عبر التاريخ، تتجلى قوة المرأة المصرية في قصص ومواقف ملهمة. شامخة كأهرامات الجيزة، وراسخة في الأرض الطيبة، تنبض بالحياة والعطاء. تأتي مناسبة اليوم العالمي للمرأة ، والذي يوافق الثامن من مارس في كل عام ، لنقف في هذه المحطة تقديراً لتلك الشخصية الفريدة التي أثرت في مسار التاريخ والحضارة بصبرها وجلدها وإبداعها.

لطالما كانت المرأة المصرية مثالاً للقوة والصلابة، تحمل بين طيات كيانها قصصاً لا تعد ولا تحصى من الكفاح والنضال، تحكي عن عظمة روح ترفض الانكسار أمام تحديات الزمان. هي النيل الذي يروي عطش الأرض، والشمس التي تبدد ظلام الليل، هي مصدر إلهام لا ينضب ورمز للعطاء بلا حدود.

في العصور القديمة، كانت المرأة في مصر تعتلي العروش، تحكم وتوجه دفة الحياة السياسية والاجتماعية بحكمة ورؤية ثاقبة. وفي الأزمان الحديثة، لم تتوانَ عن اقتحام الميادين جميعها، تسلحت بالعلم والمعرفة، فكانت طبيبة ومهندسة وأديبة وفنانة، تُسهم في بناء مجتمعها وتطويره، مؤكدة على دورها الفعّال والأساسي في كل شرايين الحياة. وفي هذا اليوم، يتجدد العهد مع كل امرأة مصرية، تكريماً واعترافاً بدورها المحوري في تشكيل وعي الأجيال وبناء الأمم. إنها الأم والأخت والصديقة والرفيقة، القلب النابض بالحب واليد الحانية التي تمسح الدمع وتضمد الجراح.

يتجلى الفصل الجديد في سيرة المرأة المصرية بوضوح في النقلة النوعية التي شهدتها حياتها، نتيجة للترابط بين عناصر التعليم، الوعي الثقافي، والتطورات الاقتصادية. هذا التفاعل المثمر فتح أمامها آفاقاً رحبة، مهّدت الطريق لها لشغل مواقع قيادية ومؤثرة في المجتمع، سواء في العمل، العلم أو الفنون. هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا إرادة المرأة المصرية الفولاذية وجهودها المستميتة في تحدي الصور النمطية وتجاوز الحواجز التقليدية التي كبلت طموحها طويلاً.

لقد شهدت المرأة المصرية تغيرًا ملموسًا يعكس عمق تأثيرها ودورها المتزايد في مختلف جوانب الحياة. غدت هذه التحولات بمثابة شهادة حية على قدرة المرأة على التكيف والريادة في مواجهة التحديات، وإعادة تشكيل مفهوم القوة والمسؤولية في المجتمع.هذا التغيير الملموس في مكانة المرأة لا يعكس تحسن مستويات التعليم والمشاركة الاقتصادية فحسب، بل يدل أيضاً على تحول عميق في النظرة المجتمعية نحو دور المرأة كعنصر فاعل ومساهم في بناء النهضة الحضارية والتنموية للوطن. هذا الوعي الجديد، الذي تغذيه جهود النساء أنفسهن ومنظمات المجتمع المدني، خلق بيئة مواتية أكثر لتقدير المرأة وتمكينها.كما أسهمت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تسريع وتيرة هذا التحول، موفرةً منابر جديدة للتعبير عن الذات ومشاركة الخبرات، وباتت أداة مهمة في يد المرأة للمطالبة بحقوقها وتعزيز دورها الاجتماعي، حيث ألهمت النجاحات البارزة لنساء متميزات في مختلف الميادين ، الأجيال الصاعدة من الشابات، مشجعةً إياهن على ملاحقة أحلامهن بثقة وجرأة.

إن التطور الذي شهدته المرأة المصرية عبر العقود لا يقتصر على تغيير في الأدوار التقليدية أو المهن التي تشغلها؛ بل هو تحول جذري يعكس توسع الوعي المجتمعي بقدراتها وإمكاناتها. هذا التحول يرسم ملامح مستقبل يستند إلى المساواة والاحترام المتبادل، حيث تؤخذ المرأة بوصفها شريكاً أساسياً ومؤثراً في مسار التقدم والتنمية.

لقد كانت وستظل المرأة المصرية شريكة فاعلة في مسيرة التنمية والبناء، تشارك بكل ما أوتيت من قوة وحكمة في صياغة مستقبل أمتها. فمنذ أقدم العصور وهي تنقش اسمها بأحرف من نور على جدار الزمن، مؤكدةً على قدرتها الفريدة على العطاء والتجدد والمساهمة في رفعة وتقدم مجتمعها.

