بين أهل الفن يوضع اسم الراحل حلمى بكر كعلامة ورقم ضخم، تاريخ موسيقى لا يمكن تجاهله، وتراث كبير تركه يوضع فى سجل الإبداع المصرى ويصنف به كواحد من أصحاب البصمات البراقة فى عالم الفن والموسيقى، قد يكون البعض اختصر تاريخ حلمى بكر فى معاركه الفنية التى كانت كلها دفاعًا عن الفن الأصيل فى مواجهة الفن الهابط وأغانى الرذيلة ومطربى الجعيير، والبعض الآخر تعامل معه من خانة زيجاته المتعددة التى يختلف كثيرون على عددها، وهذا فيه ظلم كبير لتاريخ هذا الرجل وما قدمه من فن جعله واحد من العظماء فى هذا المجال، فرصيده تجاوز الـ١٥٠٠ لحنًا، لكبار المطربين المصريين والعرب، من أجيال مختلفة، إضافة إلى موسيقى ما يزيد على ٤٨ مسرحية غنائية، وكان له فضل فى اكتشاف العديد من المواهب الغنائية المصرية والعربية أيضًا، فهناك مطربون كانت كلمة السر فى تألقهم ونجوميتهم الحان حلمى بكر التى كانت تستخرج أفضل ما بداخل المطرب من قدرات وإحساس، وتاريخ حلمى بكر كبير ولا يكفى مقال واحد حتى نوفيه حقه، لكن خلاصته أنه واحد من مبدعى مصر الكبار، ولم يكن مقبولًا ولا متوقعًا أن ترتبط لحظة النهاية والخاتمة لهذا المبدع بمشهد صراع وخلاف أسرته، وتأخر دفنه، وما صاحب ذلك من جدل لا يليق وشائعات واجتهادات كلها تسىء للاسم الكبير والتاريخ الإبداعى بحلمى بكر وتمثل انتهاكًا لحرمة الموت وكرامته وإهدارا لتاريخه بل إساءة للفن المصرى كله.
إن مثل هذه الأحداث تعكس الصراع الدائر فى المجتمع المصرى بين القيم الفنية العالية والمصالح الشخصية والعائلية. وكيف يمكن أن تؤثر الصراعات العائلية العميقة على حياة الفنانين، وتجعلهم يعانون من توترات نفسية وأزمات داخلية تنعكس على أعمالهم الفنية وحياتهم الشخصية.
لكن فى كل الأحوال المؤكد أن هذا المشهد الختامى لا يجب أن يضيع تاريخ ملىء بالابداع وميراث سيظل خالدًا فى تاريخ الفن المصرى والعربى، فقد كان حلمى بكر يمثل نموذجًا للفنان الذى يعمل بشغف وإلهام للحفاظ على قيم الفن الجميل والتعبير الفنى العميق، وستستمر أعماله الفنية فى إلهام وتأثير الأجيال القادمة، وستظل رمزًا للمثابرة والشجاعة فى مجال الفن.
وان كان هناك درس يجب أن نقف عنده فى هذه الحالة فهو ضرورة الفصل التام بين موهبة الشخص وإبداعه وبين حياته الخاصة، والأهم أن كل شخص وخاصة من أصبحوا رموزًا فى مجالاتهم أن يراعوا تمامًا أنهم تحت المجهر دائمًا وكل أفعالهم وتصرفاتهم وخلافاتهم الشخصية تؤثر على سمعتهم وتمنح أعداءهم فرصة النيل منهم، فالشهرة لها ثمن وتفرض على صاحبها التزامات قاسية أحيانًا وأهمها أن يحافظ على اسمه وسمعته مهما كان الثمن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حلمى بكر الراحل حلمي بكر حلمى بکر
إقرأ أيضاً:
فوز الكاتب المصرى محمد سمير ندا بالجائزة العالمية للرواية العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت الدكتورة منى بيكر رئيس لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية، عن فوز رواية صلاة القلق للكاتب المصري محمد سمير ندا، بالجائزة الكبرى العالمية للرواية العربية، والتي تبلغ قيمتها خمسون ألف دولار امريكي.
من هو محمد سمير ندا؟محمد سمير ندا كاتب مصري، ولد في العراق عام 1978، وتنقل عقب ذلك بين بغداد والقاهرة وطرابلس الغرب.
تخرج من كلية التجارة، وعمل في القطاع السياحي، ويعمل حاليًا مديرًا ماليًا لأحد المشروعات السياحية في القاهرة.
نشر العديد من المقالات في الصحف والمواقع العربية مثل الأهرام والشروق والعرب اللندنية وغيرها، كما دشن مدونة خاصة به ينشر من خلالها آراءه عن الروايات.
صدر له رواية "مملكة مليكة" عام 2016، ورواية "بوح الجدران" عام 2021، و"صلاة القلق" (2024) هي روايته الثالثة.
رواية صلاة القلق
سنة 1977: "نجع المناسي" قرية منسية في قلب صعيد مصر، منفصلة عن العالم بما يعتقد أهلها أنه حقل ألغام من الخطر محاولة تعديّه. لا يعرف سكانها عن العالم إلا أن هناك حربًا بين مصر وإسرائيل مستمرة لعشر سنوات منذ عام 1967 وأن العدو الإسرائيلي يحاول التوغل إلى مصر عن طريق النجع، أي أن النجع خط دفاع أول على الحدود المصرية.
لا يصلهم بالعالم غير خليل الخوجة، ممثل السلطة وصاحب المحل الذي يطبع صحيفة محلية بعنوان "صوت الحرب" ويتحكم في بيع وشراء جميع احتياجات ومنتجات سكان النجع، وهو أيضا من يشرف على تجنيد أبناء القرية في الحرب.
يصيب النجع نيزك أو قمر صناعي، لا أحد يعرف، ثم وباء يشوه سكان القرية، بما فيهم المواليد الجدد. تكتب يد مجهولة خطايا الناس التي يخفونها على الجدران، ويخترع شيخ المسجد صلاة جديدة، صلاة القلق، فهي الطريق للخروج من الوباء وتخطي المحنة التي يعيشها أهل النجع. تروي ثماني شخصيات مختلفة حادث الانفجار وما جرى قبله في العشرية القاسية الممتدة من نكسة حزيران 1967 إلى لحظة وقوع النيزك والوباء، بحيث تشكّل مروياتهم فسيفساء الحكاية تشكيلًا ساحرًا. يمكن قراءة الرواية كمساءلة سردية لمرويات النكسة وما تلاها من أوهام بالنصر.