كشف تحقيق لصحيفة “وول ستريت جورنال” تفاصيل تتعلق بتقديم أوكرانيا الدعم العسكري للجيش السوداني في قتاله ضد قوات الدعم السريع، من بينها إرسال قوات كوماندوز أوكرانية للسودان للقتال إلى جانب القوات الحكومية.

وقالت الصحيفة إن المعلومات التي استندت عليها في هذا التحقيق تستند إلى مقابلات مع العديد من أفراد القوات الأوكرانية الذين قاتلوا في السودان، وكذلك مع جنود سودانيين، ولقطات فيديو من السودان اطلعت عليها الصحيفة.

وفقا للتحقيق فقد اتصل قائد قوات الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عندما وجد نفسه محاصرا من قبل قوات الدعم السريع في الخرطوم الصيف الماضي.

وتشير الصحيفة إلى أن زيلينسكي كانت لديه أسباب لأخذ الطلب على محمل الجد، نظرا لأن البرهان كان يزود كييف بهدوء بالأسلحة بعد وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، وفقا لمسؤولين عسكريين أوكرانيين وسودانيين.

والسبب الآخر، بحسب الصحيفة، يعود إلى الدعم الذي كان يقدم لقوات الدعم السريع من قبل مجموعة فاغنر، التي قامت أيضا بتعدين الذهب في البلاد واستخدمته لتمويل حرب موسكو في أوكرانيا.

في غضون أسابيع قليلة من المكالمة الهاتفية، هبطت قوات خاصة أوكرانية في السودان وبدأ القتال لطرد قوات الدعم السريع من الخرطوم، وفقا لعدد من الجنود الأوكرانيين المشاركين في العملية.

وتعزو الصحيفة هذه الخطوة “الجديدة والجريئة” من جانب كييف إلى جزء من استراتيجية لتعطيل العمليات العسكرية والاقتصادية الروسية في الخارج، وجعل الحرب أكثر تكلفة بالنسبة لموسكو.

تنقل الصحيفة عن ضابط أوكراني يبلغ من العمر 40 عاما، يقود أحد الفرق الأوكرانية في السودان القول إن “من المستحيل التغلب على روسيا بمجرد القتال على قطعة صغيرة من الأرض، مثل خط المواجهة في أوكرانيا”.

ويضيف الضابط الذي لم يتم الكشف عن اسمه قائلا: “إذا كان لديهم (الروس) مناجم ذهب في السودان، فنحن بحاجة إلى جعلها غير مربحة”.

هبطت الدفعة الأولى من القوات الأوكرانية والمقدر عددها بنحو 100 جندي، معظمهم من وحدة تيمور التابعة للاستخبارات العسكرية الأوكرانية في السودان في منتصف أغسطس الماضي، بحسب الصحيفة.

عمل جنود سودانيون تدربوا سابقا في أكاديميات عسكرية روسية كمترجمين للقوات الأوكرانية.

وتبين الصحيفة أن المهمة الأولى للأوكرانيين كانت تتمثل بالمساعدة في إخراج البرهان، الذي كان محاصرا من قبل قوات الدعم السريع، من الخرطوم.

لكن بعد وقت قصير من وصول الأوكرانيين للبلاد نجح البرهان في الخروج والتوجه في قافلة إلى مجمع خارج العاصمة حيث كان يتمركز الأوكرانيون.

ووفقا لمسؤولين سودانيين تحدثوا للصحيفة فقد نجح حراس البرهان في تهريبه إلى خارج الخرطوم.

وتتابع الصحيفة أن البرهان شكر الأوكرانيين على جهودهم، ثم توجه إلى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر والتي لا تزال تخضع لسيطرة لقوات الجيش، والتقى بعدها بزيلينسكي في مطار شانون بأيرلندا بعد بضعة أسابيع.

زودت القوات الأوكرانية حراس البرهان ببنادق رشاشة وكواتم صوت جديدة، ثم حولت انتباهها إلى محاولة إخراج قوات الدعم السريع المدعومة من فاغنر من الخرطوم.

