يقود الاحتلال الإسرائيل بدعم أمريكي وغربي لا محدود حرب إبادة جماعية غير مسبوقة ضد المدنيين في قطاع غزة بفلسطين المحتلة.

 ويظل التساؤل الأبرز هنا: لماذا الصمت المطبق للأنظمة العربية والإسلامية تجاه ما يحدث في قطاع غزة في حين تقدم أمريكا والدول الغربية الدعم اللامحدود للصهاينة في حربهم

فما الذي جعل هذه الأمة مكبلة؟

في خطاباته المتواصلة يشخص السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله-حالة البلدان العربية والإسلامية ووضعها المتخاذل تجاه ما يحصل من أحداث هذه الفترة، مؤكداً أن الغياب الكامل للقيم وتعاليم الإسلام وتوجيهات القرآن الكريم لدى معظم أبناء الأمة أحد هذه الأسباب، إضافة إلى الاستهداف الممنهج لأبناء الأمة من قبل الأعداء في مختلف نواحي الحياة مع انعدام الوعي بطبيعة الصراع مع الأعداء.

وفي السياق يقول الناشط الثقافي نبيل المهدي إن الجمود والتخاذل العربي الإسلامي الذي نشاهده اليوم تجاه غزة لم يسبق تقريباً أن مرت به الأمة، موضحاً أن أمريكا استطاعت أن تغرس أنظمة عربية وإسلامية ضعيفة وجبانة ومرتهنة إلى حد بعيد، واستطاعت أن توصل تلك الأنظمة إلى قناعة تامة أنه لا يمكن لأحد أن يغالب أمريكا ويقول لها لا، ومن قال لها لا فسيخسر، ولهذا أصبحوا يتحركون مع أمريكا بخوف كبير منها، وثقة عمياء بها، ورغبة في إرضائها بأي وسيلة ومهما طلبت من ثمن.

ويشير إلى أن أمريكا وإسرائيل قد فصلت تلك الزعامات عن الدين الإسلامي الذي يكسب المؤمن ثقة بالله وعزة وشجاعة وحركة، ويشحن قلبه بالعداوة لليهود والنصارى، ويكشف له طبيعة الصراع معهم، وطرق المواجهة وسبل الانتصار، وتم فصلهم كذلك عن عترة رسول الله من أعلام الهدى الذين يعرفون كيفية المواجهة مع أهل الكتاب التي تختلف عن مواجهة غيرهم.

أما بالنسبة للشعوب يقول الناشط المهدي فقد تم ضرب الأمة خلال المرحلة الماضية من خلال الانقسامات الحزبية والفئوية والمذهبية، والصراعات البينية التي أضعفت الأمة وعمقت الفرقة بينها حتى أصبح كل طرف منزوياً على نفسه، يرى أنه لا علاقة له بالآخرين من أبناء الأمة ولا حاجة له بمشاكلهم.

 ويتابع: ” كما تم ضرب العقلية العربية بثقافات وعقائد منها ما تجعل الإنسان العربي يرى أن دينه محصوراً على نفسه ولا علاقة له دينياً بالآخرين، وأن الدين هو علاقة بين الإنسان بربه ولا علاقة له بالحياة، وثقافات ترى الجهاد مشاكل والجبن حكمة والخضوع سياسة، وتم ترسيخ النظرة المادية باعتبار المصالح المادية أهم من كل شيء والحكيم من حافظ عليها”.

 موت الضمير

من جهته يقول الناشط الثقافي حسن خيران إن الأمة هذه الأيام تعيش حالة من موت الضمير، ومن موت الشعور، من موت البصيرة والبصر، وهي تشاهد هذه الجرائم الفظيعة وحرب الإبادة على اخواننا في غزة.

ويضيف أن هناك أسباب كثيرة منها الثقافات المغلوطة التي دجنتها الأمة؛ لأن تكون تحت أقدام اليهود والنصارى، وألغت الجهاد في سبيل الله، والذي ملأت آياته القرآن الكريم وجعلت الأمة من الجهاد شيئاً لا يمكن الوصول إليه.

