إبراهيم المقادمة.. طبيب أسنان ساهم في بناء الجهاز العسكري لحماس
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
مقاوم ومناضل فلسطيني، يعد أحد أشهر أعلام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في فلسطين، ومن أهم أعمدة جهازها العسكري، كان أحد أعضاء المكتب السياسي للحركة وأحد أهم مفكريها. أسس خلال سنوات اعتقاله في سجن النقب الإسرائيلي "جامعة يوسف"، ووضع فيها مقررات دراسية وبرامج تربوية للأسرى داخل السجون، استشهد في الثامن من مارس/آذار 2003، باستهداف طائرات الاحتلال الحربية لسيارته بمدينة غزة.
ولد إبراهيم المقادمة وكنيته "أبو أحمد" في 14 مايو/أيار 1950 في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة. هاجرت عائلته إلى مدينة غزة من بلدة بيت دراس سنة 1948 بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، ثم انتقل إلى العيش في مخيم البريج وسط القطاع. تزوج وأنجب 7 أبناء.
الدراسة والتكوينتلقى المقادمة تعليمه الأساسي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم جباليا، وكان من الطلاب المتفوقين، إذ حصل في الثانوية العامة على درجة عالية، مما مكنه سنة 1968 من الالتحاق بكلية طب الأسنان في إحدى الجامعات المصرية، حيث تعرف إلى جماعة الإخوان المسلمين، وانضم إليها خلال سنوات دراسته قبل أن يتخرج طبيبا للأسنان.
التجربة النضاليةعاد المقادمة إلى غزة، وعمل طبيبا للأسنان في مستشفى الشفاء بعد تخرجه من مصر، وشارك في دورات في التصوير الإشعاعي، وأصبح اختصاصي أشعة.
وبفضل انضباطه وتحمسه للقضية الفلسطينية وانخراطه في العمل الميداني النضالي أصبح أحد المقربين من الشيخ أحمد ياسين أحد مؤسسي حركة حماس.
يعود الفضل للمقادمة في تشكيل النواة الأولى للجهاز العسكري في قطاع غزة -التي كانت تسمى "مجد"- بتنسيق مع عدد من قادة الحركة، وأوكلت إليه مسؤولية إمداد المقاومين بالسلاح والذخيرة.
نشاطاته النضالية وعمله ضمن صفوف المقاومة جعله محل تتبع وتضييق من قبل سلطات الاحتلال التي هدمت بيت أسرته في مخيم جباليا سنة 1971.
اعتُقل للمرة الأولى سنة 1984 بتهمة الحصول على أسلحة وإنشاء جهاز عسكري بغزة، وحُكم عليه بالسجن 8 سنوات، قضاها متنقلا بين سجون الاحتلال المختلفة، ثم أُعيد اعتقاله مرة أخرى ليقضي ما مجموعه 10 سنوات في الزنازين.
أبعدت السلطات الإسرائيلية أواخر سنة 1992 عددا كبيرا من قيادات حركة حماس إلى بلدية مرج الزهور في جنوب لبنان، وقتها كان المقادمة قد أنهى محكوميته في سجون الاحتلال، فتولى قيادة كتائب عز الدين القسام -الجهاز العسكري لحركة حماس- في مرحلة اعتبرت صعبة جدا، لكنه تمكن من تحقيق تطور نوعي في أداء الكتائب وتنويع عملياتها.
اختير من قبل الأسرى الفلسطينيين خلال اعتقاله في سجن النقب مسؤولا عن كل أقسامه التي حوّلها إلى ورشات لصناعة المقاومين والمناضلين، إذ أسس "جامعة يوسف" وحدّد لها برامج ثقافية متطورة، وشكل لجانا لتحضير المساقات ومحاور الدروس والمحاضرات التي عقدها ورفاقه بشكل دوري.
وزودت الجامعة حركة حماس بآلاف القادة والمقاومين، وعوضت جانبا كبيرا من الفراغ الذي ينشأ داخل السجن.
عبّر المقادمة عن معارضته لاتفاق "أوسلو" الموقع سنة 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، إذ كان يرى أن "المقاومة هي السبيل الوحيد للاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية".
أدت مواقفه المعارضة لسياسات السلطة الفلسطينية إلى اعتقاله سنة 1996 من طرف قوات أمنها، ووجهت له تهمة تأسيس جهاز عسكري سري في غزة، وأطلق سراحه سنة 1999 بعد 3 سنوات من الاعتقال، تلاها قرار بفصله من وزارة الصحة الفلسطينية، مما جعله يباشر عمله طبيبا للأسنان في الجامعة الإسلامية بغزة.
ووصفه الاحتلال بـ"نووي حماس" عقب انتهاء سجنه وإطلاق سراحه سنة 1999، واعتبره المحللون الإسرائيليون أحد أبرز مفكري الشعب الفلسطيني، الذين اختاروا المقاومة خيارا وحيدا لمواجهة الاحتلال.
