شبكة اخبار العراق:
2025-02-23@02:46:04 GMT

الموصل : ذاكرة وأسئلة وأمل

تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT

الموصل : ذاكرة وأسئلة وأمل

آخر تحديث: 7 مارس 2024 - 9:57 صبقلم:عبد الحسين شعبان “نحتاج إلى خيال كبير لنتصوّر تلك الفظاعات التي تفرضها علينا الأشياء”، ذلك ما كتبه الناقد الفرنسيجيرارد جينيه، وهو ما كنت أردّده مع نفسي، وأستعيده طيلة الأيام التي قضيتها في الموصل، خصوصًا حين شاهدت مظاهر الخراب والدمار، التي خلّفها “داعش“بعد احتلاله للمدينة (2014 – 2017)، حيث اسْتمعت إلى قصص وحكايات أقرب إلى الخيال.

​وأكثر ما استوقفني هو موضوع التعليم، الذي خصّصتْ له جامعة الموصل العريقة، التي تأسست في العام 1967، مؤتمرًا دوليًا ضخمًا بمناسبة اليوم العالمي لمنع التطرّف العنيف (12 شباط / فبراير) بالتعاون مع كرسي اليونيسكو والوكالة الجامعية الفرنكوفونيةوجامعة النور الفتيّة الواعدة، التي زرتها هي الأخرى،واطّلعت على منجزها بعد إعادة إعمارها. ​في تلك الأصبوحة الموصلية المشرقة الجميلة، طرحت السؤال المحوري، لماذا استهدف داعش التربية والتعليم بشكل خاص؟ وهو سؤال فاصل بين المدنية والتوحّش، وبين الظلامية والتنوير. فكيف لمن يريد “بناء دولة” أن يدمّر صروحًا أكاديميةً وثقافيةً وتاريخيةً؟ ألم يقل الرسول العظيم “أطلبوا العلم ولو في الصين”، أوَليس ما جاء في القرآن الكريم “وقل ربي زدني علمًا” ؟ فكيف إذًا يُجهز على 83% من مباني جامعة الموصل، ويفكّك أجهزتهاالمخبرية، ويستولي على 300 عجلة وواسطة نقل وسيارة، ويعدم 5 ملايين كتاب ومطبوع ومخطوطة، في محاولة لتغيير فكر الناس، فهل تمكّن هولاكو، الذي أحرق ربع مليون كتاب ومخطوطة، من تغيير فكر الناس وقناعاتهم؟ وهل استطاع “هولوكوست الكتب“، الذي قام به هتلرفي ألمانيا والنمسا، تجريف العقول وتحريف الأفكار، أم أن ذلك ولّد العكس؟ لم يتمكّن “داعش“ بالترغيب أو الترهيب، من الاستحواذ على العقول أو استمالة القلوب، بل إنه، بأفعاله الإرهابية، حوّل السخط إزاء التمييز ومحاولات الاستتباع، التي كان الموصليون يعانون منها، إلى ردّ فعل ضدّه، وهكذا تدريجيًا، لم يجد بيئةً حاضنة أو مستعدّة أو مولّدة لأفكاره. والموصليون، الذين جار الزمان عليهم، لم يرضخوا ولم يستسلموا، بل نظموا مقاومة ثقافية ضدّ داعش وأساليبه الإرهابية بالصبر والمطاولة والدفاع والامتناع، وبجميع الوسائل تصدوا لمحاولات احتوائهم أو إرغامهم، ودفعوا بسبب ذلك أثمانًا باهظة. وما أن انتهت العاصفة الهوجاء، حتى شمّر الموصليون عن سواعدهم لإعادة بناء مدينتهم بمحبة وألفة وتعاون،وحاولوا تدويل قضيتهم للحفاظ على التراث والإرث الحضاري لمدينتهم، كما حدثني البروفيسور طارق القصار، رئيس قسم العلوم السياسية، وكان لليونيسكو دور في ذلك، وهو ما أشارت إليه البروفيسورة قبس حسن، مديرة كرسي اليونيسكو بجامعة الموصل، وشارك المجتمع المدني بحيوية في ذلك، لاسيّما مبادرات بعض الشباب، وهو ما لمسته من إعادة بناء قاعة “مؤسسة بيتنا للثقافة“. ​وحسب رئيس الجامعة، البروفيسور قصي كمال الدين، فقد استعادت الجامعة عافيتها، وهي تضمّ 24 كليّة و 142 قسمًا و7 مراكز أبحاث مختصّة، من بينها “مركز السلام والتعايش السلمي“، وثمة مساعدات وصلتها من عدد من البلدان، مثل ألمانيا وفرنسا وهولنداوإيطاليا ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، إضافة إلى المتحف البريطاني، وغيرها. سأل الجنرال شارل ديغول، وهو يتقدّم بجيشه لتحرير فرنسا من الاحتلال النازي: وماذا عن الجامعات؟ فقيل له أن جامعة السوربون تناقش أطروحات الدكتوراه والماجستير في الأقبية، ويتلقى الطلبة محاضراتهم ودروسهم في أجواء من السريّة والكتمان، وهنا علّق ديغول يومها: إذًا فرنسا بخير طالما الجامعات بخير، وهذا ما فعلته الموصل في مقاومتها “لداعش“، فلم تتوقّف الدراسة في الجامعة، بل كانت امتحانات الطلبة قد استُكملت في مناطق بديلة، خارج سيطرة داعش، ومع مطلع العام 2018، أُعيدت إليها الحياة، حيث كانت المدينة بأكملها في ورشة عمل جماعية متصلة، فأُعيد بناء وترميم المباني المهدّمة والمكتبات وتجهيز المختبرات، ومع بداية العام الدراسي (2023 – 2024)، بلغ عدد الطلبة في جامعة الموصل لوحدها نحو 60 ألف طالب. ​وبقدر ما في الموصل الحدباء “أم الربيعين” من حزن وذاكرة وسؤال، لماذا حدث كلّ ذلك؟ وكيف حدث؟ ومن المسؤول؟ لكن المهم عندها أنه ثمة أمل وإرادة وإصرار على إعادة البناء والنجاح والتفوّق، وهو ما لمسته في النخبة الأكاديمية والفكرية والثقافية، التي تفيض إبداعًا وجمالًا وعلمًا.كل ما في الموصل يدلّ على أنك أمام مدينة عظيمة،فهناك ينتصب تمثال أبو تمّام، وهنا تستذكر أبو فراس الحمداني وقوله الأثير: أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ / أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي؟ وعلى الضفة الأخرى تستعيد اسحاق الموصلي وتلميذه زرياب، الذي أضاف وتراً خامساً لآلة العود، وهو صاحب فن الإتيكيت وأول من أدخل لعبة الشطرنج إلى أوروبا. كما يحضر التاريخ الإنساني بكلّ ثقله من حضارات الأكديين إلى الأشوريين، وصولًا إلى أعلام الموصل ورواد الثقافة العراقية المعاصرة، وقسم منهم من الأصدقاء، مع استحضار الدور الاقتصادي والاجتماعي والعسكري والتربوي لمدينة الموصل، التي تعرف التنوّع والتعايش القومي والديني والاجتماعي والثقافي. ​وإذا كان الانتصار على “داعش“ عسكريًا قد حصل، فثمة جبهات بحاجة إلى تعزيز وتعضيد، مثل الجبهة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والقضائية والإعلامية والمدنية والأمنية والاستخباراتية والدينية، وذلك لاستكمال الجهة التعليمية والتربوية، لتوفير الأمن التعليمي بشكل خاص والأمن الإنساني بشكل عام، وتلك هي إحدى مخرجات مؤتمر الموصل وكرسي اليونيسكو.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: وهو ما

