السودان: هل تشتري الحكومة الدولار من السوق الموازي لتمويل الحرب؟
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
اعتبر بعض الاقتصاديين أن تصريحات وزير المالية السوداني عن أولويات موازنة العام الجاري، المتمثلة في الوفاء بالتزامات المجهود الحربي، تدل على أن “حكومة الأمر الواقع” تشتري الدولار لتمويل شراء الأسلحة
التغيير: الخرطوم
الانخفاض المتواصل في سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار في ظل استمرار الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع منذ 15 أبريل من العام الماضي، أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات بالسودان، وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين الذين يعانون ظروف بالغة التعقيد في ظل البطالة والنزوح.
وعدلت معظم المصارف والمصارف مؤخراً سعر العملات الأجنبية حيث تجاوز سعر الدولار الـ (1000) جنيه.
وأكد متعاملون مع السوق الموازي وتجار لـ”التغيير، أن سعر الدولار أصبح غير ثابت، إلا أن نسبة ارتفاع سعره تتراوح بين (1200) إلى (1350) مقابل الجنيه.
كما أشار هؤلاء المتعاملون إلى أن معظم عمليات البيع والشراء تتم في مدينتي بورتسودان وعطبرة.
كما أكد التجار وجود ندرة في العرض مقابل الطلب خاصة في مدينة بورتسودان بالبحر الأحمر.
تمويل الحرب
في السادس والعشرين من فبراير الحالي، أكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، جبريل إبراهيم، في مؤتمر صحفي عقده بمدينة بورتسودان أن التزامات الحرب العسكرية تزداد كل يوم وهي بالعملة الصعبة.
ولفت وقتها إلى أن ذلك يعد إحدى مشكلات سعر الصرف التي تعيشها البلاد.
وأشار إلى أن الحكومة سعت للتحكم في سعر الصرف، إلا أن الطلب العالي على العملات الأجنبية أدى إلى انخفاض العملية المحلية.
وأوضح أن أولويات موازنة العام الجاري هي الإيفاء بالتزامات المجهود الحربي وإغاثة المتضررين من الحرب.
لم يمر حديث الوزير وقتها دون تفسير، فقد اعتبر بعض الخبراء الاقتصاديين أن تصريحاته تدل على أن حكومة الأمر الواقع تشتري الدولار لتمويل شراء الأسلحة.
إحصاءات البنك الدولي
وفقاً للبنك الدولي، فإن معدل النمو الاقتصادي في السودان انخفض إلى (18.3)% كما بلغت خسارة الناتج المحلي الإجمالي السوداني بنسبة (151.1)%
ويتوقع البنك الدولي أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى (43.91) مليار دولار.
كما ارتفع التضخم في السودان إلى (256.17)%، مع توقعات باستمرار ارتفاع معدل التضخم في ظل الزيادة الكبيرة في الأسعار.
وبحسب البنك الدولي، فإن حركة الصادرات تراجعت بنحو (60)% بسبب إغلاق المطار الرئيسي بالبلاد.
كما توقف العمل بمعظم الموانئ الجافة، بالإضافة إلى اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة عن الحرب؛ مما أدى إلى تراجع عائدات الصادرات من العملات الصعبة.
كما تراجع إنتاج السودان من الذهب من (18) طناً إلى طنين فقط خلال أشهر الحرب.
وأدى ذلك لأن تفقد الخزينة السودانية عائدات صادرات الذهب التي تعادل (50)% من الصادرات بقيمة ملياري دولار. كما تراجعت المساحات الزراعية أيضاً بنسبة (60)%.
تضرر المواطنين
من جهته، يؤكد أستاذ الاقتصاد، محمد سيد، التغيير، أن الحكومة الحالية ليس لديها خيارات كثيرة فيما يتعلق بالعملات الأجنبية.
وأشار إلى أن قرائن الأحوال تدل على أن الحكومة هي أكبر مشتر للدولار من السوق الموازي لتمويل شراء الأسلحة والصرف على الحرب.
وتابع: وهنالك الذهب الذي يوفر للحكومة حوالي (500) مليون دولار شهرياً تذهب كلها للإنفاق على الحرب.
وأكد سيد، أن سحب الحكومة المستمر للدولار من السوق الموازي وتحويل عائدات الذهب لدعم الحرب يجفف السوق من المورد الأجنبي؛ ومن ثم سيستمر نزيف العملة المحلية مقابل الدولار.
وأوضح أن نتائج ارتفاع العملة أثرت بطريقة مباشرة على المواطنين لجهة أن السودان صار يستورد كل شي بالعملة الصعبة.
وأكد أن ذلك يعني ارتفاع التكلفة وانعكاسها على الأسعار؛ مما تسبب في تراجع القدرة الشرائية للعملة السودانية إلى أدنى المستويات القياسية.
