نوف الموسى (الرياض)
هنالك رائحة محببة تُهديها الأرض للإنسان بعد هطول المطر، ولذا فلابد من تفسير جمالي بمقدوره توسيع الإدراك نحو كل هذا البوح الكوني في الطبيعة، ولعلها لغة وجودية رفيعة مرتكزة على الحواس، بوصفها نافذة على الروح، وبوابة شاسعة لاكتشاف اللحظة الإنسانية الفارقة في جوهر سؤالها الأبرز عن إمكانية تطوير العلاقات الرئيسة بين المكونات الأساسية للحياة الطبيعية على كوكب الأرض.

ومن هنا اتخذت النسخة الثانية لـ«بينالي الدرعية للفن المعاصر 2024»، التي تقام في حي جاكس بالدرعية، في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من مؤسسة بينالي الدرعية، خلال الفترة من 20 فبراير، وحتى 24 مايو المقبل، بحثاً لإضفاء المعنى الإنساني لماهية الفكرة الفلسفية لمفهوم الأرض ما بعد الغيث، وهي دلالة نوعية للتحولات الثقافية والفنية للحراك الإبداعي الراهن في المملكة العربية السعودية.

مرويات متوازية
واللافت في الاحتضان الممتد لنحو 6 قاعات وفناءات داخلية وخارجية بمساحة 12,900 متر مربع، تتضمن قرابة 177 عملاً فنياً بمشاركة 100 فنان ما بين مبدعين وباحثين ومواهب سعودية ودولية، المحاولة الرصينة من فريق القيّميين الفنيين، لسرد مرويات متوازية من مختلف المدن السعودية، تسمح للمتلقي بالمشاركة التفاعلية لابتكار تشكلات فكرية وأنماط نقاشية جديدة، تحول كل الطبيعة والإيقاعات الحياتية اليومية إلى تجربة لحظية متفردة، فالأعمال الفنية من خلال وسائط متعددة، ارتحلت عبر الموروثات الحديثة وشاعرية المكان، واهتمت بالقصص والسرديات التاريخية، من خلال البيئات وعلاقتها بالكائنات، وجميعها تصف رمزية «الماء» و«الغذاء» و«الاستشفاء»، كمحاور معرفية، تنطلق من فهم احتياجات الإنسان الأولية بتجاه مرحلة إلهام الوعي الإنساني، وقد وصفتها أوتي ميتا باور المديرة الفنية لـ«بينالي الدرعية للفن المعاصر 2024» في حوار لـ«الاتحاد الثقافي»، بأنها الطاقة الاستثنائية لمختلف الأجيال الحالية في المملكة، ومنطقة الخليج العربي عموماً، وما تعبر عنه من مخزون حضاري، من شأنه أن يلقي الضوء على آلاف التصورات والممارسات الاجتماعية المستمدة من الحياة الطبيعية، معتبره أن ما يثريه «بينالي الدرعية» هو اكتشافنا لكيفية تعاطي الفنان السعودي مع صميم ملاحظاته للموروث والعفوية الحدسية لإنسان هذه الأرض وتأثيرها في البنية الثقافية للمجتمع، والذي بطبيعته يهدينا جميعاً أفقاً مغايراً لكيفية رؤيتنا للمنطقة ودورها في إثراء المشهد الثقافي والفني العالمي.

عراقة تاريخية وثقافية
وتتميز محافظة الدرعية بالعراقة التاريخية والثقافية، إلى جانب حضور «حي الطريف التاريخي» ممثلاً موقعاً للتراث العالمي وفقاً لإعلان منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة وهو يعتبر من أهم معالم الدرعية الأثرية، متضمناً القصور والمباني، وجميعها مثلت جزءاً من خريطة المسيرة الفنية لبينالي الدرعية. فالزائر يستمد قوة المرويات الفنية من خلال المحيط التاريخي للفضاءات الإبداعية، وسط نمو متسارع لحي جاكس بالدرعية، إضافة إلى تأسيس منظومة متكاملة لتسهيل عملية الإنتاج الفني.

