أوصى المشاركون في النسخة الثانية من مؤتمر «تريندز الدولي للتعليم»، التي حملت عنوان: «التعليم والهوية في العصر الرقمي.. استراتيجيات مقترحة للمحافظة على الهوية وتشكيل سلوكيات النشء»، ونظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالشراكة مع معهد البحرين للتنمية السياسية، بضرورة تصميم سياسات تعليمية مبتكرة لتحقيق مستهدفات صون الهوية وتعضيد السلوكيات الإيجابية، مع ضرورة تعزيز التفاعل والتبادل بين الباحثين والمؤسسات التعليمية وصناع القرار لتطوير استراتيجيات تعليمية فعالة وهادفة.

وأشار المتحدثون إلى أن التعليم هو حصن الهويّة، ما يحتم تعزيز دوره في دعم قيم وتقاليد المجتمع والحفاظ على الهوية الوطنية والمجتمعية، مشددين على أهمية تعزيز منظومة القيم والأخلاق في مراحل التعليم المختلفة، لاسيما التعليم المبكر، والعمل الجاد على صون الهوية الوطنية الجامعة للأفراد والمجتمعات.

كما أكد المشاركون في التوصيات الختامية للمؤتمر، التي ألقاها فهد المهري، رئيس قطاع «تريندز – دبي»، على أهمية تعزيز جهود الدول الرامية إلى تطوير نظم تعليمية حديثة ومبتكرة، تعمل على إعداد الطلاب والمؤسسات التعليمية، للمساهمة في اقتصاد المعرفة المتنامي، وتعزيز التكيف مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، إضافة إلى تعزيز الاهتمام باللغة العربية ومنظومة القيم الوطنية كأساس للحفاظ على الهوية الوطنية.

 

«TRENDS AR»

وفي سياق متصل، دشن مركز تريندز للبحوث والاستشارات مشروعه المبتكر للذكاء الاصطناعي، واستهل مشروعه بإطلاق «TRENDS AR»، التي تتيح تصفح إصدارات المركز وبحوثه ودراساته، ومختلف نتاجاته المعرفية، كما تمكن «TRENDS AR»، المعززة بتقنيات الـ AI، من الولوج إلى العالم الافتراضي ومطالعة الكتب والإصدارات وزيارة الموقع الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي لمركز تريندز، فضلاً عن التعرف على خدماته البحثية والمعرفية والتدريبية والاستشارية بسهولة.

 

بيئة تعليمية مبتكرة

أكد سعادة الدكتور محمد بن مبارك جمعة وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين، خلال مداخلته في المؤتمر، حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الأنظمة التعليمية خلال الفترة الحالية، بعد التغيير الكبير الذي طرأ على دورها من كونها مجرد ناقل للمعرفة إلى كونها شريك فاعل في المسؤولية عن المحافظة على منظومة الأخلاق والعادات والتقاليد والمثل والقيم والحفاظ على الهوية الوطنية والدينية، مبيناً أن الكثيرين يعوّلون على المؤسسات التعليمية في حماية أبنائهم من المؤثرات الخارجية في ظل تعاظم تأثير المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المفتوحة للبحث والمحتوى الإلكتروني المتاح للجميع على نشأة الأطفال والمراهقين والشباب، مشيراً إلى المسئولية الكبيرة التي تقع على كاهل المؤسسات التعليمية لترسيخ منظومة القيم والعادات والتقاليد والدين واللغة والثقافة الخاصة بمنطقتنا العربية.

وأكد سعادة الوزير على أهمية التكامل بين دور الأسرة والمؤسسة التربوية لتوصيل العلم والمعرفة للطلبة من جانب، وإلى حماية منظومة الأخلاق من جانب آخر، محذراً من البرامج الموجهة إلى الأطفال والناشئة والشباب والتي تستهدف هذه المنظومة، وتحاول النيل مما تم توارثه من الآباء والأجداد من تراث شعبي وإرث ثقافي، مشدداً على أهمية شغل وقت الفراغ لدى الأبناء بما هو مفيد، وعدم ترك المجال للأجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي بأن تأخذ الحيز الأكبر من أوقات الأطفال والناشئة والشباب.

