هل حان قرار التخلي عن نتانياهو؟
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
بات من الواضح جدًا أن إسرائيل تمضي، تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى نهاية كارثية، ما لم يتم قطع الطريق على ذلك من خلال ترتيبات داخلية وخارجية وبالتحديد من خلال الولايات المتحدة.
ونتصور أن زيارة بيني غانتس العضو في مجلس الحرب لواشنطن بناء على دعوة الأخيرة له تصب في هذا الصدد، لكن السؤال هو إلى أي مدى يمكن لسياسات الاحتواء التي تعمل عليها الإدارة الديمقراطية الأمريكية أن تكون ناجحةً في عزل سياسات نتانياهو الذي يعتبر أكثر رئيس وزراء إسرائيلي خبرةً بطبيعة السياسات الأمريكية والضغوط التي يلعب فيها اللوبي الصهيوني هناك لتخفيف الضغط عليه؟
من الواضح جدًا أن دعوة الولايات المتحدة للوزير بيني غانتس لزيارة واشنطن بدلًا من نتانياهو قد أغضبت الأخير الذي ظل يتوقع دعوةً من واشنطن.
فتلك الدعوة من طرف الولايات المتحدة لغانتس تعتبر تقليدًا لم يسبق أن أقدمت عليه الإدارة الأمريكية من قبل، كما أن الزيارة التي قدمت لغانتس بدلًا من نتانياهو تفهم على أن الولايات المتحدة لا تنظر إلى نتانياهو بعين الاعتبار، وهي زيارة لها ما وراءها من تخطيط لاسيما في ضوء النقد القاسي الذي وجهته نائبة الرئيس الأمريكي كمالا هاريس للسياسة الإسرائيلية التي يتخذها نتانياهو في ظل إدارته للحرب منذ 4 أشهر.
قلنا في أكثر من مقال، أن الحرب في غزة مرشحة للتوسع والانفجار؛ لأن طبيعتها الانسدادية إن لم تفضِ إلى حلول مكلفة جدًا وباهظة لإسرائيل مثل الحصول على دولة فلسطينية قابلة للحياة، فإن البديل هو حرب إقليمية موسعة وقابلة لأن تكون بداية لحرب عالمية في ظل ملفات أخرى ذات صلة بالحرب في غزة.
كل المحاولات الحثيثة والسباق الماراثوني للوسطاء عربيًا ودوليًا من أجل الوصول إلى صفقة تفضي إلى هدنة طويلة عبر اتفاق بين إسرائيل وحماس لإطلاق الأسرى قبل رمضان، باءت بالفشل حتى الآن، وهي في تقديرنا قد تواصل الفشل حتى حلول شهر رمضان الذي من المحتمل جدًا أن يكون شهرًا ساخنًا في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وثقيل الوطأة على إسرائيل؛ نظرًا لإمكانية انفجار الأوضاع في القدس والضفة الغربية على نحو لا يمكن احتواؤه.
وهذا ما تخشاه كل من الولايات المتحدة وأوروبا التي نددت كثيرًا بتفلتات المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، وهي تفلتات مرشحة للازدياد في ظل رفض مجلس الحرب الإسرائيلي لتوصيات الوزير اليميني المتطرف بن غفير الذي أوصى بتقييد حركة المصلين ومنع الفلسطينيين من دخول الحرم القدسي خلال شهر رمضان.
ويبدو أن هناك إرادة أمريكية لوقف الحرب قبل حلول شهر رمضان بأي ثمن، لاسيما في ظل الخلافات العاصفة بين كل من رئيس هيئة الأركان هيرسي هاليفي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على خلفية توقف عملية اجتياح غزة.
بين التوجه الأمريكي الجديد لتعويم غانتس كبديل مستقبلي لنتانياهو، وبين ردود فعل الأخير واحتمال اتخاذه قرارات تعكس عصيانه لتوجهات الولايات المتحدة، وبين ردود الفعل المنتظرة من المجتمع الإسرائيلي حتى وصول لحظة الكتلة الحرجة في معارضة نتانياهو، ستظل جبهة غزة مشتعلة، فيما توازي ذلك مناوشات لحزب الله والحوثيين على أكثر من جبهة، رغم الإجراءات التي ظلت كل من أمريكا وأوروبا تسعى فيها سعيًا حثيثًا لفك ارتباط الجبهة اللبنانية بجبهة غزة، من ناحية، ومحاولة الولايات المتحدة وبريطانيا من ناحية وأوروبا من ناحية أخرى مواجهة التوتر الذي يشعله الحوثيون في البحر الأحمر نيابةً عن إيران.