وقد اعتبرت المديرة الفنية لبينالي الدرعية أوتي ميتا باور أن المملكة العربية السعودية مرت بالكثير من المتغيرات المذهلة في مختلف القطاعات الحيوية، ومنها بكل تأكيد القطاع الثقافي، فعندما نتحدث عن تكليفات فنية لوزارة الثقافة، ومشاركات دولية لفنانين سعوديين، إضافة إلى استضافة ملتقيات فكرية وثقافية دولية، والبدء بتأسيس حاضنات ومنصات إبداعية، فإننا أمام اشتغال منهجي ومتراكم للمعنى الثقافي من الفنون ودورها في المجتمعات الإنسانية وبحثها عن الحياة المستقبلية، ومجابهة بعض التحديات الراهنة، من مثل المتغيرات المناخية، وسؤال الهوية، وعلاقتنا جميعاً بالأرض. وأهم ما سينتجه بينالي الدرعية، بحسب وجهة نظرها، هو الحوار المباشر والحيّ حول كيفية تطوير الحراك الفني في المنطقة، واستكمال مكوناته في المجالات التعليمية بالمملكة، إلى جانب بناء المتاحف واستكشاف الفن المعاصر ضمن الرؤية الفنية للأجيال الصاعدة، وكيفية العمل على تأصيل العلاقة الاجتماعية الممتدة بين استوديوهات الفنانين والمجتمع العام، الذي يجسر أوصاله المعنيون من مؤسسات وأفراد في المجتمع الفني.

قراءات نقدية
وفي الرؤية الفنية للاشتغالات الإبداعية الخاصة بالأعمال المشاركة في «بينالي الدرعية للفن المعاصر 2024»، تنوعت القراءات النقدية، والموضوعات النقاشية، حول الطريقة البحثية والمواد الأولية التي اختارها الفنانون، للتعبير عن الأرض «ما بعد الغيث» شعار البينالي، حيث يجد الزائر في بعضها فيضاً من السعادة والاستبشار بكل ما هو آتٍ من الطبيعة، وفي المقابل فقد يجد أيضاً ترقباً ومحاولة لحماية الفعل الفطري للأرض نفسها، وحدسية علاقة الإنسان بها، وكيف أن جميع ما ذكر يساهم في البناء المعماري للمدينة، وتحديد المساحات التي يتحرك من خلالها العالم في داخل المدن الكبيرة، وكيف تتشكل الأفكار اتجاهها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فعندما نشاهد عمل الفنانة السعودية ريم الناصر، مواليد 1987، المعنون «النوافذ الزرقاء»، نلاحظ كيف اهتمت بالتاريخ الشفاهي، بالتعمق وطرح التساؤلات حول بعض السلوكيات الاجتماعية، التي تحدد هوية الفرد، من خلال عرض مجموعة من الأغصان المتفحمة تعود إلى غابات عسير الجبلية، كونها شاهدة على الحرائق التي اجتاحت أشجاراً يزيد عمرها على مئة عام في المنطقة. ويشيد العمل بأحد أهم الموارد الطبيعية في المنطقة، كما تذكرنا زخارف وألوان الهيكلين المعدنيين بنوافذ أبها التراثية، التي تطل عادة باللون الأزرق في إشارة إلى السماء وطلب البركة لأهل المنزل.

أخبار ذات صلة العين يخصص 3 طائرات للجماهير لمساندة «الزعيم» في الرياض شباب الأهلي يوفر طائرة للجماهير لمؤازرة العين

حالة بصرية ملهمة
وفي ذات البحث عن المكان كحالة بصرية ملهمة تشكل تعبيراتنا ومنظورنا الاجتماعي والثقافي، قدمت الفنانة الهندية سحر شاه، ضمن مشاركتها من خلال عمل عنوانه «ملاحظات من مدينة مجهولة»، تفاصيل الفترة التي أمضتها في مدينة نيودلهي، حيث تتداخل في العمل الانطباعات والملاحظات الشخصية، مع تأملات العمارة والتاريخ وبعض القضايا السياسية المعاصرة. وقد عملت فيه على نصوص تعود لتدوينات كتبتها حول المدينة، وجعلتها مقترنة بدلالات معمارية تجريدية عميقة، جعلتها بمثابة عملية توثيق للوقت، وخلق مساحة مشتركة بين اللغة والشعر والموسيقى والعمارة، ما يتيح لها طرح تساؤلاتها حول البيت والانتماء وأبعاد التعددية في مجتمع بحجم مدينة نيودلهي.