 

عصر التحولات الرقمية

بدوره، أوضح معالي الأستاذ الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، في مداخلته بالمؤتمر، أن الحفاظ على الهوية الوطنية يعد من أهم القضايا الملحة حالياً على الساحة لما تواجهه من تحديات كبيرة في عصر التحولات الرقمية، التي باتت تشكل تهديداً للمورثات الثقافية والفكرية داخل الدول والمجتمعات، مبيناً أن الحفاظ على مفهوم الهوية الوطنية، بمنزلة عمود الخيمة في الحفاظ على الوطن.

وبين أنه من أبرز التحديدات التي تواجه الهوية الوطنية، التدفقات الكبيرة من المتغيرات الثقافية والفكرية والإعلامية القادمة من الخارج، لذا لابد من تكريس الثقافة الوطنية التي يمكن من خلالها تحقيق تماسك مجتمعي قوي قادر على التغلب على أي تحديات، فالهوية الوطنية تعرضت لكثير من الإشكاليات، والحفاظ عليها يتطلب صون الهوية الثقافية والتعليم.

 

التعددية الثقافية

في المقابل، قال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر إن النقاش حول الهوية وسبل الحفاظ عليها دائم لا ينقطع في مختلف المجتمعات، ولكنه يكتسب في دول مجلس التعاون صبغة استثنائية في ظل التطور المتسارع لدولنا في مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها في مختلف مجالات الحياة، فضلاً عن كون مجتمعاتنا تتسم بالتعددية الثقافية التي تنتج الكثير من الفرص والتحديات على حد سواء.

وأضاف أن اهتمام حكومات المنطقة بقضية الهوية الوطنية ودور التعليم والتطور التقني ينعكس في توجيهاتها المستمرة بالأنشطة والبرامج والمبادرات الداعمة للهوية الوطنية في مختلف المجالات والمؤسسات، لاسيما التعليمية بحكم دورها الأساسي في غرس الهوية وترسيخ مقوماتها في نفوس النشء، مبيناً أن التغيرات المجتمعية المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية والتطبيقات الجديدة أنتجت ولا تزال، ثقافات افتراضية هجينة، ما يضع على كاهل المسؤولين عن تربية النشء عبئاً متزايداً ومستمراً للحفاظ على ثوابت الهوية الوطنية وركائزها؛ مع استمرار التفاعل مع كل معطيات العصر في إطار يحفظ ثوابت ثقافتنا وهويتنا.

 

مهددات الهوية العربية

وألقت سعادة الأستاذة إيمان فيصل جناحي، المديرة التنفيذية لمعهد البحرين للتنمية السياسية، الكلمة الترحيبية للمؤتمر، وذكرت فيها أنه على مدى سنوات تعرضت الهوية العربية إلى كثير من المهددات، عبر محاولات زرع ثقافات سلبية دخيلة عليها، مما يستدعي من الجميع أن يعمل بجد لوقف هذا النزيف، وغرس القيم العربية الأصيلة في الناشئة والأطفال، لينعم الجميع بمستقبل زاهر، وبأجيال قادرة على حماية الأوطان ومكتسبات المواطن.

وأشارت جناحي إلى أنه في ظل الانتشار الواسع للتكنولوجيا الحديثة، وما ترافق معها من فضاء غير محدود لمنصات مفتوحة، أصبح الخطر أكبر والحاجة إلى التحرك أكثر إلحاحاً، ولكل ذلك جاء مؤتمر «التعليم والهوية في العصر الرقمي»، كخطوة لإطلاق مبادرة فعالة للتعرف عن كثب على ماهية هذا التحدي وأساليب وآليات مواجهته، والتي نعتقد أنها تبدأ منذ السنوات الأولى من العمر، عبر ثقافة مجتمعية ومناهج تعليمية قادرة على غرس القيم العربية الأصيلة في الناشئة، وتهيئتهم لمواجهة التحديات كافة ومحاولات اختراق الهوية.