في تقديرنا ستظل الأمور على ماهي عليه، وما محاولات الرئيس الأمريكي جو بايدن رمي الكرة في ملعب حماس بوصفها المعطلة لإكمال صفقة تبادل الأسرى، إلا تبرئة غير مبررة لإسرائيل التي لا تريد وقف الحرب، فيما حماس تشترط بوضوح وقف الحرب وخروج الجيش الإسرائيلي من غزة وعودة النازحين وإعادة إعمار غزة كشرط لإتمام صفقة تبادل الأسرى.
يوم بعد يوم تتعقد الحرب في غزة على نحو خطير من التصعيد، وباستدعاء الولايات المتحدة لبيني غانتس بتلك الطريقة المستفزة لنتانياهو سنشهد فصلًا جديدًا لتحولات قادمة في المشهد الإسرائيلي، فالطبخة الأمريكية لم تنضج شروطها بعد، لكن قرار الولايات المتحدة بالتخلي عن نتانياهو بدا أكثر وضوحًا اليوم من أي وقت مضى. فاليوم أصبحت الولايات المتحدة مدركةً للخطر الذي تشكله سياسات نتانياهو التصعيدية على أمن المنطقة والعالم.
محمد جميل أحمد كاتب من السودان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
القدس المنسية: المدينة التي تُسرق في ظل دخان الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة
في الوقت الذي تشتعل فيه المواجهة في القطاع وتحتل صدارة المشهد الإعلامي والدبلوماسي، تنزوي القدس في الظل، كمدينة تُسرق بهدوء وتُغيَّب عن الواجهة تحت غطاء النسيان والانشغال. يعيش الفلسطينيون في القدس واقعا قاسيا لا يقل عنفا، لكنه غالبا ما يُختزل إلى الهامش في السردية الفلسطينية العامة.
تفرض السلطات الإسرائيلية قيودا مشددة على حركة المقدسيين، خاصة خلال شهر رمضان، ما يعيق وصولهم إلى المسجد الأقصى، ويحوّل ممارسة العبادة إلى معاناة يومية تتخللها الإهانات والمنع. فهل تُمارس هذه القيود بدافع أمني حقيقي، أم أن وراءها بُعدا دينيا وسياسيا مقصودا؟ ولماذا تستهدف القدس بشكل متكرر بينما يُسمح للمستوطنين باقتحام ساحاتها بكل حرية؟
ومنذ احتلالها عام 1967، تبنّت إسرائيل نهجا ممنهجا لتغيير الطابع الديمغرافي للقدس الشرقية، من خلال سحب الهويات، وهدم المنازل، وتوسيع المستوطنات على حساب الأحياء الفلسطينية. فهل هي مجرد إجراءات إدارية وأمنية؟ أم أنها جزء من مشروع استراتيجي طويل الأمد لطمس الهوية الفلسطينية في المدينة؟
ما يُنفَّذ اليوم ليس سوى تسريع لهذه السياسات، بقيادة حكومة تُعد من الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، وتضم شخصيات يمينية تتبنى خطابا إقصائيا لا يعترف بحقوق الفلسطينيين. وقد ترافق هذا التصعيد مع الحرب الإسرائيلية الشاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة، ما وفّر بيئة مثالية لتكثيف مشاريع التهويد، في ظل انشغال العالم بساحات الصراع المفتوحة وغياب الاهتمام الدولي بما يجري في المدينة المقدسة
وما يُنفَّذ اليوم ليس سوى تسريع لهذه السياسات، بقيادة حكومة تُعد من الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، وتضم شخصيات يمينية تتبنى خطابا إقصائيا لا يعترف بحقوق الفلسطينيين. وقد ترافق هذا التصعيد مع الحرب الإسرائيلية الشاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة، ما وفّر بيئة مثالية لتكثيف مشاريع التهويد، في ظل انشغال العالم بساحات الصراع المفتوحة وغياب الاهتمام الدولي بما يجري في المدينة المقدسة.
سياسة المنع من الوصول إلى المسجد الأقصى: بين التضييق الديني والتأثير الاقتصادي
إن إحدى أخطر السياسات الإسرائيلية المستمرة في القدس هي إعاقة حرية العبادة للفلسطينيين، لا سيما في المسجد الأقصى، الذي يمثل أمرا عظيما بالنسبة للمسلمين. تُفرض قيود صارمة على دخول المصلين من الضفة الغربية، عبر نظام تصاريح تعجيزي، غالبا ما يُستخدم كأداة للعقاب الجماعي، ويُرفض دون أسباب واضحة، خاصة لفئات الشباب والنساء والنشطاء.
