رأي اليوم:
2024-11-15@07:36:12 GMT

د. نهلة غسّان طربيه: “عيدٌ مِن لَيلَك”

تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT

د. نهلة غسّان طربيه: “عيدٌ مِن لَيلَك”

د. نهلة غسّان طربيه ويجيء عيد ميلادي.. حافي القدمين كعادته على بساط الصيف الملوَّن بألف وألف لون وشكل من الورد والزهر والتشكيلات النباتية العارمة خضرةً وبهاء! وكأنّني أراه يمشي على تلك الأغطية الملوّنة التي كانت تخيطها جدّتي لأبي.. تزرع فيها كلّ ألوان أثواب العائلة عبر الأجيال.. مِزَقاً مربّعةً ومستطيلةً صغيرةً صغيرة من أحلى الذكريات.

. من وشوشات الجلسات العائلية المطعّمة بالحبّ.. والخير.. والحنان.. وكثيرٍ من الدفء المثير للأحاسيس الجميلة.. والذي لا تشبهه سوى رائحة ماء الزهر الذي كانت تصنعه أمي بيديها المباركتين.. مثل يدَي عميدة عائلتنا.. جدّتي! ويأتي كعادته أيضاً عيد ميلادي! فأنا أتعمّد باستمرار أن أخبّئه فيّ.. أهرب معه إلى ساحاتي المعتادة التي شببْتُ واعتدتُ عليها.. ساحاتي التي لايتغيّر لونها البتة.. الأزرق الليلكيّ! أجدني في ساحاتِ شاسعة من شتّى أنواع البنفسج والليلكيّات.. مايحلو للعين الاستراحة فوق كثافة اللون.. والعبير.. والنغم.. فيها كلّها.. فوق الجبال التي تتناوب تسلّقها شمس الصباح مع قمر العشيّة.. وفي عمق الوديان التي تلد الماء ينابيع دفّاقة للعطاش. هي مازالت ذاتها ليلكيّاتي تلك.. فيها منمنمات لوطني الغالي.. سوريتي ” الأميرة النائمة”. فيها دردشات مابيني وأبي.. وفيها أصوات كلّ الأحبة من الأهل وأصدقاء العمر. بلى.. أجدني في عيد ميلادي أدندن مع فيروز..كلّ مرّة.. كولاجاً جديداً بالموسيقى والكلمات من أغانيها الحلوة كلِّها.. كولاجاً من “الفرحِ الحزين”.. أدندنه كما يروق لي.. وأنا في ساحاتي الليلكية لهذا اليوم الخاصّ جداً بي! هكذا إذاً يجيء عيد ميلادي.. يؤرجحني ما بين ليلَك وليلَك. مدهشٌ جداً كيف يغدو العيد في الغربة.. بعد سنوات سحيقة.. عميقة.. ساحقة.. ماحقة.. أرجوحةَ ذكريات! يُدنيني عيد ميلادي من وجوهٍ غابَت جداً وراء طبقات كثيفة بُعدُها سماءٌ واحدةٌ وحيدة! يفتِّتُ العيدُ حُرقةَ الشوق إليهم.. فتافيتَ حصىً صغيرة.. صغيرة.. تنهال على روحي الملتاعة كقطرات المطر. أُدرِكُ على حين غرّة أنني فقط أستطيع التحدث إليهم في سِرّي.. فأتحدّث بصمت وأصلّي.. وأقطفُ دمعةً من هنا.. وابتسامةً من هناك.. وأعرّشها على قلبي دواليَ خضراء حبًاتُ عناقيدها من زمرّدِ همسات. يحلو لي دائماً أن تكون زهور ليلكية.. بنفسجية.. زرقاء.. مع زوجي وولديّ.. وباقةِ الأحباب البعيدين عن مصطبة غربتي.. والأحباب الذين رحلوا إلى فسحات السماء.. هي وحدها ما تحتفل معي في عيد ميلادي