تحليل أمريكي: هكذا تنظر واشنطن للأطراف المناهضة للحوثيين وهذه خياراتها
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
بالتزامن مع غرق السفينة البريطانية (روبيمار) في المياه اليمنية بسبب استهداف المليشيا الحوثية لها بصاروخين، واستمرار هجماتها على السفن التجارية، يستمر أيضاً المحللون والمراقبون للشأن اليمني في متابعة مستجدات التصعيد الحوثي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، وكذلك تطورات الموقف الأمريكي البريطاني تجاه الجماعة الحوثية التي لم تعد تخفي كونها ذراعاً لإيران في اليمن والجزيرة العربية.
التحليل التالي كتبه جريجوري د. جونسون، ونشره موقع معهد دول الخليج العربي في واشنطن، الثلاثاء، بعنوان: "لا خيارات جيدة: معضلة الولايات المتحدة في اليمن"، والكاتب هو زميل غير مقيم في هذا المعهد، وعضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، ومؤلف كتاب "الملاذ الأخير: اليمن، والقاعدة، والحرب الأمريكية في الجزيرة العربية". ويشغل حاليا منصب المدير المساعد لمعهد الصراع المستقبلي في أكاديمية القوات الجوية الأمريكية.
يستعرض الكاتب الحدود القصوى للتدخل الأمريكي ضد الحوثيين، وما الذي يشكل أولوية بالنسبة لواشنطن في اليمن، وكيف ينظر الأمريكيون للأطراف اليمنية المناهضة للمليشيا الحوثية... وغير ذلك.
نص التحليل:
رغم أن نهج "الردع والإضعاف" الذي تتبناه إدارة بايدن لم ينجح بعد، فقد يثبت أنه نهج قابل للتكيف ويمكن تعديله ليصبح استراتيجية رابحة.
في أوائل يناير/كانون الثاني، مع استمرار الحوثيين في هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، وجدت إدارة الرئيس جوزيف بايدن جونيور نفسها أمام قائمة من خمسة خيارات واسعة وغير مستساغة إلى حد كبير في ما يخص اليمن. تتراوح هذه الخيارات بين الوضع الراهن حيث تكتفي بالدفاع فقط طوال الوقت، وصولاً إلى شن ضربات عسكرية مباشرة على إيران.
استقرت إدارة بايدن في نهاية المطاف على نهج "الردع والإضعاف"، والذي، على الأقل حتى الآن، لم يسفر عن وقف هجمات الحوثيين. ومن المرجح أن هذا النهج، رغم أنه لم ينجح بعد، هو الأقل سوءاً من بين الخيارات الخمسة المتاحة، وقد يثبت أيضا أنه نهج قابل للتكيف، وهو أمر يمكن تعديله ليصبح استراتيجية ناجحة.
خمسة خيارات
كان الخيار الأول، وهو الخيار الذي ظلت الولايات المتحدة تسعى إليه طيلة أشهر، هو خيار "الدفاع فقط". في هذا السيناريو، ستواصل الولايات المتحدة القيام بما كانت تفعله منذ أسابيع: ستقوم السفن الحربية الأمريكية كجزء من عملية "حارس الازدهار" بدوريات في البحر الأحمر وخليج عدن، للتصدي لأي هجمات صاروخية أو بالطائرات المسيرة من قبل الحوثيين. بالطبع، تتمثل المشكلة الرئيسية في أسلوب الدفاع فقط، في أنه ببساطة لم يكن ناجحاً. فقد كانت الولايات المتحدة تسقط صواريخ وطائرات بدون طيار تابعة للحوثيين، لكن الحوثيين استمروا في الهجوم، وكانت شركات الشحن تتجنب البحر الأحمر بشكل متزايد.
في 3 يناير/كانون الثاني، حاولت الولايات المتحدة، إلى جانب عدة دول أخرى، للمرة الأخيرة، بإصدار ما وصفه مسؤولو إدارة بايدن بـ"التحذير الأخير" للحوثيين لوقف هجماتهم. وفي غضون ساعات، رد الحوثيون بإطلاق قارب مسيّر على القوات الأمريكية في البحر الأحمر، وكانت الرسالة واضحة: إذا لم تفعل الولايات المتحدة شيئاً سوى لعب دور دفاعي في البحر الأحمر، فإن هجمات الحوثيين سوف تستمر.
أما الخيار الثاني، وهو الخيار الذي اختارت الولايات المتحدة اتباعه في نهاية المطاف، فكان الضربات العسكرية المحدودة، أو نهج "الردع والإضعاف". في هذا السيناريو، ستنفذ الولايات المتحدة وحلفاؤها ضربات ضد أهداف الحوثيين في اليمن، لكن هذه الضربات ستقتصر على البنية التحتية لإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار ومخازن ذخيرة الحوثيين. لن تضرب الولايات المتحدة جميع أهداف الحوثيين، ولن تستهدف قادتهم. كانت الفكرة، ولا تزال كذلك من نواحٍ عديدة، هي أن الولايات المتحدة يمكن أن تقلل من قدرات الحوثيين إلى درجة أن الجماعة لن تعود قادرة على تهديد الشحن البحري التجاري في البحر الأحمر. كانت الولايات المتحدة تراهن على أنها يمكن أن توجع الحوثيين إلى درجة اضطرارهم إلى وقف هجماتهم. المشكلة في هذا النهج هي أنه لن ينجح على الأرجح، على الأقل في شكله الحالي. لا يمكن ردع الحوثيين، وسيكون من الصعب للغاية إضعافهم إلى درجة افتقارهم إلى الإرادة أو القدرة على مهاجمة السفن في البحر الأحمر.
