جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-28@10:18:15 GMT

التاريخ العُماني إلى أين؟

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

التاريخ العُماني إلى أين؟

 

 

حمد الناصري

 

أعتقدُ جازمًا أننا نَمُرّ بمرحلة حاسمة من التاريخ وحيث تُعاد كتابة التاريخ في بعض الدُول وفقًا للمصالح وليس للحقائق التاريخية وهذا أمرٌ خطير وعواقبه المُستقبلية أخطر مِمّا يَظن البعض.

ورغم أنّ تاريخ سَلطنتنا المَجيدة شَمس لا تَحجبها كل غرابيل الدنيا، وأنّ الحقيقة لا تُبَدّلها الأكاذيب لكنّنا يَجب ألّا نتجاهل أو نتهاون مع مُحاولات تحريف أو تزوير التاريخ ليس فقط لتأثيراتها الحالية ثقافيًا وحضاريًا ولكن لعواقبها المُستقبلية جُغرافيًا وسِياديًا أيضًا.

وبكل صراحة فنحن في عُمان ولأسْباب مرحليّة وظرفيّة أهْمَلنا توثيق وتجذير ذلك التاريخ وفَقَدْنا بسبب ذلك الكثير من الوثائق والمُستندات التاريخية التي تدعم أحقيّة السَلطنة بشواهد وشُخوص كثيرة لا حصر لها.

إنَّ عملية إعادة كتابة التاريخ بالاسْتعانة ببعض مُرتزقة المُؤرخين ليست بالأمْر الهيّن حتى ولو بدت حاليًا بلا أهميّة ولكنها ستكون مُؤثرة مُسْتقبلًا خُصوصًا فيما يخصّ حقوق السّيادة على المياه الإقليمية والأجواء بل وحتى الأراضي الحدودية.

إنّ دُولًا تشكّلت حديثًا مثل الكيان الإسْرائيلي مثلًا أصْبَحت تُطالب بأراض تابعة لدول ليس لديها حُدود أصْلًا مع فلسطين، فكيف إذا كان هناك حدود مُشتركة؛ وذلك مِمّا يُثِير مَخاوف كبيرة ليس فقط مِن ضَياع تُراثنا وتاريخنا؛ بل حتى سِيادتنا على أراضينا ومِياهنا لا سمح الله، ولنا في التاريخ القديم والجديد شواهد كثيرة على نِزاعات تاريخية وصلتْ حَدّ الاقتتال بين دُول نشأتْ مِثْل جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ودُول يوغوسلافيا السابقة ومَدى تأثير الوثائق والمُستندات التاريخية على ترسيم الحدود البرية والبحرية بلْ حتى على استغلال الثروات الدفينة كالنفط والغاز وغيرهما عند الحدود المشتركة.

ولا ريب أنّ تاريخ عُمَاننا الغالية مَشهود في أكثر مِن بُقعة تاريخية؛ بلْ إنّ دولًا حديثة العَهد غَطّت بعض المساحات الجغرافية وتشكّلت كجزء مِن عُمان التاريخية وامْتدت في مِساحات مِن الجزيرة العربية وصُولا إلى غرب آسيا وأقصى الشرق الأفريقي.

وغَطّت امْتدادات الإمبراطورية العُمانية مِساحات واسعة جدًا، وعُرفت بكونها دولة عربية عظيمة وسِلميّة امتدّت من الشرق الذهبي الأفريقي حتى سواحل باكستان وجُزء من فارس (مَكران حاليًا) وكان للأساطيل العُمانية اليَد الطُولى على بحر العرب والخليج العربي ومِساحات شاسِعَة من البحر المفتوح والذي تشترك في مياههِ الإمبراطورية العُمانية وعُرف لاحقًا بالمحيط الهندي .

تلك كانت الحُقبة الذهبية ومرحلة تاريخية شهدت توسّعًا عُمانيًا هائلًا شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا بَدءًا مِن مِياه الخليج "الجزيرة العربية" وصُولا إلى أقصى مِياه السواحل الافريقية وغرب آسيا، وساهمت الإمبراطورية العُمانية الخالدة في ازدهار البُلدان التي دخلتها وانعشت الحياة الاقتصادية فيها، ونَشطت حركة الملاحة البحرية بغير انقطاع في بِحارنا العربية والمِياه البحرية العميقة وبحر الهند والسواحل الشرقية الأفريقية في ظل سَيطرةٍ بحريّة للأسطول العُماني الجبّار آنذاك.