ويرى الناشط خيران أن من الأشياء التي ضربت هذه الأمة هي الأمراض الحزبية والمذهبية والطائفية، مشيراً إلى أن الكثير من الناس يقول: “لن أقف مع حماس لأنهم إخوان، ولن أقف مع أنصار الله وحزب الله لأنهم شيعة، ولا يعلم أن تخاذله هذا يصب في خدمة اليهود”، مردفاً بأن هناك أسباب أخرى قد تكون عقائدية وفهم للواقع بصورة غير صحيحة فيما أن البعض يتخاذل بسبب التصور الخاطئ، و يقول: “غزة في قلوبنا ونحن معها ولكن بطريقتنا” ولا يريد أن يتحرك في مواقف لنصرة إخواننا في غزة  وهذا خطأ لأنه يريد أن يفرق هذه الأمة.

ويبين أن القرآن الكريم يريد أن يكون هناك موقف جماعي، مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى: [ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا]، وأن الله سبحانه يريد منا موقفاً واحداً، وأن نكون أمة واحدة نسير على الطريقة الواحدة.

ومن ضمن الأسباب في جمود وتخاذل أبناء الأمة يقول الثقافي خيران وجود بعض العلماء الذين يأتون بفتاوى تقعد الناس، وتجمد الناس، كما أن من أسباب تخاذل البعض بأن طبع الله على قلبه وخذله بسبب ذنوبه؛ لأن الذنوب خطيرة على الإنسان، حيث يقسو القلب وتجعل القلب لا يمكن أن ينفع فيه أي شيء، ولا يمكن أن يتأثر بهذه الجرائم والأحداث.

غياب نظرة القرآن

بدوره يرى الناشط الثقافي عبد الخالق براش أن الجمود والتخاذل الذي نراه من الأمة الإسلامية تجاه قضية فلسطين، وما يحدث لإخواننا في فلسطين يعود إلى غياب النظرة القرآنية عن اليهود وغياب الوعي بطبيعة الصراع مع الأعداء، والتي تحدث عنها القرآن الكريم في أوساط كثير من أبناء أمتنا العربية والإسلامية والذي تحدث عنه السيد القائد -يحفظه الله- في محاضراته بقوله: “إن هناك صراع له خلفياته وجذوره، ويجب أن نحمل الوعي الصحيح تجاه العدو وأن نعرف كيفية وطبيعة الصراع مع الأعداء”.

ويقول الناشط براش إن من أسباب التخاذل والجمود هو البعد الكبير عن القرآن الكريم الذي تحدث الله تعالى في الكثير من آياته عن اليهود والنصارى الأعداء للإسلام والمسلمين، وعدم الاهتداء بالقرآن الكريم وما يدعو إليه من اتخاذ مواقف قوية ومعرفة من نحن ومن هم، معتبراً هذا الشيء مهم معرفة من نحن ومن هو عدونا الحقيقي كعرب ومسلمين، وأنه عنوان مهم جداً جعله الشهيد القائد عنواناً لملزمة كاملة.

ويضيف أن الأمة العربية والإسلامية لم تنظر إلى اليهود نظرة واعية، نظرة قرآنية، بل فهمهم البعض كما قدمهم المغفلون الذين قدموا نظرة وهمية وخيالية عنهم، مشيراً إلى أن هناك اختراق يهودي حقيقي للأمة جعلها مكبلة وجمدها، بحيث ترى الأحداث والمآسي وتتفرج عليها وتسكت.

ويواصل: “ضمن ما جعل الأمة تتخاذل أمام الأحداث هو إغراقها بالنزاعات والصراعات والتقسيم والطائفية لإبعاد أبنائها عن قضيتهم الأساسية”، لافتاً إلى ما قاله السيد القائد -يحفظه الله- “أن الأعداء سعوا بكل ما يستطيعون لتوجيه الولاء في أوساط الأمة لليهود، وسعوا للسيطرة على القرار الرسمي حتى لا يتخذوا أي موقف تجاه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

استهداف شامل

أما الناشط الثقافي طلال الغادر فيرى أن ما نراه من جمود وتخاذل من الأمة الإسلامية هو نتيجة حتمية لما هي عليه من تدني في الوعي والبصيرة وعدم ارتباطها بالقران والأعلام، منوهاً إلى أن الأمة مخترقة من قبل اليهود، وأن ما يجب علينا هو عدم الغفلة عن طبيعة الصراع مع العدو.