ان التحولات الكبيرة التي شهدتها المرأة المصرية عبر العصور لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج جهود جبارة وعزيمة لا تلين في سبيل تحقيق الذات وإثبات الوجود. وبفضل هذه الجهود، باتت المرأة اليوم علامة بارزة في سماء التنمية، تسهم بفعالية في الارتقاء بالمجتمع ودفع عجلة التقدم نحو آفاق أرحب. ومع الإقرار بالإنجازات المحققة، يبقى الطريق مفتوحًا أمام المزيد من التحديات التي تتطلب منا جميعًا - رجالاً ونساءً - العمل يدًا بيد لتحقيق المساواة الكاملة وتمكين المرأة من لعب دورها الكامل في المجتمع. إن دعم المرأة وتمكينها ليس فقط واجبا إجتماعيا، بل هو استثمار في مستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة.

إن المرأة المصرية، بكل ما تحمله من إرث عريق وقدرة على التجدد والإبداع، تستحق أن تكون في قلب هذا المستقبل، مواصلة رحلتها نحو التميز والتألق في كل الميادين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المرأة المصریة

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن التعدد في الفهم الفقهي نعمة مش نقمة، ومش مطلوب أبدًا إن الناس كلها تمشي على رأي فقهي واحد، لأن ربنا نفسه خلق الكون كله على التنوع والاختلاف، فكان من الطبيعي إن الفقه كمان يحتمل التعدد والاختلاف.

 وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الخميس: "فيه ناس مستغربة ليه الفقه مش واحد؟ ليه عندنا مالكي وشافعي وحنفي وحنبلي؟! أنا بسألهم: إذا كان الكون اللي ربنا خلقه كله متنوع، من الألوان، للطبيعة، للناس، يبقى إزاي عايزين الفقه يبقى رأي واحد؟!".

 وتابع: "ربنا بيقول في سورة آل عمران: «هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ»، يعني في آيات واضحة جدًا لا تحتمل إلا معنى واحد زي: «قل هو الله أحد»، دي آية محكمة، وفي آيات تانية ربنا خلاها تحتمل أكتر من تفسير، وده اسمه التشابه، وده اللي بيخلي الفقه واسع والآراء متعددة".

خالد الجندي: البعث في القرآن معناه ليس القيام من الموت فقطخالد الجندي: رسالة الرئيس للدعاة والأئمة تؤكد ضرورة بناء الإنسان المتوازن

 وأوضح الجندي أن المتشابهات في القرآن مش للتشويش، بل للتيسير والتوسعة، مضيفاً: "يعني مثلًا، كلمة (قروء) في القرآن معناها إيه؟ هل هي الحيض ولا الطُهر؟ الاتنين اتقالوا في الفقه، وكل مذهب ليه دليله، كلمة (لامستم) معناها إيه؟ المس ولا الجماع؟ برضه فيها خلاف، الخلاف ده مش تناقض، ده ثراء فقهي". 

وأفاد بأن الفتوى نوعان: "إما فتوى في أمر خاص، وفي الحالة دي لك أن تختار من بين الآراء الفقهية ما يناسبك من مذهب مالكي أو شافعي أو غيره، لأن فيه سعةـ لكن لو الفتوى في أمر عام يمس المجتمع كله، فلا يجوز لكل فرد يختار على مزاجه، لازم نرجع ونلتزم برأي المشيخة، لأن توحيد الكلمة أهم من تعدد الاجتهادات".

مقالات مشابهة

  • محافظ جدة يرعى بعد غدٍ انطلاق فعالية “امشِ 30” لتعزيز الوعي الصحي والمجتمعي
  • الرياضة بالقليوبية تحتفل باليوم العالمي للمرأة وأطفال التوحد
  • مفوضية الانتخابات تناقش التحديات التي واجهت ترشح المرأة بانتخابات البلديات
  • خالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع
  • نسيمة سهيم… نموذج المرأة المناضلة التي وضعت الإنسانية فوق كل اعتبار
  • معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
  • العرض العالمي الأول لفيلم ولا عزاء للسيدات بالمسابقة الرسمية لمهرجان أسوان الدولي
  • منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
  • حزب الوعي: الخطاب الديني الواعي خط دفاع لحماية المجتمع
  • هاني إبراهيم يؤكد على أهمية التفاعل المستمر مع كافة أطراف المجتمع لتحقيق الوعي الكامل