تحولات جوهرية
وجاءت المجموعة الفنية «نخل وقوس وشظايا» للفنان السعودي عبدالرحمن السليمان، مواليد عام 1954، من رواد الفن التشكيلي في المملكة، ضمن مشاركات بينالي الدرعية 2024، شاهداً على مرحلة تحولات بيئية جوهرية، حيث أوضح الفنان عبدالرحمن السليمان في حوار لـ«الاتحاد الثقافي»، أنه يتحدث عن الصورة التي عايشها مع جيله من أحداث دراماتيكية.. وبالنسبة له فهو يعمد في أعماله إلى هندسة الأشياء، والاهتمام بالمعالجة اللونية وعلاقتها بالمساحات بعيداً عن التمثيل والمحاكاة، حيث إنه يميل إلى التجريد، وتابع قائلاً: «الموروث والمعطيات البيئية المحلية، ظلت دائماً جزءاً مهماً من سياق بحثي الفني، وذاكرتي ومحيطي دائماً يحضران في السرديات اللونية للعمل». وفي سياق مضامين بينالي الدرعية للفن المعاصرة، ودوره في دعم الحراك الثقافي بالمملكة، أشار الفنان عبدالرحمن السليمان إلى أن علينا أن ندرك مسألة مهمة هي أن البينالي يمثل تتويجاً لتطور الحركة الإبداعية للفن السعودي، التي بدأت منذ الستينيات، وقدمت أسماء مهمة، وشهدت دعماً مستمراً من هيئات ومؤسسات بحثية وفنية متعددة، مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وجمعية الثقافة والفنون، والجمعية السعودية للفنون التشكيلية، إلى جانب المشاركات الدولية للفنانين السعوديين، والملتقيات المهمة التي استضافتها المملكة ومن أبرزها بينالي الفنون الإسلامية في مدينة جدة، إضافة إلى احتفاء المملكة بالمدن الثقافية والتاريخية مثل مدينة العُلا، وغيرها من المدن السعودية، وتعزيز مفهوم المكنون الإنساني والاجتماعي وتأثيره على الهوية وجمالياتها في المفردات الأدبية والمعمارية والموسيقية للمدن الثقافية.

معنى الأشياء
وتتجلى جماليات الأعمال التركيبة المبنية على التصورات الفنية والعلمية في «بينالي الدرعية» في أنها قدمت بعداً نوعياً في ماهية رؤية الطبيعة نفسها، باعتبارها العمل الفني الأكبر، فلنا أن نتخيل مثلاً كيف أن الفنانة والباحثة النرويجية سيسيل تولوس، وبتكليف من مؤسسة بينالي الدرعية، قدمت تجربة علمية بعنوان «تربة»، استخرجت من خلالها المكونات الكيميائية والجزئيات الخاصة بالرائحة الناتجة من التربة بعد هطول الأمطار، موضحةً في حديثها لـ«الاتحاد الثقافي»، أن التجربة قائمة على سؤال جوهري مفاده: لماذا يشعر الأشخاص براحة تامة، عندما يعملون في الحدائق المنزلية أو المزارع المفتوحة، وخاصةً بعد التمازج البديع الذي يحدثه الماء بالتربة، وتحديداً بعد هطول الأمطار، أو ما يعرف عربياً بـ«الغيث»، فهناك بكتيريا بالطبع، وحالة كيميائية تصل إلى أدمغتنا، وقد ودت تفكيك بياناتها، من خلال تفسير التفاعل الحسي مع الأنف البشري، القادر على التمييز، وإعطاء المعنى للأشياء، وذلك بناء على العلاقة العميقة مع الهواء الذي نتشاركه جميعاً بشكل لحظي، ولنا أن نتصور أنه من خلال استخدام حاسة الشم، فإننا نتواصل عبر قوة مشاعرنا الحاضرة في البيئة المحيطة المحلية إن صح التعبير، والبيئة العالمية بالمعنى الواسع للتجربة الإنسانية. وتعزيز ذلك الحس، إنما هو دعوة لإحداث التواصل فيما بيننا. 

رائحة المحبة
وقالت الفنانة النرويجية: بالنسبة لي لا أريد أن نفقد هذه القدرة الحسية المتفردة، وهو ما قد تسببه المتغيرات التقنية وربما التكنولوجيا السريعة. فأحياناً الروائح باختلافها تهديك مساحات حوارية غير متناهية فمثلاً للمحبة رائحة وللسلام رائحة وكذلك للخوف وللحزن والمآسي رائحة، ودورنا هو استشعارها وتوسيع نطاقات استنباط المعنى منها، من خلال النقاشات الفنية بشكلها الاعتباري، والنقاشات العابرة في تفاصيل حياتنا اليومية الاعتيادية. وأضافت الفنانة سيسيل تولوس نقطة مهمة، هي فكرة إعادة إنتاجها للتركيب الكيميائي لرائحة من الطبيعة، إذ إنها حالة استثنائية تماماً لكيفية تفكيك الذاكرة والعاطفة في العناصر الطبيعية، والتي بالتأكيد تمثل مرجعيتنا الحسية على مدى العصور، إنها معجزة أن نتأمل الهواء، كونه فضاء جامعاً للهوية الإنسانية.