ويعتبر الناشط الغادر أن الأمة تعد الضحية الأولى للعدو في معركته وعمله الدؤوب وذلك من خلال مسارات متعددة منها ما هو عبر المضللين من علماء الوهابية من جهة والذين رأيناهم ابتلعوا ألسنتهم اليوم، وكانوا بالأمس يحرضون تارة هنا وتارة هناك ضد أبناء الإسلام، فيما تمثلت المسارات الأخرى للاستهداف عبر الحرب الناعمة واستهداف الهوية الإيمانية للأمة.

ويرى أن التخاذل والجمود نتاج طبيعي لحرب ضد أبناء الأمة تدار خلف الكواليس بتلك المسارات وبشتى المجالات هدفها فصل الأمة عن  دينها، وأن ما نراه اليوم ما هو  إلا نتيجة وثمرة عمل دؤوب لعشرات السنين ، لافتاً إلى أن أول من كشف هذه المؤامرات والمخططات هو الشهيد القائد -رضوان الله عليه- حينما قيم وضعية الأمة واتجه بكل ما أوتي من قوة لبناء وتحصين الأمة بالهدى والبينات وفق الهداية الإلهية حتى لقي الله شهيداً وأكمل المشوار السيد القائد المولى أيده الله ، معتبراً أن ما نراه اليوم في يمن الإيمان هي ثمرة من ثمار  المشروع القرآني، وأن المعركة لا زالت مستمرة وتحتاج مواصلة الدرب من كل حامل قلم ومعتلي منبر.

أيمن قائد -المسيرة نت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة القرآن الکریم السید القائد أبناء الأمة الصراع مع لا یمکن

إقرأ أيضاً:

سماحة السيد كان أباً لهذه الأمة وتيتمت بفقده

 

 

