث الان كما لم يكن من قبل.. ولكن ينبغي الالتفات دوما الى الشعلة المقدسة في فلسطين والتي يمدها ابناء فلسطين بدمهم الطاهر في اشتباك مستمر مع الكيان الصهيوني حيث استطاعت طلائع الشعب الفلسطيني ان تخترق حوادز اليأس والضعف الرسميين الى فتح جبهات اشتباك مرهقة لاجهزة العدو وتحقق نقاط مهمة في سجل المواجهة فيما العدو المتغطرس المخدوع بقوة الماضي وعلاقات الحلفاء به يسير الى تفسخ وتنافر حقيقي وهو يتعرض اليوم لاشد انواع الصراع الداخلي الذي يهدده في كل شيء فلقد انشرخت الروح الصهيونية واصطف المجتمع في جبهتين متضادتين لا امكانية للتصالح بينهما. المدقق في واقع العرب والمسلمين اليوم يكتشف انهم ليسوا على ذلك السوء كما سبق على مدار القرنين السابقين.. انهم لم يموتوا ولم يتلاشوا.. انهم اكثر قوة وامنع حصنا واوعي بشروط الحياة واكثر لياقة للاقتصاد والاستثمار في ثوراتهم الذاتية وان يد الاستعمار تتراجع عن قراراتهم ووعيهم.. ونحن نعرف ان نهوض الامة من عثارها وتكسيرها قيودها المستحكمة لن يكون بقرار ولن يكون في عشية وضحاها ولكننا بمتابعة واقع الامة لاسيما منذ اتفاقية لوزان نرى انها تتعافى وان روح الوعي تسري فيها وان المواجهات السياسية والمقاومة تفرض واقعا جديدا اخذا في التطور وان اهل فلسطين مستمرون في تزويد الامة بشحنات من العزيمة والتفاؤل والوعي..

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية تستضيف مؤتمرا بعنوان "السلام والتنمية في الإطار العربي الأفريقي"

استضافت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اليوم الأحد، مؤتمر "السلام والتنمية في الإطار العربي الأفريقي" الذي نظمته "مؤسسة التضامن المصري والعربي" ومركز "شاف للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات والصراعات" بـ(الشرق الأوسط وإفريقيا).
وترأس المؤتمر السفير محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق، بمشاركة عدد من المندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية، وعدد من قيادات مراكز الفكر والدراسات.

وأكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن العلاقات العربية الإفريقية تعد من أولويات العمل العربي المشترك حيث عملت الجامعة العربية على تعزيزها من خلال وضع آليات تعاون مشتركة تجتمع بصفة دورية لتنسيق المواقف وتعزيز التعاون في مختلف المجالات بين الفضاءين العربي والإفريقي.

جاء ذلك في كلمة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والتي ألقاها المستشار خميس البوزيدي مدير إدارة منظمات المجتمع المدني بالجامعة العربية.

وقال البوزيدي إن عقد المؤتمر يأتي بعد أسبوع واحد من الاحتفال باليوم الدولي للسلام، والذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1981 من أجل الاحتفال بقيم السلام وتعزيزها بين جميع الأمم والشعوب، حيث تم تحديد يوم 21 سبتمبر تاريخاً للاحتفال بالمناسبة سنوياً عبر وقف إطلاق النار في العالم وتغليب الحوار عن الصراع والتعاون عن العنف ونشر ثقافة التسامح ومبادئ التعايش السلمي تحقيقا للأمن والسلم الدوليين.

وأبرز أن إعلان اليوم الدولي للسلام أكد أن السلام لا يعني غياب الصراعات فحسب، وإنما يتطلب أيضاً عملية تشاركية ديناميكية إيجابية يُشجع فيها الحوار وتحل النزاعات بروح التفاهم المتبادل والتعاون، ففي عالم يشهد فيه تصاعد وتيرة التوترات الجيوسياسية والصراعات طويلة الأمد، وجب احترام الحياة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز اللاعنف من خلال الحوار والتعاون، والالتزام بالتسوية السلمية للصراعات والتمسك بالحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والتضامن والتعاون والتعددية والتنوع الثقافي والحوار والتفاهم فيما إنسانية عليا تحكم العلاقات بين الأمم والشعوب.

ولفت إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي بمبادرة من القطاع المدني ويعكس حرصاً على تعزيز فرص الشراكة المسؤولة بين الحكومات العربية ومؤسسات المجتمع المدني لتعزيز القدرات والمشاركة الكاملة والمتكافئة والجادة في تحقيق السلام وحفظه.

وتابع أن التجارب أثبتت أن الأجهزة الرسمية لا تستطيع وحدها تحقيق كافة غايات خطط ومشاريع التنمية دون المشاركة الفعالة المنظمات المجتمع المدني التي يمكنها الإسهام بدور فاعل في المجهود التنموي نظراً لمرونة تدخلاتها وقدرتها على التحرك الميداني الناجع، فالشراكة المسؤولة بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص في السبيل الوحيد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أن المضي قدما في عملية بناء قدرات منظمات المجتمع المدني والارتقاء بكفاءة أدائها من شأنه تعزيز دورها المجتمعي والتنموي والاضطلاع بدورها كبيوت خبره لبحث أهم القضايا والمستجدات في المنطقة العربية.

