أتتنى امرأة سائلة عما يُغلق أفواه أطفالها.. فشفاههم كساها بياض الجوع, كأرض مالحة أعياها بوار السنين.. وقد ودع بيتها الزاد بعد أن طال المرض قلب زوجها.. فأصبح العائل الوحيد يتملكه ثالوث المرض والفقر والجهل.. فهو أرزقى.. معوله هو ساعده.. وصحته هى وقود الحياة بالنسبة له.. إذا خرج إلى رزقه وأولاده خماصًا، عاد إليهم بعد طول عناء فيغدون بطانًا.
هذه القصة فى ظل الحالة الاقتصادية التى تعيشها البلاد، والغلاء الفاحش الذى يضرب ربوع مصر تضعنا جميعًا أمام المسئولية، رئيسًا ومرؤوسًا.. وهى ليست إشارة للدولة فحسب، ولكن للشعب المصرى عامة، لأن وجود الفقراء يدل على وجود خلل فى النظام الاجتماعى، وخلل فى تحمل الناس لمسئولياتهم، حيث إنّ الإنسان لا يستطيع تلبية حاجاته الأساسية من مأكل، وملبس، ومأوى، دون هذا التعاون الاجتماعى، ولأن وجود الفقراء قد يسلب المجتمع أمنه واستقراره، لذلك يجب ونحن نعيش نفحات شهور مباركة وعلى أبواب شهر رمضان الكريم أن ننشئ أنفسنا تنشئة تضامنية تعاونية.. لأن أبناء المجتمع الواحد عليهم أن يتحملوا مسئوليتهم تجاه هؤلاء العاجزين عن تدبير أقواتهم لأسباب خارجة عن الإرادة، لا سيما ونحن شعب يتسم بالشهامة.. بالكرم.. (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ).. ودائمًا تسبقه العاطفة.. وكما يقولون شعب متدين.. إذًا فلزامًا علينا فى هذه الأيام الصعبة أن نتكاتف.. أن نتكافل.. أن نتضامن.. أن نتعاطف.. أن نتعاون.. فنحن فى فترة إذا أصاب برد فئة كالأرزقية سمعنا «مواء» أبنائهم من التضور جوعًا كالقطط.. ونسمع آهات الآباء أنينًا من المرض.. أقول هذا حتى لا يأتى يوم ويشار إلينا «وقفوهم إنهم مسئولون».. نعم إنها كدولة مسئولة ستحاسب يومًا إذا تعثرت دابة فى أرض الحجاز، وستسأل يوم تشخص فيه الأبصار: لمَ لم تمهد لها الطريق؟.. ونحن نثمن كل خطوة فى طريق الإصلاح الاجتماعى كما فى القانون الجديد للضمان الاجتماعى الموحد، الذى نتمنى قدرة هذا التشريع على كفالة الأمان الاجتماعى لأولئك المحرومين.. والمواطن العادى أيضًا ليس بمنـأى عن السؤال والمسئولية، بل سيسأل عن جوع جاره.. فوالله لا يؤمن من مات شبعان وجاره جائع.
أخيرًا.. كلنا فى مصر لحمة واحدة.. وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. اللهم احفظ مصر وارفع قدرها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نتكاتف نتضامن السنين
إقرأ أيضاً:
وفاة بابا الفاتيكان بعد معاناة مع المرض.. دعا لوقف حرب غزة في خطابه الوداعي (بروفايل)
أعلن "الفاتيكان" وفاة البابا فرانسيس اليوم الاثنين، بعد معاناة مع المرض، وعقب ساعات فقط من إطلالته الأخيرة والتي دعا خلالها إلى وقف فوري للحرب على غزة.
وقال الفاتيكان إن البابا توفي عن عمر يناهز 88 عامًا، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان.
والأحد دعا البابا فرنسيس، إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قائلا؛ إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "تولد الموت والدمار"، وتسبب وضعا إنسانيا "مروعا ومشينا".
وبمناسبة "عيد الفصح" المسيحي، أطل البابا فرنسيس من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، ووجه عدة رسائل للعالم، في خطاب قرأه أحد معاونيه.
وقال البابا أمام حشد في ساحة بطرس: "أنا قريب من آلام المسيحيين في فلسطين وإسرائيل، كما أنني قريب من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني".
وأضاف: "يتوجّه فكري إلى شعب غزة، ولا سيما إلى الجماعة المسيحية فيها، حيث ما يزال النزاع الرهيب يولد الموت والدمار، ويسبب وضعا إنسانيا مروعا ومشينا".
ودعا البابا فرنسيس إلى "وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، وتقديم المساعدة للشعب الذي يتضوّر جوعا، ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام".
من هو البابا الراحل؟
البابا فرانسيس، وُلد باسم خورخي ماريو بيرجوليو في عام 1936 بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، يُعد أول بابا من أمريكا اللاتينية، وأول يسوعي يتولى منصب البابوية، وأول بابا من خارج أوروبا منذ البابا غريغوري الثالث في القرن الثامن.