 

الهوية الخليجية

عقب ذلك، استهلت أعمال المؤتمر بالجلسة الأولى التي جاءت تحت عنوان: «التعليم والهوية في عالم متغير.. تحديات ومخاطر»، وأدارت النقاش الدكتورة لولوة بودلامة، الإعلامية والمستشارة الاستراتيجية في مملكة البحرين، وتحدث سعادة الدكتور علي بن محمد الرميحي، رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية، عن «الآليات والأدوات التعليمية لتعزيز الهوية الوطنية»، مؤكداً أن خطورة ما يحدث اليوم على الهوية الخليجية بدأ قبل 100 عام، حيث كانت دول الخليج منغلقة عن العالم وأدى اكتشاف النفط إلى الانفتاح على الحضارات والدول الأخرى، ولكن رغم الانفتاح ما زالت الهوية الخليجية متجذرة في المواطن الخليجي.

وذكر أن أولى مراحل الخطورة كانت عند الحديث عن اللغة وأهميتها، ولكن هناك تهاوناً من بعض المؤسسات التعليمية الخاصة بمسألة اللغة العربية، فهناك إهمال فيما يخص تعزيز اللغة العربية، كما أن أكبر خطر نواجهه اليوم هو انعدام الثقة بالمجتمع المحلي والانبهار بالثقافة الغربية التي لا تحث على التواصل الأسري وأهمية العادات الموروثة، مؤكداً الحاجة الماسة لمراكز دراسات تنبع من الدول الخليجية والعربية، وتكون ذات نظرة دولية في جميع المجالات.

 

تطوير مسيرة التعليم

بدورها، تطرقت معالي الدكتورة الشيخة مـي بنت سليمان العتيبي، نائب رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية، في مداخلتها إلى أن المنظومة التعليمية تتكون من عواميد ليس فقط عامود المنهج الدراسي والجانب التعليمي، وإنما عامود الأسرة والهوية الوطنية الذي لابد من التركيز عليه، وكذلك عامود تطوير مسيرة التعليم باستخدام التكنولوجيا الحديثة.

واستعرضت معالي الدكتورة تجربة مدرسة بيان البحرين، والتي تعد أحد المدارس الوطنية البحرينية المتميزة، من خلال تطوير مهارات المعلم البحريني، مضيفة أن المدرسة حرصت على أن يكون المرشدين الاجتماعيين مواطنين أو من الدول العربية لمعرفتهم التامة بالهوية والمجتمع، والمشاكل التي قد يتعرض لها الطالب وكيفية التعامل معها، مشددة على أهمية نقل صورة التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي للعالم أجمع، ونقل التجارب الناجحة التي تعزز الهوية العربية وتشكل سلوكيات الأبناء بالطريقة الصحيحة والتربوية، في عالم متغير مليء بالتحديات والمخاطر.

 

تعزيز التجذر الثقافي

من جانبها، قالت الدكتورة سمية عبداللطيف، رئيس مركز الإنسانيات والعلوم الاجتماعية للبحوث في جامعة عجمان، إن التعليم يبرز كمحور رئيسي ومحرك لتمكين الشباب من قيم المواطنة والقيادة والقدرة على التكيف مع التغيرات المتسارعة، وينبغي اغتنام الفرص التي يتيحها العصر الرقمي مع التفكير في طرق مبتكرة لتعزيز التجذر الثقافي، إذ إن التحدي الأكبر هو إعداد متعلمين مزودين بالمهارات التي يتطلبها سياق الرقمنة العالمي، ومنها القدرة العالية على التأقلم والتجديد.

