موقع النيلين:
2025-03-31@09:14:20 GMT

جيش إسرائيل.. وأشد لحظات السوء

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT


بدأت تتردد في إسرائيل أصوات في مراجعة للنفس، من جدوى استمرارها في حرب غزة، حتى ولو كانت أصوات من مؤيدين لتلك الحرب، لكن أصواتهم كانت تعبّر عما بدأوا يتفقون عليه من أن الدولة أقحمت نفسها في حرب ستخسرها.

القناة-12 العبرية أذاعت أن المخابرات الإسرائيلية قالت إن «حماس» وغيرها من جماعات المقاومة الفلسطينية، ستنجو من حرب إسرائيل ضدها، وسوف تستمر بعدها في حرب عصابات جديدة، وعندئذ لن يكون هناك انتصار مطلق للجيش الإسرائيلي.

صحف إسرائيل توالي ذكر الخسائر الاقتصادية التي مُنيت بها الدولة، والتي كبدت الاقتصاد حتى الآن مليارات الدولارات، وأضعفت مالية الدولة. في الوقت الذي قدّر فيه الجنرال هاليفي رئيس أركان حرب الجيش أنه لا يوجد توقع لنهاية قريبة للحرب، وأنها ستستمر لشهور عدة.

ثم جاءت النظرة السوداوية المتشائمة من الجنرال إسحق أوريك، وهو وإن كان من البداية من مؤيدي الحرب على غزة، إلا أنه الآن يحذّر مما هو قادم. ويقول إن الجيش نفسه الآن في موقف أشد سوءاً مما كان عليه لحظة اقتحامه غزة.

وراح يشخّص الموقف بشكل تفصيلي بقوله، إن الجيش لم يكن مستعداً لهذه الحرب، ولم يكن مجهزاً لها، كما لم تكن لديه أي خطط واضحة للحرب، وفي اللحظة التي فرضت عليه فيها خوض الحرب بدأ بسرعة شديدة يجهز لخطة لحرب اتسمت بالعجلة لاقتحام غزة، ما سبب له خسائر فادحة. لكنه راح يضرب بعنف قطاع غزة، والمتوقع أن يطول أمد وجوده هناك من دون نتيجة.

ويقول الجنرال أوريك إنه أبلغ رئيس الوزراء نتنياهو، برأيه، وأنهم كانوا يحتاجون لخطة تختلف عن الخطة التي جرى تنفيذها، والتي سببت لإسرائيل خسائر فادحة، وأنه أوصى نتنياهو باتباع طريقة لإضعاف حماس، بدلاً من اقتحام غزة، بأن نترك للطائرات قصف أهداف محددة، وأن يخفض بقدر الإمكان من قرارات منع الماء والطعام والكهرباء عنهم، وعدم قتل المدنيين.

ثم قال إن نتنياهو كان يميل في البداية للموافقة على رأيه، بعدم بدء العملية البرية للجيش، لفترة يتاح فيها للجيش فرصة للتدريب وتجهيز نفسه لدور أفضل مما جرى.

لكن الجيش سرعان ما اقتحم غزة، وحاصرها من جميع الاتجاهات، للعمل على خنقها، لكن لسوء الحظ بدأت تظهر خلال أسابيع أخطاء العملية العسكرية، ما ألحق بالجيش أضراراً بالغة.

ثم يفضح الجنرال أوريك اقتحام جيش إسرائيل مستشفى الشفاء، بادعاء وجود أنفاق لحماس تحت أرض المستشفى، ما ثبت عدم صحته. ولم يكن هناك سبب يبرر اقتحامه مع غيره من المستشفيات. ما جعل العالم يقف ضد إسرائيل بسبب قصف المستشفيات، ما سبب تصعيداً في المواقف من الفلسطينيين ضد سلوك إسرائيل وصل إلى الضفة الغربية.

يقول الجنرال أوريك إن هذه السياسة زادت من كثافة الضغوط الدولية التي تنادى بوقف إطلاق النار، وخلقت لإسرائيل موقفاً قد يتيح لها كسب معركة، لكن مع خسارتها الحرب، فإن الجيش يجد نفسه في موقف أشد سوءاً مما كان عليه لحظة اقتحامه غزة.

وشهدنا دولاً بدأت تسحب سفراءها من إسرائيل، وبعضها يلغي اتفاقات معها، وفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، وصارت هناك تخوفات من أن يؤدي استمرار حرب غزة إلى حرب إقليمية أوسع مدى.