وأشار إلى أن هناك ارتباطا وتداخلا بين الوطن العربي وافريقيا جغرافياً، وطفضلا عن ارتباط الشعوب العربية والأفريقية حضارياً وثقافياً وتجارياً على مدار التاريخ، والتضامن السياسي الافريقي العربي المتين، مما جعل من التعاون المؤسسي أمراً حتمياً من أجل صناعة مستقبل مشرق تستحقه الشعوب العربية والأفريقية.

وتابعت أن علاقات الجوار الممتدة على آلاف الكيلومترات دون عوائق طبيعية ساعدت على الاندماج والتلاقي العربي الأفريقي من العمل رغم ما يعوق ذلك من صعوبات نتيجة عدد من القضايا العالقة على تغليب الجانب العربي دائما لقيم حسن الجوار وتأمين أسباب تحقيق المصالح المشتركة في معالجة كافة القضايا المطروحة بين الجانبين.

ونوه البوزيدي إلى أنه وإيمانا من القادة العرب والأفارقة بضرورة مزيد الارتقاء بآليات التعاون بين الجانبين العربي والإفريقي بما يحقق شراكة إفريقية عربية تقوم على صيانة المصالح المشتركة وتعظم المنافع المتبادلة، تم عقد أربع قمم عربية إفريقية سنوات 1977 بالقاهرة وسنة 2010 بطرابلس و 2013 بالكويت وغينيا الاستوائية في 2016.

وأوضح أن ما يشهده العالم حالياً من تطورات خطيرة لا سيما في منطقة الشرق الأوسط نتيجة العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وجنوب لبنان ومواصلة ارتكاب القوة القائمة بالاحتلال لمجازرها بحق الأطفال والنساء والشيوخ وعدم استجابتها للدعوات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار والعدول عن سياسة الأرض المحروقة باستهداف المدنيين العزل بالآلة الحربية المدمرة دون مراعاة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وكافة الأعراف ومواثيق حقوق الانسان، يستدعي دعوة كافة القوى المدنية العربية إلى معاضدة الجهود الرسمية الرامية لفضح الرواية الإسرائيلية وتوثيق جرائم الاحتلال بما يحفظ الحقوق الفلسطينية التي لا تسقط بالتقادم.

واضاف أنه في هذا الإطار فقد أكد القادة العرب على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية لعام 2002 وأن الأمن والسلام في المنطقة يتحققان فقط باتخاذ خطوات لا رجعة فيها لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتنفيذ الحل السياسي القائم على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتأكيد على التمسك بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها وأولوياتها، باعتبارها الموقف العربي التوافقي الموحد وأساس أي جهود لإحياء السلام في الشرق الأوسط.

من جهته، قال السفير محمد العرابي في كلمته إن اختيار السلام والتنمية كعنوان كبير لمؤتمر اليوم يأتي مواكبا لما أكدت عليه قمة المستقبل التي عقدت على هامش أعمال الدورة التاسعة والسبعين من الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأكد العرابي أن البشرية في حاجة ماسة إلى نشر مفاهيم السلام والتنمية، في ظل النقص الشديد الذي تعانيه دول العالم في السلام وبالتالي النقص في التنمية.

وشدد على أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على ثلاثة أعمدة وهي السلام والاستقرار والتنمية، لافتا إلى أن إقليم الشرق الأوسط يعيش حالة مضطربة في ظل الأوضاع المؤسفة وحالة التصعيد الذي ينتهجه الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا.

ونوه إلى أن إسرائيل خرجت عن كل محددات السلام بالمنطقة، حيث يرفع الاحتلال سياسة قائمة على الاغتيالات والتدمير وحرق الأرض.

مقالات مشابهة

  • الأربعاء القادم.. انعقاد المؤتمر العربي الثامن لمديري إدارات الجنسية والأحوال المدنية
  • «المحامين العرب» يطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإيقاف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان
  • البرلمان العربي يشيد بمبادرة الملك سلمان بتقديم دعم مالي شهري للأشقاء في فلسطين
  • رحلات للجماهير لدعم الاتحاد السكندري ومتابعة مباريات البطولة العربية لكرة السلة
  • رئيس البرلمان العربي يشيد بمبادرة المملكة بتقديم دعم مالي شهري للأشقاء في فلسطين
  • البرلمان العربي يشيد بمبادرة خادم الحرمين الشريفين بتقديم الدعم للأشقاء في فلسطين
  • الجامعة العربية تستضيف مؤتمرا بعنوان "السلام والتنمية في الإطار العربي الأفريقي"
  • “الفكر العربي وتحديات الوضع الراهن”.. ندوة بمعرض الرياض للكتاب
  • بينهم سفير ليبيا.. السفراء العرب في تركيا يبحثون قضايا مواطنيهم وعلاقات بلدانهم مع تركيا
  • المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي