سميرة مزعل مثال المرأة العراقية التي عشقت مهنتها وجعلتها رسالة كافحت من خلالها
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
في يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من شهر آذار من كل عام، لا بد من تسليط الضوء على نساءٍ كافحن في سبيل الحرية والفرادة والتميز، نساءٍ صنعن تاريخاً وحفظن مكانتهنّ في المجتمع وناضلن من أجلِ فكرٍ أو نهجٍ أو مهنةٍ. وفي هذا اليوم تكرم السومرية سيدة عراقية حياتها امتزجت بالألم وشهرتها تجاوزت مدينتها "العمارة" في محافظة ميسان، وكفاحها المهني والسياسي امتزجا معاً في حياة المرأة الجنوبية، وأعطاها مكانتها الحقيقية.
سميرة مزعل عشقت الكاميرا ومارست التصوير منذ نعومة أظافرها، هذه الهواية/المهنة التي ورثتها عن أجدادها وأهلها. فوالدها الذي كان أقدم مصوري العمارة، فقد بصره بخطأ طبي، فأضحت هي عينه التي يبصر بها. حصلت على شهادة ممارسة المهنة عام 1962 من وزارة الإرشاد آنذاك ولم تتجاوز 16 عاماً، وواجهت العادات والتقاليد التي كانت تغل يد المرأة وتقتل إبداعها.
سجنها ومسيرتها النضالية
تعرضت سميرة للاعتقال بسبب نشاطها السياسي عام 1963، وصودرت كاميرتها وأودعت السجن في بغداد بعد أن صدر عليها حكم الحبس لخمس سنوات. الصلابة التي كانت تتميز بها أصبحت مضربا للأمثال رغم حداثة سنها وهي بنت 17 سنة، جمعها سجن النساء بشخصيات نسوية كبيرة، ونتيجة تعرضها لوعكة صحية نقلت للمستشفى في بغداد.
وصل خبر اعتقالها ووضعها الصحي الحرج للكاتب والفيلسوف البريطاني برتراند راسل داعية السلام، فنظم على إثرها حملة واسعة لإطلاق سراحها شاركه فيها رؤساء وقادة دول أمثال خروشوف وأنديرا غاندي، مما ولد ضغطاً على العراق الذي كان يرأسه حينها عبد السلام عارف، وأطلق سراحها.
لم يدم أمرها خارج السجن طويلا، فعاودت السلطات اعتقالها مرة أخرى، لتقضي طورا من حياتها متنقلة بين سجون بغداد والعمارة والبصرة، ولم يطلق سراحها إلا بعد مقابلة والدها الضرير للرئيس عبد الرحمن عارف والتماسه بالإفراج عنها.
ثم افتتحت استوديو خاصاً بالتصوير ومارست مهنتها بكل احترافية، رغم المراقبة الأمنية التي كانت لصيقة بها والتفتيش المستمر المصحوب بتكسير أدوات التصوير خاصتها، فغيرت مكان عملها حتى استقرت في استوديو ضمنته بيتها.
شاركت إبان حرب الخليج الأولى في تنظيم مظاهرة بمدينة العمارة، عكست غضب الشارع الميساني على سوء الأوضاع والتعرض لحرب خاسرة بعد اجتياح دولة الكويت، وقد تعرض منزلها لقصف صاروخي من قبل قوات التحالف، أخطأ هدفه ووقع في الباحة الخلفية للمنزل.
View this post on Instagram
A post shared by Alsumaria TV-قناة السومرية (@alsumariatv)
فكرها وتوجهها
نذرت سميرة مزعل عمرها لعملها، لكنه لم يشغلها عن إكمال مسيرة حياتها وإبداعها. فكانت زوجة وأماً كما كانت أختاً، ولا زالت مواقفها عالقة في أذهان أبناء مدينتها، وقد عرف عنها إيواء المحتاجين فنادراً ما يكون بيتها فارغا من مسكين جائع أو مشرد وجد عندها المأوى.