وقال ضابط في الاستخبارات العسكرية الأوكرانية يبلغ من العمر 30 عاما قاد أول مجموعة من الأوكرانيين للوصول إلى السودان، إن فريقه وجد نوعا مختلفا تماما من الصراع عن ذلك الذي تركوه وراءهم في أوروبا الشرقية.

كان المقاتلون السودانيون من كلا الجانبين يتقاتلون وهم يرتدون الصنادل، وفي بعض الأحيان يطلقون ذخيرة مخازن كاملة بينما كانوا يضعون بنادقهم فوق رؤوسهم، غير قادرين على رؤية ما كانوا يطلقون النار عليه.

كذلك لم يحصل الكثير من أفراد الجيش السوداني على رواتبهم منذ بدء القتال قبل أشهر، مما أدى إلى تراجع معنوياتهم، فيما لم يكن المقاتلون يرتدون علامات لإظهار الجانب الذي ينتمون إليه، وكانت النيران الصديقة تشكل تهديدا منتظما، وفقا للصحيفة.

بالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن أي من الجانبين من شن هجمات ليلية وهو ما شكل نقطة تفوق بالنسبة للأوكرانيين، المجهزين بنظارات رؤية ليلية والطائرات مسيرة.

كان الأوكرانيون يغادرون قاعدتهم حوالي الساعة الثامنة مساء، متجهين إلى الخرطوم في مجموعات مكونة من ستة أشخاص تقريبا يتنقلون بشاحنات صغيرة.

وفي مقطع فيديو شاهدته الصحيفة، أطلق الأوكرانيون النار على مبنى سكني، قال الضابط الأوكراني إنه كان يشكل قاعدة لقوات الدعم السريع.

وبمجرد وصول تعزيزات قوات الدعم السريع، أسقط الأوكرانيون ذخائر عليهم من طائرات مسيرة.

في البداية، تفاجأ مقاتلو قوات الدعم السريع، الذين اعتادوا النوم في العراء على طول خط الجبهة، بالغارات الليلية، ثم بدأوا في إخفاء مواقعهم.

كانت الفرق الأوكرانية تنسحب دائما إلى قاعدتها بحلول الصباح، خوفا من لفت الانتباه، حيث يقول الضابط الأوكراني: “حتى لو أردنا القيام بشيء ما خلال النهار، فنحن مجموعة من الأشخاص البيض، سيدرك الجميع وجودنا”.

وبالإضافة لذلك تقول الصحيفة إن القوات الأوكرانية بدأت في تدريب الجنود السودانيين على بعض التكتيكات نفسها التي ساعدتهم على صد تقدم الجيش الروسي، وخاصة استخدام الطائرات المسيرة.

وقال مسؤول عسكري سوداني ومستشار لقوات الدعم السريع إن كييف ساعدت في تزويد قوات الجيش السوداني في فبراير الماضي بطائرات مسيرة تركية متطورة من طراز “بيرقدار تي بي 2” قادرة على تنفيذ ضربات جوية دقيقة.

ورفض مسؤولون من الاستخبارات العسكرية الأوكرانية التعليق على مساعدة السودان في شراء طائرات “بيرقدار”، وفقا للصحيفة.

وفي مقابلة مع الصحيفة، رفض اللفتنانت جنرال كيريلو بودانوف، الذي يقود وكالة المخابرات العسكرية الأوكرانية التعليق على ما إذا كانت وكالته قد نشر قوات في السودان، لكنه أوضح في الوقت ذاته وجهة نظر بلاده بشأن إرسال قوات إلى الخارج.

وقال بودانوف إن “الحرب عمل محفوف بالمخاطر.. ونحن في حرب شاملة مع روسيا… لديهم وحدات في أجزاء مختلفة من العالم، ونحاول أحيانا ضربهم هناك”.

بالمقابل لم يستجب المتحدث باسم زيلينسكي لطلبات التعليق التي أرسلتها “وول ستريت جورنال”.

