تجولت الدكتورة دلال عنبتاوي في مشوارها الإبداعي بين الشعر والنقد والدراسات، وامتلكت رصيدا متميزا ترك بصمته في المشهد الثقافي الأردني كما أن مشاركاتها في النشاط الفكري ودراساتها حول "المكان بين الرؤيا والتشكيل في شعر إبراهيم نصر الله" و"بدر شاكر السياب.. قراءة أخرى" و"تجليات الطبيعة في ديوان على قلة الياسمين" الذي يتحدث عن الطبيعة في قصائد الأكاديمي الدكتور محمد مقدادي و"بين أروقة النقد" حظيت بالكثير من الاحترام.

ففي ديوانها الأول "لأنني انتظرت" وهو باكورة نتاجها احتوى فيضا من بوح امرأة وكأنها كل النساء فيما لاقت مجموعاتها القصصية "فضاء الروح" و"ملامح لوجوه عدة" و"عتبات الغياب"و"فرح مؤجل" استحسانا بين نظرائها والمتابعين لتطور القصة القصيرة في الأردن.

وفي حديثها للجزيرة نت قالت عنبتاوي إن اقتحام عالم النقد كمن يتجول في حقل ألغام، لكنها استدركت قائلة إن "في النقد إضافة للنص وكشف أسراره، ومن خلال متابعتها للمشهد النقدي الأردني عثرت على الكثير من الضبابية وغياب النزاهة والموضوعية، وتطغى العلاقات الشخصية والمنافع".

وطالبت المثقفين على اختلاف مشاربهم بتبني أدب مقاوم يرقى "لبطولات طوفان الأقصى" معتبرة تأخر الشعراء المؤثرين عن الكلمة المقاتلة في ظل ما يتعرض له أهلنا في غزة خيانة للوطن وأعدل قضية "بطولات غزة استفزاز لمخيلة المبدع وتدفق مشاعره". وإلى تفاصيل الحوار.

الأكاديمي البريطاني رونان ماكدونالد يتحدث عن موت الناقد وأفول سلطته والنقد ليس إبداعا فكيف ترين الحالة النقدية في الأردن؟

أقول بصراحة إن الخوض بموضوع النقد كالتجول في حقل ألغام، لأن ما نشهده للأسف في الوسط الثقافي يكشف عن وقوع الناقد بين مسارين إما أن يكون ناقدا حقيقيا، فيوظف أدواته في النقد توظيفا موضوعيا دقيقا أو أن ينحاز لصاحب النص ضمن حسابات عجيبة غريبة وبعيدة جدا عن النقد.

كتاب عن الشاعر بدر شاكر السياب لدلال عنبتاوي (الجزيرة)

ومن وجهة نظر شخصية يجب أن ينحاز الناقد للنص وبموضوعية مطلقة بحيث يوظف أدواته كناقد بعيدا عن الانحيازات الشخصية والقيود والمنافع والمكاسب الشخصية.

وللأسف نكاد نفتقد للنزاهة والموضوعية أحيانا حين يتم التعامل مع الإبداع في المشهد الثقافي، ونجد أن ما يطغى هو العلاقات الشخصية والمنافعات والحسابات الغريبة البعيدة كل البعد عن الإبداع وشروطه.

وبالنسبة لي، فإن موت الناقد يعني موت النص ومبدعه والنقد إبداع آخر فهو إضافة للنص وكشف جمالياته ومغاليقه وأسراره ليراه المتلقي من منظور جديد لم يخطر بباله أن مبدعه ذهب إلى تلك المناطق الغائبة البعيدة.

وأرى أن العدالة موضوع شائك وصعب والخوض فيه بالتقارب مع موضوع النقد يجعل الأمر أكثر صعوبة وتعقيدا، لأننا ومن خلال المتابعات الحثيثة للمشهد النقدي المحلي والعربي نجد أن المشهد تعتريه الكثير من الضبابية والغموض أحيانا لتدخل حسابات ربما أجهلها.

أما تصويب المشهد الثقافي عامة والمشهد النقدي بخاصة فهو ضرورة حتمية، لكنه يحتاج إلى تضافر الجهود جميعها وعدم تخلي الناقد الحقيقي والناقد الأكاديمي عن دوره وهنا يبرز سؤال لماذا لم يفلح الناقدون حتى اللحظة في وضع نظرية نقدية عربية نحاكم من خلالها نصوصنا بدل الاعتماد على نظريات غربية مستوردة بعيدة عن بيئاتنا.