ويضيف إلى حصره للنتائج العسكرية، حالة الانقسام والتفكك المجتمعي بين الإسرائيليين، والذي ظهر بعد أحداث 7 أكتوبر، ضمن مظاهر أخرى من الشعور بانعدام الأمن.

وإذا لم تستطع الدولة المحافظة على التماسك والشعور بالأمن، فإن كل شيء سيخفت الشعور به، بخاصة ما يتعلق بالأمن. ولكل هذه الأسباب فإنه لا يوجد حل سحري لهذه الحرب، وهو ما قاله الجنرال أوريك للصحفيين.

وفي أعقاب قوله هذا، استبعد نتنياهو نهاية قريبة للحرب، وقال إن نهاية الحرب ليست وشيكة، واتفق معه الجنرال هاليفي رئيس أركان حرب الجيش، بما أعلنه في مؤتمر صحفي من أن الحرب ستستمر شهوراً عدة.

وفي الاتجاه نفسه، ينشر معهد القدس للاستراتيجية والأمن تقريراً تحت عنوان: «هل تستطيع إسرائيل ضمان أمنها بعد حرب غزة؟»، وهو تساؤل يعبّر عن فقدان اليقين بحرب تخرج منها إسرائيل، وقد حققت ما أرادته من البداية.

كل تلك التوقعات عن المأزق الذي وضعت إسرائيل نفسها فيه، حتى وإن لم يذكر أصحابها صراحة السبب الذي سيجعلها تخسر الحرب، إلا أنهم تجنبوا التعرض للسبب الأساسي لتلك النتيجة.. وهو أن إسرائيل تحارب شعباً هي التي احتلت أرضه.

وإن جميع التجارب التاريخية للشعوب التي وجدت نفسها في مثل هذا الموقف، تؤكد أنه لا يوجد شعب في العالم تعرّض لاحتلال أرضه، إلا وتكون قد حانت له لحظة يكون قد جهز فيها نفسه وقدراته، للانتفاضة ضد هذا الاحتلال.

مشكلة إسرائيل أنها تنكر تجارب وأحكام التاريخ، وتغلق عقلها على تصورات من صنع أفكارها، وأنها مهما استخدمت ما لديها من قوة، فإن القاعدة الأزلية لمقاومة احتلالها لأرض غيرها، أنه لا بدّ أن يأتي يوم تنطلق فيه قدرات هذا الشعب على التصدي لها.