كلّ عام! فأنا بالقدر الذي أحبّ فيه التجديد.. أحبّ أيضاً الرّسوخ والتشبّث بأعرافي وتقاليدي. مابين الحُبَّين ميزان لايتذبذب البتة لكلّ سنوات حياتي.. لايعلو ولاينخفض عليه الثِّقَل: زقزقةُ عصفورةٍ زرقاء.. ابتسامةُ بنفسجةٍ صغيرة متجذّرة ما بين حَبّاتِ تراب في “ذيّاكَ الهُناك”! .. يحقّق العيد كلّ عام أمنيتي بطريقةٍ سحريةٍ تدهشني! وهذا العام حَدَثَت الدهشة أيضاً.. بلا سابق إنذار.. وبالعفوية ذاتها التي أحبّها.. لابل أعتنقها وأحياها كلياً.. بلا سابقِ ترتيبٍ مصطنع أو نفاقٍ مبرمج ومزركش! فقد رَحّبَ بي المكان بكلّ أبوابه وشبابيكه وجنيناته الزرقاء الليلكية والتي حَجَزَها لفسحة ساحاتي كلٌّ من زوجي وولديّ أحبّة عمري ورفاقي في السّرّاء والضّرّاء.. في مواسم القمح.. والزيتون.. والطّيّون.. وصهيل الخيول.. وعويل الرياح.. وحقول القرنفل والورد والياسمين.. من “مدينتي البحرية”.. إلى “ قريتي الجبلية”.. إلى “ عاصمة الضباب”! كان كلّ أهلي وأصدقائي يحتفلون معي! مِن على سطوح بيوتهم المندّاة بالحُبّ والضوء والصلاة يطيّرون معي بالوناً إثر بالون بِلَون كلّ الذكريات معهم.. وكان غطاء جدّتي المرقَّع بمربّعات اللون يدثّرنا بما يشبه لذّةَ دفء الشمس التي تغمر الروح أوّل ماتطأ أقدامنا مطار دمشق الشام والتي يتعذّر أَسْرُ رحابتها وخصوصيّتها بكلمات. وكانت فتافيت زهر النارنج الصغيرة في كفّي اليمنى تغدو في يدي اليسرى قطراتِ ماء زهر كأنها أمّي.. كأنها صوتٌ معتّق قديم قديم خبّأَتْهُ جرّةُ فخّار كبيرة في بيتنا الطفوليّ في ضيعتنا.. جرّةٌ يَعلوها قِطفٌ مٍن الآس.! ثمّ غدا المشهد كلُّه (أليس في بلاد العجائب).. حين أهدَتني شقيقتي الوحيدة.. الحبيبة ريمة.. حفنةَ كلمات من زيتٍ وزعتر.. من مسكٍ وعنبر.. في طيّاتِ بتلاتٍ حريرية ومخملية لتشكيلةِ زهورٍِ ليلكية من صُوَرٍ التقطتْها لي خصّيصاً ليوم عيد ميلادي.. نَثَرَتْها فوق سنا شمسٍ هاربة إلى حقل ساحاتي الكبيرة العارم بسحر الزهر واللون والدندنات الفيروزية! فَرُحتُ أدندن: “يا الله تنام ريما.. يا الله يجيها النَّوم يا الله تحبِّ الصَّلا.. يا الله تحبِّ الصَّوم يا الله تجيها العوافي.. كلّْ يوم بيوم”. للّه درّه عيد ميلادي لهذا العام! “ما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتها” صارت شقيقتي ريمة زهوري الليلكية.. مَدايَ الأزرق الليلكيّ.. هديّتي الصغيرة/ الكبيرة في فنجانٍ من القهوة المرّة بالهال، تعلوه زهرةُ بنفسج جديدة لسنة جديدة أُخرى من تَغريبتي الطويلة.. في مشوارِ “الحبّ والحقّ والحياة” مع الأهل والأصحاب.. عَن بُعدٍ وقُربِ.. مع الأرض والسّماء.. ومع حفنة كلمات! (أكاديميّة سوريّة مقيمة في لندن)