أما الخيار الثالث الذي نظرت فيه الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني، فكان يتمثل في توجيه ضربات عسكرية موسعة، أو نهج "الردع والإضعاف والتدمير". في هذا السيناريو، ستقوم الولايات المتحدة بضرب الحوثيين، وتتبّع مجموعة واسعة من الأهداف العسكرية، بما في ذلك قيادة الحوثيين في اليمن. ومع ذلك، فإن مثل هذا النهج كان من شأنه أن يحد من خيارات الولايات المتحدة المستقبلية ويلزمها بصراع مفتوح مع الحوثيين. ومن خلال اختيار حزمة ضربات أكثر محدودية، يمكن للولايات المتحدة الاحتفاظ بهذا الخيار الأكثر توسعية في حالة فشل نهجها الأولي. وكان من شأن حزمة الضربات الأكثر اتساعاً أن تنطوي أيضاً على خطر إشعال نوع من الحرب الإقليمية الأوسع بين الولايات المتحدة وإيران -بسبب احتمال سقوط قتلى إيرانيين في اليمن- وهو ما أرادت إدارة بايدن تجنبه.
أما الخيار الرابع، فهو ما يمكن أن يسمى نهج "الهزيمة". في هذا السيناريو، الذي أوصى به العديد من المحللين، ستدرك الولايات المتحدة أن الحوثيين يشكلون تهديدا دائما لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. ونتيجة لذلك، لن تقوم الولايات المتحدة بضرب الحوثيين عسكرياً فحسب، بل ستعمل بنشاط على هزيمة الجماعة، وفي المقام الأول من خلال دعم التحالف المناهض للحوثيين في الحرب الأهلية في اليمن. ومع ذلك، هناك العديد من المشكلات المصاحبة لهذا النهج. أولاً، لا يوجد تحالف واحد مناهض للحوثيين. والأطراف المناهضة للحوثيين منقسمة ولها تاريخ في قتال بعضها البعض. ثانيا، أي شخص تقريبا في التحالف المناهض للحوثيين الذي قد تتعاون معه الولايات المتحدة ملطخة أيديه بالدماء بسبب سنوات من القتال في اليمن، وسيثير مخاوف جدية متعلقة بحقوق الإنسان باعتباره شريكا للولايات المتحدة. ثالثا، وربما هي العقبة الأكثر أهمية، أن هذا من شأنه أن يلزم الولايات المتحدة بحرب عصابات طويلة ودموية في اليمن دون ضمان النجاح. ستكون الولايات المتحدة طرفا في الحرب الأهلية اليمنية.
أما الخيار الخامس الذي نظرت فيه الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير، فهو ضرب إيران مباشرة. في هذا السيناريو، كانت الولايات المتحدة ستتوصل إلى خلاصة مفادها أن إيران هي التي تمكّن الحوثيين من هذه القدرات، وبالتالي، فإن عليها إذا أرادت معالجة مشكلة هجماتهم في البحر الأحمر، الذهاب إلى مصدر المشكلة: إيران. المشكلة في هذا النهج هي أنه لا يخاطر فقط بحرب إقليمية أوسع مع إيران ووكلائها، ولكنه فقط يبتدئ مثل هذا الصراع.
تعديل الخيار الثاني
لم يكن أي من هذه الخيارات جذابا بشكل خاص، وكان الكثير منها يحمل مخاطر تصعيد كبيرة. قررت إدارة بايدن في النهاية انتهاج الخيار الثاني، وهو الضربات العسكرية المحدودة. لم يكن هذا بسبب الشعور بأنه سيحقق النتائج المرجوة -إنهاء الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمرــ بل لأنه يتناسب مع ثلاثة معايير رئيسية: أولا، سمح للولايات المتحدة بالتحرك، ثانيا، حافظت على خيارات المستقبل، وثالثا، وربما هو الأكثر أهمية، كان هذا الخيار الأقل سوءاً من بين جميع الخيارات المطروحة على الطاولة.
وبعد ما يقارب شهرين من الضربات العسكرية، من الواضح أن نهج الردع والإضعاف لا يجدي نفعا، على الأقل حتى الآن. ذلك يعني أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى تعديل نهجها لإجبار الحوثيين على وقف الهجمات في البحر الأحمر. وفي تعديل نهجها، ستكون هناك ثلاثة أمور أساسية: التحرك العسكري المستدام، وقف شحنات الأسلحة الإيرانية، ومحاسبة إيران على أفعالها.