عفوية خلّاقة
لا يُمكن التوقف عند فكرة أن الأعمال الفنية هي فقط دعوة لاستشفاف الجمال، وطرح الأسئلة الكبرى، بل هي كذلك مواجهة حاسمة مع الطبيعة المتغيرة بذاتها، فعندما نعود مثلاً للفنانة الفلبينية مارتا أتينسا، وعملها الفني في «بينالي الدرعية»، المتعلق بجزيرة بانتايان، تسرد لنا في حوارها لـ«الاتحاد الثقافي»، بشكل بدهي أنه لا يمكننا أن نمتلك الطبيعة، وأن حضور حالة المحميات، هو في أصله اعتراف منا بالاستقلالية التامة للطبيعة، في كونها تمتلك عفوية خلّاقة في بناء علاقتها مع الإنسان والكائنات باختلافها، أو حتى تلاشي ذات العلاقة، بحسب الاحتياجات الرئيسة للحفاظ على بنية البيئة الطبيعية. فهي دائماً تمتلك صوتها المجازي الخاص، والعمل الفني هنا محاولة لجعلنا ننصت إليها وتنصت إلينا بطريقة ما. وقد عملت الفنانة. ويلاحظ المشاهد كيف تقوم في عملها رافعات آلية برفع النباتات وإنزالها في الماء بحيث تنغمر جذورها في إيقاع حركي يحاكي حركة المد والجزر. ويضم العمل أيضاً فيلمين صامتين يركزان على سكان الجزيرة من البشر، وتأثير الإنسان على هذه النباتات التي توفر حماية طبيعية للسواحل.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الدرعية الرياض السعودية لـ الاتحاد الثقافی من خلال

إقرأ أيضاً:

لجنة البادل تُعرّف لاعبي المنتخبات الوطنية بالدليل الفني للعبة

أقامت اللجنة العُمانية للبادل أول ملتقى لها مع لاعبي المنتخبات الوطنية لتعريفهم بالدليل الفني الحديث، وبأفضل الممارسات التي يجب على لاعبي البادل معرفتها خلال المرحلة المقبلة.

ففي بداية اللقاء تحدّث النعمان بن سلطان النعماني رئيس اللجنة العُمانية للبادل عن أهمية اللقاء في بناء قاعدة لعبة البادل، وبيّن أهمية تكاتف اللاعبين مع اللجنة العُمانية بهدف نجاح العمل خلال المرحلة المقبلة، والجهود الكبيرة التي قامت بها اللجنة العُمانية للبادل خلال الفترة الماضية من أجل بناء هذه القاعدة الصلبة، واستقطاب اللاعبين المجيدين في اللعبة.

قيم اللاعب المهنية

بعد ذلك تحدثت لاعبة المنتخب الوطني للبادل فاطمة النبهانية حول الاحتراف ونظام تقييم اللاعبين، الذي يقوم على تصنيف العديد من المهارات ونقاط القوة والضعف لكل لاعب؛ لضمان الاختيار العادل للفريق، وتعزيز النمو الفردي والصلابة الذهنية خلال المباريات. ولهذا التقييم العديد من الفوائد، منها: زيادة الوعي الذاتي للاعبين، وتعزيز الروح المعنوية لديهم، وبناء ثقافة الانفتاح والإحساس بالمسؤولية ودعم التطور الدائم للاعبين.

وقالت النبهانية: سلّط الدليل الفني الضوء على أهمية السلوك الاحترافي داخل وخارج الملعب، وعلى التفاعل مع زملاء الفريق والمدربين والمسؤولين، وتطرّق إلى أهمية التواصل البنّاء وتعزيز الحوار المفتوح والصادق والمحترم ومشاركة الملحوظات البنّاءة والاستماع الفاعل، وقيام بيئة يشعر فيها الجميع بالقيمة والاستماع والدعم والوحدة وإظهار الدعم المستمر لزملاء الفريق في أوقات الانتصارات أو الهزائم، واحتفال الجميع بإنجازات الفريق والوقوف إلى جانبه في الأوقات الصعبة؛ معززا الوحدة الجماعية بين أعضاء الفريق، وأداء الأدوار المنوطة بهم، سواء كانت أدوار قائد أم أدوار لاعب داعمًا للفريق من أجل المنافسة والانتصار.

وهنا تبرز الروح الجماعية وتنتصر على الروح الفردية؛ لأن الأولوية للجماعة ولأهداف الفريق لا للطموحات الفردية؛ يكون ذلك عند الشعور بالمسؤولية الجماعية والوفاء بالالتزامات والانضباط والاستعداد للأنشطة والتحلي بالمرونة والقدرة على التكيف مع الاستراتيجيات والأدوار الديناميكية المتغيرة داخل الفريق؛ فالتحلي بكل هذه الصفات تقود إلى صمود الفريق وانتصاره.

