فرضت الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء رسوماً جمركية جديدة باهظة على أصناف من البضائع الواردة إلى مناطق سيطرتها مع تهديدات بمصادرتها، وذلك بعد أن أقرت الجماعة تعديلات قانونية تُتهم بأنها تهدف إلى إلغاء التنافس التجاري والإضرار بالقطاع الخاص والسكان.

ومنذ ما يقارب الشهر، رفعت الجماعة الرسوم على عدد من البضائع المستوردة إلى مستويات قياسية وصلت إلى 100 في المائة، كما أعادت منذ مطلع الشهر الماضي فتح الترسيم الجمركي للسيارات التي سبق ودخلت مناطق سيطرتها ومُنحت رخصاً للحركة فيها، ووجهت ملاكها باستكمال الإجراءات الجمركية قبل أن يجري حجزها.



وجاءت هذه الإجراءات على الرغم من إصدار محكمة تابعة للجماعة قراراً بإبطال أي إجراءات لفرض رسوم جمركية جديدة على السيارات والمركبات العامة التي سبق جمركتها.

في السياق نفسه، اتهم سياسيون وناشطون الجماعة الحوثية بالسعي لـ«إحلال تجار جدد يجري إعفاؤهم من الضرائب والجمارك ليحلوا محل التجار القدامى» من خلال «تمرير التعديلات على قانون الجمارك والضرائب» عبر البرلمان التابع لها.

وشنّ النائب في البرلمان الخاضع للجماعة أحمد سيف حاشد هجوماً على تلك التعديلات التي عدها توجهاً عصبوياً «يستبيح المواطنة، ويتعمد التمييز، وينتهك المساواة، ويدعم فئة يجري تشكيلها على حساب وطن تجري استباحته لصالح هذه الفئة الطفيلية الجديدة التي لا تعتمد على المنافسة والتراكم المالي الطبيعي، وإنما تعتمد على دعم السلطة لها».

صلاحيات مفرطة

يرى النائب اليمني أحمد سيف حاشد أن القانون الجديد يسلب البرلمان جزءاً مهماً من حقوقه لصالح رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي) ووزير مالية الجماعة؛ وشخصيات أخرى في حكومتها، إذ يمنحهم صلاحيات فرض الزيادات ومنح الإعفاءات حسب أهوائهم، في «مخالفة للدستور والقانون»، ونعت الأمر بالكارثي بحق الشعب.

من جهته، اتهم الناشط خالد العراسي، الموالي للحوثيين، رشيد أبو لحوم، وزير المالية في حكومة الجماعة غير المعترف بها، بالتخطيط للحصول على صلاحيات دائمة من خلال تقديم مشروعي تعديلات لقانوني الضرائب والجمارك، وهي تعديلات كارثية بموافقة مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى دون المرور على برلمان الجماعة وحكومتها.

وحذّر من فرض المشاط وأبو لحوم المزيد من الرسوم والجبايات في كثير من القطاعات الإيرادية بناءً على توجيهات أو قرارات داخلية أو بطرق أخرى، خصوصاً وأن أبو لحوم قد أقدم على رفع رسوم التحسين والنظافة وضاعفها أكثر من عشرة أضعاف.

أما القيادي في الجماعة المعروف بـ«أبو زنجبيل الحوثي»، فانتقد التعديل القانوني لكونه يهدف إلى رفع معدل تحصيل الرسوم الجمركية من خلال كبح الإنتاج المحلي وبخاصة الزراعي منه، وأن اعتراض أبو لحوم على القانون لم يراعِ أن منع وتقييد دخول المنتجات الزراعية المستوردة من اختصاص وزارة الزراعة وليس مصلحة الجمارك.

وكشف عن «مناقضة» أبو لحوم لنفسه حول حق منع وتقييد المنتجات الزراعية والموازنة بين حاجة المستهلك إلى السلعة ‏وتشجيع الإنتاج المحلي مع متطلبات تحصيل الإيرادات، وإقراره بأن منع المنتج المستورد من اختصاصات وزارة الزراعة، مع الاعتراض على قانون التعرفة الجمركية لأنه لم ينص على حق استلاب اختصاصات وزارة الزراعة في المنع.

حرمان من التنافس

في قطاع الكهرباء أفادت مصادر تجارية في صنعاء بأن الجماعة بدأت تقديم تسهيلات لتجار وشركات ما يعرف بقطاع الطاقة المتجددة، تحت مزاعم تحفيز الاستثمار في هذا المجال، بحسب إعلام الجماعة.