كثيرون يتحدثون عن الأمن الثقافي وضرورة التصدي للغزو الفكري فمن وجهة نظرك يكون بالانغلاق أم بمواجهة الفكرة بالفكرة وهل هناك خراب ثقافي؟

الأمن الثقافي مهم جدا وضرورة وغاية في ظل الغزو الفكري الممنهج الذي تتعرض له اللغة العربية أولا والثقافة العربية ثانيا، ولا يتحقق الأمن الثقافي برأيي إلا بمزيد من العمل على مواجهة الغزو الفكري والتصدي له والعمل على مقاومة الخراب الثقافي بكل أشكاله.

وللأسف لا يزال كثير من مثقفينا يتحدثون في صالوناتهم عن اختراق ثقافي غربي لبلادنا، وقد تعاظم هذا الاختراق بفعل مواقع التواصل الاجتماعي لحملنا على هجر تراثنا وقيمنا وتقاليدنا العربية الإسلامية، دون أن نلمس أي جهد للحفاظ على هويتنا، بل هناك من بين ظهرانينا من يعتبر تراثنا معوقا للتقدم تحت مسمى "الحداثوية" ومسايرة روح العصر.

البعض يرى أن التركيز على الأدب المقاوم في هذه المرحلة بالذات "فرض عين"؟

أؤكد أن الأدب المقاوم أصبح لزاما، وفرض عين على الكتاب والأدباء والشعراء الكتابة بشكل حثيث عن المقاومة ومواجهة قوى الظلم والطغيان والشر من الكيان الإسرائيلي وأعوانه، حتى يجد الجيل القادم بين يديه ما يؤكد على قوة ورسوخ أدب المقاومة في مواجهة المحتل وظلمه وقهره لأبناء شعبنا ولأهل فلسطين عامة.

دراسة وكتاب "المكان بين الرؤيا والتشكيل في شعر إبراهيم نصر الله" (الجزيرة)

"وإذا لم يتبن مثقفونا الكلمة المقاتلة وتطلعات شعوبنا للحرية وبخاصة أهلنا في فلسطين الذين يواجهون آلة القهر الصهيونية فمتى يكون ذلك. وأغتنم هذا المنبر لأقول لمبدعينا إن البطولة التي تصنع في غزة استفزاز لمخيلة المبدع وتدفق مشاعره، فمن يخلد اسمه، ويشارك في ماراثون البطولة".

الماغوط يقول "لا تكن قمة فهذا زمن الحضيض ولا تكن موهوبا فهذا زمن التافهين" فهل عانيت في رحلتك الإبداعية؟

ما ذهب إليه الماغوط صحيح 100% في هذا الزمن الذي أكثر من عبر عنه الناقد الكندي آلان دونو في كتابه "نظام التفاهة" لقد مررت بكثير مما يشبه ذلك في مسيرتي الإبداعية، ولكنني وبصدق ترفعت عن كل ذلك، بل وتجاهلته وما زلت أمارس الدور ذاته من الترفع والابتعاد عن هؤلاء وعن زمنهم.

وإذا جاز لي أقول "لم أقطف ما أستحق في مشواري الإبداعي وإضاءة الكثير من الفعاليات الثقافية"، ورغم ذلك لم يتغير شعار أستنير به وهو"الحياة ليست بحثا عن الذات بل رحلة لصنع الذات وثباتها على مبادئها وقيمها".

دراسات في الرواية والقصة والشعر للناقدة دلال عنبتاوي (الجزيرة) القصيدة تنير دربا فأي درب أنارت قصائدك إذا كانت القصيدة رؤية وتمردا؟

أتفق تماما في أن الشعر نبراس الطريق فهو الذي يهبنا البوصلة الحقيقية لنرى الأشياء بعين الحقيقة والجمال والحب وأنا لا أعد نفسي شاعرة فحسب، بل كاتبة نص مفتوح على كل الأجناس يعبر عن ذاتي كإنسانة وامرأة تعيش في مجتمع ما زال مكبلا بالكثير من القيود، وتسعى وتناضل لتحررها من العتمة والظلم والتهميش وأحيانا حاولت كثيرا الخروج في نصوصي من النمطية والإصرار الدائم على المقاومة والتمرد.

