محللون: واشنطن تضغط على نتنياهو من أجل مصلحة بايدن وليس لوقف الحرب
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
يرى محللون أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحاول خلق حالة من الضغط الداخلي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدفعه نحو تغيير طريقته في إدارة الحرب على قطاع غزة دون التخلي عن هدف القضاء على المقاومة.
فقد أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي محمود يزبك أن الزيارة التي أجراها عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إلى واشنطن وبريطانيا هذا الأسبوع "كانت نوعا من الضغط الكلامي الذي لا يعني تغيرا جذريا في موقف الدولتين من إسرائيل".
وقال يزبك -خلال مشاركته في برنامج "غزة..ماذا بعد؟"- إن الولايات المتحدة تحاول الضغط على نتنياهو من داخل مجلس حربه الذي يمكنه عرقلة كثير من القرارات التي يتخذها رئيس الوزراء الإسرائيلي لإرضاء أركان حكومته المتطرفة حفاظا على منصبه بغض النظر عن موقف واشنطن من هذه القرارات.
ضغط محدود
ورغم أن الضغط الأميركي لا يزال كلاميا، فإنه قد يؤتي أكله في أمور محدودة، لكنه لن يكون فاعلا ما لم يصل إلى خطوات مؤلمة مثل وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة، حسب يزبك.
الرأي نفسه ذهب إليه الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي بقوله إنه لا يجب تحميل زيارة غانتس لواشنطن أكثر مما تحتمل، لأن الولايات المتحدة لديها علاقات إستراتيجية لا يمكن المساس بها مع إسرائيل في نهاية المطاف.
ويرى مكي أن واشنطن تختلف مع نتنياهو في إدارته للحرب وطريقته في التخلص من حركة حماس، لكنها ليست مختلفة معه على هذه الأهداف، مشيرا إلى أن واشنطن -حسب التسريبات- لم تناقش مع غانتس مسألة استبدال نتنياهو.
وبناء على ذلك،. فإن الولايات المتحدة -برأي مكي- "قالت لغانتس شيئا لم تتمكن من قوله لنتنياهو حتى يعود ويمارس ضغطا عليه داخل مجلس الحرب لفعل ما تريده واشنطن".
ولم تختلف المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأميركية ياسمين الجمل مع الرأيين السابقين بقولها إن زيارة غانتس تمثل بالفعل ضغطا على نتنياهو، وإن لم يكن على النحو الذي يريده البعض.
لكن الجمل ترى أن هناك سلوكا أميركيا هدفه إظهار مدى الغضب الأميركي مما تقوم به إسرائيل، وهو ما فوجئ به غانتس فور وصوله إلى واشنطن، وفق قولها.
نتنياهو في وضع صعب
وبناء على ذلك، يقول يزبك "يبدو أن نتنياهو حاليا في وضع صعب جدا، لأنه حاول القفز على إدارة بايدن كما فعل مع إدارة أوباما عندما رفض الحديث عن إقامة دولة فلسطينية، وذهب مباشرة إلى مجلس الشيوخ الأميركي، وحظي بتأييد كبير فيه، لأن الإدارة الحالية نجحت في قطع الطريق عليه هذه المرة".
ومن هذا المنطلق، فإن نتنياهو بشخصه هو ما يتعرض للضغط الأميركي وليس إسرائيل، كما يقول يزبك الذي أكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يعول على رفع أسهمه السياسية من خلال معارضة واشنطن، لكنه تراجع عندما وصل الضغط عليه نقطة معينة.
ولا تعني هذه التحركات تغيرا محتملا كبيرا في موقف واشنطن، وإنما هي فقط محاولة لتحقيق مصالح انتخابية للرئيس بايدن الذي يريد إطلاق سراح الرهائن الأميركيين والحصول على بعض الهدوء خلال فترة انتخابية صعبة داخل الحزب الديمقراطي.
إلى جانب ذلك، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا -تقول الجمل- تدركان أن نتنياهو لن يظل رئيس وزراء للأبد وتعرفان أن شعبيته في تراجع، "وبالتالي فإن جزءا كبيرا من النقاش مع غانتس ربما تناول ما سيحدث بعد انتهاء الحرب".
وأضافت الجمل أن واشنطن أرادت أن توضح لغانتس -بصفته المنافس الأقوى لنتنياهو- ما يجب عليه معرفته إذا ما تولى رئاسة الوزراء مستقبلا وألا يسيء فهم الغضب الأميركي مما يجري حاليا، وأيضا أن يفهم أهمية حل الدولتين بالنسبة لها.
ويتمثل جزء من الخلاف الأميركي مع نتنياهو -برأي مكي- في أن الأخير "ذهب بعيدا في ممارساته، فانتهك كل القوانين، وأحرج الولايات المتحدة مع حلفائها العرب، فضلا عن أنه أضر بخططها لدمج إسرائيل في المنطقة".