وذكرت أن التعليم يشكل قوة محورية في دعم التراث الثقافي الإماراتي في المشهد الرقمي، وتحقيق توازن دقيق بين تبني التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم الوطنية التي تدعم التماسك الاجتماعي، حيث يمكن الاستفادة من المنصات الرقمية للتعريف بالثقافة الإماراتية، والربط بين التعليم والثقافة المحلية والمواطنة العالمية.

 

استراتيجية وطنية للبحث

من جهتها، تحدثت الدكتورة نورة الكربي، رئيسة قسم العلاقات المجتمعية للبحث العلمي في جامعة الشارقة، عن «استراتيجية البحث العلمي التطبيقي في رسم مستقبل التعليم: أولويات وطنية واستجابة حكومية»، موضحة أنه يجب الأخذ بيد الباحثين في توجيهم نحو البحث العلمي التطبيقي لرسم مستقبل التعليم، مبينة أن وضع استراتيجية وطنية للبحث العلمي التطبيقي يساهم في تحديد معالم مستقبل التعليم في المنطقة.

وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجية تحتاج إلى أن تصبح أولوية وطنية تتعاون على تحقيقها كل المؤسسات الحكومية والخاصة، مثل المؤسسات الأكاديمية والجامعات والمراكز البحثية مضيفة أن دولة الإمارات بادرت إلى تعزيز فرص البحث العلمي، من خلال إطلاق مجلس الإمارات للبحث العلمي الذي يتبنى إطلاق الأولويات البحثية في الدولة.

 

تهديدات سيبرانية

بينما أكد سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، في مداخلته، أن قيادة دولة الإمارات حرصت على التأكيد على حماية المنظومة التكنولوجية في ظل التحولات الرقمية الكبيرة التي تشهدها، مضيفاً: «نعمل في المجلس على تعزيز تلك المنظومة لحماية الدولة من التهديدات السيبرانية المختلفة». وأوضح أن المجلس نجح في مواجهة التهديدات كافة التي تعرضت لها منظومة البنية التحتية والتي كانت تستهدف منظومة البيانات الخاصة بها، حيث يسعى المجلس من خلال المبادرات المختلفة إلى نشر ثقافة الأمن السيبراني، لأننا نجد أن دور المجتمع كأفراد ومؤسسات هو حتمي لمواجهة التهديدات كافة.

 

عصر الذكاء الاصطناعي

إلى ذلك، تطرقت الجلسة الثانية إلى قضية «التعليم والهوية في عصر الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية»، وأدار الحوار الأستاذ عوض البريكي، رئيس قطاع تريندز غلوبال في «تريندز»، حيث استعرضت الدكتورة ابتسام المزروعي، الخبيرة التنفيذية في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، سبل الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في دعم الهوية الوطنية.

وأشارت إلى أن الهوية الوطنية ترتبط بشكل كبير بالهوية الرقمية، وهنا يأتي دور النماذج الاصطناعية مثلCHAT GPT وغيره، حيث تمثل هذه التكنولوجيا الأساس في تفاعل البشر مع الآلة، ولكن من الضروري بناء القدرات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال تعزيز عمليات التعليم والتدريب في هذا القطاع الحيوي، كما يتعين وضع التشريعات اللازمة لتنظيم ومراقبة عمليات برمجة تلك النماذج.

 

الثورة الرقمية

وعن الفرص والتحديات التي تواجه مستقبل التعليم والهوية الوطنية، أكد الدكتور يوسف محمد إسماعيل، الإعلامي ومدرب الهوية الوطنية في مملكة البحرين، أن العالم يشهد تحولات جذرية مع الثورة الرقمية، ولا يمكن الحديث عن مواكبة تلك التحولات بدون تغيير مناهج وأساليب التعليم التقليدية وتعليم الطلاب كيفية التعامل مع هذه التطورات، فمع وجود الذكاء الاصطناعي وعالم الروبوتات، نجد أن هناك محاولات خجولة لتطوير مناهج التعليم، ولكن يظل الجانب الإيجابي في المحاولة، والتي نأمل أن تؤتي ثمارها في المستقبل.