عاطف الغمري – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

النصر الكاذب

كالحمل الكاذب، الذي يوهم الحامل المزعومة بأعراض حقيقية لا تلبث أن تزول، وهنا نعود لمقولة المفكر والباحث السوداني عبد المنعم سليمان عطرون، رئيس مركز دراسات السودان المعاصر، (الجيش السوداني ضب أسود رأسه أحمر) ويعني اختلاف قيادته عن قاعدته جهوياً وعرقياً، إلّا من بعض الرموز التضليلية في القيادة العليا، الخلل البنيوي الذي جعل المؤسسة التي يفاخر المنتسبون إليها ببلوغها المائة (سن اليأس)، تخوض حروبها ضد السودانيين – جنوبيين – نوبة – غرّابة – انقسنا – وليس من أجل تحرير حلايب، بعقلية عنصرية لم يتعظ أصحابها من ويلات الحروب، طيلة سبعين عام من عمر دولة السادس والخمسين، وما يزال كبار جنرالات هذه المؤسسة ذات السقف الأحمر والقاعدة السوداء، يكذبون ويزعمون نصراً متخيلاً بدخول القصر، دون أثر لطعنة رمح أو ضربة سيف على جسد جنرال، من الجنرالات السمان العاشقين لالتقاط الصور، وهم وقوف على ركام المباني التي دمرتها الحرب، فهؤلاء القادة المزيفون يعلمهم أهلنا البيادق على رقعة شطرنج الجيش الأحمر الرأس، فمنذ زمان حرب الجنوب كان يقص علينا أهلنا هؤلاء القصص الساخرة، عن الجنرالات اللائذين بالفرار داخل المدرعات إلى حين انجلاء غبار المعارك، كما جرى في حامية "رمبيك" عندما جبن الجنرال الأحمر وأصدر تعليماته بالانسحاب، فزج به مساعد الكتيبة داخل المدرعة ثم قام بالواجب بدلاً عنه.
لقد كشفت التسريبات بعض المعلومات الفاضحة للجيش الأحمر الرأس، وأكدت على أن هنالك ترتيباً أممياً تم بموجبه انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم، ومن الضروري أن يقابل ذلك استحقاقاً تفي به الرؤوس الحمراء، التي لا تخشى غير العصا الغليظة ولا يسيل لعابها إلّا للجزرة العليفة، فهي رهينة لمؤشر السبابة البيضاء العالمة ببواطن أمور هذا الجيش خاطف اللونين، وما صدر عن الجنرال "الديناري" المغرور المنتفش الريش كالقط الذي يحاكي صولة الأسد – "خاسر العصا"، من إعلان حرب على الدولة الجارة والشقيقة، يشرح بجلاء الجهل المعشعش في رأسه، جهل الضابط "الديناري" في الجيش السوداني بالمعلومات عن جيش تشاد، الذي الحق الهزيمة النكراء بملك ملوك إفريقيا معمر القذافي، واسترد قطاع أوزو وأسر خليفة حفتر القائد الميداني آنئذ وأرسله مخفوراً إلى العاصمة، أين مكانة الجريبيع ذي الرويس الأحيمر "خاسر العصا" من قائد الجيش الوطني الليبي المشير حفتر؟، وهل يعلم الجنرال الآخر "بكراوي" أن الدولة التي يريد أن يغزو عاصمتها ليدق مسماراً على رأس قائدها، لها جيش شرس أدخل إرهابيي بوكو حرام في جحورهم؟، وقضى على كتائب الإسلاميين المتطرفين بمالي والنيجر؟، فقبل أن تخوض هذه الرؤوس الحمراء اليانعة القطاف في شئون الدول الأخرى، عليها معرفة البلدان ودراسة ماضيها وحاضرها، فانتفاش الريش لا يجعل من القط أسداً.
القتال من وراء زجاج المدرعات الحصينة لا يأتي ببطولة، والحرب بالتقاط الصور من أمام عدسات الكاميرات التلفزيونية الحديثة لا تحرر قصراً، فقد ولى زمان التعتيم الإعلامي الذي قادته كاميرا "ساحات الفداء" في (الحرب المقدسة) بجنوب السودان، حينما حصد الجيش الشعبي ارواح آلاف الشباب المغرر بهم في عمليات "الأمطار الغزيرة"، السيناريو الذي تكرر في العمليات العسكرية بمقرن النيلين – الخرطوم، التي أرسل منها الأشاوس قائمة طويلة للرتب الصغيرة "الملازم والملازم أول" إلى جهنم وبئس المصير. من حسنات هذه الحرب أنها فضحت ميثولوجيا "العرضة" و"الدلّوكة"، وكشفت مبالغة هذه الميثولوجيا والخيال الواسع لمعتنقيها في صناعة الأوهام البطولية، فالحرب قدمت نوع جديد وواقعي من الشجاعة وفنون القتال تقوده "النقارة"، والحروب كما هو معلوم تعيد صياغة المجتمعات وتسهم في فضح الأساطير المتوارثة، وتبيّن المنطلقات الثقافية والمفاهيم الخادعة عن الذات والادعاء الأجوف بالتفوق، وحرب الكرامة (الندامة) صدمت المجتمعات السودانية، بتحطيم الطوطم الذي صنعه جهاز الدولة المنحاز اجتماعياً وثقافياً وسياسياً، منذ ميلاد الجنين المشوه لدولة السادس والخمسين، ولن تفيق المجتمعات السودانية من الصدمة إلّا بعد ميلاد الجمهورية الأخيرة – منظومة الحكم الضامنة حقوق المواطنة، والكاسرة لشوكة الهوس الديني والدجل السياسي.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • من هي الجهة التي وجهت بقطع تغذية الجيش وعرقلة صرف مرتباتهم.؟
  • قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي: لن لنسمح لـحزب الله بترميم نفسه
  • بعض الأسئلة التي تخص قادة الجيش
  • النصر الكاذب
  • تعرف على القنابل الخمسة التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزة
  • دموع السودان.. عمران يروي لحظات البطولة في زمن الحرب
  • القدس المنسية: المدينة التي تُسرق في ظل دخان الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة
  • الجيش اللبناني يحدد موقع إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل ويفتح تحقيقاً
  • الجيش اللبناني يعلن تحديد موقع إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل
  • الرئيس اللبناني: لن نسمح بتكرار الحرب التي دمرت كل شيء في بلادنا