فورين بوليسي: صراع أمهرة في إثيوبيا قد يشعل حربا أهلية
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
قالت مجلة فورين بوليسي إن محاولة الحكومة الإثيوبية لتوليد شعور بالحيوية في العاصمة أديس أبابا، يخفي دوامة الاضطراب المتوسعة والمأساة الإنسانية في البلاد، حيث تهدد المظالم المتزايدة والاشتباكات المتصاعدة في المنطقة بإحداث كارثة إنسانية أخرى.
وأشارت المجلة الأميركية -في مقال مشترك بين آدم كاسي أبيبي، نائب رئيس الشبكة الأفريقية للمحامين الدستوريين وزيلالم موجيس، المحامي الدولي الإثيوبي المهتم بقضايا حقوق الإنسان في أفريقيا- إلى أن أفرادا من القوات الإثيوبية قتلوا العشرات من المدنيين بأسلوب الإعدام في بلدة ميراوي الصغيرة في إقليم أمهرة، حسب مجموعات حقوق الإنسان الوطنية والدولية وتقارير وسائل الإعلام.
ورغم أن الحكومة تنفي استهداف المدنيين، أشارت التقارير إلى أن عمليات القتل كانت بدافع الانتقام، بعد مواجهة دامية مع ما يسمى بمقاتلي "فانو"، وهم مقاتلو أمهرة الذين يقاتلون القوات الحكومية منذ أغسطس/آب 2023.
وتمثل جماعة الفانو -كما تقول الصحيفة- مظهرا مسلحا لمظالم طويلة الأمد لدى شعب أمهرة، تمتد جذورها إلى التهميش المنهجي المستمر منذ عقود، وإلى عمليات القتل الجماعي والتهجير في أجزاء مختلفة من البلاد، وهي حركة لا مركزية، تعلن كمليشيات حماية مصالح أمهرة من خلال العمل على تغيير ما تعتبره نظاما اجتماعيا سياسيا مناهضا لها، وقد قاتلت إلى جانب القوات الحكومية، وواجه عناصرها اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان خلال حرب تيغراي (2020-2022).
انعدام الثقة
يعيش سكان أمهرة مع حالة من اللاحرب واللاسلم، حيث تم الإبلاغ عن ظروف شبيهة بالمجاعة ووفيات ناجمة عن الجوع، ومواجهات مسلحة، وعمليات اختطاف، في منطقة أوروميا، كما كانت الحال في تيغراي، وذلك في وقت يشهد فيه الاقتصاد الإثيوبي حالة من المخاطر.
وقد أثارت مجزرة ميراوي الأكثر بشاعة حتى الآن، وإن لم تكن الأولى، إدانات محلية ودولية ودعوات لإجراء تحقيق شفاف من قبل اللجنة الوطنية الإثيوبية لحقوق الإنسان والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ورغم تعثر بعض الجهود لإنهاء الحرب سلميا في أوروميا، وتصريحات الحكومة بشأن المفاوضات المحتملة في أمهرة، يواصل القادة السياسيون والعسكريون استخدام لغة القوة ويتبعون أساليب عسكرية، بل إن الحكومة مددت في الثاني من فبراير/شباط حالة الطوارئ التي منحت القوات الحكومية تفويضا مطلقا للمشاركة في الاعتقال خارج نطاق القضاء.
واندلعت المواجهة بين مقاتلي فانو والجيش الإثيوبي بسبب تحرك حكومي سري لتسريح قوات أمهرة الخاصة، كجزء من مبادرة أوسع لحل جميع القوات الخاصة الإقليمية في جميع أنحاء البلاد، لأن الحكومة تعتبرها غير دستورية.