ولا يقتصر المنع على حرمان الفلسطينيين من ممارسة شعائرهم الدينية، بل يتعداه إلى تمييز واضح على أساس العمر والجغرافيا. فكثيرا ما يُمنع الشبان تحت سن الأربعين من دخول المسجد، حتى في المناسبات الدينية الكبرى، فيما يُسمح للمستوطنين اليهود من أقاصي البلاد باقتحام ساحاته، بحماية الشرطة الإسرائيلية.
أما سكان القدس أنفسهم، فلا يسلمون من التضييق اليومي، إذ تُغلق بوابات المسجد الأقصى بشكل مفاجئ، وتُمارس بحقهم إجراءات تفتيش مهينة على المداخل، وتقتحم قوات الاحتلال باحاته بشكل متكرر، مما يحوّل الحرم القدسي إلى ساحة أمنية تُقيّد فيها حرية العبادة وتسلب السكينة من المصلّين. وتصل هذه الانتهاكات إلى حدّ مصادرة وجبات السحور أو الإفطار من المصلّين، كما حصل قبل عدة أيام، حين داهمت القوات باحات المسجد، وصادرت الطعام من المعتكفين، في مشهد يمسّ بكرامتهم ويُنغّص عليهم أجواء الشهر الفضيل.
وإلى جانب الأبعاد الدينية والوطنية، ينعكس هذا الحصار سلبا على الحركة الاقتصادية في القدس. فعدم السماح لسكان الضفة الغربية بدخول المدينة يُعطّل النشاط التجاري والأسواق، ويؤثر بشكل مباشر على دخل مئات العائلات المقدسية التي تعتمد على الزوار والمصلين من خارج المدينة، خاصة خلال شهر رمضان والمواسم الدينية.
الوضع الاقتصادي في القدس
الوضع الاقتصادي في القدس ليس أقل مأساوية من الوضع السياسي، إذ يعيش السكان في حالة حصار اقتصادي دائم، تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة وتراجع القدرة الشرائية. ووفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغت نسبة البطالة في القدس الشرقية نحو 5.2 في المئة في عام 2024، مقارنة بـ4.4 في المئة في عام 2021. وقد فاقمت جائحة كورونا، إلى جانب الحرب الشاملة على غزة والضفة الغربية، من حدة الأزمة، إذ أدت إلى فقدان نحو 35 ألف عامل لوظائفهم خلال عام 2024. كما أُغلق ما يقارب 450 محلا تجاريا، ما ساهم في تفاقم التدهور الاقتصادي وضاعف من معاناة السكان.
الاقتصاد في القدس يعتمد بشكل كبير على قطاع الخدمات والسياحة، حيث يشكل أكثر من 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوظف قطاع الخدمات 41 في المئة من العاملين. ومع ذلك، تستمر السلطات الإسرائيلية في عرقلة أي نشاط اقتصادي فلسطيني داخل المدينة، من خلال فرض الضرائب الباهظة وإغلاق المحال التجارية بشكل متكرر.
النقص في الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء ليس عرضا طارئا، بل جزء من سياسة ممنهجة لتقليص الوجود الفلسطيني وإضعاف قدرة السكان على البقاء. يعيش في محافظة القدس حوالي 451 ألف نسمة، يشكلون ما نسبته 9.1 في المئة من سكان فلسطين، ويعاني السكان من نقص حاد في الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم والبنية التحتية، مما يؤثر سلبا على جودة حياتهم اليومية. ويحاول الاحتلال، عبر هذه السياسات، أن يجعل من مدينة القدس بيئة طاردة لأهلها وليست جاذبة، في إطار مساعيه المستمرة لتفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين وتغيير طابعها الديمغرافي.
حين تعود إدارة ترامب.. تُفتح شهية التهويد من جديد
ولا يمكن الحديث عن واقع القدس دون الإشارة إلى عودة دونالد ترامب إلى السلطة، وهو الرئيس الأمريكي الذي منح إسرائيل خلال ولايته الأولى دعما غير مشروط، بدءا من اعترافه بالقدس عاصمة لها، وصولا إلى نقل السفارة الأمريكية إليها في خطوة غير مسبوقة. هذه السياسات لم تكن رمزية فحسب، بل أسهمت فعليا في تغيير ميزان القوى على الأرض، وتعزيز قبضة الاحتلال على المدينة.