الثورة / متابعات

لم يكن الشهيد السيد حسن نصر الله قائداً عادياً فحسب، بل كان أيضاً الأب الذي احتضن الأمة بكل حب، وتقول زينب نصر الله: “سماحة السيد كان أباً حقيقياً لهذه الأمة، وليس قائداً فقط، وتيتمت هذه الأمة بعد فقده”.
السيد والعائلة
وفي حوار أجرته قناة الميادين مع ابنة سيد شهداء الأمة باشرت كريمة السيد كلامها بالافتخار بأنّها ابنته، قائلةً: “فخر لي أن أكون ابنة سماحة السيد حسن نصر الله”.
وتشير زينب إلى أنّها لم تحظَ في طفولتها بالعيش كما سائر الناس: “حُرمت عيش حياة الابنة مع الوالد نظراً إلى وضعه”، مضيفةً أنّه “كان للوالدة الفضل الكبير في تربيتنا، وكانت متفقة على أسس التربية مع سماحته، نظراً إلى كثرة غيابه”.
وبشأن تربيته، “كان السيد صارماً في الخطوط الحمر، التي تربّينا عليها”، وفق ما قالته زينب، مشيرةً إلى أنّه “كان فعلاً نموذج الزوج المثالي، والذي يتخلّق بأخلاق أهل البيت، عليهم السلام”.
وأضافت أنّ “سماحة السيد كان إنساناً شفافاً جداً، وإنساناً عاطفياً وحنوناً، ولم يكن يفرض علينا شيئاً. دائماً نتّبع توجيهاته لأننا نقتنع بالكلام الذي يقوله”.
وبشأن شقيقها، الشهيد هادي، قالت إنّ “السيد لم يفرض موضوع الجهاد عليه”، مشيرةً إلى أنّ “شهادة هادي أعطتنا دافعاً أكبر وثقة أكبر بين الناس لمواساة عوائل الشهداء”.
وعلى صعيد اجتماعات العائلة، قالت زينب إنّ “الأحفاد كانوا ينتظرون شهر رمضان، لأنّه كان يخصص لنا في شهر رمضان إفطاراً لكل عائلة، حتى يعطينا حقّنا”، كاشفةً أنّ القيود الأمنية لم تكن في خلال حياته فقط، بل “حتى بعد شهادته، إذ حُرمنا زيارة ضريحه، حيث دُفن وديعةً، بسبب الوضع الأمني”.
وأتت السيدة زينب نصر الله على ذكر زوجها الشهيد حسن قصير، والذي استُشهدَ في أثناء قيامه بواجبه في الحرب، بحيث أشارت إلى أنّ “زوج مجاهد منذ نعومة أظفاره، ختم حياته بالشهادة، وكان دائماً في الخطوط الأمامية”.
وأضافت أنّه “شارك في اقتحام كثير من المواقع، التي جرى اقتحامها أو فتحها، ولاسيما العملية الشهيرة لاقتحام موقع بيت ياحون، عام 1999م”.
وبشأن علاقته بالسيد الشهيد، قالت زينب إنّ “زوجي كان محبّاً لسماحة السيد إلى درجة كبيرة جداً، لا لأنه والد زوجته، وإنما كونه قائداً يقتدي به، وكونه إنساناً لمس أخلاقه وصدقه وإيمانه”.
وذكرت كريمة السيد أنّ “ألم فراق السيد كبيراً جداً، ويمكن أن نلمس ألم الناس عليه، فكيف ألم فراقنا له كعائلة”؟
السيد والناس
وبشأن علاقته بالناس، استفاضت زينب في الحديث، نسبةً إلى ما كانت تراه في عينَي والدها، بحيث “كان ينظر إلى الناس على أنهم أولاده، ومسؤولون منه”.
ولفتت السيدة زينب نصر الله إلى أنّه “في آخر اتصال بيني وبينه، والذي كان قبل مناسبة عاشوراء، شدّد السيد على مسألة كيف نُعيد تقريب الناس إلى الله”، مضيفةً أنّه، إلى جانب سعيه لمعيشة أفضل للناس، اجتماعياً واقتصادياً، كان أيضاً “يحرص على إيمانهم”.
واستذكرت كريمته وصية أستاذه، الأمين العام الأسبق لحزب الله، الشهيد السيد عباس الموسوي، “سنخدمكم بأشفار عيوننا”، مشيرةً إلى أنّها “كانت تشغل بال سماحة السيد حسن، فهو كان لديه هاجس الاهتمام بأمور الناس عبر تأمين حوائجهم” ورعايتهم.
وأضافت أنّ “كلامه في المحاضرات كان دائماً يُوجّهه إلى الصغار والكبار، فخطاباته كانت لكل الفئات والثقافات والعقول”.
ورأت زينب نصر الله أنّ “سماحة السيد كان أباً حقيقياً لهذه الأمة، وليس قائداً فقط، وتيتمت هذه الأمة بعد فقده”، مستدلّةً على أنّ “تبادل الحب بين سماحة السيد والناس وصل إلى درجة أن فقدهم للسيد ربّما خفّف كثيراً وطأة فقدهم أولادهم وأزواجهم وأحباءَهم”.
تأثّره واستمرار المسيرة
في معرض حديثها عن الأعلام، الذين كان يتّبعهم سماحة السيد، قالت زينب إنّ والدها الشهيد “تأثر بشكل عميق بالسيد موسى الصدر، الذي كان بمنزلة القدوة له، في مختلف جوانب الحياة، وكان هذا التأثر مصدر إلهام للسيد، الذي أصبح نموذجاً عن القائد والمرشد، إيمانياً وإنسانياً واجتماعياً”.
ولم يترك السيد نصر الله العلم حتى قبل شهادته، بحيث “كان يتابع دروس البحث الخارجي عند سماحة السيّد القائد علي خامنئي، في الحوزة، وهي أعلى درجات الصفوف العلمية”.
وعبّرت كريمة السيد للميادين عن أسفها لعدم وجود سماحة السيد في أثناء فترة ما بعد وقف إطلاق النار، مشيرةً إلى “أننا شعرنا بأن هذا الانتصار كان يتيماً من دون سماحته، وحتى الناس شعروا بذلك، وما زالوا في انتظاره، ليخرج ويبشرهم ويهنئهم بالنصر”.
وبشأن مستقبل حزب الله، قالت زينب نصر الله إنّ “القيادة الجديدة في حزب الله هي استكمال لقيادة سماحة السيد”، مشيرةً إلى أنّ “الموجودين في القيادة الحالية هم إخوة سماحة السيد ورفاقه، الذين كانوا موجودين معه في القيادة السابقة، والذين نهضوا بالحزب، وأوصلوه إلى ما وصل إليه من عزة وكرامة”.
واختتمت زينب بدعوة “أشرف الناس وأحب الناس إلى قلب السيد”، إلى الإيمان بهذه القيادة، وأن يكونوا هم أيضاً داعمين لها، من أجل “حفظ دماء سماحة السيد”.