وذكر أن هناك متغيرات كثيرة أثرت على منظومة التعليم، فنجد أن انحسار دور المنزل، والمدرسة، والقراءة، والإعلام وكذلك المسجد، أضحت أساباً رئيسية في تغير المنظومة التعليمية، وقد تجلى ذلك في تقرير منظمة اليونسكو لعام 2020 حول معدلات القراءة، والتي سجلت 6 دقائق فقط في العام بالمنطقة العربية.

 

فقدان الهوية

أما الأستاذ سلطان العلي، الباحث ومدير إدارة الباروميتر العالمي في «تريندز»، فأكد أن العملية التعليمية تواجه العديد من الفرص والتحديات، حيث توفر التكنولوجيا فرصاً لتعزيز الهوية الوطنية من خلال منصات التعليم الإلكتروني التي تسمح بدمج المحتوى الثقافي والتاريخي في المناهج الدراسية، مما يعزز فهم وتقدير الهوية الوطنية في نفوس النشء.

وذكر أنه في المقابل، تواجه العملية التعليمة تحديات كثيرة، أبرزها: العولمة وفقدان الهوية، والتحيز الثقافي في المحتوى التعليمي، والفجوات الرقمية والاقتصادية، والتي تؤدي إلى إضعاف الهوية الوطنية وتعميق الفجوات التعليمية والثقافية.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: البحرین للتنمیة السیاسیة المؤسسات التعلیمیة على الهویة الوطنیة الذکاء الاصطناعی مستقبل التعلیم الحفاظ على الوطنیة فی على أهمیة من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

بتوجيهات الشيخة فاطمة بنت مبارك.. «الحق في الهوية والثقافة الوطنية» شعار يوم الطفل الإماراتي 2025

