في ضوء تقييم خبراء بعثة صندوق النقد الدولي للإجراءات التي أتخذتها الحكومة والبنك المركزي ، والتي ساهمت بالمحافظة على انتقال الاقتصاد العراقي من حالة الهشاشة الى التعافي التدريجي خلال النصف الثاني من 2023 حيث اتضح ان "النمو في القطاع غير النفطي ارتفع بشكل قوي في العام 2023 بنسبة 6%، من الناتج المحلي الاجمالي مع انحسار التَّضخُّم الى 4% بعد ان كان في بداية السنة 7,5% .

وياتي ذلك بسبب اجراءات البنك المركزي للسيطرة على المستوى العام للاسعار والحد من التضخم وهو ابرز مهام السياسة النقدية التي تحققت وهي اقل نسب التضخم المتحققة لعام 2023 في الدول الاقليمية والعربية وتحقق بسبب الجهود المبذولة في تنظيم تمويل التجارة الخارجية والتعاون مع الحكومة في تأمين المواد الغذائية الاساسية وتوفير مواد البطاقة التموينية باسعار مدعومة .

ويعزى حدوث هذه التطورات واستقرارُ سوق صرف العملات الأجنبية وسلامة وشفافية 95%من الحوالات الخارجية للتجار والمستوردين بواسطة المنصة الالكترونية وبالسعر الرسمي اضافة الى فتح التعامل المباشر مع بحدود 30 بنك مراسل اجنبي وعربي و فتح التعامل بالعملات المحلية للدول التي للعراق تبادل تجاري مهم معها كالصين وتركيا والامارات والهند .

فبعد حدوث بعض الانقطاعات في أعقاب تنفيذ الضوابط الجديدة لمكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب على المدفوعات العابرة للحدود في تشرين الثاني 2022، أدى تحسينُ الامتثال للنظام الجديد، ومبادراتُ البنك المركزي العراقي لخفض مدة معالجة المعاملات إلى حدوث تعافٍ في تمويل التجارة في النصف الثاني من العام 2023.

ورحب صندوق النقد الدولي بـ"الخطوات الأولية التي اتُّخذت نحو تأسيس حساب الخزانة الموحّد (TSA) ، والذي يعتبر أداةً حاسمةً لتحسين إدارة السيولة النقدية". ولابد من الاشارة هنا الى "الجهود المبذولة من قبل البنك المركزي والهادفة إلى التخلُّص من فائض السيولة. فقد قام البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية وبرفع متطلبات الاحتياطي الإلزامي، كما بدأ بإصدار أذونات خزانة بأجل مدته 14 يوماً في الصيف الماضي.

لذلك دعا الصندوق إلى دعم الجهود القائمة من قبل البنك المركزي من خلال توحيد الودائع الحكومية غير المُستَغلّة في حساب الخزينة المُوحّد، والامتناع عن السياسة المالية المُسايِرة للاتجاهات الدوريّة، والحدّ من الاعتماد على التمويل النّقدي، وتحسين إدارة الدّين العام، ومن نظرة ثاقبة لصندوق النقد الدولي يؤكد على ان الخطوات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي من أجل تسريع التحول الرقمي للاقتصاد، وخفض الاعتماد على النقد وتعزيز الشمول المالي" مما يدعم التوجهات الى اطلاق ستراتيجية الشمول المالي.

وتشير الاحصائيات الرسمية الى تحقق 558جهة حكومية نشرت ادوات الدفع الالكتروني في 2023مقارنة ب12جهة حكومية في 2022وبلغت عدد بطاقات توطين رواتب الموظفين 8653000 بطاقة وعدد البطاقات المصدرة 17822310بطاقة وقيمة استخدام ادوات الدفع الالكتروني في 2023بلغت قرابة 12مليون دولارمن خلال 32842حركة .

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار البنک المرکزی النقد الدولی

إقرأ أيضاً:

توقعات المتغيرات الاقتصادية العالمية واثرها على الاقتصاد العراقي (2025-2030)

في ضوء تحليل الوضع الراهن للمتغيرات الدولية اقتصاديا وسياسيا وامنيا ومدى تاثيراتها المتوقعة على الاقتصاد العراقي. وبعين فاحصة للتحديات والازمات التي مر بها الاقتصاد الوطني متأثرا بالازمات الاقتصادية التي عانت منها الدول الكبرى اقتصاديا .والصراعات الاستراتيجية بين امريكا والصين وانحياز بعض الدول الى الاستراتيجية الامريكية لقيادة العالم اقتصاديا ودول اخرى تسير باتجاه ستراتيجية الصين وبعض الدول الناشئة لتاسيس قطب اقتصادي دولي جديد لمواجهة الهيمنة الامريكية .

ومن ابرز نتائج هذا النزاع هو الازمة العالمية في الطاقة والغذاء والتي استمرت منذ اكثر من عقد ومازالت تعصف بالدول ذات الاقتصادات الريعية والضعيفة والفقيرة وتمنعها للانتقال الهيكلي والشامل الى اقتصادات ناشئة وقادرة على الصمود وتجاوز تاثيرات الصراعات الاقتصادية العالمية. فمنذ منتصف حزيران 2014 والربع الاول من عام 2020 واجه الاقتصاد العراقي تحديات مركبة ومتراكمة بسبب المتغيرات في الاقتصاد العالمي وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي لظروف الصراع الامريكي الصيني وجائحة كورونا ومحاربة الارهاب وهبوط اسعار النفط العالمية ووصوله الى نسب انخفاض تجاوزت ٧٠% والركود الاقتصادي وتضرر اغلب دول العالم بسبب تلك التداعيات والتي كانت لها تأثيراتها على الاقتصاد العراقي ، وان الذي يهمنا هو ماهي نتائج هذه التداعيات وماهي التوقعات والتأثيرات وانعكاساتها على الواقع الاقتصادي الراهن في العراق خلال السنوات المقبلة وحتى عام 2030.