أولاً، ستحتاج الولايات المتحدة إلى مواصلة نوع الضربات العسكرية المحدودة التي نفذتها منذ يناير/كانون الثاني ضد أهداف الحوثيين. من غير المرجح أن تؤدي هذه الضربات بمفردها إلى إنهاء هجمات الحوثيين، ولكن بالتوافق مع الإجراءات المذكورة أدناه، فإن لديها فرصة أفضل لتحقيق النتيجة المرجوة.
ثانياً، ستحتاج الولايات المتحدة إلى وقف شحنات الأسلحة الإيرانية إلى اليمن. إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من القيام بذلك، فلا أهمية لمدى إضعاف قدرات الحوثيين، حيث ستكون الجماعة قادرة على التجدد وإعادة التزود بالأسلحة. لكن وقف شحنات الأسلحة أسهل بكثير من حيث القول أكثر من الفعل. فإيران مستمرة في إرسال شحنات الأسلحة إلى الحوثيين منذ ما يقارب عقداً من الزمن، وبعضها يصل إلى اليمن عن طريق البحر والبعض الآخر عبر الحدود البرية ثم يتم تهريبها عبر البلاد إلى مناطق الحوثيين. ستحتاج الولايات المتحدة إلى مساعدة القوات البحرية المتحالفة، وخاصة من أوروبا، وكذلك الدول الإقليمية مثل عمان، للحد بشكل كبير من تدفق الأسلحة إلى الحوثيين.
أخيراً، وهذا هو الأهم، يجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لتعريض الأهداف الإيرانية للخطر. على سبيل المثال، في أوائل فبراير (الجاري)، شنت الولايات المتحدة هجوما سيبرانيا على السفينة الإيرانية بهشاد، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها تساعد الحوثيين وتزودهم بمعلومات استخباراتية عن الأهداف. تراجعت بهشاد نحو جيبوتي في أعقاب الهجوم السيبراني، ولعدة أيام، كان هناك انخفاض في هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
إيران هي الدولة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ وتأثير كبيرين على الحوثيين، والطريقة الوحيدة لوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هي أن تثبت الولايات المتحدة لإيران أنها ستدفع ثمن مساعدتها ومساندة الحوثيين. وبالفعل، أدى الإجراء الأمريكي ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا إلى قيام إيران بكبح جماح وكلائها. يمكن للولايات المتحدة أن تكون مبدعة، فهي لا تحتاج إلى الرد فقط من خلال الأعمال العسكرية، أو حتى شن هجمات مباشرة على الأراضي الإيرانية، لكنها تحتاج إلى توسيع ردها للضغط على إيران التي تقوي الحوثيين.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی ینایر کانون الثانی الضربات العسکریة للولایات المتحدة فی هذا السیناریو فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین شحنات الأسلحة إدارة بایدن الحوثیین فی هذا النهج وقف هجمات فی الیمن
إقرأ أيضاً:
غوتيريش: الهجمات الإسرائيلية على اليمن “مثيرة للقلق”
نيويورك – أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش التصعيد بين إسرائيل وجماعة الحوثي في اليمن، وأبدى قلقه من الضربات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي وموانئ البحر الأحمر ومحطات الكهرباء في اليمن.
جاء ذلك في بيان مكتوب لغوتيريش امس الخميس، بشأن تصاعد التوترات بين إسرائيل واليمن في الأيام الأخيرة.
وأوضح البيان أن القصف الإسرائيلي لمطار صنعاء الدولي أسفر عن إصابة أحد أفراد طاقم خدمات الأمم المتحدة للنقل الجوي الإنساني.
وأشار إلى أن وفدا رفيع المستوى من الأمم المتحدة، برئاسة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس كان في المطار عندما وقعت الهجمات.
وأضاف أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على اليمن أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 12.
ولفت إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي وموانئ البحر الأحمر ومحطات الكهرباء في اليمن، “مثيرة للقلق”.
وأكد غوتيريش على أن الهجمات الإسرائيلية وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر لمدة عام “تهدد الاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة البحرية”.
وأعرب الأمين العام عن قلقه العميق إزاء خطر تصعيد التوترات في المنطقة، مشددا على ضرورة قيام الأطراف المعنية بوقف جميع الأعمال العسكرية وممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أعلن أن قصف إسرائيل مطار صنعاء مساء الخميس، وقع على بعد أمتار من مكان وجوده رفقة أعضاء فريق أممي، وأدى لإصابة فرد من طاقم طائرة كانوا سيغادرون على متنها.
وأعلنت جماعة الحوثي، مساء الخميس، ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي ومحافظة الحديدة غربي اليمن، إلى 6 قتلى و40 مصابا.
و”تضامنا مع غزة”، باشرت جماعة الحوثي منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 استهداف سفن شحن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات، إضافة إلى شن هجمات على أهداف داخل إسرائيل.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، أسفرت الإبادة الإسرائيلية بدعم أمريكي في غزة عن أكثر من 153 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
الأناضول