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

“على بلاطة”

 

 

‏فلسطين مجرد البداية، المخطط الحقيقي يسعى خلف مكة المكرمة والمدينة المنورة.
قد يطول شرح هذا الأمر، لذا أتمنى أن تصبروا عليّ في هذه الرحلة وألا تغادروا في منتصف الطريق .
احزموا امتعتكم .. اربطوا احزمتكم ..
اقرأوا دعاء السفر .. توكلوا على الله ولا تنسوا البسملة !
بسم الله الرحمن الرحيم .. فلنبدأ ..
حسناً .. لفهم هذه المسألة علينا معرفة الحقيقة المجردة لهذا الصراع .
ولمعرفة ذلك يتوجب علينا العودة إلى أولى صفحات التاريخ، إلى تلك اللحظة بالتحديد!
لحظة إعلان العداء المطلق من قبل إبليس وقوله تعالى موضحاً ما جاء على لسان الرجيم :
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}
ثم قوله تعالى مخاطباً أبانا آدم وإبليس:
{قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}
هنا بدأ كل شيء .. دُشّن الصراع .. أقيمت ركائزه
ارتسمت ملامحه .. حُددت أطرافه .. أُعلنت أهدافه .
هذه حرب أعلنها إبليس على الآدمية بُغية إغوائهم .. نقطة على السطر!
ما يعني أن حقيقة وأصل وعمق الصراع الدائر
على هذه الأرض «ديني – عقائدي»، ديني عقائدي …
لا «ديانات ومعتقدات» عليكم التفريق بين ذلك وتلك!
يسعى إبليس لتحريف وتهجين الفكر والعقيدة التي جبلنا الله عليها ومحو كل
(( أثر وسبيل ومعلم مادي يقودنا إليها ))
«ما بين القوسين ركيزة موضوعنا، احفظوه جيدًاً»
واستبدالها بواحدة من صنيعته، وتحقيق غايته .
هذا ما عنيته بالصراع «الديني العقائدي» بالطبع نتج عنه تفرعات عديدة «اقتصادية – شخصية – توسعية – طموحات – سلطة – ثروات – مصالح وما شابه» لكنها كلها امتدادات لأصل عتيق وغطاءات لهدف وحيد ووسائل عدة بررتها غاية واحدة، تم توضيحها أعلاه .
الآن بعد معرفتنا بأن حقيقة الصراع «ديني – عقائدي»
لنأخذ جولة سريعة في المكان!!
لنذهب إلى بيت المقدس تحديداً !
«القدس – أورشليم – أرض الميعاد – سموها ما شئتم»
لنلقِ نظرة على تاريخها الحافل!!
قد يفاجئكم هذا الأمر .. أو ربما لن يفعل!
لقد تعرضت هذه المدينة للاحتلال 44 مرة!!
هوجمت 52 مرة ودُمرت مرتين!!
هذا ما حملته كتب التاريخ ناهيكم عما سقط عنها!!
نحن أمام رقم قياسي لن تحطمه أية مدينة أخرى!
السؤال هنا .. ما المميز في القدس ؟!
لِمَ يسعى الجميع للاستحواذ عليها ؟!
لِمَ لم تمر إمبراطورية من كتب التاريخ والجغرافيا إلا واحتلت القدس، بدءاً ببابل وانتهاءً بالتاج البريطاني والولايات المتحدة الأمريكية!!
ما السبب ؟!
سيقول البعض بسبب موقعها الجغرافي ..
خط التجارة .. الأهمية الاستراتيجية!!
ترهات .. ولو حملت بعض الصحة إلا أنها لا تتعدى حقيقة كونها مجرد ترهات!
السبب الحقيقي وراء ذلك أنها لطالما شكلت عاصمة العقيدة وقبلة الدين وموطن الأنبياء ومستقر آثارهم وبقية ميراثهم وكثير مما تركوه وخلفوه!
ولأن الصراع «ديني – عقائدي»
فعلى المستوى التاريخي :
