رأي اليوم:
2024-12-16@15:54:51 GMT

د. نهلة غسّان طربيه: “عيدٌ مِن لَيلَك”

تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT

د. نهلة غسّان طربيه: “عيدٌ مِن لَيلَك”

د. نهلة غسّان طربيه ويجيء عيد ميلادي.. حافي القدمين كعادته على بساط الصيف الملوَّن بألف وألف لون وشكل من الورد والزهر والتشكيلات النباتية العارمة خضرةً وبهاء! وكأنّني أراه يمشي على تلك الأغطية الملوّنة التي كانت تخيطها جدّتي لأبي.. تزرع فيها كلّ ألوان أثواب العائلة عبر الأجيال.. مِزَقاً مربّعةً ومستطيلةً صغيرةً صغيرة من أحلى الذكريات.

. من وشوشات الجلسات العائلية المطعّمة بالحبّ.. والخير.. والحنان.. وكثيرٍ من الدفء المثير للأحاسيس الجميلة.. والذي لا تشبهه سوى رائحة ماء الزهر الذي كانت تصنعه أمي بيديها المباركتين.. مثل يدَي عميدة عائلتنا.. جدّتي! ويأتي كعادته أيضاً عيد ميلادي! فأنا أتعمّد باستمرار أن أخبّئه فيّ.. أهرب معه إلى ساحاتي المعتادة التي شببْتُ واعتدتُ عليها.. ساحاتي التي لايتغيّر لونها البتة.. الأزرق الليلكيّ! أجدني في ساحاتِ شاسعة من شتّى أنواع البنفسج والليلكيّات.. مايحلو للعين الاستراحة فوق كثافة اللون.. والعبير.. والنغم.. فيها كلّها.. فوق الجبال التي تتناوب تسلّقها شمس الصباح مع قمر العشيّة.. وفي عمق الوديان التي تلد الماء ينابيع دفّاقة للعطاش. هي مازالت ذاتها ليلكيّاتي تلك.. فيها منمنمات لوطني الغالي.. سوريتي ” الأميرة النائمة”. فيها دردشات مابيني وأبي.. وفيها أصوات كلّ الأحبة من الأهل وأصدقاء العمر. بلى.. أجدني في عيد ميلادي أدندن مع فيروز..كلّ مرّة.. كولاجاً جديداً بالموسيقى والكلمات من أغانيها الحلوة كلِّها.. كولاجاً من “الفرحِ الحزين”.. أدندنه كما يروق لي.. وأنا في ساحاتي الليلكية لهذا اليوم الخاصّ جداً بي! هكذا إذاً يجيء عيد ميلادي.. يؤرجحني ما بين ليلَك وليلَك. مدهشٌ جداً كيف يغدو العيد في الغربة.. بعد سنوات سحيقة.. عميقة.. ساحقة.. ماحقة.. أرجوحةَ ذكريات! يُدنيني عيد ميلادي من وجوهٍ غابَت جداً وراء طبقات كثيفة بُعدُها سماءٌ واحدةٌ وحيدة! يفتِّتُ العيدُ حُرقةَ الشوق إليهم.. فتافيتَ حصىً صغيرة.. صغيرة.. تنهال على روحي الملتاعة كقطرات المطر. أُدرِكُ على حين غرّة أنني فقط أستطيع التحدث إليهم في سِرّي.. فأتحدّث بصمت وأصلّي.. وأقطفُ دمعةً من هنا.. وابتسامةً من هناك.. وأعرّشها على قلبي دواليَ خضراء حبًاتُ عناقيدها من زمرّدِ همسات. يحلو لي دائماً أن تكون زهور ليلكية.. بنفسجية.. زرقاء.. مع زوجي وولديّ.. وباقةِ الأحباب البعيدين عن مصطبة غربتي.. والأحباب الذين رحلوا إلى فسحات السماء.. هي وحدها ما تحتفل معي في عيد ميلادي كلّ عام! فأنا بالقدر الذي أحبّ فيه التجديد.. أحبّ أيضاً الرّسوخ والتشبّث بأعرافي وتقاليدي. مابين الحُبَّين ميزان لايتذبذب البتة لكلّ سنوات حياتي.. لايعلو ولاينخفض عليه الثِّقَل: زقزقةُ عصفورةٍ زرقاء.. ابتسامةُ بنفسجةٍ صغيرة متجذّرة ما بين حَبّاتِ تراب في “ذيّاكَ الهُناك”! .. يحقّق العيد كلّ عام أمنيتي بطريقةٍ سحريةٍ تدهشني! وهذا العام حَدَثَت الدهشة أيضاً.. بلا سابق إنذار.. وبالعفوية ذاتها التي أحبّها.. لابل أعتنقها وأحياها كلياً.. بلا سابقِ ترتيبٍ مصطنع أو نفاقٍ مبرمج ومزركش! فقد رَحّبَ بي المكان بكلّ أبوابه وشبابيكه وجنيناته الزرقاء الليلكية والتي حَجَزَها لفسحة ساحاتي كلٌّ من زوجي وولديّ أحبّة عمري ورفاقي في السّرّاء والضّرّاء.. في مواسم القمح.. والزيتون.. والطّيّون.. وصهيل الخيول.. وعويل الرياح.. وحقول القرنفل والورد والياسمين.. من “مدينتي البحرية”.. إلى “ قريتي الجبلية”.. إلى “ عاصمة الضباب”! كان كلّ أهلي وأصدقائي يحتفلون معي! مِن على سطوح بيوتهم المندّاة بالحُبّ والضوء والصلاة يطيّرون معي بالوناً إثر بالون بِلَون كلّ الذكريات معهم.. وكان غطاء جدّتي المرقَّع بمربّعات اللون يدثّرنا بما يشبه لذّةَ دفء الشمس التي تغمر الروح أوّل ماتطأ أقدامنا مطار دمشق الشام والتي يتعذّر أَسْرُ رحابتها وخصوصيّتها بكلمات. وكانت فتافيت زهر النارنج الصغيرة في كفّي اليمنى تغدو في يدي اليسرى قطراتِ ماء زهر كأنها أمّي.. كأنها صوتٌ معتّق قديم قديم خبّأَتْهُ جرّةُ فخّار كبيرة في بيتنا الطفوليّ في ضيعتنا.. جرّةٌ يَعلوها قِطفٌ مٍن الآس.! ثمّ غدا المشهد كلُّه (أليس في بلاد العجائب).. حين أهدَتني شقيقتي الوحيدة.. الحبيبة ريمة.. حفنةَ كلمات من زيتٍ وزعتر.. من مسكٍ وعنبر.. في طيّاتِ بتلاتٍ حريرية ومخملية لتشكيلةِ زهورٍِ ليلكية من صُوَرٍ التقطتْها لي خصّيصاً ليوم عيد ميلادي.. نَثَرَتْها فوق سنا شمسٍ هاربة إلى حقل ساحاتي الكبيرة العارم بسحر الزهر واللون والدندنات الفيروزية! فَرُحتُ أدندن: “يا الله تنام ريما.. يا الله يجيها النَّوم يا الله تحبِّ الصَّلا.. يا الله تحبِّ الصَّوم يا الله تجيها العوافي.. كلّْ يوم بيوم”. للّه درّه عيد ميلادي لهذا العام! “ما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتها” صارت شقيقتي ريمة زهوري الليلكية.. مَدايَ الأزرق الليلكيّ.. هديّتي الصغيرة/ الكبيرة في فنجانٍ من القهوة المرّة بالهال، تعلوه زهرةُ بنفسج جديدة لسنة جديدة أُخرى من تَغريبتي الطويلة.. في مشوارِ “الحبّ والحقّ والحياة” مع الأهل والأصحاب.. عَن بُعدٍ وقُربِ.. مع الأرض والسّماء.. ومع حفنة كلمات! (أكاديميّة سوريّة مقيمة في لندن)