فقد تجاوز نتنياهو ما تم التخطيط له بكثير، كما يقول مكي، الذي أكد أن واشنطن لا تزال متمسكة بهدف القضاء على حماس، لكنها تريد تحقيقه بطريقة مختلفة، قد تكون سياسية من خلال سلطة فلسطينية تتولى إدارة القطاع ونزع السلاح.
لذلك -يضيف مكي- فإن أميركا وبريطانيا تريدان الضغط على نتنياهو من داخل مجلس الحرب لكي يتخذ قرارات أكثر اعتدالا وخصوصا في ما يتعلق بالهجوم على رفح والتعامل مع القضايا الإنسانية بشكل يرفع عنهما الإحراج مع مواصلة الحرب.
واتفق يزبك مع الرأي السابق، لكنه أشار إلى أن "الخلاف الدائر بين اليمين وغانتس عميق جدا، وأن السؤال المهم هو: هل يمكن لأميركا وغانتس ومجموعته الضغط على نتنياهو لوقف إطلاق النار قريبا؟".
أما الجمل، فترى أن نتائج زيارة غانتس لواشنطن ولندن ستظهر قريبا من خلال الهدنة التي يصر بايدن على التوصل لها قبل شهر رمضان، مشيرة إلى حماس عليها القبول بالشروط الحالية، لأنها لن تحصل على وقف كامل للقتال ولا انسحاب كامل للقوات من القطاع حاليا.
وخلصت إلى أن الوضع "حساس والضغوطات عالية، لأن الجميع يدفع باتجاه هدنة قبل رمضان".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة على نتنیاهو أن واشنطن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل اليوم وأميركا غدا.. لهذا تخشى واشنطن مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت
واشنطن- مثّل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت صدمة في العاصمة الأميركية واشنطن.
وقالت المحكمة الجنائية الدولية إنها وجدت "أسبابا معقولة" لاتهامهما "بجريمة الحرب المتمثلة في التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال غير الإنسانية". كذلك تحدثت عن وجود "أسباب معقولة للاعتقاد" بأن كليهما يتحمل "المسؤولية الجنائية كرؤساء مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في تعمّد توجيه هجوم على السكان المدنيين".
وعبّرت إدارة الرئيس جو بايدن عن رفض صارم لقرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إن الولايات المتحدة "ترفض بشكل أساسي قرار المحكمة بإصدار مذكرات توقيف لكبار المسؤولين الإسرائيليين"، وإنها "تشعر بقلق عميق من اندفاع المدعي العام لطلب مذكرات توقيف وأخطاء العملية المقلقة التي أدت إلى هذا القرار".
كما قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من أنه "ليس لدينا تقييم قانوني للإجراءات الإسرائيلية في غزة لكننا نرفض قرار الجنائية الدولية". وانتقد بايدن قرار الحكمة واعتبره عملا "شائنا".
"اليوم.. وغدا"
اعتبرت افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال المحافظة قرار المحكمة الجنائية الدولية بمنزلة هجوم على إسرائيل والولايات المتحدة معا. وقالت الصحيفة إن مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت "سيضرّان بقدرة جميع الديمقراطيات على الدفاع عن نفسها ضد الجماعات أو الدول الإرهابية"، على حد وصفها.
وأضافت افتتاحية الصحيفة أن "هذه السابقة ستستخدم ضد الولايات المتحدة التي هي مثل إسرائيل لم تنضم أبدا إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وعلى موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، وهي مؤسسة بحثية قريبة من الحكومة الإسرائيلية، كتب ريتشارد غولبرغ، الباحث والمسؤول السابق بإدراة دونالد ترامب، يقول "إنهم إسرائيليون اليوم، لكنهم سيكونون أميركيين غدا".
وأضاف غولبرغ محذرا "نحن بحاجة إلى التفكير بشكل أكبر من حظر التأشيرات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية؛ نحن بحاجة إلى تشويه المحكمة الجنائية الدولية نفسها وقطع وصولها إلى المال والخدمات. يجب أن نطلب من جميع حلفائنا الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية أن يعلنوا أنهم لا يعترفون بأوامر الاعتقال على أنها شرعية ولن ينفذوها، يجب على كل حليف أن يسجل الآن".
مؤشرات تتحدث عن توجه الكونغرس الجديد لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية (صورة من المحكمة) تمهيد الطريقتشير كل المؤشرات إلى أن الكونغرس ذا الأغلبية الجمهورية، والذي تبدأ دورته الجديدة في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، سيقوم بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
واستبق السيناتور جون ثون، الذي سيصبح زعيم الأغلبية الجديد في مجلس الشيوخ، قرار المحكمة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ودعا مجلس الشيوخ لتمرير عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على الفور، واستكمال خطوات مشروع قانون عقوبات المحكمة الجنائية الدولية الذي أقره مجلس النواب في يونيو/حزيران الماضي.