أعلن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة شعار يوم الطفل الإماراتي لهذا العام، وذلك بتوجيهات من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية.
وكشف المجلس عن الشعار، وهو «الحق في الهوية والثقافة الوطنية»، مؤكداً أن هذا الحق يعد جانباً أساسياً من جوانب نمو الطفل وتشكيل هويته، ويشمل ذلك قدرته على التفاعل مع تراثه الثقافي والمشاركة فيه والتعبير عنه، بما في ذلك اللغة، والتقاليد، والفنون، وانطلاقاً من أن الاعتراف بهذا الحق ورعايته يسهم في تعزيز شعور الأطفال بالانتماء والهوية، وهو أمر جوهري لرفاههم وتطورهم المتكامل.
ويتميز هذا العام بأنه سيتم فيه الإعلان عن أفضل المشاركات حول الحق في الهوية والثقافة الوطنية والتي تشمل سبع فئات، الفئات الدائمة، وهي «احتفالنا بهم.. فرحة لهم»، وتُمنح للجهة التي تنظم الاحتفال الأكثر تأثيراً وتفاعلاً بيوم الطفل الإماراتي، وفئة «صوت الطفولة.. صدى الإعلام» لأفضل محتوى إعلامي متميز (تلفزيوني، صحفي، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي) يبرز يوم الطفل الإماراتي وينقل رسالته بفعالية، وفئة «لطفولتهم تتزين الإمارات» وتمنح لأكثر الزينات ابتكاراً وجمالاً، وتعكس أجواء احتفالية شاملة تشجع على المشاركة المجتمعية.
جيل يروي تاريخه
كما تشمل الفئات المرتبطة بشعار هذا العام، فئة «جيل يروي تاريخه»، لأفضل «تطبيق، برنامج، لعبة، كرتون» لتعليم الأطفال التراث الثقافي الإماراتي، و«هوية إماراتية فخر أجيالنا»، لأفضل برنامج لتعزيز الهوية الوطنية لدى الأطفال، و«بالعربية نبدع» لأفضل مبادرة لتعزيز اللغة العربية وترسيخها لدى الأطفال، وأخيراً فئة «جسور بين الأجيال - تراث عريق» لأفضل مبادرة تعزز التواصل بين الأطفال وكبار المواطنين للحفاظ على التراث الإماراتي.
وسيعلن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في نهاية العام الجاري، عن أفضل المشاركات في هذه الفئات السبع.
الموروث الشعبي
يهدف شعار يوم الطفل الإماراتي إلى تعزيز الربط بين الأجيال، من خلال إشراك كبار المواطنين والأطفال في أنشطة مشتركة، وتوثيق وتدوين الممارسات المحلية بأسلوب مبسط وصديق للأطفال، لضمان تخليدها للأجيال المقبلة، والتشجيع على القراءة باللغة العربية، لتعزيز ارتباط الأطفال بلغتهم الأم، إضافة إلى دعم التبادل الثقافي المحلي والمعرفي بين فئات المجتمع المختلفة بما يسهم في المحافظة على الموروث الشعبي الإماراتي الذي يشمل على سبيل المثال لا الحصر الشعر والحكم والأمثال والفنون التراثية والعيالة والحربية والتغرودة والصناعات التقليدية، وكل ما يحمل في طياته تاريخاً طويلاً من العادات والتقاليد التي تميز دولة الإمارات.
 وتتضمن المشاركات أنشطة ومبادرات تمتد على مدار العام الجاري، تنظمها وتشارك فيها المؤسسات والجهات المختلفة من القطاعين الحكومي والخاص في الدولة وجميع فئات المجتمع إماراتيين ومقيمين.
الهوية والثقافة الوطنية
أكد المجلس أن احترام حق الطفل في الهوية والثقافة الوطنية ينعكس إيجاباً على العديد من جوانب شخصيته، من بينها تعزيز احترام الذات والثقة بالنفس لديه، إذ إن الأطفال الذين يتم تشجيعهم على استكشاف تراثهم الثقافي والتعبير عنه يطورون شعوراً قوياً بالفخر بهويتهم، تتم ترجمته إلى أداء أكاديمي وتفاعلات اجتماعية أفضل وروابط عائلية أقوى.
المهارات الاجتماعية
أوضح المجلس في دليل يوم الطفل الإماراتي الذي أطلقه عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالمجلس، أن الانخراط في التقاليد الثقافية يقوي الروابط الأسرية ويضمن نقل المعرفة الثقافية عبر الأجيال، وأن تحسين المهارات الاجتماعية يساعد الأطفال على فهم ثقافتهم الخاصة وتقديرهم لها، الأمر الذي ينمي لديهم التعاطف واحترام الآخرين.