وأكد أن الدولار قبل حرب الخامس عشر من أبريل، كان يعادل (570) جنيهاً، إلا أنه قفز الآن إلى أكثر من (1300) جنيه؛ مما نتج عنه غلاء حاد في السلع والخدمات.
وأشار سيد، إلى أن أسعار الذهب والدولار عادة ما ترتفع في البلدان التي تشهد نزاعات وحروباً وهو شيء طبيعي.
ولفت إلى أن سعر الدولار في السودان إلى جانب الحرب يتأثر بالإشاعة والحالة النفسية والمضاربات بين التجار.
وتوقع الخبير الاقتصادي وصول سعر الدولار إلى (2000) جنيه بحلول منتصف العام الحالي إذا لم تتوقف الحرب.
تراجع
من جانبه يقول الباحث والاقتصادي، أحمد وديدي، أن تراجع الجنيه لن يتوقف قريباً حتى لو توقفت الحرب.
وأوضح لـ (للتغيير) أن الصرف على الحرب حالياً يتم على حساب المواطن السوداني.
وأكد وديدي، أن الحكومة تعتبر الآن أكبر مشتري للدولار من السوق الموازي لتوفير نفقات القتال في ظل فقدان ثلثي إيرادات الدولة التي كانت تعتمد على الضرائب والجمارك والذهب بنسبة (80)%.
وتابع: نشهد الآن ارتفاعاً مستمراً لأسعار المحروقات وتحرير سعر الغاز وزيادة في كافة رسوم الخدمات لمقابلة الالتزامات الأخرى في الفصل الأول بما في ذلك المرتبات.
وأشار إلى أن الجنيه السوداني فقد أكثر من (47)% من قوته، وأصبح التضخم المصاحب له مثل كرة الثلج المتدحرجة تكبر كلما تدحرجت إلى الهاوية.
الوسومآثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع وزير المالية جبريل إبراهيمالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع وزير المالية جبريل إبراهيم من السوق الموازی سعر الدولار فی السودان أن الحکومة إلى أن
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع السوداني يسيطر على قاعدة عسكرية شمال دارفور
قالت قوات الدعم السريع في السودان، إنها استعادت السيطرة على قاعدة عسكرية رئيسية في شمال دارفور، اليوم الأحد، بعد ساعات من إعلان الجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه السيطرة عليها.
ماكرون يدعو طرفي النزاع في السودان إلى إلقاء السلاح برنامج الغذاء العالمي: مقرا للأمم المتحدة بجنوب شرق السودان تعرض لقصف جوي
وبحسب"روسيا اليوم"، أضافت قوات الدعم السريع في بيان لها إنها "استعادت السيطرة على قاعدة الزُرُق التي تمثل أكبر قاعدة عسكرية لها غرب السودان.
واتهمت قوات الدعم السريع "مقاتلي الجيش والقوات المتحالفة معه بارتكاب تطهير عرقي بحق المدنيين العزل في منطقة الزُرق وارتكاب جرائم قتل لعدد من الأطفال والنساء وكبار السن وحرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المدنيين والمركز الصحي والمدارس وجميع المرافق العامة والخاصة".
وقد فنّد الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش، أحمد حسين مصطفى، بيان قوات الدعم السريع بتحرير منطقة الزُرق بولاية شمال دارفور.
وقال حسين في تصريحات صحفية اليوم الأحد، إن "حديث مليشيا الدعم السريع عن استعادة منطقة الزرق غير صحيح، وقواتنا ما زالت موجودة بالمنطقة".
وأضاف: "بقايا المليشيا هربت من الزُرُق جنوبا باتجاه كُتم وكبكابية".
وتابع: "نتوقع هجوما من مليشيا الدعم السريع في أي وقت بعد ترتيب صفوفها، ونحن جاهزون لها تماما".
وكان الجيش السوداني قد أعلن أمس السبت، السيطرة على قاعدة الزُرُق الاستراتيجية بشمالي دارفور بعد معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع.
وقال في بيان له إنه "تمكن بمساعدة الفصائل المتحالفة معه من السيطرة على القاعدة العسكرية، بعد معارك استمرت عدة ساعات"، مشيرا إلى أنهم "كبدوا من قوات الدعم السريع خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد العسكري".
وتقع قاعدة الزُرق العسكرية في منطقة صحراوية، على الحدود المشتركة ما بين السودان وتشاد وليبيا، وتم تأسيسها عام 2017، وتعتبر من أهم القواعد العسكرية لقوات الدعم السريع، حيث تستقبل الإمدادات العسكرية واللوجستية القادمة من دولتي تشاد وليبيا.
وقد انزلق السودان إلى صراع في منتصف أبريل 2023 عندما اندلع التوتر بين جيشها والقادة شبه العسكريين في العاصمة الخرطوم وامتد إلى دارفور وغيرها من المناطق. وأجبر أكثر من 13 مليون شخص على الفرار من منازلهم.