يجب عليك احتلالها .. تدميرها .. طمس معالمها ..
محو كل دليل يثبت بأن دين الله ليس بخرافة!
أما على المستوى الجغرافي :
إذا أردت هزيمة عدوك فعليك أخذ عاصمته!
إذاً ما الذي تغير اليوم ولمِ هي مجرد «بداية»،
ثم ما علاقة كل هذا بمكة والمدينة ؟!
ألم يخبروكم أن كل ما كان في القدس قد انتقل إليهما !
أثناء البعثة المحمدية أصبحت مكة المكرمة عاصمة العقيدة وقبلة الدين!
أما المدينة فكانت مستقر الأثر وبقية الميراث وكثير مما ترك وخلف!
لذا باتتا هما الهدف القادم!
وبالطبع إبليس ليس أحمق ليدفع أحداً للقيام باحتلالهما بشكل مباشر!
لذا سيأخذ فلسطين أولاً بذريعة إرث اليهود التاريخي!
ومنها سيشق طريقه إليهما!
بعد تدجين مجتمعاتها وغزوهم فكرياً وثقافياً وسياسياً معتمداً على كيانه الذي بات أمراً واقعاً لايمكن تجاهله!
الأن … ألا تجدون هذا مثيراً للريبة ؟!
إن كلاً من الفكر الصهيوني والوهابي قد نشآ في القرن السابع عشر !!
كذلك هو حال الانتداب البريطاني لفلسطين وتأسيس النظام السعودي في شبه الجزيرة .. حدث ذلك في العقد نفسه!
محاولات هدم مرقد النبي .. هدم منازله .. فتاوى هدم الكعبة باعتبارها صنماً .. محاولات محو كل أثر مادي .. زرع العداوة بين المسلمين .. حالة الانفلات والانحلال التي يعيشها المجتمع السعودي اليوم!
ألا ترون أوجه التشابه وما الذي يجري التحضير له ؟!
سيقومون بتهويد مقدساتنا في مكة والمدينة كما قاموا بتهويدها في بيت المقدس!
لا أستبعد أنهم باتوا يملكون أراضي واسعة تحيط بمقدساتنا في المدينتين!
لذا نعم .. فلسطين مجرد البداية، والعين على المكرمة والمنورة .. وسيفعلونها، لا اعني باستخدام عملائهم!
بل بأنفسهم وبشكل مباشر، وما سياسات المملكة الرعناء التي تسببت بنبذها من قبل محيطها العربي والإسلامي إلا لضمان تركها وحيدة عند وقوع الكارثة!
هذه حرب على دين الله ومقدساته، وآيات الله بالقتال والدفاع عن دينه لم تأتِ من عبث!

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. رجل سوداني يعبر عن اعجابه و “انبراشه” في الفنانة ندى القلعة ويتغزل فيها بأبيات من الشعر الجميل: (يا دعجاء يا زي حدب الكنار عينيك حور الجنة كان شافوك ببوسوا إيديك)
  • مسؤول برئاسة النيابة العامة: جميع المنشورات الرقمية التي لا تتوفر فيها شروط الصحافة تخضع للقانون الجنائي
  • شال: “في البطولة الجزائرية لا توجد أندية صغيرة وتنتظرنا مباراة كبيرة أمام أقبو”
  • اكتشاف حطام المدمرة “يو إس إس إدسال” التي غرقت بالحرب العالمية الثانية
  • ما أهمية قاعدة “عاموس” الصهيونية التي استهدفها حزب الله؟
  • “على بلاطة”
  • خالد الجندي: الجنة التي كان فيها سيدنا آدم لم تكن جنة الآخرة
  • شاهد| فلاش.. “هذا الجمع سيبدده الله”
  • شاهد | ترحيب كبير في الشارع اليمني بالعملية التي استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “ابراهام لينكولن”
  • قصة “سفينة نوح” التي قتلت ياسر عرفات