مصر تودع 3 أزمات اقتصادية كبرى بقرار تعويم الجنيه.. إحدها أرهقت المواطنين
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
وضع البنك المركزي المصري حدا للتداعيات الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد بسبب نقص السيولة الدولارية، والتراجع الكبير في المنافسة بين العملة المحلية "الجنيه المصري" والعملة الأجنبية "الدولار" خاصة في السوق الموازية "وصل سعر الأخير إلى 71 جنيها ببعض المناطق وبحسب الطلب؛ ما ترتب عليه أضرار هائلة على الأوضاع الاقتصادية"، وذلك بتحرير سعر الصرف.
واتخذت لجنة السياسات النقدية داخل البنك المركزي، خلال "اجتماع طارئ لها"، عدة قرارات؛ شملت رفع قيمة الفائدة على القروض والمدخرات بنسبة 6 %، ورفع القيود عن استخدام البطاقات الائتمانية بالعملة الأجنبية، بالإضافة إلى تحريك سعر صرف الجنيه.
وأصدرت لجنة السياسة النقدية بيانا، أكدت فيه "رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%".
فيما أشادت الحكومة بالقرارات التي اتخذها البنك المركزي الأربعاء بشأن رفع أسعار الفائدة و"تحرير" سعر صرف الجنيه، معتبرة أنها تساهم في كبح التضخم والقضاء على تراكم الطلب على الدولار.
بعد تحرير سعر الصرف.. الوزراء ينشر أسعار الدولار والذهب .. تفاصيل انتظار وحذر.. ماذا سيحدث لسوق الذهب بعد قرار البنك المركزي؟ | تعرف على الأسعار الحالية بعد قرار البنك المركزي.. تحرك جديد في أسعار الذهب اليوم| «بقى بكام؟» محافظ المركزي: رفع الفائدة يستهدف احتواء التضخم والحفاظ على قيمة الجنيهواعتبر رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، أن القرارات التي اتخذها البنك المركزي، ستساهم في كبح التضخم والقضاء على تراكم الطلب على الدولار، مشددا على "استمرار التنسيق" بين الحكومة والبنك المركزي خلال الأيام المقبلة "لمراقبة الأسواق عن كثب ومعرفة تأثير هذه القرارات فيها".
وأكد الدكتور مدبولي، أن الحكومة "مستمرة في سياسات ترشيد الإنفاق الحكومي خلال هذه المرحلة؛ بما يسهم في تخطي التحديات الاقتصادية التي تتسم بها هذه الفترة".
وقال: "هدفنا في هذه المرحلة العمل والتنسيق مع البنك المركزي من أجل خفض معدلات التضخم، وضبط الدين والانتقال به إلى مسار نزولي، مع الاستمرار في إجراءات برنامج الإصلاحات الهيكلية الذي يركز على دفع قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات، مع استمرار السياسات الداعمة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري".
وتباطأ معدل التضخم في مصر إلى 29.8 % على أساس سنوي في يناير من 33.7 % في ديسمبر، وسجل أعلى مستوى تاريخي عند 38 % في سبتمبر، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
وواجهت مصر مؤخرا أزمة حادة في توافر العملات الأجنبية، خاصة الدولار، فيما جاء النقص الحاد مدفوعا بتراجع عائدات السياحة، وتراجع تحويلات المصريين بالخارج بنحو الثلث خلال العام المالي 2022 /2023 مقارنة بالعام السابق.
كما تراجعت عوائد قناة السويس بعض الشيء هذا العام، بسبب أزمة الملاحة في البحر الأحمر التي نتجت عن هجمات الحوثيين على بعض السفن دعما للأشقاء في غزة ورفضا للعدوان الإسرائيلي الأمريكي عليهم.
في الوقت نفسه، كانت تستعد مصر لسداد أكبر قدر من فوائد وأقساط الديون في تاريخها هذا العام، والذي قدره البنك المركزي بـ 42.3 مليار دولار، فيما سجل معدل الديون الخارجية نحو 165 مليار دولار بداية العام الحالي.
قرض صندوق النقدلذا سعت مصر للحصول على دفعات متأخرة من القرض الذي اتفقت عليه في نهاية عام 2022 مع صندوق النقد الدولي، بالإضافة لتوسيع القرض، لكن صندوق النقد كان يصر على "سعر صرف مرن للجنيه المصري" وهو ما كان.
من جانبه اتفق صندوق النقد الدولي، الأربعاء، على زيادة قيمة قرض مصر إلى 8 مليارات دولار، من ثلاثة مليارات دولار، كان قد تم الاتفاق عليها في ديسمبر 2022.