عودة ترامب اليوم تمثّل رسالة طمأنة للتيار اليميني المتطرف في إسرائيل، لا سيما في حكومة بنيامين نتنياهو التي تضم شخصيات مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. ومما يعزز هذا التوجه أن الفريق المحيط بترامب لا يزال يضم وجوها بارزة من أشد المؤيدين لإسرائيل واليمين الديني القومي.
ويعزز هذا التوجه اليميني المتطرف المحيطون بترامب، الذين ما زال لهم تأثير واضح على ملامح السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية. من أبرزهم: مايك بومبيو، وزير الخارجية السابق، المعروف بدعمه المطلق للمستوطنات ورفضه لحل الدولتين؛ وديفيد فريدمان، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، الذي نسّق بشكل مباشر مع قادة المستوطنين وساند ضم الأراضي الفلسطينية. ويبرز أيضا جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأسبق، الذي لطالما دعا إلى الحسم العسكري والتوسع الإسرائيلي، إلى جانب رون ديرمر، أحد أبرز مهندسي العلاقات بين نتنياهو والجمهوريين، والذي سبق أن وصف الضفة الغربية بأنها "أرض متنازع عليها". أما جاريد كوشنر، صهر ترامب ومهندس "صفقة القرن"،عودة ترامب اليوم تمثّل رسالة طمأنة للتيار اليميني المتطرف في إسرائيل، لا سيما في حكومة بنيامين نتنياهو التي تضم شخصيات مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. ومما يعزز هذا التوجه أن الفريق المحيط بترامب لا يزال يضم وجوها بارزة من أشد المؤيدين لإسرائيل واليمين الديني القومي فرغم غيابه عن الفريق الرسمي الحالي، إلا أن رؤيته لا تزال تترك أثرا عميقا في توجهات الحزب الجمهوري تجاه إسرائيل. هذا الطاقم المتماهي مع توجهات اليمين الإسرائيلي لا يبشر إلا بمزيد من الانحياز، ما يعني أن الفلسطينيين في القدس سيواجهون موجة جديدة من التضييق والتطهير الصامت، تحت غطاء أمريكي رسمي.
هشاشة المواقف العربية والإسلامية
وعلى الرغم من الدعم الذي يلقاه الشعب الفلسطيني من قبل الجماهير العربية والإسلامية، إلا أن المواقف الرسمية لبعض الحكومات العربية والإسلامية تظل هشة ولا ترتقي إلى مستوى التحديات التي يواجهها الفلسطينيون في القدس وغزة. وفي حين تستمر بعض الحكومات في تقديم الدعم السياسي والإنساني، فإن الخطوات الفعلية مثل اتخاذ مواقف قوية ضد السياسات الإسرائيلية أو اتخاذ إجراءات ملموسة مثل سحب السفراء أو إلغاء اتفاقيات التطبيع، ما تزال غائبة.
تساهم هذه الهشاشة الدبلوماسية في إضعاف الضغط الدولي على إسرائيل، مما يقلل من فاعلية التحركات الدولية في محاسبتها على انتهاكاتها المتواصلة. ورغم التحركات الشعبية المستمرة في بعض الدول، والتي تعكس رغبة حقيقية في الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، فإن غياب التنسيق العربي والإسلامي الفعّال يؤثر على مصير القدس، ويترك الفلسطينيين في مواجهة احتلال متزايد. إن الحاجة إلى توحيد المواقف وتعزيز التعاون بين الدول العربية والإسلامية من أجل الضغط الفعّال على المجتمع الدولي تبقى ضرورية لحماية القدس من عملية تهويد شاملة.
القدس لا تنزف فقط من جراح الاحتلال، بل من صمت العالم، وتردد الشقيق، وغياب القرار. تُسرَق المدينة في وضح النهار، لكنها تُهمَّش في ليل الأخبار، وتذوب في زحمة عناوين الحروب. ومن حق القدس علينا أن نعيدها إلى الواجهة، لا كرمز ديني فحسب، بل كقضية سياسية وشعبية حيّة تستحق أن تكون حاضرة في الضمير العربي والدولي.
فلماذا تغيب القدس عن أولويات الإعلام، وتتراجع على أجندة الدبلوماسية؟ ولماذا تُترك وحدها في معركتها الوجودية؟ إن إعادة الاعتبار للقدس، إعلاميا ودبلوماسيا، لم تعد ترفا ولا خيارا، بل ضرورة وطنية وأخلاقية أمام مشروع الاحتلال الصامت، الذي لا يستهدف الأرض فقط، بل الذاكرة والهوية والإنسان.