وأكدت المصادر أن الشركات والتجار المستفيدين من هذه الإعفاءات الممنوحة هم من الموالين للجماعة الحوثية؛ وذلك ضمن مساعي الجماعة إلى السيطرة التامة على قطاع الكهرباء، وضرب التجار غير الموالين لها وملاك محطات الكهرباء الخاصة، بعد أن جرى إنهاكهم بالجبايات والغرامات والإجراءات التعسفية التي تسببت لهم بالكثير من الخسائر.

وبيّنت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي قطاع الكهرباء التابع للجماعة الحوثية يمنع ملاك محطات الكهرباء الخاصة من تخفيض الأسعار؛ لمنعهم من المنافسة في هذا القطاع الذي يوفر الكهرباء للمستهلكين بأسعار تفوق ما كانت عليه في 2014 بفوارق كبيرة تصل إلى أكثر من 500 في المائة.

وطبقاً للمصادر، فإن إيرادات محطات قطاع الكهرباء التابع للجماعة في العاصمة صنعاء وحدها تزيد على 5 ملايين و660 ألف دولار شهرياً (نحو 3 مليارات ريال، حيث الدولار في مناطق سيطرة الجماعة يعادل 530 ريالاً) رغم أنها تغطي ما يقارب 40 في المائة فقط من احتياجات المدينة.

وتوقفت محطات الكهرباء العمومية عن العمل في 2015، بعد انهيار خطوط نقل الطاقة من محطة مأرب الغازية، وإيقاف العمل في المحطات الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، ليستعيض السكان عنها بمعدات الطاقة الشمسية باهظة الكلفة وقليلة الفائدة، والتي كان لشركات موالية للجماعة نصيب وافر من تجارتها.

وخلال الأعوام الأخيرة أعادت الجماعة الحوثية تشغيل عدد من محطات الكهرباء العمومية الواقعة تحت سيطرتها عندما ظهرت المحطات الخاصة التي تبيع الكهرباء للسكان بمبالغ كبيرة، وبدلاً عن تقديم هذه الخدمة بأسعار منافسة؛ لجأت إلى بيعها بأسعار أعلى من أسعار المحطات الخاصة التي أجبرتها على رفع أسعارها بالمقابل لإنهاء المنافسة.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

ترحيب يمني بقرار ترامب تصنيف «الحوثي» «منظمةً إرهابيةً»

شعبان بلال (عدن، القاهرة)

أخبار ذات صلة صد هجمات «حوثية» متزامنة في ثلاث محافظات يمنية عبدالله بن زايد: علاقاتنا مع أميركا ديناميكية ومتطورة