وهدد مايكل والتز، النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، والذي اختاره ترامب مستشارا للأمن القومي في إدارته الجديدة، المحكمة الجنائية الدولية، وتوعد قادتها وقادة الأمم المتحدة كذلك.
وقال والتز في تغريدة على منصة إكس "المحكمة الجنائية الدولية ليس لها مصداقية، وقد دحضت الحكومة الأميركية هذه الادعاءات. لقد دافعت إسرائيل بشكل قانوني عن شعبها وحدودها من إرهابيي جماعة حماس. يمكنك أن تتوقع ردا قويا على التحيز المعادي للسامية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني المقبل".
وردّ البروفيسور كريغ مارتن، من كلية واشبورن للقانون بجامعة ولاية كانساس، على هذه التهديدات. وقال للجزيرة نت إن "المحكمة الجنائية الدولية هي مؤسسة رئيسية في النظام القانوني الدولي الذي يقوم عليه ويجعل سيادة القانون الدولي ممكنة، وهو نظام لعبت الولايات المتحدة دورا مركزيا في بنائه. وبقدر ما تريد الولايات المتحدة الترويج لسيادة القانون والاعتماد على هذا النظام في المستقبل، لتقييد تصرفات دول مثل روسيا والصين، على سبيل المثال، يجب أن تفكر مليا في حكمة مهاجمة المؤسسات الأساسية التي تجعل ذلك ممكنا".
واتفق مع الطرح السابق البروفيسور أسامة خليل، رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة "سيرايكوس"، بولاية نيويورك، في حديث مع الجزيرة نت، وقال إن "إدارة بايدن لن تتصرف بناء على مذكرتي التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت. وبدلا من ذلك، من المتوقع أن تهاجم شرعية المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام كريم خان".
وبرأي خليل، فإن هذا من شأنه "أن يمهد الطريق أمام إدارة ترامب لاتخاذ إجراءات أكثر عدوانية ضد المحكمة الجنائية الدولية وأي هيئات دولية تتحدى سياسات واشنطن أو تنتقد تصرفات إسرائيل".
أميركا والمحكمةورغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوتين بالمحكمة الجنائية الدولية، فإن مسؤولين أميركيين عبّروا عن الغضب من توجه المحكمة، خاصة أنها المرة الأولى التي تسعى فيها لمحاكمة حليف لأميركا.
ويفسّر الموقف الأميركي من المحكمة الجنائية الدولية بخوف واشنطن من تعرض الجنود والساسة الأميركيين للمحاكمة دون حماية دستورية أميركية، ومن قضاة دوليين.
وبدلا من ذلك، تتكئ واشنطن على قوانينها المحلية وقانون جرائم الحرب لعام 1996، وهو قانون يطبق إذا كان أحد الضحايا أو مرتكب جريمة الحرب مواطنا أميركيا أو عضوا في الجيش الأميركي.
وجدير بالذكر أن معارضة واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية وصلت إلى ذروتها خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي تعهدت بفرض عقوبات على القضاة والمدعين العامين في المحكمة إذا شرعوا بالتحقيق في ما قالت عنه المحكمة إن "أفرادا من الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية ربما ارتكبوا جرائم حرب بتعذيب المعتقلين في أفغانستان عام 2016″.
وبالفعل، فرضت واشنطن عقوبات على أعضاء المحكمة، وحظرت الحسابات المصرفية لرئيسة المحكمة السابقة فاتو بنسودا، لكن العلاقات بدأت بالتحسن مع بدء عهد الرئيس جو بايدن قبل ما يقرب من 4 سنوات خاصة بعد تعهده باحترام قواعد القانون الدولي، وأسقطت واشنطن العقوبات.
وسبق أن طالب قادة الكونغرس، من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، البيت الأبيض بتقديم كل الدعم الممكن لمحكمة العدل الدولية في سعيها لتضييق الخناق على روسيا، إلا أن الموقف الأميركي تغير تماما حينما تعلق الأمر بإسرائيل وبانتهاكاتها المستمرة المرتبطة بعدوانها على قطاع غزة.
ومرّ التشريع الذي حمل الرقم (8282) ويدعو لفرض عقوبات على أعضاء المحكمة، وجاء كرد فعل على إصدار المحكمة أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت في يونيو/حزيران الماضي، بتأييد أغلبية 247 صوتا مقابل معارضة 155، حيث صوّت لمصلحة مشروع القرار جميع النواب الجمهوريين و42 نائبا ديمقراطيا.
وتجمد مشروع القانون عند عتبة مجلس الشيوخ، وذلك بإيعاز من البيت الأبيض الذي خشي من أن تدفع العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية إلى ملاحقة إسرائيل بشكل أقوى، وأن يجبر مشروع القانون الولايات المتحدة على فرض عقوبات على الحلفاء المقربين الذين يمولون المحكمة وقادتهم والمشرعين والشركات الأميركية التي تقدم خدمات للمحكمة.