زيد الشُريف
العدوان الصهيوني الأمريكي على غزة – بكل ما يتضمنه ويشتمل عليه من ظلم وطغيان وحصار وتجويع وحرب إبادة جماعية وغير ذلك من الجرائم الوحشية – يضع الإنسانية والقومية والقوانين الدولية والمواثيق الأممية وحقوق الإنسان والحرية والمواطنة وحقوق الطفل وحقوق المرأة وغيرها من العناوين البراقة التي يتشدق بها العالم، تضعها غزة على المحك وفي ميزان الحقيقة والعدالة، لأن كل تلك العناوين البراقة لم تجد لها مكاناً في غزة، فالإنسان هناك يقتل ويتعرض لإبادة جماعية وتمارس بحقه أبشع الجرائم بشكل يومي والإنسان هناك في غزة يحاصر ولا يجد قوت يومه والأطفال في غزة يقتلون ويموتون من شدة الجوع والنساء في غزة تقتل كل يوم والمنازل تهدم فوق رؤوس ساكنيها والمساجد تدمر وكل مظاهر الحياة تستهدف بالطائرات والدبابات والمدافع الصهيونية والأمريكية على مرأى ومسمع من العالم ولم تستطع تلك الإنسانية المزيفة ولا تلك المواثيق والقوانين الدولية والأممية الكاذبة أن تفعل شيئاً لغزة لأنها زائفة وخالية من الصدق والحق والعدالة.
ما يحصل في غزة بالتحديد من طغيان وعدوان صهيوني أمريكي ليس له نظير في العالم وكذلك ما يجري في الضفة الغربية والقدس من ظلم وانتهاكات واستيطان هو جريمة بحق الإنسانية وجريمة بحق الحياة وجريمة بحق الدين والمقدسات وجريمة بحق القيم والمبادئ والأخلاق النبيلة وهو عدوان على الحياة وعدوان على الحقوق وعدوان على الحقيقة وعدوان على العدالة وعدوان على كل القيم والمبادئ العظيمة التي شرعها الله لتضمن للبشرية حياة قائمة على السلام والأمن والاستقرار في كل المجالات، ولكن الكيان الصهيوني المحتل – ومعه الولايات المتحدة الأمريكية -يخوضون حرباً عدوانية شاملة ظالمة ويمارسون فيها أبشع وأفظع الجرائم الوحشية بحق غزة وأهلها وبحق الشعب الفلسطيني بشكل عام بدون وجه حق وبدون أي ذنب وهذه جريمة ترفضها شريعة الله تعالى وترفضها قوانين البشر التي تجردت من مضمونها وفاعليتها وهي جريمة لا يبرأ منها أحد إلا من يساند غزة وينصرها بقول أو بفعل.
ومن المهم معرفة حقيقة أن مساندة غزة ونصرة أهلها هو انتصار للحق والحقيقة وانتصار للحياة وانتصار للأخلاق العظيمة وانتصار للإنسانية وانتصار للصدق والعدل والخير وانتصار للسلام والأمن والاستقرار ليس فقط على مستوى غزة وشعب فلسطين بل على مستوى العالم بكله ومن يساند غزة وأهلها هو يثبت بذلك أنه لا يزال إنساناً وأن ضميره لا يزال حياً وان أخلاقه لا تزال سليمة وأنه يؤمن بالله وكتبه ورسله وعدله ورحمته وأنه يرفض الظلم والطغيان وأنه يؤمن أن حياة سكان غزة وحقوقهم حق كفله الله تعالى لهم وليس لأحد أياً كان أي حق في أن يسلبهم إياه بل أن من يفعل ذلك يجب التصدي له ومنعه من ذلك لأنه ينتهك قوانين الله ويتعدى حدوده، كما أنه ينبغي استيعاب ومعرفة أن من يخذل غزة أو يتآمر عليها فإنه يخذل نفسه ويتآمر على نفسه ويتجرد من إنسانيته وأخلاقه وانه لا يستحق الحياة بنفسيته المريضة التي لا تحب للآخرين ما تحبه لنفسها.