وفي إشارة لمن جمعوا بين أكثر من جنس أدبي أقول إن "إقدام المبدع على الكتابة في أكثر من جنس أدبي يعكس قدرة متميزة شريطة أن يظل وفيا للنوع الذي يبدع فيه ويتفوق".

الشعر الجيد كسم النحل يشفي الأفكار فما رأيك كشاعرة وناقدة في مرحلة كثر فيها الشعراء وتراجعت جودة القصيدة وتأثيرها؟

نحن نمر الآن بزمن مختلف في رؤيته للمبدع والإبداع وبمقاييس الحكم على النص وجودته وقوته وقدرته على الاقتراب من عوالمنا الروحانية الشفافة.

للأسف لم نعد نجد هذا النص لكثرة ما يمر علينا من نصوص كتبها أصحابها على عجل من أجل وهم الشهرة، وكثيرون منهم ممن رأيت وعاينت إبداعهم يميلون للتقليد دون وعي منهم لخصوصية تجربة من يقلدونهم من أمثال بدر شاكر السياب ومحمود درويش وسميح القاسم وغيرهم.. لأن الشعر في النهاية كما جاء في السؤال يشبه سم النحل.

الأدب ليس مهنة لعيش كريم في وطننا العربي إلا للمحظوظين.. فهل يعود عليك بفائدة مالية مع مقولة "الأدب لا يطعم خبزا"؟

الأدب والإبداع والكتابة في النقد بالنسبة لي في ظل المجتمع الذي نعيش به لا يعول عليه أبدا في دعم مساراتك الحياتية المادية وأنا شخصيا لم يعد علي اشتغالي بهذه المنظومة بأي عائد مالي لعدة أسباب أعرفها وأدركها تماما فنحن في زمن "السوشيال ميديا" فلم يعد يعول على الكتاب وبيعه كثيرا ثم أن دور النشر لم تقصّر في طرح الغث من الكتب بحيث أربكت المتلقي القارئ وتاه بين تلك الكتب التي تطرح عليه إما بمجانية أو بسعر زهيد جدا ثم أن هناك أسماء مكرسة في الوسط هي التي وراءها من يسوقها ويدعمها وبالتالي تبيع وتشتري بمنتهى الراحة ومن هنا فالأدب لم يعد مهنة العيش أبدا.

المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي يقول "غالبية المثقفين العرب أبعد الناس عن المقاومة".. ما رأيك؟

اختلف معه تماما، لأن المبدع الحقيقي لا ينفصل عن قضايا أمته ووطنه ودائما هو مقاوم سواء في منجزه الإبداعي، أو في حياته، ومن مهمته الأساسية أن يعبّر عن الواقع وقسوته، وليس أكثر شراسة وقسوة، مما يتعرض له الشعب الفلسطيني في هذه الأيام وأهل غزة بشكل خاص من ظلم وإبادة وتطهير عرقي لذلك فإن تجاهل هذا الواقع من ناحية المبدع يعد خيانة للوطن والقضية والوجود.

وأود القول إن غالبية المثقفين الحقيقيين على اختلاف منطلقاتهم الفكرية والإبداعية كانوا وما زالوا رافعة للعمل الوطني وثورات التحرر العربية ودعم مناضلي الحرية بالكلمة المقاتلة. وفلسطينيا، ما زالت قصائد الراحلين عبد الرحيم محمود ومحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وأبو القاسم الشابي التعبير الحقيقي عن دور المثقف في التوعية وإثارة الحماس والتعبئة الجماهيرية وتمجيد المقاتلين وتضحياتهم التي تفرش الدرب للأجيال المقبلة.

البعض يرى أن الصالونات الثقافية مجرد "خلوات نخبوية" ماذا عن صالون المنتصف ونشاطاته وأهدافه؟

الصالونات الأدبية ليست خلوات النخبة كما قد يصفها البعض، وهي كانت موجودة في تاريخنا العربي منذ وعى العرب الشعر، وكتبوه ولم تكن ولن تكون للنخبة فقط في يوم من الأيام.