رحب اليمن بقرار الولايات المتحدة الأميركية إعادة تصنيف ميليشيات «الحوثي» «منظمةً إرهابية أجنبية»، واعتبره مدخلاً لإحلال السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة. 
وأعلن البيت الأبيض، فجر أمس، إدراج جماعة «الحوثي» على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. 
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في القرار التنفيذي الذي نشره البيت الأبيض: «بموجب السلطة المخولة لي كرئيس بموجب دستور وقوانين الولايات المتحدة الأميركية، وجهتُ بتصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية». 
وأضاف ترامب: «إن الحوثيين قاموا بإطلاق النار على السفن الحربية الأميركية عشرات المرات منذ عام 2023، ما عرّض الأميركيين للخطر». 
وأشار إلى أن «الحوثيين شنوا منذ استيلائهم على بعض المدن اليمنية بالقوة، في عامي 2014 و2015، العديدَ من الهجمات على البنية التحتية المدنية.
وأعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، عن شكره للرئيس الأميركي دونالد ترمب على هذا القرار، مجدِّداً الترحيب بتعهداته إنهاء الحروب وردع التنظيمات الإرهابية حول العالم.
وأكد العليمي التزامَ الحكومة اليمنية بالتعاون الوثيق مع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لتنفيذ قرار التصنيف، وتقديم الضمانات اللازمة لتدفق المعونات الإنسانية دون أية عوائق. 
وكتب رئيس مجلس القيادة في تدوينة على منصة «إكس»، قائلاً إن «اليمنيين، خصوصاً مَن فارقوا الحياة، أو عذبوا، أو اعتقلوا ظلماً، أو فُجرت منازلهم، أو شُردوا في أصقاع الأرض، انتظروا طويلاً الإنصاف ومعاقبة الإجرام الحوثي بقرار التصنيف الإرهابي، كمدخل لإحلال السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة». وأشار إلى أنه «لتعزيز المسار نحو السلام المنشود، هناك حاجة ملحة إلى نهج جماعي عالمي لدعم الحكومة اليمنية، وعدم التسويف في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار 2216»، معتبِراً أن التساهل مع «أعداء السلام» سيعني استمرار الأعمال الإرهابية لهذه الميليشيات. 
كما قالت وزارة الخارجية اليمنية، في بيان نُشر أمس، إن «هذا القرار يعكس تفهماً حقيقياً لطبيعة الخطر الذي تمثله الجماعة الحوثية على الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي». وأضاف البيان أن «هذا التصنيف ينسجم مع موقف الحكومة اليمنية الثابت ودعواتها المتكررة لتصنيف ميليشيات الحوثي جماعةً إرهابيةً، لما ترتكبه من جرائم مروعة وانتهاكات جسيمة بحق الشعب اليمني وتهديد خطير للأمن والسلام الإقليمي والدولي».
وجدد البيانُ دعوةَ الحكومة اليمنية للمجتمع الدولي من أجل اتخاذ خطوات مماثلة تعزز الجهود الدولية في التصدي للإرهاب، وتجفيف منابعه، مثمِّناً الشراكةَ الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ودورها في دعم الحكومة والشعب اليمنيين، ومتمنياً أن يكون هذا التصنيف عاملاً مهماً لتكثيف الجهود الدولية نحو إحلال السلام وتحقيق الاستقرار، وإنهاء المعاناة الإنسانية في اليمن. 
واعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة تصنيف «الحوثيين» في اليمن «منظمة إرهابية أجنبية»، يساعد على حصار وممارسات «الجماعة» ووقف انتهاكاتها، وتحقيق استقرار منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد تنفيذها هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن. 
ووصف وزير الأوقاف اليمني السابق أحمد عطية، قرار الرئيس ترامب إدراج جماعة «الحوثي» على قائمة المنظمات الإرهابية، بأنه «ضرورة ملحة طال انتظارها». 
وشدد عطية في تصريح لـ«الاتحاد»، على ترحيب اليمنيين بهذا القرار الذي تم إلغاؤه من بايدن، موضحاً أن هذه الجماعة قامت خلال السنوات الماضية بنسف البيوت وانتهاك دور العبادة وقتل الساسة واجتياح المدن والسيطرة على المقدرات، وتهديد الأمن الدولي والعربي والخليجي. 
وأشار إلى أن كل المعطيات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية تؤكد ضرورة تصنيف «الحوثي» منظمة إرهابية، وأن تعقب هذا القرار إجراءات حاسمة فيما يتعلق بدورها العسكري المقلق للعالم عامة. 
 ورأى المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر لـ«الاتحاد» أن إعادة إدراج «الحوثي» على قائمة «المنظمات الإرهابية الأجنبية»، قرار في غاية الأهمية، يهدف إلى مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة، ويُعتبر خطوةً إيجابيةً من الولايات المتحدة، ويُظهر التزامها بمواجهة التطرف وتحقيق الاستقرار في اليمن والمنطقة. 
من جانبه، شدد الباحث السياسي السعودي، فيصل الصانع، لـ«الاتحاد» على أن تصنيف «الحوثي» منظمة إرهابية، يعكس تحولاً مهماً في التعاطي الدولي مع التهديدات الأمنية في المنطقة، ويؤكد أن العالم بات أكثر إدراكاً لخطر الجماعة الإرهابية ودورها كأداة لزعزعة استقرار المنطقة. 
وفي السياق ذاته، ذكر الباحث في العلوم السياسية الدكتور هيثم عمران، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن إدراج جماعة «الحوثي» مجدداً على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية سيعزز من عزلة الجماعة. 
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي السعودي، وجدي القليطي، في تصريح لـ«الاتحاد» أن القرار يمثل تطوراً في السياسة الأميركية مع تولي ترامب سدة الحكم.

مقالات مشابهة

  • ما تداعيات قرار واشنطن إعادة تصنيف الحوثي منظمة إرهابية؟
  • ترحيب يمني بقرار ترامب تصنيف «الحوثي» «منظمةً إرهابيةً»
  • الرئيس اليمني يرحب بقرار ترامب تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية
  • ترامب يعيد الحوثي إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية
  • بالتنسيق مع حماس.. الحوثي تفرج عن طاقم سفينة إسرائيلية بعد 14 شهرا من احتجازهم
  • الحوثي تفرج عن طاقم سفينة إسرائيلية بعد مرور 14 شهرا من احتجازهم
  • الحوثي: إطلاق سراح طاقم سفينة "جلاكسي ليدر" وتسليمهم إلى سلطنة عمان
  • جماعة الحوثي تستهدف مواقع للقوات الحكومية غرب تعز
  • الرئيس الأمريكي: قد نفرض رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي
  • حاج ماجد سوار يكتب: الخطة (ب).. إستهداف محطات الكهرباء