المؤلفاتتفرغ الدكتور إبراهيم المقادمة بعد عام 2000 إلى الجهود السياسية والدعوية وإلقاء المحاضرات والتنظير لفكر المقاومة وكتابة الأشعار والكتب في سبيل قضية فلسطين. وألّف عددا من الدراسات والكتب، خاصة في المجال الأمني، ومنها:
معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين. الصراع السكاني في فلسطين. ديوان شعري بعنوان "لا تسرقوا الشمس".كما نشرت له عشرات المقالات في الصحف الفلسطينية.
الاستشهادأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الثامن من مارس/آذار 2003، 5 صواريخ من مروحية أباتشي باتجاه سيارة المقادمة التي كانت تعبر شارع اللبابيدي وسط مدينة غزة، مما أدّى إلى استشهاده و3 من مرافقيه وإصابة عدد من المارة وطلاب المدارس بجروح.
وعقب استشهاده صرّح "جدعون عيزرا"، الذي شغل منصب نائب رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك) أن إبراهيم المقادمة يعدّ أحد أخطر الفلسطينيين على أمن إسرائيل، وأنه ليس مجرد قيادي في تنظيم فلسطيني، بل هو مدرسة فكرية كاملة غذت اندفاع الفلسطينيين نحو مواصلة القتال ضد إسرائيل.
التكريماتتخليدا لذكراه وتكريما له أطلق اسمه على أول الصواريخ التي صنعتها كتائب القسام، وهو صاروخ بعيد المدى من طراز "إم 75″، واُستخدم خلال معركة "حجارة السجيل" سنة 2012.
كما كشفت كتائب القسام خلال معركة طوفان الأقصى (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) عن صاروخ جديد يحمل اسم الشهيد المقادمة من طراز "إم 90" قصفت به تل أبيب ردا على المجازر الإسرائيلية المرتكبة في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حرکة حماس فی مخیم
إقرأ أيضاً:
الخطة المصرية لغزة: رؤية سياسية لمواجهة مقترح ترامب ولا مكان فيها لحماس
تطرح القاهرة خطة بديلة لمقترح ترامب حول غزة، تهدف -بحسب رويترز- إلى إقصاء حماس واستبدالها بحكومة انتقالية تحت إشراف دول عربية وإسلامية وغربية، إلى جانب قوة استقرار دولية لتولي الأمن. ومع ذلك، لا تحدد المسودة مصدر تمويل إعادة الإعمار أو كيفية إخراج حماس من المشهد.
في ظل تصاعد الجدل حول مستقبل قطاع غزة بعد الحرب، تبرزالخطة المصرية كأحد البدائل المطروحة لمقترح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي سعى إلى تحويل غزة إلى وجهة سياحية فاخرة عبر مخطط "غزة ريفييرا". إلا أن القاهرة تتبنى نهجًا مختلفًا، إذ تسعى إلى إقصاء حماس واستبدالها بكيانات انتقالية تخضع لإدارة دول عربية وإسلامية وغربية.
وتتضمن المسودة، التي حصلت عليها رويترز، إنشاء بعثة مساعدة للحكم تتولى إدارة شؤون القطاع لفترة انتقالية غير محددة، إضافة إلى قوة استقرار دولية تتولى مسؤولية الأمن، مع إشارة صريحة إلى أن تمويل إعادة إعمار غزة لن يكون متاحًا دوليًا ما دامت حماس تحتفظ بسيطرتها السياسية والعسكرية.
ومن المقرر أن تُعرض الرؤية المصرية خلال قمة جامعة الدول العربية يوم الثلاثاء، إلا أن الوثيقة لا تحدد ما إذا كان تنفيذها سيتم قبل أو بعد التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهي الحرب التي اندلعت إثر هجمات 7 أكتوبر 2023.
إخلاء غزة أم إعادة هيكلتها؟تعكس خطة ترامب انحرافًا واضحًا عن السياسة الأمريكية التقليدية الداعمة لـ حل الدولتين، إذ تقوم فكرته على إخلاء غزة من سكانها، وهو ما قوبل بغضب واسع بين الفلسطينيين والدول العربية.
في المقابل، تسعى الخطة المصرية إلى إعادة هيكلة القطاع عبر حكومة انتقالية، لكنها تتجنب معالجة القضايا الحساسة، مثل تمويل إعادة الإعمار أو كيفية إقصاء حماس، التي لا تزال قوة سياسية وعسكرية رئيسية من الصعب تجاوزها دون استراتيجية واضحة.
تحركات دبلوماسية عربية لمواجهة رؤية ترامبعلى مدى شهر كامل، تعمل مصر، والأردن، ودول الخليج على صياغة مبادرة دبلوماسية مضادة لمواجهة خطة ترامب. وبينما طُرحت عدة أفكار، تعتبر الخطة المصرية الأكثر تقدمًا، رغم أن الموقف العربي الرسمي لا يزال غير محسوم.
