شريف نادي يكتب: دماء في طريق الذهب
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
مع اقتراب الحرب الأهلية بالسودان من عامها الأول دوت أفق واضح لنهاية الصراع الذى راح ضحيته عشرات آلاف من المدنيين فضلا عن تهجير ملايين السودانيين من ديارهم ..
وبين الحين والآخر تظهر مبادرات لحل الصراع يراها البعض لا تحمل من الجدية ما يمكنها من إلزام الأطراف المتحاربة بوقف القتال والامتثال للقانون الدولي.
وتأت المبادرة التي أطلقتها الحكومة الليبية منتهية الولاية في غرب ليبيا كأحد المبادرات التي لا يعول عليها خاصة أنها تأت في ظل حالة عدم الإستقرار الأمني الذي تعيشه المناطق الغربية من لبيا، وتكرار حوادث الإشتباكات المسلحة بين الميليشيات في العاصمة طرابلس والمدن المحيطة بها كالزاوية وغيرها.
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة، قد أعلن السبت الماضي، مبادرة لـ"إحلال السلام ووقف إطلاق النار" بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كشف عنها خلال اتصال هاتفي أجراه مع قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي).
هذا الإعلان أعقبته زيارة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان الى طرابلس، بحث فيه مع الدبيبة تطورات الأوضاع في السودان. كما أطلع الدبيبة أيضاً، وفق بيان صدر عن إعلام مجلس السيادة السوداني، على "الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها مليشيا (الدعم السريع) واستهدافها المدنيين وانتهاج سياسة التدمير الممنهج للدولة السودانية، واحتلالها منازل المواطنين ونهب ممتلكاتهم، وممارسة التطهير العرقي".
زيارة البرهان لطرابلس جاءت بالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن نيتها تعيين مبعوث خاص جديد للسودان.
يأتي هذا فيما تحدثت تقارير عن رغبة أمريكية في الاستفادة من الوضع المتأزم بالسودان وليبيا في تعزيز عمليات تجارة الذهب السوداني ونقله لاوروبا عبر سواحل ليبيا
وكشفت وسائل إعلام عما أسمته اتفاق بين الأطراف المتحاربة في السودان برعاية حكومة غرب ليبيا ، على إستمرار عمليات إستخراج الذهب السوداني ونقله عبر ليبيا، الى دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. في خطوة بعيدة عن الأعراف الدولية وقوانين التجارة العالمية.
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية قد اصدر منتصف فبراير الماضي قراراً بنقل تبعية مصلحة الجمارك إلى ديوان مجلس الوزراء بعد أن كانت مصلحة الجمارك منذ إنشائها تابعة لوزارة المالية. وهي هيئة مدنية نظامية تتولى تنفيذ ومتابعة السياسات والقرارات الخاصة بعمليات الاستيراد والتصدير، والرقابة الجمركية والأمنية في جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية. كما تتولى مراقبة جميع السلع الصادرة والواردة إلى البلاد، وتحصيل الرسوم الجمركية المقررة، والضرائب الأخرى، ومكافحة التهريب ومنع دخول البضائع المحظورة.
وبهذا القرار يكون الدبيبة قد وضع يده بشكل مباشر على عمل مصلحة الجمارك، وسيقوم بإجراء تعديلات إدارية فيها لتعيين المقربين منه، لتسهيل عمليات نقل الذهب عبر المنافذ البرية بطريقة شبه مجانية، من السودان الى موانئ ليبيا البحرية، ومن ثم الى الخارج عبر السفن الأمريكية والأوروبية التي لا تخضع لمراقبة عملية إيريني البحرية التابعة للإتحاد الأوروبي.
يُشار الى أن السودان يعد من أكبر منتجي الذهب في القارة الأفريقية، وسبق وأن كشفت تقارير إعلامية عن عمليات تهريب كبيرة للذهب حدثت في السودان على مدار سنوات الى دول غربية بأبخس الأثمان ودون الخضوع للرقابة الحكومية والقوانين الدولية. وقدّر أحد التقارير أن 90 في المئة من الإنتاج السنوي من الذهب المستخرج بشكل غير مشروع يُهرب إلى خارج البلاد.
ومن الجدير بالذكر أن حكومة عبدالحميد الدبيبة، منتهية الولاية وترفض تسليم السلطة منذ سنوات ما دفع البرلمان الليبي مؤخرا لوقف تمويلها، ورغم كل ذلك تحظي حكومة الدبيبة بدعم أمريكي واسع وسبق وأن وصف رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" وليام بيرنز حكومة الدبيبة بأنها "شريك للولايات المتحدة يمكن الاعتماد عليه".وهو ما يكشف الدور الذي تلعبه في خدمة المصالح الأمريكية وآخرها دورها في نهب ذهب السودان في حرب دفع ثمنها ملايين السودانيين من دماءهم وأرواحهم.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الإمارات تدعو إلى عملية سياسية لتشكيل حكومة مدنية في السودان
سكاي نيوز عربية – أبوظبي/ دعت لانا نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية في دولة الإمارات إلى اتباع عملية سياسية فعالة في السودان بهدف الانتقال السياسي، وتشكيل حكومة بقيادة مدنية مستقلة بعيدة عن سيطرة السلطة العسكرية، وترأست لانا نسيبة وفد دولة الإمارات في "مؤتمر لندن حول السودان"، والذي استضافته المملكة المتحدة بالتعاون مع ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.