وفي ضوء الدراسة والتحليل يمكن توقع ماياتي على مستوى النظام الاقتصادي العالمي وانعكاسات ذلك على العراق :‐

اولا- يتوقع انخفاض نسب النمو في الاقتصاد العالمي وبشكل مؤثر في الاقتصاد الامريكي واقتصاديات دول الاتحاد الأوربي في الصين وروسيا ولكن بنسب متفاوتة وسيعم الركود الاقتصادي في اغلب دول العالم وسينعكس ذلك على تباطؤ النمو في الناتج المحلي الاجمالي بنسب تتراوح بين ( 4-10%)في الدول العربية المنتجة وغير المنتجة للنفط خصوصا بعد دخول دول الاقليم الجغرافي تحديات جديدة بسبب العدوان الصهيوني على غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن . مما خلق ظرفا معقدا جديدا ستكون له تاثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني .

ثانيا‐ ان النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي نتوقع ظهوره خلال السنوات المقبلة سيتشكل حتما وسيكون بقيادة اقتصادية ومالية واضحة لامريكا والصين وسيفعل طريق الحرير ليشمل الدول التي كان مخطط ان يمر بها لانعاش اقتصادياتها وسينجز فعلا كما انه يتوقع ان ينجز طريق التنمية ويكون هناك دورا مهما للعراق وللدول المشاركة في المشروع وان لذلك انعكاساتة الايجابية على الاقتصاد .

ثالثا- كما أن فلسفة إدارة الاقتصاد ستتحول في الأعم الأغلب من اقتصاد السوق الرأسمالي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي المعتمد حاليا كايدلوجية منضبطة كما في الصين وبعض دول العالم . انها مجرد توقعات مبكرة وسيكون الاقتصاد العربي في الأغلب تابعا للقطب الجديد الأكبر والأقوى اقتصاديا .

اذن ماهو المطلوب من اصحاب القرار الاقتصادي في العراق ازاء هذه التطورات والمتغيرات التي يتوقع ان تجتاح العالم . اني ارى وبنظرة تحليلية ثاقبة للواقع الاقتصادي الراهن أننا نحتاج وبشكل ملح إلى تغيير واصلاح اقتصادي جذري وشامل يعتمد المحاور الأساسية التالية:-

اولا- إعادة تغيير خارطة موارد الدخل القومي بتخفيض الاعتماد على النفط كمورد رئيسي بتفعيل الموارد الأخرى خلال السنوات القادمة للوصول بها إلى نسبة ٣٠% من مجموع موارد الموازنة العامة .

ثانيا‐التغيير بشكل جذري وشامل للسياسات الزراعية والصناعية والتجارية والنفط والطاقة والمياه باعتماد الموارد المحلية في تأمين الأمن الغذائي والمائي وتشجيع وحماية ودعم المنتج المحلي ووضع البرامج والاستراتيجيات في حماية المستهلك.

ثالثا‐دعم وتطوير وتحفيز القطاع الخاص والاستفادة من قدراته وإمكاناته ورؤوس أموالة واستثماراته في بناء الاقتصاد الوطني واشراكه في صناعة القرارات الاقتصادية وإدارة الاقتصاد.

رابعا‐ رسم استراتيجيات واضحه للتنسيق بين السياستين النقدية والمالية ورسم سياسات مالية واضحة وإعادة أسس إعداد وعرض الموازنات العامة السنوية على اساس البرامج وليس البنود .وثقليل العجز في الموازنات الى النسبة المحددة قانونا الى الناتج المحلي الاجمالي وكذلك تقليل الاقتراض الداخلي الى ادنى مايمكن والى عدم الاقتراض من الخارج مطلقا .

خامسا‐استكمال المنهجية الجديدة التي اعتمدها البنك المركزي في الاصلاح والتطوير المصرفي والتحول الرقمي بكافة المجالات الرقمية مع التركيز على تنفيذ استراتيجية البنك المركزي واستحداث المركز المالي واستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل وشفافية ودقة البيانات لاغراض التخطيط السليم للاقتصاد ولتجاوز تحديات عدم الاستقرار في النظام المالي والنظام النقدي ويعني ذلك وضع الخطط التنسيقية والمتوازنة لتجاوز تحديات السياسة النقدية وتحديات العجز في الإيراد غير النفطي والعجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري ونسبة مساهمة القطاعات الانتاجية (الاقتصاد الحقيقي) في الناتج المحلي الاجمالي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • «انتيسا سان باولو» تتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.2% وتخفيض الفائدة في المركزي
  • البنك المركزي المصري يسحب فائض سيولة بقيمة 546.8 مليار جنيه
  • خلافات تعرقل مساعدات صندوق النقد الدولي للسنغال
  • سعر الدولار في البنك المركزي يسجل 50.68 جنيه بختام تعاملات اليوم
  • البنك المركزي: عائد أذون الخزانة يواصل الانخفاض والمالية تجمع 107.6 مليار جنيه
  • بيان البنك المركزي التركي بعد الاجتماع مع ممثلي البنوك
  • 303 ملايين دينار فائض مُحوّل لصندوق استثمار أموال الضمان
  • توقعات المتغيرات الاقتصادية العالمية واثرها على الاقتصاد العراقي (2025-2030)
  • الجيش السوداني يحكم قبضته على مقر البنك المركزي
  • الجيش السوداني يسيطر على مقر البنك المركزي ومواقع أخرى غربي الخرطوم