وتؤكد مصادر مطلعة أن المسودة، التي حصلت عليها رويترز من مسؤول مشارك في مفاوضات غزة، تنص على الاستفادة من الخبرات الفلسطينية داخل وخارج القطاع لتسريع عملية إعادة الإعمار. لكنها في الوقت ذاته ترفض بشكل قاطع مقترح التهجير الجماعي للفلسطينيين، الذي تراه دول مثل مصر والأردن تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
موقف حماس والولايات المتحدة من الخطة المصريةأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريان هيوز، أن ترامب يصر على استبعاد حماس من حكم غزة، لكنه يرحب بمقترحات الدول العربية حول مستقبل القطاع.
أما من جانب حماس، فقد نفى القيادي سامي أبو زهري علم الحركة بأي مقترح مصري، مشددًا على أن مستقبل غزة يجب أن يقرره الفلسطينيون وحدهم، ورافضًا أي إدارة أجنبية أو وجود قوات غير فلسطينية في القطاع.
Relatedنتنياهو: سنواجه كل من يحاول حفر ثقوب في سفينتنا الوطنيةغزة التي في خاطره": ترامب يحول القطاع لمنتجع فاخر ويظهر مع نتنياهو وماسك في "ريفييرا الشرق الأوسط"رغم قرار المحكمة الجنائية.. ميرتس يدعو نتنياهو لزيارة برلينوتتجنب المسودة المصرية الإشارة إلى انتخابات مستقبلية أو تحديد كيفية التعامل مع حماس في حال رفضها نزع السلاح أو التنحي عن الحكم. ومع ذلك، تتضمن الخطة تصورًا لإنشاء قوة استقرار دولية، قوامها دول عربية، تتولى الأمن بدلاً من الفصائل المسلحة، مع التوجه لاحقًا نحو تأسيس قوة شرطة محلية.
أما على مستوى الحوكمة والإشراف الأمني، فتقترح المسودة إنشاء مجلس توجيهي يضم دولاً عربية رئيسية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، إضافة إلى أطراف أخرى.
ملف إعادة إعمار غزةمنذ 2007، عززت حماس قبضتها على غزة عبر جهاز أمني وعسكري قوي مدعوم من إيران، يستند إلى شبكة أنفاق واسعة، تقول إسرائيل إنها دمرتها بشكل كبير خلال الحرب الأخيرة.
لكن الخطة المصرية لا تحدد كيفية تمويل إعادة إعمار غزة، رغم أن الأمم المتحدة تقدر التكلفة بأكثر من 53 مليار دولار. ووفق مصادر مطلعة، فإن دول الخليج والدول العربية ستحتاج إلى تقديم 20 مليار دولار على الأقل في المرحلة الأولى من إعادة الإعمار.
وتقترح المسودة المصرية أن تقوم الدول المشاركة في مجلس التوجيه بإنشاء صندوق لدعم الحكومة الانتقالية، وتنظيم مؤتمرات للمانحين لحشد التمويل اللازم، لكنها لم تتضمن أي التزامات مالية واضحة حتى الآن.
وتبرز السعودية، وقطر، والإمارات كمصادر تمويل رئيسية محتملة، لكن الموقف الإماراتي يربط أي مساهمة مالية باستبعاد حماس تمامًا من المشهد السياسي في غزة.
حتى الآن، لم تصدر أي تعليقات رسمية من وزارتي الخارجية القطرية والإماراتية أو المكتب الإعلامي الدولي للسعودية بشأن الخطة المصرية أو استعدادهم للمشاركة في إعادة إعمار غزة.
Relatedتعيين قادة جدد وإصلاح الأنفاق.. "وول ستريت جورنال": حماس تستعدّ لاحتمال استئناف الحرب في غزةإسرائيل توقف المساعدات إلى غزة وحماس ترفض مقترح ويتكوف لهدنة في رمضانحماس: "لا تقدم يُذكر" في مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزةوتدعو المسودة المصرية أيضًا إلى تشكيل مجلس استشاري للمجتمع المدني يتألف من أكاديميين وقادة منظمات غير حكومية وشخصيات بارزة، بحيث يكون دوره التنسيق مع مجلس التوجيه بشأن مستقبل غزة.
هل تمهد الخطة المصرية لخارطة طريق دولية في غزة؟تبدو الخطة المصرية بمثابة مقترح انتقالي يسعى إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني في غزة، لكنه يترك العديد من الأسئلة دون إجابة، أبرزها:
كيف سيتم إقصاء حماس فعليًا دون تصعيد عسكري جديد؟ ومن سيقدم التمويل اللازم لإعادة إعمار غزة في ظل غياب التزامات واضحة؟ وكيف ستتم إدارة القطاع خلال الفترة الانتقالية دون توافق فلسطيني داخلي؟
في ظل هذه التعقيدات، يبقى مستقبل قطاع غزة معلقًا بين الرؤى الدولية والإقليمية، بينما لا تزال الأطراف الفاعلة تسعى لترسيخ مصالحها في مرحلة ما بعد الحرب.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية نتنياهو: لا مزيد من الغذاء المجاني لغزة حماس: "لا تقدم يُذكر" في مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة "هذا ليس رمضان، إنه عام الحزن".. كيف استقبل أهل غزة أول أيام شهر الصوم؟ غزةمصر- سياسةجامعة الدول العربيةدونالد ترامبإعادة إعمار