وفي موسوعة عُمان في التراث العربي، نقرأ ما كتبه. د. هلال الحجري في الجزء الأول "إنها لمفخرةٌ عظيمة لعُمان أنْ يأتي ذِكْرها على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث، وإنه لشرفٌ لها أنْ يتردد ذِكْرها في أفواه صحابته الكرام، وإنهُ لتخليدٌ لإسْمها أنْ يَلْهَج به فطاحل الشُعراء منذ الجاهلية إلى العصر الحديث، وإنه لكنزٌ عظيم ما خلّفَه عُلماءُ اللغة والأدب والتاريخ والجُغرافيا والطب، وهُم يتحدثون عن لُغة أهل عُمان وشُعرائها وخُطبائها ومُلوكها وأسواقها ونضالها في مُواجهة الطامعين والغُزاة واستقلالها واتساعها الجغرافي وجبالها ومُدنها وبِحارها وجواهرها ونخيلها ونباتاتها الطُبّية".

لقد أنْجَبت عُمان للأمة الإسلامية والعربية فطاحل الرجال في العلوم والأدب والفلسفة والقيادة والفقه مِمّا لا يُمكن حصرهم في كتب ناهيك عن مقالة بسيطة.

خُلاصة القول.. أذكر أنني كتبتُ في عام 2022 مقالًا، تحدثتُ فيه، أنّ عُمان العظيمة يحقّ لها أنْ تحتفظ بحدود مياهٍ بحرية عميقة، تحمل اسْمها. وأنا هنا إذْ أكرّر الدعوة لأهمية الموضوع وحساسيته، الآن ومُسْتقبلًا فعُمان تستحق مِنّا كل الاهتمام والتضحية والجُهد وأرى أنْ تُشَكّل هيئة عُمانية وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالأمم المُتحدة كاليونيسكو وغيرها ودُول المُحيط العُماني والإقليمية ذات الصّلة لتثبيت وتوثيق الحدود البرية والبحرية وإعادة المُسَمّيات بالشواهد التاريخية وحتى الشُخوص بما لا يَقبل الشكّ أو الدّحض مُستقبلًا حفاظًا على أرض ومِياه وتُراث عُمان إلى الأبد وهو اسْتحقاق عُماني ليس لدولة أو مُنظمة فَضْل به على وطننا العزيز.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المبشر: التاريخ سينصف من حملوا شعلة المصالحة والإصلاح

أكد محمد المبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا، أن التاريخ سينصف من حملوا شعلة المصالحة والإصلاح.

وقال المبشر، في منشور عبر «فيسبوك»: “يحاكم التاريخ كل من شارك في نزيف الوطن، وكل من وقف متفرجًا على انقسام الصفوف، ولكنه أيضًا سينصف من حملوا شعلة المصالحة، والإصلاح وحاولوا ترميم جراح الوطن رغم الرياح العاتية”.

وأضاف “التاريخ لا يُنسى ولا يغفر بسهولة، سيأتي يومٌ تنعكس فيه الموازين، وتُكتب الحقائق دون زيف، ليتبين من خان، ومن ضحى، ومن انتصر للوطن بحق”.

الوسومالمبشر المصالحة ليبيا

مقالات مشابهة

  • عجوز من الصين يدخل التاريخ .. أسرع متسابق أكبر من 70 عامًا
  • الخطاط العُماني أحمد الرواحي: إخراج الخط العربي من قواعده بغرض إظهار جماليته هروب من الاستطاعة
  • المبشر: التاريخ سينصف من حملوا شعلة المصالحة والإصلاح
  • ختام التمرين العسكري العُماني السعودي المشترك "تضامن 1"
  • المستهلك الكويتي يتعرف على جودة المنتج العُماني في معرض خاص
  • الإعلام العربي ومعركة البحر الأحمر التاريخية
  • ما هي الساعة الحجرية التاريخية؟.. كان المصريون القدماء يعرفون بها الوقت
  • وفدٌ شبابيٌّ عُماني يشارك في برنامج جسور خليجية بإمارة الشارقة
  • ختام التمرين العسكري العُماني السعودي تضامن/1
  • شركة عُمانية تنشئ أول مركز لتطوير الطائرات المسيرة والروبوتات