دراسة شعرية لدلال عنبتاوي بعنوان "تجليات الطبيعة" (الجزيرة)

فالصالون الثقافي في الحقيقة منصة من لا منصة له ومنبرا لمن لا منبر له على كثرة المنصات والمنابر، وأرى -ليس من باب الدفاع عن صالون "المنتصف للثقافة والأدب"- أنه فكرة تهدف إلى نشر الثقافة والوعي، وتحتفي بالمنجز الإبداعي الحقيقي الذي يستحق أن نقف عنده، ونعطيه الفرصة الكبيرة والكافية ليصل للمتلقي، ويعبر عنه بشفافية.

وسعى صالون "المنتصف" لمساعدة النساء المبدعات اللواتي لا يجدن منصة للتعبير عن إبداعهن والأخذ بيدهن ليؤمنّ بإبداعهن، ويكنّ قريبات من المشهد الثقافي الحقيقي، وليس المزيف وذلك من أبرز الأهداف التي نسعى إليها، ونناضل من أجلها لخلق منصة حقيقية منزّهة عن المجاملات والنفاق والسعي الدائم لدعم واستقطاب المبدعات أولا والمبدعين ثانيا.

بعد طوفان الأقصى ظهر ما أطلق عليه قصائد المناسبات.. هل من تعليق؟

إن حادثة طوفان الأقصى تعد من أعظم ما حدث وما زالت ترافقنا لذلك أجد أن ما كتب عنها، وفيها لم يرق بعد، ولن يصل ولم يعبّر عن عمقها وعمق حدوثها في تاريخ الأدب المقاوم.

ومن وجهة نظري، فإن ما جادت به قريحة بعض شعرائنا أخذ للأسف طابع شعر المناسبات والاحتفاء بحدث هو أكبر وأعظم وأجل من أن يكرّس ويتم التعبير عنه بهذه الطريقة، كما أجد أن كل ما تم كتابته من قصائد وأعمال إبداعية أقل بكثير من بطولات المقاومة وتضحيات "الغزيين" لكنني متفائلة بظهور أدب جديد مقاوم يرقى إلى طوفان الأقصى، وربما يطاوله ليعبر عما يختزن في صدورنا من كراهية ومقاومة لهذا العدو المحتل القاتل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المشهد الثقافی طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

الأدب يهزم القُبح.. ويبقى ذاكرة للحروب (2)

الصادق أحمد عبيدة / باريس

———————————-
تحت هذا العنوان تناولتُ في الأيام الماضية فوز الكاتب كمال داؤود بجائزة (الغونكور) الأدبية الفرنسية كأول كاتب جزائري يفوز بها، عن روايته "الحوريات" التي إستدعى فيها فظائع الحرب الأهلية في الجزائر.

هيمنت ثيمة الحروب وقبحها على المشهد الأدبي كأروع ما كُتِب هذا العام! ووصلت رواية "جَاكَراندا" Jacaranda للكاتب الرواندي الفرنسي Gaël FAYE غاييل فآي إلى القائمة القصيرة (للغونكور) منافِسةً "لحوريات" داؤود. ثم تُوِّجت بعد ذلك رواية "جاكَراندا" بجائزة (رونودو) Renaudot التي لا تقل ألَقاً ولا بريقاً من سابقتها. وقد إستدعى فيها الكاتب واحدةً من أقبح حروب القرن.. وهي مذبحة التوتسي في رواندا في 1994.

• فاي :
‏ولد غاييل فاي عام 1982 في بوجومبورا عاصمة بورندي حيث نزحت والدته من رواندا عقب حملة التطهير العرقي الأولى ضد قبيلتها التوتسي، ووالده فرنسي الجنسية.
‏عندما إندلعت الحرب الأهلية في بورندي في عام 1993، وتصاعدت وتيرة المذابح ضد قبيلة التوتسي في رواندا عام 1994، كان الصبي غايبل آنئذٍ في الثالثة عشر من عمره. فتم تسجيل إسمه في قائمة الفرنسيين المرشحين إلى الإجلاء إلى فرنسا فراراً من الحرب. وصل الصبي إلى فرنسا ومعه أخته الصغيرة ، وتم إيداعهما، بواسطة مؤسسة رعاية الطفولة، في كَنف أسرةٍ حاضنة إلى أن التأم شملهما مع والدتهما التي إستقرت بهما في ضاحية فيرساي Versailles، حيث عاش الجزء الثاني من شبابه ، ودرس المرحلة الثانوية. ساعدته موهبته وإهتمامه بالموسيقى على تخطي آلام الغربة وفَقْد الأحبة ومرتع الصِبا.
واصل تعليمه العالي حتى نال درجة الماجستير في دراسات التأمين في المدرسة الوطنية للتأمينات. وعمل بعد ذلك في كبرى الشركات في لندن، ثم إستقال من منصبه ليتفرغ للكتابة والتأليف الموسيقي.
أصدر في العام 2016، روايته الأولى Petit Pays "بلدٌ صغير" إستدعى فيها أحداث الحرب الأهلية في رواندا، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي صدر في 2020 بنفس الإسم، و قد ساهم هو في كتابة سيناريو الفيلم..يمكن مشاهدة الفيلم الآن عبر منصة النيتفيليكس.