عاقبة ما يجري في غزة من ظلم وطغيان هي عاقبة كارثية على الجميع في الدنيا والآخرة وليست فقط على الصهاينة والأمريكان بل إن عاقبة الصمت والتخاذل والتآمر على ما يجري في غزة ستشمل الجميع من العرب والمسلمين في مختلف البلدان، فالطغيان لا يقف عند حد والطواغيت لا يتورعون عن ارتكاب الجرائم الوحشية بحق الناس في أي زمان أو مكان تماما كما فعلوا ويفعلون في غزة سيفعلونه في بقية البلدان، ومن سنن الحياة أن من أعان ظالما سلطه الله عليه، من أعان ظالما بقول أو بفعل أو بصمت أو بتخاذل أو غير ذلك فمصيره أن يكتوي بنار ظلمه وطغيانه أضف إلى ذلك أن عدالة الله تعالى قادمة لا محالة وسوف تنتقم من الطواغيت المجرمين الذي أكثروا في غزة الفساد والطغيان وسوف ينالهم عقاب الله في الدنيا ويطالهم عذابه في الآخرة، وصدق الله القائل (إنا من المجرمين منتقمون).
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: وعدوان على فی غزة
إقرأ أيضاً:
من ضبيه إلى فاريا.. سلسلة جرائم تهز لبنان هذه أسبابها ودوافعها
مع بداية عام 2025 صُدم اللبنانيون بجرائم مروعة ارتكبت في خلال أسبوعين فقط، راح ضحيتها عدد من المدنيين الأبرياء، ما يُشير إلى ارتفاع نسبة الجرائم بشكل مُخيف فبات اللبناني يخشى على حياته وأمنه بعدما كان يخاف من الحرب وانهيار الوضع الاقتصادي.
ولعلّ جريمة فاريا التي أودت بحياة خليل خليل ابن الـ 19 عاما كانت الأكثر قساوة حيث ارتكبها الجاني بدم بارد وعلى مرأى من والدته ورفاقه وشقيقة المغدور والسبب أحقية مرور، ولا تزال تداعياتها مستمرة.
وفي استعادة للجرائم التي ارتُكبت منذ مطلع العام، نتذكر جريمة ضبيه التي أودت بحياة جورج روكز صاحب معرض للسيارات على يد ابن الـ 20 عاما الذي أراد تلبية رغبات حبيبته بالحصول على سيارة مرسيدس من نوع "جي كلاس".
وفي 27 كانون الثاني الماضي، عُثر على صاحب محطة وقود في مزرعة يشوع مكبلاً ومرمياً في دورة المياه، وتبين انه قُتل على يد عمال سوريين كانوا يعملون لديه.
وفي الأول من شباط الجاري، عُثر على نائب مطران طائفة الأرمن الأرثوذكس في لبنان الأرشمندريت أنانيا كوجانيان جثة داخل منزله في بصاليم بعدما فُقد الاتصال به قبل يوم واحد، وأظهرت التحقيقات ان الجريمة كانت بدافع السرقة.
وكاد الخوري إيلي بشعلاني خادم رعية مار أنطونيوس البدواني للموارنة يخسر حياته صباح الأحد الماضي، خلال عودته من بيروت إلى منزله في منطقة المريجات حين طاردته سيارة وحاولت قطع الطريق أمامه، وتمكن من التخلص منها، إلّا أن السيارة عادت وتوقفت أمام منزله وترجل منها شخص مسلّح وفتح النار على المنزل الذي أصيب بعدة طلقات، ثم لاذ بالفرار.
أما جريمة فاريا والتي حصلت مؤخرا فهزت الرأي العام اللبناني لأنها ارتكبت عن عمد وبسب أفضلية مرور حيث قام الجاني بدهس الضحية مرات عدة وفرّ من دون ان يرف له أي جفن.