تميزت بفكرها المتحرر، وكان اهتمامها بالتوصوير يصب بين وضع المرأة الميسانية ومعاناتها، وبين بؤس المشردين والمعدمين، وبين حياة سكان الأهوار، ومناظر المدينة التي تخترقها الأنهار. شاركت في المعارض الفنية المحلية والدولية، التي حصدت خلالها جوائز وشهادات تقديرية.
"رحال"
وكان لبرنامج "رحال" الذي يُعرض على قناة السومرية من تقديم الإعلامي علاء بتي لقاءً مميزاً مع سميرة مزعل التي عادت في ذاكرتها لأحداث الماضي وروت ما عاشته من مأساةٍ وأفراحٍ ومواقف. حكَت عن صورٍ خاصة بها كلُّ واحدةٍ لها قصة، وصور لنساءٍ سجينات تعكس مرارة الواقع وألم الماضي. كل ذلك بوجه مميز لم تفارقه الابتسامة على الرغم من مقدار الألم الذي عاشته.
انقر هنا لمتابعة اللقاء في برنامج "رحال"
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
سميرة عبد العزيز تتألق في ندوة "النقد الفني".. ذكريات مع عبد الناصر وأهمية النقد في مسيرتها
كرّمت وزارة الثقافة الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز في ندوة بعنوان "النقد الفني"، التي أقيمت بدار الأوبرا المصرية بتنظيم من المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية.
تضمنت الندوة مناقشات هامة حول دور النقد الفني في إثراء الحركة المسرحية، بحضور نخبة من الفنانين والنقاد.
وقفة حداد على عاطف أبو شهبةبدأت الندوة بالوقوف دقيقة حداد على روح فنان العرائس ورائد المسرح الورقي عاطف أبو شهبة، الذي وافته المنية. كان هذا التكريم الرمزي بمثابة لفتة وفاء لإسهاماته الكبيرة في المجال الفني.
ذكريات مع عبد الناصر ودخول الفناستعرضت سميرة عبد العزيز تجربتها في دخول عالم التمثيل، موضحة رفض والدها دخولها المجال الفني في البداية. وأشارت إلى أن تكريمها من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر غيّر هذا الموقف تمامًا، حيث قال لها والدها: "ما دام أن الزعيم جمال عبد الناصر كرّم الفن، فهذا دليل على قيمته".
من "وطني عكا" إلى الريادة المسرحيةتحدثت سميرة عن بدايتها المسرحية من خلال عملها في مسرحية "وطني عكا"، التي استمرت على خشبة المسرح لمدة ثمانية أشهر، ووصفتها بأنها انطلاقتها الحقيقية في المسرح. وأضافت أنها تعتبر نفسها ابنة النقد الفني الذي لعب دورًا محوريًا في إبراز موهبتها منذ الستينيات.
أهمية النقد الفني في مسيرة الفنانأكدت سميرة على أهمية النقد الفني في تسليط الضوء على الفنانين وأعمالهم، واعتبرت المقالات النقدية أداة فعالة لدعم الفنانين وتطوير الساحة الفنية. وأشادت بالدور البنّاء الذي لعبه النقاد في تشكيل وعي الجمهور وتقديره للفن.
إشادة بالحراك الثقافي الحاليأعرب الفنان إيهاب فهمي، مدير المركز القومي للمسرح، عن سعادته بتنظيم هذه الندوة، مشيدًا بالحراك الثقافي الذي تشهده وزارة الثقافة بقيادة الدكتور أحمد فؤاد هنو. وأوضح أن المركز يسعى لتعزيز الوعي المسرحي من خلال الندوات والحلقات النقاشية التي تهدف إلى التعريف بالرموز الفنية وتاريخ النقد الفني.
ختام الندوة بتكريم خاص
اختتمت الفعالية بتكريم الفنانة سميرة عبد العزيز والناقد المسرحي الكبير محمد بهجت، حيث أهداهما المركز شهادتي تقدير على مشاركتهما الفعالة في الندوة. تأتي هذه الفعالية ضمن جهود وزارة الثقافة لإبراز رموز الفن المصري وتسليط الضوء على إسهاماتهم في تعزيز الهوية الثقافية.