وبحسب مؤتمر صحفي للحكومة، وممثلي صندوق النقد الدولي، فقد تم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء فيما يتعلق بالمراجعة الأولى والثانية للبرنامج المصري.
وقال رئيس الوزراء، إن التوقيع على الاتفاق مع صندوق النقد، سيسمح للحكومة بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار.
وأضاف أن "توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يسمح أيضا لباقي شركاء التنمية وعلى رأسهم البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، لتوفير قروض ميسرة للدولة المصرية بحيث يكون برنامج متكامل بأرقام كبيرة يُمكن مصر من الاستقرار النقدي والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية".
متحدث الحكومة يعلن عن موعد صرف شرائح قرض صندوق النقد.. فيديو 20 مليار دولار|صندوق النقد الدولي يتفق مع مصر.. نهاية السوق الموازية وبداية اقتصاد مشرق.. تفاصيلوشدد الدكتور مدبولي، على أن الحكومة تستهدف ألا يتجاوز سقف الاستثمارات العامة تريليون جنيه مصري (20.2 مليار دولار) في السنة المالية 2024- 2025.
فيما قال وزير المالية محمد معيط، إن مصر تستهدف تحقيق فائض أولي 3.5 بالمئة في السنة المالية المقبل، وخفض الدين إلى أقل من 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتم الإعلان عن الاتفاق بعد خفض قيمة الجنيه إلى مستوى غير مسبوق عند 50 جنيها للدولار، من نحو 30.85 جنيه، إذ إن تبني سعر صرف أكثر مرونة مطلب رئيسي في برنامج دعم صندوق النقد الدولي.
من جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور كريم عادل، إن قرارات لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي تأتي تأسيساً على نتائج الرصد والتحليل والمتابعة والتقييم للمتغيرات الداخلية والخارجية، وفي ظل العديد من التحديات والأزمات الداخلية وعلى رأسها أزمة نقص الموارد الدولارية وما يتبعها من تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك العالمية التي تواجه الأسواق الناشئة.
تعويم الجنيه المصريوأكد عادل في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن قرار البنك المركزي بالسماح بتحديد سعر الصرف جاء وفقاً لآليات العرض والطلب، والذي يأتي متسقاً مع متطلبات المرحلة الحالية ومطالبات المؤسسات المالية العالمية، لا سيما وأن تحرير سعر الصرف كان مطلبا أساسيا لصندوق النقد الدولي لصرف دفعات القرض المتأخرة وكذلك زيادة قيمة القرض للدولة المصرية إلى عشرة مليار دولار، وهذا ما أكدته وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في تقريرها الأخير الصادر منذ أيام من أن "تحرير سعر الصرف يحفز صندوق النقد ليوافق على برنامج دعم مُعزز لمصر".
وشدد الخبير الاقتصادي يأتي قرار رفع سعر الفائدة بمعدل 6 %، للمرة الأولى في تاريخ البنك المركزي المصري، تطبيقاً لسياسة التقييد النقدي ومحاولة سحب السيولة النقدية من السوق، بهدف كبح جماح التضخم والقضاء على عمليات الدولرة ، باعتبارهما أثر مباشر لتحرير سعر الصرف.
ولفت: لكن يظل استقرار الأسعار بالسوق والمتوقع زيادتها خلال المرحلة المقبلة كنتاج طبيعي لعملية تحرير سعر الصرف، وكذلك توقف السوق الموازي والحد من عمليات الدولرة مرهون بالعديد من الأمور يأتي على رأسها تدبير النقد الأجنبي للمستوردين والأفراد بصورة مستدامة، وتشديد الرقابة على الأسواق، لا سيما وأن رفع سعر الفائدة يولد حالة من التراجع عن الدخول في مشروعات أو استثمارات جديدة والتوجه نحو الحصول على عائد من البنوك، إضافةً إلى تسببه في زيادة معدل التضخم بصورة غير مباشرة نظراً لوجود عائد يولد طلبا جديدا أو زائدا على السلع بالأسواق.
وشدد: كما يحتاج قرار رفع سعر الفائدة إلى مراجعة دورية، لا سيما وأن رفع الفائدة أمر ليس بجيد على مستوى الاستثمار نظراً لارتفاع تكلفة الإقراض آنذاك.
وأكد يأتي حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي، لوجود اتفاق مسبق بذلك خاصةً وأن تحرير سعر الصرف كان أحد شروط الصندوق للحصول على زيادة قيمة القرض وصرف الدفعات المتأخرة، لا سيما وأن الالتزام بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي يعزز من فرص استمرار التعاون والحصول على تمويل آخر وكذلك نظرة مؤسسات التمويل والتصنيف الائتماني العالمية للدولة والاقتصاد المصري.