وأضافت: يتضمن الدليل أيضا حل النزاعات والتعامل مع الخلافات أو النزاعات بطريقة مهنية عن طريق البحث عن حلول بناءة والتواصل بشكل مفتوح ومحترم وتجنب المواجهات العلنية وحل القضايا بشكل خاص كلما أمكن مع المدرب أو رئيس اللجنة، وعلى اللاعبين الثقة بقرارات المدرب وتوجيهاته وفهم وجهة نظره على أنها تستهدف النمو الفردي والجماعي، وعليهم الانفتاح على التعلم واحتضان كل فرصة للنمو، وإظهار الرغبة في التحسن، وطرح الأسئلة، والإصغاء للنصائح وقبول الملحوظات من أجل البناء والتطوير؛ لأن رؤى المدربين جوهرية للتطوير والتحسين. وعلى اللاعبين أيضا المشاركة والتفاعل مع جميع جلسات التدريب والاجتماعات وأنشطة الفريق، فالمشاركة لا تعني الحضور الجسدي فقط، بل المساهمة بشكل ملموس في النقاشات والأنشطة.

وإذا كانت هناك حاجة للتشكيك في قرار المدرب، فإن القنوات مفتوحة للنقاش وإبداء الرأي، وليقم اللاعب بذلك بكل احترام ومهنية، وباستخدام القنوات والأوقات المناسبة. وعليه الاعتراف بالقرارات الجيدة والحفاظ على الهدوء تحت الضغط، والحفاظ على نزاهة الرياضة لتمثيل رياضة البادل.

التدريب والتطوير الشخصي

أما عبدالرحيم البوسعيدي عضو لجنة الفعاليات باللجنة العُمانية للبادل، فقد ألقى الضوء على الطبيعة متعددة الأوجه لالتزام لاعب المنتخب الوطني العُماني للبادل بالتدريب والتطوير الشخصي، وإبراز أهمية نظام التدريب المنضبط، والعقلية الموجهة نحو التحسين المستمر، والمشاركة في أنشطة التطوير الشخصي، وأهمية التوازن بين التدريب والتعافي الكافي، والالتزام يوازن بين تطوير المهارات التقنية وفهم التكتيك، والتكيف البدني، والتعافي، ويجب أن يكون لكل جلسة أهداف واضحة تركز على تحسين الأداء الفوري وأهداف التطوير طويلة الأمد، وإظهار الانضباط الثابت في الحفاظ على جدول تدريب منتظم، كما أن الانتظام في التدريب ضروري لإتقان تقنيات لعبة البادل، وتعزيز اللياقة البدنية، وتطوير المرونة العقلية، والتعلم المستمر والتحسين الذاتي، والانفتاح على التغذية الراجعة والأفكار الجديدة، واعتبار التحديات فرصًا للنمو بدلاً من العقبات، والتنوع والقدرة على التكيف والعمل على أن يصبح اللاعب متعدد المهارات من خلال إتقان مجموعة واسعة من المهارات والتكيف مع أساليب اللعب والاستراتيجيات المختلفة.

وأضاف: هذا التكيف يجعلك أكثر قيمة لفريقك ويعزز قدرتك على المنافسة على أعلى المستويات، والمشاركة في مبادرات التطوير الشخصي وورش العمل المهنية والندوات التي تركز على استراتيجيات البادل المتقدمة، وعلم النفس الرياضي، والتغذية والوقاية من الإصابات، وتوفر هذه الفرص التعليمية رؤى يمكن أن تصقل نهجك في التدريب، والمشاركة في جلسات التحليل الذاتي والتأمل المنتظمة، ومراجعة لقطات المباريات لتقييم مقاييس الأداء، وتحديد أهداف ذكية محددة قابلة للقياس، وقابلة للتحقيق، وتنفيذ استراتيجيات التعافي الفاعلة، بما في ذلك النوم الكافي، وجلسات التعافي النشطة والتغذية السليمة؛ فالتعافي لا يقل أهمية عن التدريب النشط، وهو ضروري لمنع الإرهاق والإصابات، وممارسة التدوير الدوري من خلال تخطيط جدول التدريب والمنافسة في الدورات، ويتيح هذا النهج التغييرات في كثافة وحجم التدريب، مما يضمن الأداء الأمثل مع تقليل مخاطر الإفراط في التدريب.