واندلع القتال في السودان في أبريل من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو. وأدى النزاع إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين والتسبب بكارثة إنسانية.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: العسکریة الأوکرانیة القوات الأوکرانیة قوات الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

لليوم الرابع.. الاشتباكات تتواصل بين الدعم السريع ومواطني قرى الجموعية

تواصلت الاشتباكات لليوم الرابع على التوالي بين قوات الدعم السريع ومواطني قرى جنوبي غرب مدينة أم درمان، وهي المناطق المعروفة محليا باسم قرى الجموعية، وقالت مصادر محلية للحرة، إن عشرات المدنيين قتلوا وأصيب آخرون جراء هجمات شنتها قوات الدعم السريع، على عدد من قري بينها إيد الحد الواقعة جنوبي أم درمان.

ومنذ أواخر مارس المنصرم، انسحب عدد كبير من عناصر الدعم السريع من منطقة جبل أولياء بإتجاه قرى الريف الجنوبي لأمدرمان، بعد أن تمكن الجيش السوداني من استعادة كامل محليات الخرطوم وجبل أولياء.

ونقل موقع سودان تربيون عن المتحدث باسم الجموعية، سيف الدين أحمد، قوله إنه "خلال الأيام الثلاثة الماضية، قُتل أكثر من 50 مواطنًا جراء هجمات عنيفة تشنها الدعم السريع على قرى الجموعية".

والأسبوع الماضي، أكد الجيش السوداني بعد أيام من تحرير القصر الرئاسي والمطار، أن مدينة الخرطوم أصبحت خالية من قوات الدعم السريع، وأن مقاتليها فروا خارج العاصمة.

ويسيطر الجيش على أغلب مساحة السودان، وخاصة في المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية الشرقية، فيما يتركز تواجد قوات الدعم السريع في المناطق الجنوبية الغربية والغربية المحاذية لدولة تشاد.

ويعود هذا التركز في تلك المناطق إلى عدة أسباب، أولها أصول وجذور هذه القوات التي تنبع من دارفور ومحيطها.

وتعاون الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 2021 للإطاحة بقيادة مدنية تشكلت في مرحلة لاحقة لسقوط نظام عمر البشير في 2019.

وفي عهد البشير قاتل الجانبان على جبهة واحدة في دارفور غرب السودان.

وشكل البشير قوات الدعم السريع، التي تعود جذورها إلى ميليشيا الجنجويد في دارفور، بقيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لتصبح قوة موازية للجيش بقيادة الفريق أول، عبد الفتاح البرهان.

وبعد الاستيلاء على السلطة في 2021 نشب خلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع حول خطة مدعومة دوليا تهدف إلى تطبيق مرحلة انتقالية جديدة تقودها أحزاب مدنية ويتنازل خلالها الجانبان عن سلطاتهما.

وشملت نقاط الخلاف الرئيسية جدولا زمنيا لاندماج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وتسلسل القيادة بين قادتها وقادة الجيش ومسألة الرقابة المدنية.

وكان لدى الجيش السوداني موارد أفضل عند اندلاع الحرب، منها القوة الجوية. ومع ذلك كانت قوات الدعم السريع أكثر تمركزا في أحياء الخرطوم وتمكنت من السيطرة على جزء كبير من العاصمة في بداية الصراع.

الحرة - الخرطوم  

مقالات مشابهة

  • أكثر من 80 قتيل في هجمات للدعم السريع جنوبي أم درمان
  • “أطباء السودان”: مقتل 12 مدنياً بهجوم “الدعم السريع” على خور الدليب
  • لليوم الرابع.. الاشتباكات تتواصل بين الدعم السريع ومواطني قرى الجموعية
  • مقتل ناشط طوعي في معتقلات الدعم السريع 
  • الرئيس الكاذب؟.. صحيفة كينية تكشف مغالطات روتو بشأن التجارة مع السودان
  • عقار يحذر من اجتياح الدعم السريع لكل السودان إذا سقطت الفاشر
  • مناوي: “قحت” والدعم السريع لا يستطيعون إنكار حقيقة كونهم عملاء
  • الدبة تكشف حقيقة تحرك الدعم السريع عبر الصحراء لمهاجمة المدينة
  • مصريون ناجون يكشفون أهوال معتقلات الدعم السريع
  • البرهان: المعركة مستمرة وباب العفو مفتوح لمن يلقي السلاح