فيما قال محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، الأربعاء، إن البنك المركزي لم يعد يستهدف سعر صرف معينا، وإنما معدل تضخم معين.
وأضاف في مؤتمر صحفي، بمقر البنك المركزي، أن البنك يترك سعر الصرف لكي تحدده آليات السوق لكن لديه القدرة على التدخل بناء على قواعد السوق، إذ أن البنوك المركزية في أي دولة لديها الحق في التدخل إذا كانت هناك تحركات غير منطقية.
وأشار إلى أن الإجراءات التي جرى الإعلان عنها تعتبر "بداية المسار الصحيح نحو دولة متوازنة وقوية اقتصاديا"، مؤكدا أن البنك المركزي يستهدف خفض معدل التضخم إلى "رقم أحادي" على المدى المتوسط، مضيفا أن "التضخم من أشرس الأمراض التي تصيب أي اقتصاد".
كما أشار إلى مخاطر وجود سعرين للصرف في السوق والتداعيات السلبية للسوق الموازية وآثارها على تضخم الأسعار، قائلا إن "وجود سعري صرف في أي اقتصاد هو مرض لا تستقر معه الأمور".
ولفت محافظ المركزي، إلى إن إمكانيات البنك كانت تكفي فقط لتدبير الدولار للسلع الأساسية والاستراتيجية، لكنه اليوم "بات لدينا ما يكفي لسداد التزاماتنا ويفيض، خاصة مع توحيد سعر الصرف".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البنك المركزي البنك المركزي المصري الدولار الجنيه المصري قرض صندوق النقد تعويم الجنيه تعويم الجنيه المصري صندوق النقد الدولی تحریر سعر الصرف مع صندوق النقد البنک المرکزی ملیار دولار سعر صرف رفع سعر
إقرأ أيضاً:
مديرة صندوق النقد: أطالب صناع السياسات بإجراء إصلاحات طموحة وتنشيط خلق فرص العمل
قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إن التكامل الاقتصادي والعمل متعدد الأطراف سيظلان ضروريين لرفع النمو وحل المشاكل العالمية، مؤكدة أن الصندوق على أهبة الاستعداد كشريك متاح دائما للمساعدة من خلال التحليل الاقتصادي المحايد، والمشورة السياسية المصممة خصيصا، والدعم المالي للأعضاء المتضررين من الصدمات.
ونقل بيان صادر عن صندوق النقد الدولي عن جورجيفا قولها، أثناء مشاركتها في اجتماع قادة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في عاصمة بيرو ليما، إن معدلات التضخم تتراجع في الولايات المتحدة، وفي أوروبا، وحتى في آسيا، وعلى عكس ارتفاعات التضخم السابقة، فقد تم ذلك دون انزلاق الاقتصاد إلى الركود.
وأضافت أن الجمع بين إجراءات السياسة النقدية الحاسمة، وتخفيف القيود المفروضة على سلسلة التوريد، واعتدال أسعار الغذاء والطاقة، يتجه مرة أخرى نحو استقرار الأسعار في حين يظل النمو في منطقة إيجابية تمامًا، مع التوقعات بأن يصل إلى 3.2 بالمئة العام الحالي والعام المقبل، مع نمو منطقة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ فوق المتوسط العالمي العام الجاري.
وأضافت أنه في حين ينمو الاقتصاد العالمي، فإن الوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقود التي سبقت جائحة كوفيد بنحو نقطة مئوية واحدة حيث كانت 3.8 بالمئة آنذاك مقابل حوالي 3 بالمئة الآن على المدى المتوسط، إلا أن ذلك يقترن بإرث من الديون العامة المرتفعة التي تصل عالميًا إلى 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضحت أن ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة خدمة الدين وتضرر الإيرادات بسبب النمو المنخفض ، يؤثر على ميزانيات الحكومات عند قياسه مقابل المطالبات الهائلة بالإنفاق العام على التعليم والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية، خاصة في المجتمعات المتقدمة في السن.
كما أشارت إلى أن التجارة في عالم أكثر انقساما لم تعد المحرك القوي للنمو كما كانت في الماضي، بجانب حدوث تراجع عن التكامل الاقتصادي العالمي مدفوعا بمخاوف الأمن القومي، منوهة بأن صناع السياسات عليهم متابعة هدفين في وقت واحد وهما ضبط الأوضاع المالية وإجراء إصلاحات طموحة لرفع إمكانات النمو وتنشيط خلق فرص العمل، مع التركيز على تعبئة رأس المال الخاص، وتحسين الإنتاجية، وفي بعض الحالات، بناء مؤسسات وحوكمة أقوى.