والجيد ان القوى الأمنية تمكنت من توقيف غالبية المجرمين مع العلم ان مرتكبي جريمة مزرعة يشوع فروا إلى سوريا. وأكد وزير الداخلية بسام مولوي ان الجرائم التي تحصل جنائية ولا طابع أمنيا لها، ولكن يبقى السؤال ما هو الدافع لارتكاب مثل هذه الجرائم وما مدى تأثير العامل النفسي على سلوكيات المجرم؟
تقول الاختصاصية في الدعم النفسي والاجتماعي مورغا حبوشي عبر "لبنان 24" ان "نسبة ارتكاب الجرائم تتزايد في هذه الفترة بشكل مُخيف في لبنان وخاصة في صفوف الشباب أي ما بين 18 و30 عاما لأن نسبة الاندفاع لدى هذه الفئة العمرية تكون كبيرة، أما ضبط النفس لديهم فيكون منخفضا".
وتتابع: "إذا لم يخضع الشاب في مثل هذا العمر لتربية صحيحة خلال طفولته او في حال تعرّض لاضطرابات نفسية خلال مرحلة الطفولة أو لعنف فهذا الأمر بالتأكيد سيؤثر عليه وسيُعزز ويغذي روح الإجرام عنده، فليس من السهل ان يرتكب الانسان جريمة وان ينهي حياة شخص آخر ببرودة دم ".
ولفتت حبوشي إلى ان "جريمة ضبيه الشنيعة التي ارتكبها ابن الـ 20 عاما كانت عن سابق إصرار وترصد حيث استطاع ان يقوم بجريمة قتل بدم بارد استهدفت صاحب المعرض وأنهى حياته وسرق سيارة وفرّ". وتابعت: "هذه الجريمة قد تكون ناجمة عن اضطراب نفسي حيث يكون الجاني قد تعرّض لضغوط نفسية او لعنف او ان الظروف الحياتية او الاقتصادية التي يمر بها جعلته يندفع لارتكاب جريمة بدافع المال والوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيش فيه ".
أما النوع الثاني من الجرائم فقد تكون جرائم آنية او فورية مثل ما حدث في منطقة فاريا، وحذرت حبوشي من ان "هناك آفة كبيرة يعاني منها مجتمعنا هي آفة تعاطي حبوب الهلوسة إلى جانب المخدرات وشرب الكحول بطريقة عشوائية"، لافتة إلى ان "حبوب الهلوسة تجعل الشباب يتصرفون بطريقة غير متوازنة او طبيعية وقد تؤدي في معظم الأحيان إلى ارتكاب جرائم".
وقال حبوشي: "في جريمة فاريا التي كانت "فورية" أي ناتجة عن فعل وردة فعل، حيث قيل ان الضحية خليل خليل "كسر" بسيارته على القاتل فاعتبر الأخير ان هذا الأمر يمسه شخصيا أي انه استُفز ولكن الاستفزاز لا يولد جريمة قتل وإنهاء حياة بدم بارد كما فعل الجاني، ولكن قد يكون هذا القاتل ورث روح الجريمة من أهله او تربى بطريقة غير صحيحة.وهنا لا بد من التحذير بأن تعزيز روح الشر في نفوس أولادنا يولد لديهم الروح الانفعالية القوية التي قد تؤدي إلى ارتكاب جريمة ".
وتابعت: "عندما نعلم أولادنا في عمر صغير انه في حال ضربكم أحد فيجب ان تردوا بضربه أيضا بهدف تقوية شخصية الطفل فهذا أمر خاطئ ونحن لا نقوي شخصية الطفل بهذه الطريقة بل للأسف نكون زرعنا فيه بذور الشر التي يمكن تنبت في المكان الخاطئ" .
وتضيف: "إذا ربيت أولادي في عمر صغير على هذه السلوكيات الخاطئة وعلى هذه الأساليب، فان الولد سيتربى تلقائيا على هذه الأفكار وسيُمارسها تجاه الآخرين وسيتحوّل إلى شخصية انفعالية لا تتحكم بردات فعلها، وسيعتبر انه لا يمكن لأحد ان يستفزه وانه بإمكانه ان يأخذ حقه بيده مهما كانت الطريقة ولو كانت حتى إلغاء الآخر".