إقرأ أيضاً:

مايا مرسي وأمل عمار يتفقدان جناح القومي للمرأة في معرض ديارنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 تفقدت المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة، والدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتورة نسرين البغدادي نائبة رئيسه المجلس، جناح المجلس ضمن فعاليات معرض "ديارنا" والذى يقام تحت عنوان "أرض العز "، والذي يعقد تحت رعاية الرئيس عبد االفتاح السيسي، وتنظمه وزارة التضامن الاجتماعي خلال الفترة من 13 حتى 28 فبراير للعام السادس على التوالي. 

حيث أشادت المستشارة أمل عمار بالمستوى المتميز للمنتجات المعروضة بأيادي سيدات مصر من مختلف محافظات الجمهورية خاصة منتجات المرأة السيناوية المميزة والمعبرة عن الأصالة، موضحة أن السيدات تدربن ضمن برامج ومشروعات المجلس المختلفة، كما أكدت أن المجلس يسعى دائمًا لدعم السيدات المنتجات وتقديم الفرص لهن للنمو والتوسع في أعمالهن لتمكينهن اقتصاديا.

وشهدت الزيارة تفاعلًا كبيرًا مع العارضات، حيث استمعت رئيسة المجلس القومي للمرأة ووزيرة التضامن الاجتماعي إلى قصص نجاح السيدات المشاركات والتحديات التي يواجهنها، مع التأكيد على استمرار الدعم لهن من خلال البرامج والمبادرات المختلفة.

ويضم جناح المجلس مجموعة متنوعة من منتجات السيدات اللاتى حصلن على تدريبات بالمجلس من مختلف المحافظات، ضمن المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية ومشروع معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة غير الشرعية، ومشروع دعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، وتشمل المنتجات ملابس، ومشغولات يدوية، وحلي، مما يعكس التراث الثقافي الغني.

يُذكر أن معرض "ديارنا" يُعد من أكبر المعارض الداعمة للحرف اليدوية والتراثية في مصر، ويشارك فيه عدد كبير من العارضين من مختلف المحافظات، بهدف تعزيز فرص التسويق والترويج للمنتجات المحلية.

474806222_2338357373199542_8723479425610068810_n 476979501_1565806710784750_1912370589079978699_n 479974389_1002840281711481_613517204965887918_n 477046307_605070949195071_8016055883554710084_n

مقالات مشابهة

  • الرئيس الصومالي يؤكد دعمه ولاية "بونتلاند" في حربها على تنظيم داعش الإرهابي
  • نائب:بعض المسؤولين شركاء في عمليات الإبادة التي تعرض لها الايزيديون
  • جلسة نقاشية تتناول تحديات الناقد الثقافي.. وأسئلة المستقبل
  • الموصل.. تسليم رفات 21 شخصاً أعدمهم داعش
  • هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
  • الموصل.. تسليم رفات 21 شخصاً أعدمهم داعش ونائب يُذكّر بـحفرة الخسفة
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
  • وزير التعليم العالي يؤكد علي الدور الحيوي الذي تلعبه جامعة المنوفية في مجال التعليم والبحث العلمي
  • جامعة بني سويف التكنولوجية تنظم تدريب مشواري لتأهيل الطلاب لسوق العمل
  • مايا مرسي وأمل عمار يتفقدان جناح القومي للمرأة في معرض ديارنا