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

متى تقرأ سورة الفجر للحمل بولد؟.. فيها 10 أسرار ينبغي معرفتها

لاشك أن معرفة متى تقرأ سورة الفجر للحمل بولد ؟، تعد من المسائل التي تهم الكثيرون ممن يفضلون إنجاب الذكور عن الإناث ، لذا يبحثون عن كل وسيلة قد تحقق لهم المراد، ومن هنا تأتي أهمية معرفة متى تقرأ سورة الفجر للحمل بولد ؟.

ماذا يحدث عند تشغيل سورة البقرة أثناء النوم؟.. انتبه لـ5 حقائقما سر قراءة سورة قريش على المال 7 مرات؟.. كثيرون لا يعرفونهمتى تقرأ سورة الفجر للحمل بولد

ورد عن مسألة متى تقرأ سورة الفجر للحمل بولد ؟، أنه جاء فضل سورة الفجر إجمالاً كغيرها من سور القرآن وهو أن بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، فيما لم يرد شيء يصحّ في فضل سورة الفجر لإنجاب الذكور في كُتب الحديث الصحيحة المتواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنّ كل ما يُتناقل بين الناس في فضل سورة الفجر في إنجاب الذكور سواءً قراءتها كاملةً أو أجزاء منها؛ فلا أصل له وهو إلى الابتداع أقرب من الاتباع، لكن من لطيف القول الإشارة إلى فضل سورة الفجر في تسليط الضوء على أوقاتٍ فضيلةٍ في حياة المسلم ألا وهو وقت الفجر مع اختلافٍ بين العلماء في تحديد ماهية الفجر إلا أنّ أرجح الأقوال أنه وقت صلاة الفجر أو صلاة الفجر نفسها حيث تشهد الملائكة تلك الصلاة وما يتبعها من التسبيح وذِكرٌ لله تعالى.

حديث عن فضل سورة الفجر في الحمل بذكر

ورد فيها أنه تختلفُ فضائلُ السور الخاصّة بكلّ سورة من سور كتاب الله -عزّ وجلّ-، فهناك سورٌ وردَ فيها فضائل خاصّة في صحيح السنة النبوية، وهناك سورٌ لم يردْ في حقّها فضل خاص دون غيرها، وتندرج سورة الفجر تحت قائمة السور التي لم يردْ في صحيح السنّة ما يدلُّ على فضل تلاوتها بشكل خاص، بينما وردت بعض الأحاديث الموضوعة والضعيفة في فضلها منها:

“من قرأ سورة الفجر في الليالي العشر (بداية ذي الحجة) غُفر له، ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نوراً يوم القيامة”.

