ليس التعليم مهنة بل هو رسالة عظيمة صاحبها له مكانة وحصافة يتبوأها كلما نطق لسانه جملةً وخطت يداه حرفاً ودونت رقما ، إنه المعلم الذي تشرق النفوس بقدومه وينبثق النور من مخارج حروفه هو النموذج والأب والأستاذ والقدوة والرمز لهؤلاء الأطفال ، حين تكبر نفوسهم وتنمو طموحاتهم ومواهبهم من بين يديه ومن عمق أدائه ينبغ الأديب والطبيب والشيخ والمهندس والطيار والعظماء .
هناك معلمون مازالت أبجديات حروفهم وأرقامهم نورا نتزود بها في حياتنا ونعلم بها أبناءنا .
غرسوا العلم بمفاهيم التربية والتعليم والصدق والأمانة .
كم هي الأمنيات أن تعيدني معلما متطوعا للصفوف الأولية لأقف مبتسما في الحصة الصباحية لطلاب الصفوف الأولى الثلاثة كم هي الإنسانية والتربية العظيمة أن تجعل منك معلما يؤدي العلم بقلب أب وعقل عالم .
تمنيت أن اقف في أبواب الفصول القي التحية على الجميع وأن أصافحهم طالبا طالبا امسح على رؤوسهم واحدا تلو الآخر حتى أبث حماس العلم في نفوسهم و أن اجلس مع ضعفهم الداخلي وأبوح لهم بمقدار حبي لهذه الطفولة في أرواحهم .
وان يكون اللهو معهم أدبًا يبني الاحترام في دواخلهم وينمي مواهبهم وإبداعاتهم وأجعلها نبراسا لأهدافهم ، وأن أبني أجيالا يكون العلم شعاعا ينير الكون بوهجهم ، حتى تكون الحصص هي إنصات جميل يجذب حواسهم ويزيد من شغفهم مستمعين بأدب العلم ووقار التعليم والتربية.
وان أساعدهم في الإفطار الصباحي لأرى من يتضور جوعا وأخرسه الخجل إكراماً لبراءتهم .
أحتاج أن أتلمس حاجاتهم فالبيوت أسرارها في دواخلهم وانكساراتها في نبراتهم ، أحتاج أن أهمس في آذانهم أنني أب أقف أمامهم ، وأن يكون تعليمي غرسا يثمر أخلاقا راقية ويغرس شجر الإبداع في دواخلهم ، وأن يكون هذا البناء لبناته مصفوفة في أمنياتهم وعلى طاولاتهم قبل أسمائهم .
إنها آفاق لابد أن يعيشها المعلم والحالم في صفوف الدراسة .
كم هي الأمنيات أن اقف معهم في طابور الصباح أردد النشيد الوطني كل يومٍ حتى ينمو هذا الوطن في قلوبهم حبا وولاء وتضحية ويتسع عشقه في حياتهم خدمة وفداء .
و أن أقف لهم وأصطف معهم في أداء الصلاة لكي تكون نبراسا ونورا وصلة ربانيه تؤنس وحشتهم ، وتصقل فطرتهم أيها المعلم أنت الملهم الأول لأبنائنا وأنت أيتها المعلمة كذلك ملهمة لبناتنا أنتم آباء ومربون وتربويون ومعلمون وأساتذة قدوة في عيونهم يقتدون بكم .
كم هي الطفولة جميلة تحتاج إلى الاحتضان تحتاج إلى التوجية تحاج إلى الصبر تحتاج إلى أن يكون التعليم ثمراته إبداعا ونورا وحياة وإشراقا في مستقبل هؤلاء الطلاب ، كم أنت عظيماً أيها المعلم أيها الأستاذ القدير ، إن اردت أن تصنع جيلا وتبني وطنا وأن تكون رمزا فكن في التعليم سيدا ومربيا وعالما وإنسانا وأبا تحية إجلال وإكرام لك أيها المعلم المربي .
كلمات دونت حروفها من قلب أب صادق يراك نورا ووهجا ينير الأوطان .
ابتسم أيها الأنيق هكذا نعيش في الحياه.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيل الشيخ المعلم.. ما سر بقاء صوت الحصري خالدا في القلوب؟
صوتٌ يأخذك إلى عالمٍ من الخشوع والسكينة، وأداءٌ يعكس جمال القرآن وروعة أحكامه.. تحل اليوم ذكرى رحيل الشيخ محمود خليل الحصري، أحد أعظم قراء القرآن الكريم في تاريخ مصر والعالم الإسلامي، بصوته الفريد، وأسلوبه المتقن، وأعماله الخالدة، صنع الحصري إرثًا لا يزول، تاركًا بصمةً مضيئةً في قلوب المسلمين، وفي كل بيت يصدح فيه كتاب الله، لأنّه لم يكن مجرد قارئ بل كان سفيرًا للقرآن وملهمًا للأجيال.
وُلد الشيخ الحصري في 17 سبتمبر 1917 بقرية «شبرا النملة» بمحافظة الغربية، ونشأ في بيئة تُقدِّر القرآن الكريم، حفظ القرآن في سن الثامنة، والتحق بمعهد طنطا الأزهري لدراسة علوم القرآن والقراءات.
أسلوبه المتزن في التلاوةواشتهر الشيخ الحصري بصوته المميز وأسلوبه المتزن في التلاوة، وبرزت قدراته الاستثنائية في ضبط قواعد التجويد وإتقان أحكام القراءة، وكان أول من سجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم عام 1961؛ ليصبح بذلك نموذجًا يُحتذى به في التلاوة الصحيحة، وانتشر صوته في أنحاء العالم الإسلامي، كما سجل الشيخ المصحف كاملًا بروايات مختلفة مثل ورش وقالون والدوري.
نشر وتعليم القرآن الكريموأسهم الحصري في نشر وتعليم القرآن الكريم داخل مصر وخارجها، إذ ألقى محاضرات وقدم تلاوات في العديد من الدول الإسلامية والغربية، وكان حريصًا على تعريف العالم غير الإسلامي بجماليات القرآن الكريم من خلال أسفاره الكثيرة، إذ زار دولًا مثل الهند وباكستان وبريطانيا والولايات المتحدة.
ولم يكن الحصري قارئًا فقط، بل كان عالمًا ومصلحًا دينيًا، كتب العديد من الكتب التي تناولت علوم القرآن، مثل كتاب «أحكام قراءة القرآن الكريم»، و«القراءات العشر من الشاطبية والدرة»، كما كان مهتمًا بتحفيظ القرآن للأطفال، وأسس العديد من الكتاتيب والمراكز لهذا الغرض.
الأوسمة والتكريماتوعلى مدار حياته، حصل الشيخ الحصري على العديد من الأوسمة والتكريمات، وكان قارئًا رسميًا لمسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وفي 24 نوفمبر 1980، توفي الشيخ الجليل عن عمر ناهز 63 عامًا، تاركًا إرثًا خالدًا من التلاوات العطرة والعلم النافع، ورحل الحصري بجسده، لكن صوته ما زال يصدح في بيوت المسلمين حول العالم، ملهمًا الأجيال بحسن الأداء وخشوع التلاوة، ليبقى اسمه خالدًا في سجل العظماء الذين خدموا كتاب الله بصدق وإخلاص.