الصحة البدنية والنفسية

كما تطرق البوسعيدي حول معايير الصحة واللياقة البدنية بالنسبة للاعبي المنتخب الوطني، وإن الحفاظ على مستويات الصحة واللياقة البدنية العليا أمر بالغ الأهمية، تتجاوز الجاهزية البدنية الأساسية لتشمل نهجًا شاملاً للعافية، يضمن قدرة اللاعبين على تحمل صعوبات التدريب والمنافسة، والسفر، والانخراط في برنامج تكييف يشمل التحمل القلبي والتنفسي، والقوة، والمرونة والسرعة والرشاقة والتعافي، ويجب تخصيص هذه المكونات لتلبية متطلبات رياضة البادل مع التركيز على تحسين الأداء والوقاية من الإصابات، والخضوع لتقييمات لياقة بدنية منتظمة لمراقبة التقدم، وتعديل نظم التدريب.

ووفقًا لذلك تساعد هذه التقييمات في تحديد نقاط القوة ومجالات التحسين، والعمل مع أخصائي التغذية الرياضية لتطوير خطة تغذية تدعم نظام التدريب وجدول المنافسة واحتياجات التعافي. ويجب أن تأخذ هذه الخطة في الاعتبار السعرات الحرارية ونسب المغذيات الكبيرة والصغيرة، واحتياجات الجسم الخاصة منها، ومستويات النشاط، وفهم معدلات فقدان السوائل الفردية أثناء التمرين، خاصة في الظروف المناخية القاسية، وتبني التدابير الوقائية، بما في ذلك روتين الإحماء وتدريب القوة، وتمارين المرونة للحد من مخاطر الإصابات استخدام المعدات والتقنيات المناسبة.

وقال عضو لجنة الفعاليات باللجنة العُمانية للبادل: ومن أجل لتأكد من أن الأسطح المستخدمة في اللعب تلبي معايير السلامة، فقد تم وضع بروتوكول التعامل مع الإصابات، مع التركيز على التشخيص المبكر والعلاج المناسب، ويجب أن يتم توجيه إعادة التأهيل من قبل المتخصصين الطبيين، مع التركيز على العودة الآمنة للعب وتقليل خطر إعادة الإصابة.

وتعتبر الصحة النفسية أمرًا بالغ الأهمية مثل الصحة البدنية للرياضيين؛ حيث تؤثر هي الأخرى على الأداء والتحفيز والعافية العامة، ويُشجع لاعبو المنتخب الوطني على إعطاء الأولوية لسلامتهم النفسية والعاطفية من خلال استراتيجيات مختلفة، مثل: الرفاهية النفسية، والتدريب على المهارات العقلية لتعزيز التركيز والمرونة والأداء تحت الضغط.

ويمكن أن تحسن تقنيات مثل التصور، وتحديد الأهداف، واليقظة الذهنية القوة العقلية واستراتيجيات التعامل، وتطوير تقنيات فاعلة لإدارة الإجهاد، والتعرف على علامات الإجهاد واستخدام طرق الاسترخاء، وإدارة الوقت، وشبكات الدعم لإدارتها بشكل فاعل، والسعي إلى تحقيق توازن بين الالتزامات المهنية والحياة الشخصية.

التعامل مع الإعلام والظهور العام

وأشار عبدالرحيم البوسعيدي إلى أن الإعلام يلعب دورًا كبيرًا في الترويج لرياضة البادل ولاعبيها، ويجب على اللاعبين تعزيز علاقة إيجابية مع ممثلي الإعلام من خلال الوجود والاحترام وتطوير رسالة شخصية ومهنية متسقة تتماشى مع القيم العامة، وقيم الفريق الوطني، والنزاهة الرياضة.

كما أن هذا التفاعل الصادق سيلقي بصداه لدى المشجعين والجمهور ووسائل الإعلام. وعلى لاعب البادل قبل حضور الفعاليات العامة أو المشاركات أن يعرف هدف الفعالية، والجمهور المتوقع، وأي مواضيع محتملة للنقاش، وأن يتصرف باحترافية في الأماكن العامة، مع مراعاة سلوكه ومظهره العام، وعليه إدراك الرسائل التي ينقلها إلى الجمهور عبر الإعلام. وعليه أيضا معرفة كيفية التعامل مع النقد والاهتمام الإعلامي بهدوء واتزان، فيجب أن تكون المنشورات مدروسة ومحددة، ويمكنه استخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع الجمهور بشكل إيجابي، ومشاركة رؤى حول تدريبه وإنجازاته ومع ضرورة المحافظة حماية الخصوصية والصحة النفسية.