ومن خواص القرآن : روي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، أنّه قال : «من قرأ هذه السورة غفر اللّه له بعدد من قرأها ، وجعل له نورا يوم القيامة ، ومن كتبها وعلّقها على وسطه ، وجامع زوجته حلالا ، رزقه اللّه ولدا ذكرا قرّة عين».

وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : «من أدمن قراءتها جعل اللّه له نورا يوم القيامة ، ومن كتبها وعلّقها على زوجته رزقه اللّه ولدا مباركا» .

فضل سورة الفجر

لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضل خاص في تلاوة آيات سورة الفجر فهي مثل كثير من سور القرآن الكريم لم يرد في شأنها فضل خاص، تلاوة القرآن الكريم لها فضل عظيم نتعلم من قراءة آيات القرآن الكريم الكثير من العبر والعظات، تحتوي سورة الفجر على قصص الأمم السابقين وتكذيبهم المرسلين.

ونتعلم من خلال هذه السورة كيف نعبد الله ونخلص في عبادته وحده لا شريك له وأن لا نكون من المكذبين الضالين الجاحدين لنعم الله ضرب الله لنا الكثير من الأمثلة على الأمم المكذبة ومنهم قوم عاد ولابد ان نتعلم من هذه القصص حتى لا يكون مصيرنا كمصير الأمم السابقة المكذبة للمرسلين، أعاذنا الله وإياكم أن نكون من القانطين.

سورة الفجر

تعد سورة الفجر واحدةٌ من أوائل سور المفصَّل المكية نزولًا، إذ تُعد العاشرة في ترتيب النزول بعد سورة الليل وقبل سورة الضحى، والسورة التاسعة والثمانين في ترتيب سُور المصحف العثمانيّ، وتقع آياتها الثلاثين في الربع الخامس من الحزب الستين من الجزء الثلاثين، كما أنها من سور الجزء الأخير التي تخلو من لفظ الجلالة، وقد افتتحت السورة آياتها بالقسم للتدليل على فضل وعظمة المُقسم به وهي: الفجر والليال العشر الأوائل من شهر ذي الحجة وركعات الشفع والوتر والليل.

مضامين سورة الفجر

افتتحت السورة آياتها بالقسم في إيماءةٍ إلى مكانة المُقسم به عند الله -سبحانه وتعالى، ثم تطرقت الآيات إلى عددٍ من المواضيع شأنها شأن السور المكية ومنها :

الإتيان على ذِكر الأقوام السابقة عاد وثمود وقوم فرعون وما حلّ بهم جراء تكذيبهم لرسلهم، وفي ذلك إشارة إلى أنّ مشركي قريشٍ وغيرهم من الكفار سيحل بهم ما حلّ بمكذبي الأمم السابقة.

ذِكر أحوال الإنسان التي تتراوح ما بين الغنى والفقر وطريقة تصرفه في كل حالةٍ لفت أنظار الناس إلى أهوال يوم القيامة.

الإشارة إلى حب النفوس للمال وفي ذات الوقت الشح بهذا المال فلا يُدفع منه شيءٌ لليتيم أو إطعام المساكين إلى جانب أكل الميراث.

ندم كلّ من خالف الله ورسله يوم القيامة عند رؤية العذاب الأليم.

الحديث عن حال المؤمنين الموصوفين أصحاب النفوس المطمئنة وما ينتظرهم من النعيم.

مقالات مشابهة

  • “تقدم” – العمياء التي لا ترى ما حولها.!!
  • غانتس: نحن على حافة الانتقال من حرب واجهنا فيها الأعداء إلى “حرب أهلية”
  • وزارة المجاهدين تُدين السلوكات “المشينة” التي تمس برموز الثورة الجزائرية وتاريخها المجيد
  • مشاركان في بطولة “قفز السعودية” ينوهان بالبطولة ويؤكدان أنها تستحق المشاركة فيها
  • الكشف عن هوية مهرب صور التعذيب من السجون السورية التي أدت إلى صدور “قانون قيصر”
  • غزة أكثر مناطق العالم التي يعيش فيها مبتورو الأطراف .. والسبب العدوان الإسرائيلي
  • استراحة محارب .. سر اختفاء نهلة سلامة عن الساحة الفنية
  • متى تقرأ سورة الفجر للحمل بولد؟.. فيها 10 أسرار ينبغي معرفتها
  • تحت عنوان “الحرية والمساواة”: العدوان الأمريكي يستغل حقوق المرأة
  • شاهد بالفيديو.. بروفيسور ومؤرخ سوداني يفجر المفاجأت: البئر التي رمي فيها سيدنا يوسف موجودة بالسودان ووالده سيدنا يعقوب كان يقيم في جبل مرة بدارفور ورحل إلى مصر بعد الواقعة