اختياره لاسم "فرانسيس" مستوحى من القديس فرنسيس الأسيزي، ومنذ توليه منصب البابوية في 13 مارس 2013.
نشأ خورخي بيرجوليو في عائلة من المهاجرين الإيطاليين، وكان الأكبر بين خمسة أطفال. في شبابه، أظهر شغفاً بكرة القدم ودرس الكيمياء، حيث حصل على شهادة في هذا المجال قبل أن يتحول إلى الدعوة الدينية.
في عام 1958، انضم إلى الرهبنة اليسوعية بعد تعافيه من مرض خطير أثر على رئتيه، مما شكل نقطة تحول في حياته.
تدرج في الرهبنة، وسيم كاهناً في عام 1969، ثم شغل منصب رئيس اليسوعيين في الأرجنتين بين عامي 1973 و1979، وهي فترة شهدت اضطرابات سياسية كبيرة بسبب الديكتاتورية العسكرية في البلاد. خلال هذه الفترة، واجه اتهامات بعدم بذل جهود كافية لحماية كهنة يسوعيين اعتُقلوا، لكنه نفى هذه الاتهامات، مؤكداً أنه عمل عبر قنوات دبلوماسية وكنسية لحماية الضحايا.
في عام 1998، عُين بيرجوليو رئيس أساقفة بوينس آيرس، وفي عام 2001، منحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة الكاردينال.
خلال هذه الفترة، اشتهر بأسلوبه المتواضع، حيث رفض الإقامة في القصر الأسقفي واستخدم وسائل النقل العام.
قاد الكنيسة الأرجنتينية خلال أزمات اقتصادية وسياسية، مثل أحداث الشغب في ديسمبر 2001، وكان يُنظر إليه كمنافس سياسي لإدارتي نستور كيرشنر وكريستينا فرنانديز دي كيرشنر. في عام 2005، شغل منصب رئيس مجلس الأساقفة الكاثوليك في الأرجنتين، واعتذر لاحقاً عن تقاعس الكنيسة خلال الديكتاتورية العسكرية، في خطوة اعتُبرت الأولى من نوعها.
انتُخب البابا فرانسيس في 2013 بعد استقالة البابا بنديكت السادس عشر، في مجمع انتخابي قصير يُعد الأسرع في تاريخ الفاتيكان.
ومنذ ذلك الحين، اتخذ خطوات جريئة لإصلاح الكنيسة، مثل تشكيل مجلس استشاري من ثمانية كرادلة في 2013 لمراجعة إدارة الكوريا الرومانية، وهو قرار وُصف بأنه "ثوري".
يُعرف فرانسيس بمواقفه التقدمية في قضايا العدالة الاجتماعية، حيث دعا إلى مكافحة الفقر، حماية البيئة، ووقف العنف، بما في ذلك إدانته للحرب السورية في 2011 ودعوته لتحقيق في "الإبادة الجماعية" في غزة. كما زار عدة دول عربية، مثل الأردن، فلسطين، والعراق في 2021، لتعزيز الحوار بين الأديان ودعم المجتمعات المضطهدة.
على الرغم من شعبيته العالمية، واجه فرانسيس انتقادات داخل الكنيسة من تيارات محافظة، حيث اتهمه البعض، مثل الأب ويناندي في 2017، بإثارة "ارتباك مزمن" في العقيدة وتعيين أساقفة مثيرين للجدل.
في 2018، طالب 45 من العلماء الكاثوليك الكرادلة بمطالبته بالتراجع عن تعديلات في التعاليم، معتبرين أنها تناقض الكتاب المقدس.
رغم ذلك، استمر فرانسيس في نهجه الإصلاحي، مع التركيز على الرحمة والتجديد الروحي، كما يتضح في كتابه "الأمل"، وهي سيرته الذاتية الأولى الصادرة في 2025، التي كتبها على مدى ست سنوات بالتعاون مع الكاتب الإيطالي كارلو موسو.
الكتاب، الذي صدر في 80 دولة بـ14 لغة، يكشف عن طفولته، جذوره الإيطالية، وتجاربه، بما في ذلك إحباط محاولتي اغتيال خلال زيارته للعراق في 2021.
وعاني البابا فرانسيس قبل موته من مشكلات صحية مزمنة، بما في ذلك التهاب رئوي مزدوج ومشكلات في الركبة، مما اضطره لاستخدام كرسي متحرك وعصا.
وفي شباط/ فبراير الماضي، أُدخل المستشفى بسبب التهابات بكتيرية في الجهاز التنفسي، ووصفت حالته بـ"المعقدة"، لكنه واصل أداء مهامه.
Pope Francis died on Easter Monday, April 21, 2025, at the age of 88 at his residence in the Vatican's Casa Santa Marta. pic.twitter.com/jUIkbplVi2
— Vatican News (@VaticanNews) April 21, 2025