الأخلاقيات في رياضة البادل

كما تطرق البوسعيدي إلى الأخلاقيات في هذه اللعبة، حيث قال: تتجاوز الأخلاقيات في رياضة البادل قوانين اللعبة لتشمل مبادئ العدالة والاحترام والنزاهة التي يجب على اللاعبين إظهارها، ويتحمل لاعبو المنتخب الوطني مسؤولية كبيرة للحفاظ على هذه المعايير، وفي صميم السلوك الأخلاقي يكمن الالتزام بالعدالة والنزاهة. يعني هذا التنافس بصدق، واحترام قواعد اللعبة، وضمان أن تكون جميع التصرفات داخل وخارج الملعب تتم بصدق واحترام للآخرين، واحترام الجميع يشمل السلوك الأخلاقي أيضًا إظهار الاحترام لزملاء الفريق، والخصوم والمدربين والمسؤولين والمشجعين يتضمن ذلك الاعتراف بجهود وحقوق الآخرين، بغض النظر عن نتيجة المباراة أو المنافسة، ويجب على اللاعبين تحمل المسؤولية عن أفعالهم، بما في ذلك الاعتراف بالأخطاء أو انتهاكات السلوك، وإظهار المسؤولية يعبر عن الالتزام بالمبادئ الأخلاقية ونزاهة الرياضة، وغالبًا ما يُنظر إلى لاعبي المنتخب الوطني كقدوة من قبل المشجعين، خاصة الشباب الطامحين والطريقة التي يتصرف بها اللاعبون، واحترافهم في الرياضة.

وكيفية تعاملهم مع النجاح والصعوبات يمكن أن تلهم الآخرين لتحقيق أحلامهم والسعي لتحقيق التميز، تعزيز القيم الإيجابية من خلال سلوكهم وإنجازاتهم، ولدى اللاعبين الفرصة لتعزيز القيم الإيجابية مثل العمل الجماعي، والمثابرة والسعي للتميز، ويمكن لهذه القيم أن تحدث تأثيرًا عميقًا في المجتمع، وتشجع على ثقافة العمل الجاد، والاحترام، والسلوك الأخلاقي، والمسؤولية الاجتماعية كون اللاعبين قدوة تأتي مع المسؤولية الاجتماعية للمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع والرياضة، ويمكن للاعبين استخدام منصتهم للدعوة إلى القضايا المهمة، ودعم القضايا الخيرية، ويتحمل لاعبو المنتخب الوطني مسؤولية الحفاظ على سمعة رياضة البادل وتعزيزها، ويتضمن ذلك إظهار السلوك النموذجي، والترويج الإيجابي للرياضة، والمشاركة في الأنشطة التي تسهم في نموها وتطورها، والقيادة بالقدوة في كل جانب من حياتهم المهنية والشخصية، كما يجب على اللاعبين القيادة بالقدوة، ويعني هذا الالتزام بأعلى معايير السلوك الأخلاقي، وإظهار الالتزام بالتدريب والتطوير وإظهار الاحترام لجميع الأفراد المشاركين في الرياضة، والمساهمة في نجاح الفريق بالإضافة إلى الأداء الفردي، يتحمل اللاعبون مسؤولية المساهمة في نجاح وتماسك فريقهم، ويتضمن ذلك دعم زملاء الفريق، والتعاون مع المدربين، والعمل معا لتحقيق الأهداف المشتركة.

حل النزاعات

وختم عبدالرحيم البوسعيدي عضو لجنة الفعاليات باللجنة العمانية للبادل، حدثيه بالقول: حل النزاعات في المنتخب يأتي من خلال التواصل البناء، ومعالجة النزاعات بشكل مباشر وبناء، والسعي لفهم وحل الخلافات من خلال الحوار، والوساطة والدعم واستخدام وسطاء الفريق أو طاقم التدريب للمساعدة في حل النزاعات التي لا يمكن تسويتها بين الأطراف المعنية مباشرة، واستخدام نهج تعاوني لحل النزاعات يعزز تماسك الفريق والاحترام المتبادل، والالتزام الشخصي والجماعي بهذه المعايير أمر ضروري، ومن المتوقع أن يحاسب اللاعبون أنفسهم وزملاءهم، وفهم أن انتهاكات مدونة السلوك ستؤدي إلى إجراءات تأديبية، قد تشمل تحذيرات وغرامات إيقاف، أو حتى طرد اللاعب من الفريق.