• جاكَراندا :
تتناول الرواية، الصادرة عن دار "غراسيه"، قصة حياة الصبي "ميلان" وهو فرنسي من جهة الأب، رواندي من جهة الأم، نشأ في مدينة فيرساي ، يكتشف عبر التلفزيون مأساة التطهير العرقي في رواندا عام 1994، وتهيمن على عقله قصص ذلك البلد الصغير، وتلِحُ عليه
الأسئلة، ويقرر البحث عن حقيقة ماجرى لأسرة والدته هناك..لكن أمه التي تنتمي إلى قبيلة التوتسي ، كانت تتهرب طوال سنوات من الإجابة على هذا السؤال إذ أنها دفنت تلك الأحداث في أعماقٍ سحيقةٍ من سراديبِ الذاكرة ، و كغيرها من ضحايا الحروب، ضربت علي نفسها جداراً سميكاً من الصمت .
وخلال 25 عام قام ميلان بالبحث عن ما جرى ، وذلك من خلال رحلاته المتعددة إلى رواندا وإستنطاقه للشجر، والحجر، والطير، حتى الأموات وما تبقى من الأحياء المكفنين بالصمت..
أراد الكاتب من خلال رواية الجاكراندا أن يحكي لهذا الجيل قصة هذا (البلد الصغير) الذي عاش أسوأ الظروف ، وأبشع الفظائع، ومع ذلك استطاع أن يحقق التصالح والوحدة، وينهض من رماده، ويتكاتف أبناؤه ليصبح بعد ثلاثين عاماً بالتمام والكمال (1994-2024) واحداً من أكثر الدول الحديثة إزدهاراً وتقدماً..
إذن هي قصة نهضة رواندا وإزدهارها خلال ربع القرن الذي مضى حيث بلغت نسبة النمو فيها أكثر من 7 في المائة .
وقد فسر الكاتب إختياره لإسم شجرة (جاكراندا) عنوانا لروايته، بأنها الكلمة الفرنسية المحببة لنفسه، ولأنها الشجرة التي تحمل كثيراً من الأسرار وترمز إلى رواندا التي تحمل سر البقاء ، حيث تمر السنوات ولكنها تبقى شاهدة على كل ما مرت به من أحداث .

- الحروب :
وهكذا، مرة أخرى ، في عالم اليوم الذي انطمست فيه الحدود الفاصلة ما بين الحروب الإفتراضية عبر لعبة البليستيشن، والدمار الحقيقي الذي نعيشه أصبح التعايش مع القبح روتيناً يومياً أو كاد.. وهنا تأتي عبقرية الأدب الذي يقبض على هذه اللحظات الهاربة مع الزمن ليبقيها ذاكرةً "إبداعية" للأجيال.

elsadiq007@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • عصام زكريا.. «مناورة» مدير المهرجان
  • كاتب أمريكي: العراق ركيزة أساسية في محور المقاومة الذي تقوده إيران
  • السبب الحقيقي وراء غياب ميسي عن حفل برشلونة
  • مدير مهرجان القاهرة السينمائي: الدورة الحالية لاقت رد فعل مميزا|فيديو
  • مدير القاهرة السينمائي يكشف عن أهم أهداف المهرجان (فيديو)
  • مدير «القاهرة السينمائي»: الدورة الحالية تعبر عن تضامن مصر مع القضية الفلسطينية
  • الأدب يهزم القُبح.. ويبقى ذاكرة للحروب (2)
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • الشيخ يعلق على منشور القادسية وسخريته من النصر .. فيديو
  • الجيش يرفض كشف العدد الحقيقي.. انتحار 6 جنود إسرائيليين قاتلوا بغزة ولبنان