بوابة الوفد:
2024-06-29@12:24:11 GMT

ثورة 19.. وقيم الدولة الحديثة

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

فى تاريخ الأمم والشعوب أحداث غيرت مجرى الحياة، وتركت آثارا سياسية واجتماعية واقتصادية هامة.. وتأتى ثورة 19 على رأس الأحداث التى شهدتها مصر فى تاريخها المعاصر، وكانت لها نتائج بالغة الأثر على مصر فى شتى مناحى الحياة، وامتدت آثار هذه الثورة إلى معظم دول الشرق التى كانت ترزح تحت وطأة الاحتلال الأوروبى وخاصة بريطانيا العظمى، ولقبت ثورة 19 بثورة الشرق بعد أن تسببت فى تحرير كثير من دول وشعوب العالم التى عانت كثيرًا من حقب الاستعمار، واشتدت هذه المعاناة أثناء الحرب العالمية الأولى التي اندلعت شرارتها عام 1914 واستمرت حتى عام 1918، وكانت سببا فى مزيد من الأعباء على المصريين بعد أن تمت مصادرة ثرواتهم ومحاصيلهم لتمويل وتموين الجيش البريطانى، فضلاً عن التضييق السياسى ومصادرة الحريات وتعطيل أعمال الجمعية التشريعية - البرلمان - ومصادرة الصحف ووضعها تحت الرقابة، وهو الأمر الذى دفع سعد زغلول لاستغلال حالة الاحتقان العام بين جموع المصريين، وتشكيل تيار الحركة الوطنية المصرية والاستفادة من قوة الجماهير المصرية وإشراكهم فى قضيتهم من خلال جمع التوكيلات للمطالبة بالاستقلال، الأمر الذى أدى إلى انفجار الثورة المصرية الكبرى فى 9 مارس 1919.


الحقيقة أن أحداث ثورة 19 التى تمر ذكراها الخامسة بعد المائة هذه الأيام، قد سطرها التاريخ فى عشرات ومئات الكتب والوثائق والدراسات والأبحاث نظرًا لآثارها البالغة ليس فى مصر وحدها ولكن فى معظم دول العالم بعد أن تأثر الثوار والأحرار والشعوب بأفكار ونضال الزعيم سعد زغلول، ومن بينهم المهاتما غاندى زعيم الهند الذى سار على درب سعد زغلول لتحرير بلاده، وإعلانه أن سعد زغلول ليس لمصر وحدها ولكن لنا وللعالم أجمع، وتأكيده فى مذكراته أنه سار على خطى أستاذه سعد زغلول.. والأهم أن ثورة 19 رسخت لقيم ومبادئ التحرر لدى شعوب ودول العالم، ولم تقف نتائجها فى الداخل المصرى عند حد حصول مصر على استقلالها فى فبراير عام 1922 وإعلانها دولة مستقلة ذات سيادة، ولكن تأتى النتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى المقام الأول على اعتبار أن ثورة 19 قد رسخت على أرض مصر قبل مائة عام لدولة ومبدأ المواطنية، وقبل أن يعرفه العالم المتحضر، وذلك عندما رفعت الثورة شعار - الدين لله والوطن للجميع - والمساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق السياسية والاجتماعية من خلال السماح للمرأة بالخروج فى المظاهرات والمشاركة السياسية والحق فى التعليم والحق فى العمل، وترسيخ حقوق الملكيات الخاصة وحقوق العمال وغيرها من الحقوق الاجتماعية التى شكلت الوحدة الوطنية بمفهومها الواسع والشامل فى المجتمع المصرى وأكدت على كل قيم المواطنة على أرض مصر.
مؤكد أن دستور 23 كان نتاجًا طبيعيًا لآثار ثورة 19 الذى جعل من مصر دولة دستورية بعد أن باتت الأمة مصدر السلطات، ورسخ الدستور لاستقلال القضاء وحرية الصحافة والحريات العامة والشخصية وحق تشكيل الأحزاب وتكوين البرلمان من مجلسي الشيوخ والنواب، ونزاهة الانتخابات وغيرها من المبادئ الدستورية التى جرى على أساسها الانتخابات التشريعية وأنتجت حكومة مصرية خالصة برئاسة سعد زغلول وسميت بحكومة الشعب، كما كانت ثورة 19 وابنها البكر دستور 23 سببًا فى ترسيخ هوية مصرية خالصة فجرت الإبداعات المصرية فى شتى المجالات وعلى كل المستويات فى السياسة والاقتصاد والثقافة والآداب والفنون، وفى الطب والهندسة والرياضة وشتى العلوم، وأصبحت القاهرة هى قبلة ومنارة الشرق التى تهفو إليها القلوب والعقول، وتشع بعلومها وثقافتها وتقدمها على كل أشقائها العرب ومحيطها الإفريقى.. ولم تكن هذه الهوية المصرية الراسخة بكل مكنونها وقوتها الناعمة إلا الدرع الحصين لهذه الأمة فى مواجهة كل الأزمات والحروب والمؤامرات التى تتعرض لها مصر من حين لآخر.. ولم يكن خروج المصريين فى الثلاثين من يونيو عام 2013 فى ثورة أدهشت العالم وأسقطت الجماعة الإرهابية ومعها كل المؤامرات، إلا تأكيدًا على هوية مصرية فريدة وصلبة يصعب تغييرها أو حتى خدشها، لتعود مصر للنهوض من جديد وتعويض كل ما فاتها.
حفظ الله مصر.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صواريخ ثورة 19 مصر سعد زغلول بعد أن