وعن دور الوالدة في جريمة فاريا حيث كانت إلى جانب الجاني لحظة ارتكاب الجريمة، تقول حبوشي ان "التحقيقات لم تظهر بعد دور الوالدة وسبب سكوتها عن الجريمة التي حصلت أمام عينيها فالتحقيقات لا تزال أولية وملابسات الجريمة لم تتضح بعد".
وتُحلل حبوشي وضع الأم قائلة: "قد تكون والدة الجاني شعرت بالصدمة والذهول خلال رؤية ابنها يرتكب هذه الجريمة الشنعاء وفي هذه الحالة هناك من لا يستطيع ان يقوم بردة فعل او التعبير او ردع الشخص الآخر الذي يقوم بهكذا نوع من الجرائم وهذه الجريمة ليست سهلة بالنسبة لأم وهنا نتحدث عن أم "طبيعية"، اما في الحالة الثانية أي ان تسكت عن الجريمة وان تتغاضى عما حصل فهذا يعني ان روح الجريمة متوارثة لديها او في العائلة".
ورجحت حبوشي ان "عائلة الجاني كانت تحت تأثير حبوب هلوسة او حبوب مخدرة إضافة إلى الكحول وهذا الخليط يدفع الأشخاص الى القيام بجرائم بدم بارد جدا من دون الشعور بالذنب او بانهم تسببوا بأذية أنفسهم أو غيرهم وقد يستلذون بمنظر الدم وهذا للأسف ما حصل في جريمة فاريا".
ولفتت إلى ان "الشبان الذين يقومون بهذه الجرائم هم بعمر صغير أي تحت الـ 30 عاما لأن نسبة الانفعال في هذا العمر كبيرة وعدم ضبط النفس مرتفع جدا، ونسبة 96 بالمئة من الشبان يعانون من هذه المواضيع وللأسف ثمة غياب للأهل في هذه المرحلة العمرية عن متابعة شؤون أولادهم فهم يعتقدون ان أولادهم كبروا ويمكنهم الاتكال على أنفسهم ولا يخضغون للرقابة وقد يكون بعضهم مر خلال مراهقته بمرحلة غير طبيعية قد تكون مرحلة تعنيف او انهم هم من كانوا يعنفون رفاقهم في المدرسة وهذا ما قد نعتبره أمرا عاديا ان يتجادل الرفاق في المدرسة وان يؤلفوا عصابة وهذا الأمر الذي لا يلفت نظرنا كأهل، هو أمر خاطئ، إضافة إلى ان مشاهدة جرائم القتل عبر التلفزيون يغذي أيضا روح الجريمة لديهم".
وشددت على ان "كل شيئ في حياتنا يؤثر فينا ويلعب دورا إيجابيا او سلبيا على حياتنا وشخصيتنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا في هذه الحياة" ، وتابعت: "هذا الأمر مهم جدا ويجب مراقبة الأولاد في مرحلة المراهقة ومعرفة ماذا يفعلون وكيف هي سلوكياتهم في البيت والمدرسة ومع أصدقائهم ومع المحيطين بهم ومن هم رفاقهم وما هي سلوكيات أهل هؤلاء الأصدقاء. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار الشكاوى التي قد ترد للأهل من المدرسة حول سلوكيات ابنهم وعدم الاستهانة بها لأنه إذا كان يُعاني من هذا الموضوع ولديه روح الشر فيجب ان يتم عرضه على أخصائي لمنع تغذية روح الجريمة لديه".
وشددت حبوشي على ان "الجرائم التي تحصل حاليا في لبنان ناجمة عن اضطرابات نفسية إضافة إلى تأثير حبوب الهلوسة والمخدرات والتي أصبحت مُتاحة بشكل كبير بين الشبان وهذا الأمر يلعب دورا كبيرا في زيادة الاضطرابات النفسية لديهم".
إذا الصحة النفسية والتربية الصحيحة يلعبان دورا أساسيا في اكتساب الانسان السلوكيات الصحيحة والابتعاد عن روح الشر والجريمة، على أمل ان تكون جريمة فاريا المروعة "خاتمة" الجرائم التي يشهدها لبنان.
المصدر: لبنان 24