وفي حين دعمت نخب أمهرة تاريخيا حل القوات الخاصة الإقليمية، فإن المفاجأة وانعدام الشفافية في عملية صنع القرار تزامنت مع زيادة عدم ثقة الإقليم في الحكومة الفدرالية بسبب القتل والتهجير المستمرين للسكان الذين يعيشون خارج منطقتهم الأصلية، لا سيما في أوروميا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
كيف تطوّرت احتجاجات سوريا إلى حرب أهلية مدمرة؟
تطورت الحرب الأهلية السورية، التي بدأت في عام 2011 أثناء ما يسمى بالربيع العربي، إلى واحدة من أكثر الصراعات تدميراً وتعقيداً في العصر الحديث، وقد تصاعد الصراع بسرعة، متجذراً في عقود من الحكم الاستبدادي والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والانقسامات الطائفية، وجذب القوى الإقليمية والعالمية.
أصبحت سوريا ساحة معركة للمصالح الجيوسياسية المتنافسة
مستقبل البلاد ما يزال في مهب الريح
وبحلول عام 2024، أطيح بنظام بشار الأسد، لكن سوريا ما تزال مقسمة ومنهوبة وغير مستقرة.
وفي هذا الإطار، تناول الباحث زاكاري لوب، في تقرير مطول بموقع "مجلس العلاقات الخارجية" البحثي الأمريكي، ساهم في إعداده الباحثان ليندسي مايزلاند، وكالي روبنسون، وجوناثان ماسترز، أسباب وديناميكيات وعواقب حرب خلَّفت ملايين القتلى والنازحين وأعادت تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
البداية من درعافي مارس (آذار) 2011، اندلعت الاحتجاجات في مدينة درعا بعد اعتقال وتعذيب تلاميذ المدارس الذين كتبوا شعارات مناهضة للنظام.
وأشعلت الاستجابة القاسية من جانب النظام، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية وإطلاق النار الحي على المتظاهرين، احتجاجات على مستوى البلاد.
المطالب الأولية ورد فعل النظامفي البداية طالب المتظاهرون بإصلاحات متواضعة، مثل رفع حالة الطوارئ والإفراج عن السجناء السياسيين.
ومع ذلك، رد نظام الأسد بوحشية، ونشر الجيش لقمع المعارضة.
وقد أدت أحداث مثل حصار درعا، حيث انقطعت الإمدادات الأساسية عن السكان لمدة 11 يوماً، إلى تأجيج الغضب والمقاومة. ولم تفعل الإدانة الدولية الكثير لردع الأسد، الذي اعتمد على استراتيجية القوة الساحقة لسحق المعارضة.
????Look towards the light.
As Rebel forces in Syria advanced across Syria & never stopped a key question was why the Regime evaporated. Syria by night provides some clues on how the Regime's social contract collapsed.
Read my analysis here https://t.co/P4EtqG7Bum
& read on pic.twitter.com/ykSqvXIRki
ومع تكثيف حملات القمع العنيفة التي يشنها النظام، حملت بعض جماعات المعارضة السلاح.
وأصبح الجيش السوري الحر، الذي تشكل من المنشقين، القوة المعارضة الرئيسة.
ومع ذلك، فإن افتقار الجيش السوري الحر إلى القيادة المركزية والموارد أعاق فعاليته، وبدأت اللجان التنسيقية المحلية، التي أنشئت في البداية لتنظيم الاحتجاجات، في تولي أدوار الحكم في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مما أدى إلى مزيد من تفتيت الحركة المناهضة للأسد.
دور الجماعات الإسلامويةبحلول عام 2012، اكتسبت الجماعات المتطرفة مثل جبهة النصرة (فرع القاعدة السوري) وتنظيم (داعش) مكانة بارزة، حيث استغلت هذه الجماعات الفوضى، وجذبت المقاتلين الأجانب والتمويل في حين تفوقت على قوات المعارضة العلمانية في تحقيق النجاح في ساحة المعركة.
وقد سهّل نظام الأسد هذا الصعود بإطلاق سراح مئات المتشددين المتطرفين من السجن في محاولة محسوبة لنزع الشرعية عن التمرد وتقديم نفسه كحصن ضد الإرهاب.
تدويل الصراع وتدخل القوى الأجنبيةوسرعان ما تحولت الحرب الأهلية في سوريا إلى صراع بالوكالة، حيث دعمت القوى الإقليمية والعالمية أطرافاً مختلفة.