حصيلة وافرة من المعلومات

لاعبو المنتخبات الوطنية والمراكز أبدوا سعادتهم البالغة في إصدار هذا الدليل الفني، حيث قال الأزهر الأزكوي: أنا سعيد جدا بإصدار الدليل الفني للاعبي البادل، حيث اطلعنا على كيفية الاستعداد والتجهيز للمشاركة في البطولات المحلية والدولية، والمحافظة على اللياقة البدنية وتعزيز الصحة النفسية، وكيفية التعامل مع الأحداث داخل وخارج الملاعب، بالإضافة إلى التعمق في قوانين لعبة البادل، وطرق الوقاية من الإصابات الرياضية، والتخطيط المسبق للتدريب البدني والفني.

من جانبه قال اللاعب سامي حبيب: خرجنا من اللقاء الفني بحصيلة كبيرة من المعلومات المهمة والمتعلقة بالجوانب الفنية والبدنية، وسلطنة عمان قطعت شوطا كبيرا في رياضة البادل، والسنوات الأخيرة الماضية شهدت تطورا ملموسا في المستويات الفنية للاعبين واللاعبات وسجلوا عددا من الإنجازات، وتنفيذ مثل هذه الندوات يساهم في تجميع اللاعبين في مكان واحد للبحث عن فرص للمشاركات الخارجية، والاطلاع على مستجدات رياضة البادل على المستوى المحلي، والموضوعات التي نوقشت في الندوة أكدت على أهمية تجهيز اللاعبين العمانيين للمشاركات الخارجية لتحقيق الأهداف المنشودة وأفضل النتائج، كما أدرك اللاعبون ضرورة الالتزام باللوائح والقوانين التي تضعها اللجنة العمانية لرياضة البادل، والدليل الفني غطى جميع الجوانب التنظيمية المتعلقة باللاعبين وتحديد مهامهم ومسؤولياتهم وحقوقهم وواجباتهم.

أما اللاعب علي اللواتي فقال: شكلت الندوة أهمية كبيرة للاعبين لتسليط الضوء على تعامل اللاعبين مع اللجنة العمانية لرياضة البادل وأخلاقيات اللعبة وحل النزاعات وكيفية التعامل مع وسائل الإعلام والظهور في قنوات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى حدود تعامل اللاعبين مع زملائهم في المنتخب والمدربين والمسؤولين، وتحديد معايير اختيار اللاعبين المرشحين للمشاركة في المحافل الدولية لرياضة البادل، والتعامل مع الجماهير، ومواجهة الانتقادات وتخطيها، كما أن الدليل عزز من قيمة اللاعب العماني وضرورة تأسيسه بالطريقة الصحيحة والسليمة منذ المراحل السنية الصغيرة.

اللاعب سالم الحارثي هو الآخر أوضح أن اللجنة العمانية للبادل تولي اللعبة أهمية كبيرة لتنظيم وإدارة هياكل المنتخبات الوطنية الفنية والإدارية، لتحقيق التطلعات والطموحات المستقبلية، وأوضحت اللجنة الفرق بين اللاعب العادي واللاعب المحترف، وحددت طرق الوصول لقوائم المنتخبات الوطنية للرجال والنساء، كما أن الدليل الفني ساهم في سد الفجوات بين الأجهزة الفنية والإدارية.

بينما قال اللاعب حمزة اللواتي: عرض الدليل الفني لرياضة البادل الخطط والبرامج التدريبية للاعبين المحترفين واللاعبين العاديين، وطرق التواصل مع المدربين والمسؤولين، وتحديد اختصاصات اللجنة في إدارة المنتخبات الوطنية، وقدم الدليل شرحا متكاملا حول العقوبات وحل النزاعات، وبعد تدشين الدليل الفني أصبحت معايير المشاركات الخارجية أكثر وضوحا لدى اللاعبين.

مقالات مشابهة

  • مدير مكتبة الإسكندرية: مهرجان الصيف الدولي يعد نافذة فنية للمواهب الشابة لعرض أعمالهم
  • تقسيمة قوية بمران الزمالك استعدادًا لمواجهة الجونة في الدوري
  • راحه للاعبى الزمالك الأساسيين من الفقره الفنيه
  • جامعة الشارقة تشارك في «بينالي البندقية»
  • جامعة الشارقة تشارك في “بينالي البندقية”
  • الدكتورة كريمة الشوملي تشارك ضمن فعاليات المعرض الدولي للفنون بينالي البندقية في إيطاليا
  • نهى العمروسي: "مش واخدة قيمتي في التمثيل وقعدت في البيت من 7 سنين"
  • نور طلعت تكتب: طائرات تامر حسني بمهرجان العلمين ألقت ظلالها على سماء الفن العربي أمام العالم
  • أسطوريات لبنانية
  • لجنة البادل تُعرّف لاعبي المنتخبات الوطنية بالدليل الفني للعبة