العالم يترقب نتيجة مفاوضات الوسطاء (مصر وقطر وأمريكا) مع حماس وإسرائيل، إما هدنة لالتقاط الأنفاس خلال شهر رمضان الكريم، ومزيد من المساعدات للفلسطينيين، وإما وقفا تاما لإطلاق النار، تبدأ بعده مفاوضات مصير غزة وسكان الغلاف والشمال.
كل المؤشرات تؤكد أن إسرائيل ستوافق على بنود صفقة تبادل الأسرى والرهائن، وسيركع الصهاينة وخاصة بعد مرونة وتنازلات قادة حماس، فلم يعد أمام «نتنياهو» سواها؛ لحفظ ماء وجهه السياسى وضمان الاستمرار فى الحكم، حتى يأتى صديقه العجوز و«حبة عينه» دونالد ترامب عند فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
ولم يعد أيضا أمام المقاومة سوى القبول بها إنقاذا للشعب الفلسطينى من القصف المستمر لمختلف المدن ليلا ونهارا، وسط صمت مريب من المجتمع الدولى.
وعندما توافق إسرائيل وهى مجبرة، لن ترحم أحدا بعد الإفراج عن الرهائن وسقوط ورقة الضغط السياسى التى تستغلها المعارضة للتخلص من «نتنياهو».
ولذا فإننى لست متفائلا كثيرا بهذه الصفقة المرتقبة؛ فتاريخ الصهاينة حافل بسفك الدماء ونقض الوعود والمواثيق، فما إن يحصلوا على المصلحة والمنفعة من العدو قريبا كان أو بعيدا، سرعان ما ينقلبون، فيدمرون البيوت ويقتلون ويشردون، فى سبيل تحقيق الهدف الخفى، وهو تهجير ما تبقى من سكان قطاع غزة إلى سيناء أو الضفة الغربية، ليستمروا فى استكمال بناء مملكة إسرائيل فوق جثث الشهداء والأبرياء من أصحاب الأرض المغتصبة.
إن إسرائيل التى تحارب حتى هذه اللحظة، رغم مرور نحو 150 يوما على كسر شوكتها فى أكتوبر من العام المنصرم، وتكبدها خسائر ضخمة فى العتاد وصفوف الجيش، لن تستسلم بسهولة، ولن يقدم مجلس الحرب التنازلات سدى، ولن توافق حكومة تل أبيب على شروط حماس لوجه الله أو لرغبة فى تحقيق السلام واستقرار المنطقة.
حتما ستنقلب إسرائيل، ولن تترك فى غزة بيتا واحدا صالحا للحياة والبقاء؛ لأنها قررت وأعلنت منذ البداية سياسة الأرض المحروقة، وما طلبها لمزيد من صفقات السلاح من (ماما أمريكا) وأصدقائها الأوربيين إلا دليل قوى على أنها ستستمر فى الحرب ولو استمرت فى سبيل ذلك شهورا وسنوات مقبلة.
ولو حدث وتم وقف إطلاق النار سيفتعل نتنياهو أى شىء ويضرب الهدنة، لأنه ببساطة شديدة سفاح ومجرم وبلطجى، ولا يختلف كثيرا عمن سبقوه فى قيادة حكومة تل أبيب، فهم جميعا لا يريدون سوى دولة واحدة من النيل إلى الفرات (هكذا يحلمون).
وتذكروا كلامى هذا، إسرائيل لن تخرج من غزة إلا بعد القضاء على عناصر حماس تماما وقتل أهم وأخطر كوادر فصائل المقاومة وترحيل ما يتبقى خارج فلسطين، مع الإجهازعلى قوة حماس العسكرية المدعومة من إيران، وعلى قوتها السياسية المسنودة من الشعب الفلسطينى.
ولن تكون إعادة إعمار غزة فى المستقبل البعيد بعد سنوات من الشتات لسكان القطاع إلا بشروط وضوابط صهيو أمريكية، وليس بعيدا أن تمتد إليه المستوطنات لجلب اليهود من شتى بقاع العالم، ليصيح القطاع بمجمله عسكريا وسياسيا واقتصاديا تحت السيطرة الإسرائيلية، وليذهب الفلسطينيون والعرب والمسلمون جميعا إلى الجحيم.
إن إسرائيل وحلفاءها يعلمون جيدا مدى الضعف والهوان العربى والاسلامى، ومن يقرأ عقل الرئيس الأمريكى الأسبق دونالد ترامب سيدرك إلى أى مدى تستمد تل أبيب هذه القوة وذلك الجبروت، فهو القائل «إن ما نفعله بالعرب والمسلمين أقل بكثير مما يفعلونه بانفسهم» ومضى فى زعمه «من حقنا أن لا نأمن لهم؛ لأنهم خونة وأغبياء» على حد تعبيره.
أتمنى أن لا أكون متشائما أكثر من اللازم، وتكون الصفقة المرتقبة نقطة بداية لانتزاع الحلم الفلسطينى واعتذار ترامب وأمثاله عما وصف به العرب والمسلمين.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العالم مصر وقطر وأمريكا رمضان الكريم مصير غزة
إقرأ أيضاً:
مراقبة مساعد نتنياهو "خوفا من انتحاره" في محبسه
وضعت السلطات الإسرائيلية إيلي فيلدشتاين، مساعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تحت المراقبة، خوفا من انتحاره في السجن.
وذكرت مصلحة السجون في بيان: "عثر الحراس على شيء في زنزانة سجين أمني محتجز في سجن في الجنوب، مما استلزم، وفقا لتعليمات قائد السجن، نقله فورا إلى زنزانة يمكن مراقبته فيها لمنعه من الانتحار"، وذلك من دون أن يسمي البيان اسم السجين، في حين أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنه فيلدشتاين.
وحسبما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإنه تم العثور على حبل مشنقة في زنزانة فيلدشتاين، لكنها أوضحت لاحقا أنه يبدو أنه نزع إطارا مطاطيا من نافذة الزنزانة، مما أثار مخاوف من استخدامه لإيذاء نفسه.
ويتهم فيلدشتاين وشخص آخر لم يتم الكشف عن اسمه، بنقل معلومات سرية إسرائيلية للصحافة، وجمع مواد سرية لإلحاق الضرر بالدولة، والتآمر لارتكاب جريمة، إضافة إلى تهم أخرى.
وأبلغ مكتب المدعي العام المحكمة، الأحد، أنه ينوي مقاضاة فيلدشتاين ومشتبه به رئيسي آخر بشأن هذه القضية.
ويُشتبه في أن فيلدشتاين سرب وثيقة سرية لصحيفة "بيلد" الألمانية بهدف تغيير الخطاب العام بشأن مصير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في غزة، وإلقاء اللوم على زعيم حماس يحيى السنوار (قتلته إسرائيل لاحقا) في الجمود الذي أصاب مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، والإيحاء بأن الاحتجاجات المطالبة بالإفراج عن الرهائن كانت في صالح حماس.