ولفت إلى أن الوعي الثقافي يعزز لدى الطفل علاقات اجتماعية أفضل، ويقلل من الأحكام المسبقة والصور النمطية، ويعزز لديه المرونة والقدرة على التكيف، خصوصاً أن الأساس الثقافي القوي يساعد الأطفال على مواجهة التحديات والتغييرات، ويكون لديهم رؤية عالمية أوسع؛ لأن أولئك الذين يرتكزون على ثقافتهم ويطلعون على ثقافات الآخرين يطورون منظوراً أكثر شمولاً وعالمية ما يعزز نجاحهم الأكاديمي، إذ أثبتت التجارب أن المدارس التي تدمج التعليم الثقافي في مناهجها الدراسية تشهد تحسناً في مشاركة وأداء طلابها التعليمي.
التراث الإماراتي
دعا المجلس إلى تعزيز الأنشطة اللامنهجية التي تحتفي بالثقافة والتراث الإماراتي، مثل الموسيقى التقليدية والرقص والفنون والحرف اليدوية، وإتاحة المكتبات والمراكز الثقافية لجميع الأطفال؛ لأنها تلعب دوراً محورياً في توفير الموارد والمساحات للتعليم الثقافي والمشاركة.كما دعا إلى دعم البرامج المجتمعية التي تعزز التعبير الثقافي بين الأطفال، وتوفر فرصاً تعليمية غير رسمية وتدعم الشعور بالفخر المجتمعي والثقافي، وتنظيم المهرجانات والفعاليات الثقافية التي يشارك فيها الأطفال في تراثهم الثقافي والتعرف عليه، وإنشاء مساحات آمنة يسهل الوصول إليها لهم، ليشاركوا في الأنشطة الثقافية ويستكشفوا هوياتهم الثقافية.
وأكد المجلس أهمية تعزيز المحتوى الذي يعكس التنوع الثقافي والتراثي: عبر وسائل الإعلام التي تؤدي دوراً مهماً في تشكيل التصورات والمواقف تجاه التنوع الثقافي، وتشجيع برامج الأطفال التي تقوم بالتثقيف والاحتفاء بالتقاليد الثقافية.
العادات والتقاليد
قالت الريم بنت عبدالله الفلاسي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، إن الاحتفالات بيوم الطفل الإماراتي لهذا العام، تؤكد جانباً مهماً جداً في مسيرة بناء شخصيته وتكوين قناعاته ونظرته إلى مجتمعه ومحيطه، وهو الجانب الثقافي الذي يركّز على تعزيز ارتباطه بوطنه ومجتمعه واعتزازه بالقيم والعادات والتقاليد الأصيلة التي يتميز بها.
وأضافت أن الموروث الشعبي الإماراتي، بمكوناته الغنية والمتنوعة سواء على مستوى الفنون أو العادات أو القيم، يعد ركيزة أساسية من ركائز الهوية الوطنية، التي يسعى المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بالتعاون مع جميع المؤسسات المعنية في القطاعين الحكومي والخاص إلى غرس مبادئها في نفوس الأطفال والناشئة وتعزيز ارتباطهم بها، وتشجيعهم على التمسك بها والمحافظة على أصالتها، مشددة على أن هذا الأمر مسؤولية مجتمعية مشتركة تتطلب تضافر الجهود كافة للحفاظ عليه ونقله إلى الأجيال المقبلة.
الشعور بالفخر
دعت الفلاسي الجهات الحكومية ذات الصلة، إلى الإسهام الفاعل والمشاركة في دعم وتفعيل الحق في الثقافة والهوية لأطفال الإمارات، والحرص على ضمان احترام الحقوق الثقافية، والمشاركة في تعزيز وتعميق الشعور بالفخر والانتماء لديهم، الأمر الذي يدعم نموهم الشامل وبالتالي بناء أجيال محبة لوطنها منتمية لترابه، مخلصة في ولائها لقيادته الرشيدة، قادرة على حمل رايته ومواصلة مسيرته في النهضة والتنمية والعبور نحو المستقبل الذي يتطلع إليه أبناؤه.

أخبار ذات صلة هزاع بن زايد يشدّد على المسؤولية المشتركة في رعاية الأطفال أطفال الإمارات.. حماة التراث المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة قناة السويس: نواصل جهود تعزيز التحول الرقمي كمحور رئيسي لتطوير العملية التعليمية
  • وكيل التعليم بالجيزة يجري زيارة ميدانية لإدارةِ أطفيح التعليمية.. صور
  • نهيان بن مبارك: تعزيز الهوية الوطنية ركيزة أساسية لنمو المجتمع
  • احتفال ثقافة نجع حمادى.. محافظ قنا يؤكد أهمية تعزيز الهوية الوطنية
  • الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني
  • «أطفال الشارقة»: ترسيخ الهوية الوطنية
  • «الأرشيف» و«الهوية» يبحثان تعزيز التعاون
  • «الشارقة الرقمية» تستهدف تعزيز الشراكة المجتمعية
  • بتوجيهات الشيخة فاطمة بنت مبارك.. «الحق في الهوية والثقافة الوطنية» شعار يوم الطفل الإماراتي 2025
  • وزارة التعليم الأمريكية: إدارة ترامب تحقق مع 45 جامعة بشأن سياسات العرق والتنوع