إقرأ أيضاً:

سليمان وهدان يكتب: ثورة الضرورة للمصريين

تأتى الذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو لتحمل معها أمنيات وطموحات جديدة لكافة المصريين وآفاقاً واسعة للدولة المصرية فى تحويل تلك الطموحات والأمنيات إلى واقع ملموس يشعر به كل المواطنين، فقد خرج ملايين المصريين بكل طبقاتهم وشرائحهم للشوارع فى جميع المحافظات المصرية للمطالبة بإسقاط حكم الإخوان واستعادة دولتهم، ثورة الكرامة وإعادة الوطن والهوية الوطنية اللذين كادا أن يُسلبا على يد هؤلاء، فلم يكن غريباً على الشعب المصرى أن يتمرد على نظام حكم تنظيم الإخوان الإرهابى، فقد تحرك المصريون غير مبالين بكل التهديدات التى تلقوها من قادة التنظيم الإرهابى، يتحرك المصريون ليغيروا مجرى التاريخ لصياغة عقد اجتماعى جديد وترسيخ جمهورية جديدة تحقق آمال وطموحات الشعب، وساندتهم المؤسسة العسكرية التى تبنت مطالبهم فلم تخيب القوات المسلحة ظن شعبها، وكانت حاضرة فى المشهد بقوة، وتبنت مطالبه.

فكان الهدف من التحرك الشعبى هو التخلص من جماعة الإخوان وإيقاف توغلها فى مفاصل ومؤسسات الدولة، واستعادة الهوية الوطنية للدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار المجتمعيين اللذين كادا ينعدمان، وحرص الشعب على استعادة هيبة الدولة والقيمة الاستراتيجية للسياسة الخارجية المصرية.

كان الهدف الرئيسى للقيادة السياسية هو الانتقال بمصر من مرحلة القضاء على الإرهاب وتثبيت أركان الدولة ومؤسساتها واستعادة الاستقرار، إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة والمشروعات القومية العملاقة، والعمل على الحفاظ على الدولة الوطنية واستعادة مكانة الدولة ودورها فى العالم كله، كل ذلك جنباً إلى جنب مع البناء والتنمية والترسيخ لجمهورية جديدة يتمناها المصريون، لتكون وفقاً لأفضل المعايير العصرية العالمية فى ظل تحديات إقليمية وعالمية غاية فى الصعوبة بهدف الوصول إلى مستقبل مشرق للجيل الحالى والأجيال المقبلة.

ما كان يمكن أن تكون عليه حالة الدولة إذا لم تنجح الثورة، لو استمر حكم الإخوان ولكانت الجماعة محت هوية مصر وغيرتها تدريجياً بتدمير ثقافاتها وموروثاتها الثقافية والعلمية، وكانت سيناء الآن مرتعاً للإرهاب وباتت ضمن مخططات أخرى بتغيير ديموغرافيتها وتاريخها وأهلها، أو ولاية ضمن مخطط إرهابى عالمى.

لانخرطت مصر فى حروب وتحول جيشها إلى ميليشيات. وكانت طوابير البوتاجاز وطوابير البنزين مستمرة حتى الآن، كانت مصر ستدخل فى نفق مظلم تتهاوى فيه من خلال بث الفرقة والتناحر بين طرفى نسيج الدولة المصرية، ومن ثم تقسيمها وكنا سنعود للخلف مئات السنين

مقالات مشابهة

  • مروان قرقورة: 30 يونيو شكلت نقطة تحول في مستقبل الدولة المصرية
  • العصر الذهبى للمرأة.. 50 تكليفاً رئاسياً و٢٦ قانوناً وتعديلاً تشريعياً لتمكين المرأة
  • مجدي البدوي يكتب: ثورة بناء
  • أيمن عقيل يكتب: ثورة 30 يونيو.. ما الذي تغير؟
  • سليمان وهدان يكتب: ثورة الضرورة للمصريين
  • عصام هلال عفيفي يكتب: حطمت مطامع الإخوان
  • طارق الخولي يكتب: 11 سنة ثورة
  • «برلماني»: ثورة 30 يونيو وضعت أسس الدولة المدنية الحديثة
  • حزب «المصريين»: ثورة 30 يونيو علامة فارقة في تاريخ الدولة المصرية
  • ثورة 30 يونيو.. 11 عامًا من بناء الجمهورية الجديدة