وقدمت إيران، الحليف الرئيس للأسد، مساعدات مالية ومستشارين عسكريين وميليشيات شيعية لدعم النظام.
واستخدمت روسيا، التي استشهدت بتدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا عام 2011 كقصة تحذيرية، حق النقض ضد تدابير الأمم المتحدة ضد الأسد وتدخلت بشكل مباشر في عام 2015 بضربات جوية ودعم عسكري.
على جانب المعارضة، قدمت الولايات المتحدة وتركيا التمويل والأسلحة للجماعات المتمردة، ومع ذلك، كان هذا الدعم غير متسق ومجزأ في كثير من الأحيان، حيث تنافست الفصائل المتنافسة على الهيمنة. وأدى الافتقار إلى استراتيجية موحدة بإطالة أمد الصراع بين معارضي الأسد.
التنافسات الجيوسياسيةأصبحت سوريا ساحة معركة للمصالح الجيوسياسية المتنافسة، حيث سعت إيران إلى تأمين ممر بري إلى حزب الله في لبنان، في حين أرادت تركيا منع الحكم الذاتي الكردي بالقرب من حدودها. استخدمت روسيا الصراع لتأكيد نفوذها في الشرق الأوسط، وركزت الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب والحد من التوسع الإيراني. وأدت هذه المنافسات إلى تعميق الحرب وتعقيد الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي.
من الأسد إلى الجولاني.. إرث ثقيل وأزمات تعصف بالمشهد السوري - موقع 24قال الكاتب والباحث السياسي راجان مينون إن انهيار نظام الأسد يمثل لحظة محورية في التاريخ السوري، فبعد حكم دام أكثر من 5 عقود، تفككت أسرة الأسد في غضون 10 أيام، وانتهى البعث، وبرز اسم أبومحمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، كزعيم فعلي جديد لسوريا.
تميزت الحرب السورية بتأثيرها المدمر على المدنيين. استهدف كل من نظام الأسد والقوات المتمردة السكان المدنيين، من خلال تكتيكات مثل الحصار والقصف الجوي والأسلحة الكيميائية.
وفي عام 2013، أسفر هجوم كيميائي لقوات بشار الأسد عن مقتل أكثر من 1400 شخص، مما أثار غضباً دولياً وجهوداً محدودة لتفكيك الترسانة الكيميائية السورية. ومع ذلك، استمرت الأسلحة التقليدية في التسبب في خسائر بشرية هائلة.
النزوح وأزمة اللاجئيننزح أكثر من 14 مليون سوري، ويمثل هذا الرقم أكثر من نصف عدد السكان قبل الحرب. وفر ما يقرب من 7 ملايين إلى دول مجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن، مما أدى إلى إجهاد مواردهم.
وسعى مليون آخر إلى اللجوء في أوروبا، مما أدى إلى تأجيج الأزمات السياسية وصعود الحركات اليمينية المتطرفة. وغالباً ما يعيش النازحون داخلياً في ظروف مزرية، مع وصول محدود إلى الغذاء والرعاية الصحية والخدمات الأساسية.
⚡ NOW: Syria Spirals into Chaos
Syria is collapsing into lawlessness, with armed looters raiding weapon stockpiles and militias seizing control. Violence is rampant, basic necessities are nonexistent, and despair is everywhere. Smuggled weapons are flooding into Lebanon,… pic.twitter.com/UquLJaqUJ8
برزت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد كلاعب رئيس في الحرب ضد "داعش". وبدعم من الولايات المتحدة، قامت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصاراً "قسد" بطرد تنظيم (داعش) من مناطق رئيسة، بما في ذلك الرقة وكوباني.
ومع ذلك، أثارت مساعي الأكراد نحو الحكم الذاتي في شمال سوريا قلق تركيا، التي تنظر إلى قوات سوريا الديمقراطية بوصفها امتداداً لحزب العمال الكردستاني، وهي جماعة إرهابية مصنفة.