عُقد الاجتماع بمشاركة وزراء خارجية وممثلين رفيعي المستوى من كندا وتشاد ومصر وإثيوبيا وفرنسا وألمانيا وكينيا والمملكة العربية السعودية والنرويج وقطر وجنوب السودان وسويسرا وتركيا وأوغندا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، إلى جانب ممثلين بارزين عن كل من الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة.
وسلّطت لانا نسيبة، خلال المؤتمر، الضوء على تداعيات الصراع المدمر والمعاناة المستمرة للشعب السوداني، بما في ذلك الفظائع الإنسانية المرتكبة على نطاق واسع، والعنف الجنسي الممنهج، واستخدام الأسلحة الكيميائية، وعرقلة المساعدات الإنسانية واستخدامها كسلاح ضد المدنيين، حيث أدانت دولة الامارات هذه الأعمال بشدة، ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الهجمات الأخيرة على المدنيين في دارفور، والاعتداءات الوحشية على مخيمي زمزم وأبو شوك قرب مدينة الفاشر.
ودعت إلى إنشاء آلية لمراقبة دخول جميع الأسلحة إلى السودان، كما حثت على "اتخاذ إجراءات فاعلة وعمل جماعي لتشكيل مستقبل السودان على أسس تحقيق السلام والوحدة وإعادة الأمل.
كما أكدت أنه "بهدف ضمان السلام الدائم في السودان، يجب اتباع عملية سياسية فعالة بهدف واضح وهو الانتقال إلى عملية سياسية وتشكيل حكومة بقيادة مدنية مستقلة بعيدة عن سيطرة السلطة العسكرية"، مشيرة إلى أن دولة الإمارات تؤكد بأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمثلان الشعب السوداني، ولا يمكن لأي منهما تحقيق الاستقرار في السودان، مشددة على أن الانتقال إلى عملية سياسية وتشكيل حكومة مستقلة بقيادة مدنية يعد النموذج الوحيد القادر على إحداث تغيير حقيقي في السودان.
وأكدت ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بـ"إنشاء آليات جديدة قادرة على إحداث تأثير حقيقي فعال"، وتشمل هذه الخطة إرساء تدابير جديدة لمواجهة التهديدات الأمنية ووضع حد لعرقلة المساعدات الإنسانية.
وسلطت الضوء على البعد الإقليمي للصراع، وقالت: "يجب أن نُدرك من خلال النهج الذي نتبعه بأن السودان لا يعيش بمعزل عن غيره من الدول، وأن تحقيق السلام الدائم يتطلب إيجاد حلول على المستوى الإقليمي على نطاق أوسع، حيث يشمل هذا ضمان ألا يصبح السودان ملاذا آمنا للتطرف والإرهاب والتهديدات للأمن البحري الدولي مجدداً، حيث أن منع هذه المجموعات من ترسيخ جذورها في السودان يُعد جزءاً لا يتجزأ من أي جهد جاد لدعم مستقبل السودان".
ودعت الأمم المتحدة لاتباع نهج أكثر تماسكا في مواجهة العرقلة المنهجية واستخدام المساعدات الغذائية كسلاح ضد المدنيين، قائلة: "يجب أن نؤكد أن ممارسة السيادة بشكل استبدادي لا يمكن أن تبرر حدوث المجاعة، ولا يجب أن تستخدم لحماية الأشخاص الذين يعرقلون وصول المساعدات الإنسانية أو يستهدفون موظفي الإغاثة الإنسانية والمدنيين، حيث يستحق المدنيون السودانيون الحماية الكاملة والوصول إلى المساعدات الإنسانية ويجب مساءلة جميع المسؤولين الذين يعيقون ذلك، كما ينبغي أن نبذل المزيد من الجهد في هذا الصدد".
كما أكدت على أهمية بذل الجهود الجماعية لمكافحة كافة أشكال التعصب والإرهاب في السودان، بما في ذلك مكافحة التطرف وخطاب الكراهية والتمييز، وشددت على أهمية تحقيق المشاركة الكاملة للمرأة وتمكينها، ودعم دمجها الكامل والمتساوي والفعال في العملية السياسية، مشيرة إلى أن المرأة ساهمت بشكل فاعل في الانتقال إلى الحكم المدني في عام 2018 وتواصل عملها في الخطوط الأمامية في غرف الطوارئ والاستجابة، في المناطق التي لا يمكن للجهات الفاعلة الدولية الوصول إليها في معظم الأحيان.
وأكدت : "لا يمكن تبرير ضعف التنسيق الدولي الموحد لدعم عملية سياسية فاعلة، ويجب علينا اتخاذ إجراءات جماعية وحاسمة في هذا الصدد، حيث تتطلب هذه اللحظة الحاسمة قيادة وإرادة دولية قوية ومستدامة."
ومنذ تفجر الصراع، قدمت دولة الإمارات أكثر من 600 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للسودان والدول المجاورة، بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة، وذلك بشكل حيادي ودون تمييز وفقا للاحتياجات الإنسانية. وتؤكد دولة الإمارات التزامها الراسخ بدعم الشعب السوداني الشقيق والعمل مع الشركاء الدوليين لتخفيف المعاناة عنه، مع الدفع نحو السلام.