نصرالله في قلوب اليمنيين ..

زخم ورسائل وفاء تسبق مراسم تشييعه

/ جميل القشم

في لحظة مفصلية وفارقة من تاريخ الأمة، وفيما يستعّد أحرار العالم لتشييع سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، يفيض وجدان اليمنيين بمشاعر العرفان والوفاء لقائد صدح بالحق بلا هوادة، وظل سيفه مشرعًا في مواجهة الظلم والطغيان.
من مواقع التواصل إلى المنصات الإعلامية، تعج الساحة اليمنية برسائل التقدير والوفاء، في مشهد يعكس حجم الارتباط العاطفي والفكري الذي جمع بين اليمنيين وبين قائد لم يتوان يومًا عن مساندة قضاياهم والتعبير عن موقفه الصلب تجاه عدوان وحصار التحالف الأمريكي، السعودي والإماراتي على اليمن.
لم يكن السيد نصرالله مجرد زعيم سياسي في نظر اليمنيين فحسب، وإنما كان رمزًا لمقاومة لا تعرف الخنوع، وصوتًا للمظلومين في زمن اشتد فيه الجور، طوال السنوات الماضية، اسمه حضر في وجدان اليمنيين، إذ خاطبهم في خطاباته، واستنهض فيهم العزيمة، وأثبت أن المقاومة ليست مجرد فكرة، بل عقيدة تمارس على الأرض.
ومع شيوع نبأ موعد تشييعه، تدافعت الكلمات على الألسنة والأنامل، لترسم لوحة من الحزن العميق، لكنها في الوقت ذاته تبقى لوحة زاخرة بالفخر والإجلال لشخصية سكنت القلوب قبل أن تسكن ذاكرة التاريخ.
كتب الناشطون عبارات تمزج بين الرثاء والوفاء، تصف السيد نصرالله بأنه “القائد الذي لم يساوم والصوت الذي لم يخفت يوما أمام الاستكبار”، فيما عبر آخرون عن خسارتهم لرجل لم يكن لبنانيًا فقط، بل كان عربيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقائدًا تاريخيًا، حمل هم المستضعفين في كل بقاع الأرض.
وصفه البعض بقامة سامقة في ميادين العزة، وصوت صادح بالحق يوم أُسدل ستار الخذلان، وحين اجتمعت سيوف الغدر على اليمن، كان هو الرمح الذي لم ينكسر، والموقف الذي لم ينحنِ، بقي نبراسًا للأوفياء، ورمزًا خالدًا في سفر المواقف العظيمة.
لم تكن كلمات الرثاء مجرد عبارات بروتوكولية، بل خرجت من قلوب أناس رأوا فيه نصيرًا لهم، رجلًا لم يكن صامتًا حين تخلى العالم عنهم، تداولوا خطاباته، واستعادوا مقولاته التي نقشت في ذاكرتهم، وأعادوا نشر صوره التي باتت رمزية للموقف والمبدأ.
رأى كثيرون أن السيد نصرالله لم يكن مجرد شخصية سياسية، وإنما كان مشروعًا متكاملًا من المقاومة والكرامة، عاش مدافعًا عن وطنه وعن الأمة، ومات شامخًا كما عاش، وكان أيقونة للصمود والإرادة، ورمزًا لموقف لا يلين أمام الظلم والاستبداد، ما جعله حاضرًا بقوة في وجدان اليمنيين الذين رأوا فيه حليفًا لقضيتهم وناطقًا باسم المظلومين في كل مكان.
تحولت وسائل ومنصات الإعلام إلى طوفان من الرسائل، ليس للتأبين والحزن بل لشحذ الهمم، ومناسبة لترسيخ القيم التي عاش لأجلها السيد نصرالله، وكأن الأثر الذي تركه لا يزول، بل يمتد ليلهب الحناجر ويملأ القلوب بالثبات، كيف لا؟ وهو القائد الذي نطق بالحق حين صمت الجميع، وفي أشد لحظاته، حين خذله القريب قبل البعيد.