وشنت تركيا عدة عمليات عسكرية لمنع المكاسب الإقليمية الكردية وإنشاء منطقة عازلة على طول حدودها.
أدت هذه العمليات إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين وزادت من تعقيد التحالفات، حيث سعت الولايات المتحدة إلى موازنة دعمها للأكراد بعلاقتها بتركيا، حليفة الناتو.
نقاط التحول في الحرب: سقوط حلب
في عام 2016، استعادت قوات الأسد، بدعم من الغارات الجوية الروسية والميليشيات الإيرانية، شرق حلب بعد حصار طويل. كان سقوط المدينة بمنزلة نقطة تحول في الحرب، حيث أظهر اعتماد النظام على الحلفاء الأجانب واستعداده لاستخدام تكتيكات الأرض المحروقة. أدى الانتصار إلى تحول الزخم لصالح الأسد، وعزل القوات المتمردة في شمال سوريا.
بحلول عام 2019، خسر (داعش) معظم أراضيه بسبب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والهجمات الكردية. ومع ذلك، استمرت بقايا التنظيم في تنفيذ الهجمات، وتم احتجاز عشرات الآلاف من المشتبه في انتمائهم إلى (داعش) في معسكرات مكتظة، مما خلق مخاوف أمنية طويلة الأجل.
انهيار نظام الأسد
وفي أواخر عام 2024، استولى هجوم للمتمردين بقيادة هيئة تحرير الشام على دمشق، مما أجبر الأسد على الفرار إلى موسكو. وقد مكن هذا الانهيار المفاجئ من إضعاف حلفاء الأسد، بما في ذلك إيران وحزب الله وروسيا، بسبب تحدياتهم المحلية والدولية. وبينما احتفل العديد من السوريين بنهاية حكم الأسد الوحشي، أثار صعود هيئة تحرير الشام مخاوف من تأسيس نظام إسلاموي قمعي.
أمة في حالة من الاضطرابعلى الرغم من الإطاحة بالأسد، لا تزال سوريا منقسمة بشدة؛ حيث تسيطر فصائل مختلفة - بما في ذلك موقع 24 - هيئة تحرير الشام
">هيئة تحرير الشام والجماعات الكردية وبقايا (داعش) - على أجزاء مختلفة من البلاد. وتواصل القوى الأجنبية مثل تركيا وإيران وروسيا ممارسة نفوذها، مما يعقد الجهود الرامية إلى إنشاء حكومة موحدة.
ويعاني اقتصاد سوريا حالة خراب، حيث يعيش أكثر من 90% من السكان في فقر. لقد تحطمت البنية التحتية، وزادت العقوبات الدولية، مثل قانون قيصر الأمريكي لحماية المدنيين في سوريا، من تفاقم الصعوبات الاقتصادية. وستتطلب إعادة البناء استثماراً وتعاوناً دوليين كبيرين، وهو ما لا يزال بعيد المنال.
اللاجئون وإعادة الإعماربينما يعرب بعض اللاجئين عن أملهم في العودة، يتردد الكثيرون بسبب عدم الاستقرار المستمر والمخاوف من الاضطهاد. ستعتمد إعادة إعمار سوريا على حل الانقسامات السياسية وضمان الأمن وتلبية احتياجات الملايين الذين نزحوا بسبب الحرب.
واختتم الباحثان تقريرهم بالقول إن "الحرب الأهلية في سوريا هي تذكير صارخ بالقوة المدمرة للاستبداد والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي والتدخل الأجنبي. وبينما يمثل سقوط الأسد نهاية حقبة، فإن مستقبل البلاد ما يزال في مهب الريح، مثقلاً بالانقسامات الطائفية والتدخل الأجنبي والخراب الاقتصادي. وتتطلب إعادة بناء سوريا مستويات غير مسبوقة من التعاون، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. فندوب الحرب - الجسدية والاجتماعية والجيوسياسية - ستشكّل الأمة لعقود قادمة".