ومع حلول موعد مراسم تشييعه، تتدفق رسائل العرفان والوفاء للسيد حسن نصرالله، بتدوينات تعكس حجم التأثر برحيل رجل لم يعرف التراجع، رجل كان صوته كالسيف، وحديثه يقينًا في زمن التردد، صوت الحق الذي دوى حين خفتت الأصوات، وراية العز التي خفقت يوم سقطت المواقف.
من كلمات الرثاء إلى مقاطع الفيديو والصور، ومن الأبيات الشعرية للخطابات المليئة بالعرفان، بدى اليمنيون كأنهم في حالة إجماع على تكريم رجل منحهم الإلهام وأمدهم بالعزم، كان السند الذي لم يتخل، والموقف الذي لم يساوم في زمن الخذلان.
دلالات استمرار الزخم الإعلامي ليس لاستذكار شخصية رحلت، بل بمثابة تجديد للعهد مع مبادئ المقاومة والوفاء لمن وقف إلى جانب الشعوب في أصعب اللحظات، فحين تكسّرت المواقف على صخرة المساومات، بقي نصرالله جبلًا لا تهزه الرياح، فارس المبدأ، وصرخة الأحرار، ونبض القضية الذي لا يخفت.
نخب واسعة من إعلاميين وسياسيين وأكاديميين، عبروا بمشاعر مفعمة بالعزة والإيمان عن مواقف سيد شهداء المقاومة الذي تفرد بثباته يوم تهاوت المواقف، واعتلى صهوة الحق حين ارتمى غيره في وحل الخنوع، فكان مثالًا للقائد الملهم، والمجاهد الاستثنائي على طريق القدس، وسيفًا مسلولا يشق غياهب الخذلان.
وفي خضم المشاعر العميقة، كان واضحًا أن اليمنيين لم يكتبوا فقط عن قائد فقدوه، بل عن رمز تتردد أصداؤه في أروقة التاريخ، ورثوا منه دروس العزة والكرامة، لأن العظماء وإن رحلوا، تخلّد مآثرهم في سفوح المجد، وسيرتهم تتحول إلى شعلة تنير درب الأحرار في كل زمان ومكان.
التفاعل الواسع، يمثل شهادة حيّة على العلاقة العميقة التي ربطت القائد نصر الله بشعب رأى فيه أنموذجًا للصمود والإباء، وكما خلّد التاريخ أسماء العظماء الذين دافعوا عن قضايا الأمة بصدق، يكتب اليمنيون اليوم بمداد الوفاء اسمه الذي سيظل محفورًا في قلوبهم، وحاضرًا في وجدانهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

مقالات مشابهة

  • أجمل دعاء في الصباح.. اللهم إني احتسبت يومي هذا لوجهك الكريم
  • الموقف العربي فيما وراء خطة ترامب تجاه قطاع غزة
  • علماء الأمة: نرفض التهجير وتصفية القضية الفلسطينية..وندعم الموقف العربي والإسلامي
  • المفتي يحذر من تداول نسختين من القرآن الكريم
  • الأمة تُوِّدع شهيد الإنسانية
  • ما الواجب المباشر تجاه الفكر الحر في ظل استمرار السردية التكفيرية؟ «5- 13»
  • تخرج الدفعة الرابعة من مدارس البدر للقرآن الكريم والعلوم الشرعية بصنعاء
  • علي جمعة: الإنسان مع كثرة العبادة يحدث له أنس بالله
  • سماحة السيد كان أباً لهذه الأمة وتيتمت بفقده
  • المفتي: القرآن الكريم شدد على ضرورة الإحسان إلى الوالدين