لجريدة عمان:
2025-01-27@05:24:41 GMT

لأجل ماذا؟

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

عامًا بعد عام، ويومًا بعد يوم؛ تتسع الدنيا أمام المرء وتضيق، فتارة يكون صافي الرؤية هادئ البال، وأخرى مشمئزا من الحياة ماجًّا إياها لما يمر به وعليه فيها. ولكن الحياة هي الحياة، فهي لا تتغير ولا تغير قوانينها وسننها لأي مخلوق كان، ولكن الإنسان وحده من يستطيع أن يغيّر نظرته للحياة وطريقة عيشه، بما يعتقده ويتبناه من عقائد ومبادئ في سبيل عبور بحرها بأقل الخسائر والأضرار الممكنة.

تتراقص أمام المرء الأفكار الكبيرة وهو يفكر في شيء شاسع وغير محدود كالحياة، وكل امرئ ينظر إليها من المنظار الذي انغمس فيه ووجدت روحه وذاته طمأنينتها واستقرارها فيه. فالتاجر يراها من منظور اقتصادي بحت، فيتعامل مع الناس على اعتبار أنهم فرص لنموه الاقتصادي التجاري، ووفقًا للمبادئ التي يتبناها سيكون تعامله معهم بما فيه من شدة ولين، وأمانة وتطفيف. والسياسي يراهم فرصة لاجتذابهم إلى حزبه، وتقوية نفسه بهم للحصول على كرسي برلماني أو دور قيادي؛ وهكذا دواليك. ولأن المرء الذي يتخذ سبيله (اقتصادي، سياسي، ثقافي..إلخ)، يتأثر بمن حوله بالضرورة؛ فإنه سيصل لا محالة للمفترقات التي تحدد جدوله في نهر الحياة الكبير. فليس جميع التجار أمناء، وليس كل السياسيين كذبة، وليس كل المثقفين أصحاب رسالة ومبدأ. لذلك سيصل المرء لمفترق الطريق التي تلزمه باختيار سبيله هو، لا سبيل غيره ؛ ولكن الإنسان بطبعه يتأثر ويؤثر بمن حوله، فما العمل إذن؟.

إن سؤال المرء نفسه ومحاسبته لذاته مبدأ ديني وإنساني عظيم في آن، فأن تتذكر إلى أين أنت ذاهب، وأين هو طريقك، ولأجل من، ولأجل ماذا تعيش؟ كلها أسئلة تحدد محطاتك في الطريق للوصول إلى وجهتك النهائية. والمحطة النهائية لا يلزم أن تكون شيئا يراه الجميع ويشهدون عليه ويصفقون له؛ بل قد تكون التخلص من عادة سيئة أو اكتساب عادة حسنة، تجعلك مطمئنا في حياتك مدركا لما تريد وترجو أن تكون أقل ثقلا من قيود المحيطين وما ينتظرونه منك. إن الصوابية -أي فعل الصواب في كل حين- تجعل المرء يقترب من الخير الإنساني أكثر فأكثر، ولكنه لن يقوى على الاستمرار في طريق الصوابية دون معاونة رفاق له يتبنون الطريق والمسلك ذاته؛ فالصوابية في الحياة تعني أن تتخلى عن أمور يقدسها الكثيرون، والتخلي عن المعتقدات المطاطية «الحق في الرد، الحق في العقاب، الحق في الكراهية» واستعمالاتها التي تشبه «بطاقة السماح بفعل ما تريد» لا بفعل «ما هو صواب» تجعل من الصوابية مبدأ عظيما. فأن تكون مسؤولا عن مؤسسة ما أو أن تكون مهمة ما موكلة إليك، وتتعلق هذه المهمة بالاختيار أو الشراء من الأفضل؛ فحينها يتجلى مفهوم الصوابية واقعا، فهل ستختار الأفضل؟ أم ستختار ما تحب وما تميل إليه؟ وهل ستشتري الأفضل جودة وسعرا؟ أم ستشتري من التاجر الذي تحب بغض النظر عن أسعاره وجودة ما يقدمه؟.

الإنسان يتأثر بطبعه بمن حوله، وبقدر ما فيه من قدرة على الصدق مع نفسه ومع الآخرين؛ تكون اختياراته ومنطلقاته في الحياة. فأن تدرك أن تشق طريقًا خاطئًا وتعترف بذلك وتغير مسارك، لهو من أصعب الأمور على الإطلاق. ولنضرب الثقافة مثالا على ذلك. درج كثير من الأدباء على اعتبار كتب بعينها هي مدار الثقافة ومنتهاها، وبما أن المحيط الثقافي مغلق في دائرة معينة كغيره؛ نجد أن من يختار قراءة كتب مختلفة عن تلك التي اختارتها جماعة المثقفين، نجده منبوذا يلحقه اللمز أينما ذهب وارتحل، فيقال إن فلانا شب عن الطوق. ولكن المثقف الحقيقي لو وقف مع نفسه وقفة صادقة، وتساءل «لأجل ماذا؟»، «لأجل من؟» أختار ما أختار وأفعل ما أفعل، لتخلص من رسن التقليد ولأصبح حرًا أمام نفسه أولًا وأمام الآخرين. إن الصوابية تعني أن نفعل الصواب حتى وإن لم نقتنع به أو لم يشعرنا بالراحة، أن تقول عن عدوك إنه محسن في الشأن الفلاني، وعن صديقك إنه مخطئ في الموقف الفلاني، ومتى كان الصواب مقياسًا لتعاملنا مع أنفسنا والآخرين؛ كنا أصدق وأقل ندما ونحن ننظر إلى الكيفية التي تعاملنا بها وإلى الحياة التي عشنا..

علاء الدين الدغيشي كاتب وشاعر عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن تکون

إقرأ أيضاً:

مرموش يسجل ولكن.. مانشستر سيتي يتعادل مع تشيلسي بالشوط الأول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تعادل فريق مانشستر سيتي، الذي يضم بين صفوفه النجم المصري عمر مرموش، مع ضيفه تشيلسي بهدف لمثله في الشوط الأول من المباراة، المقامة بينهما حاليًا على ملعب الاتحاد، في قمة الثالثة والعشرين من بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز.

تواجد عمر مرموش أساسيًا في تشكيل مانشستر سيتي أمام تشيلسي، في أول مباراة له مع السيتي، بعد التعاقد معه خلال فترة الانتقالات الشتوية الجارية، قادمًا من آينتراخت فرانكفورت الألماني لمدة 4 سنوات ونصف.

مشاركة عمر مرموش في مباراة مانشستر سيتي ضد تشيلسي

وكاد مرموش أن يقص شريط أهدافه مع مانشستر سيتي مبكرًا، وفي اللمسة الأولى للكرة في التسديدة له في الدوري الإنجليزي، حينما استلم تمريرة من زميله ماتيوس نونيز، لينفرد بحارس تشيلسي ويسدد بقوة، تصدى لها الحارس روبرت شانشيز، قبل أن يحتسب حكم اللقاء تسللًا على مرموش.

ورد نوني مادويكي بهدف التقدم لصالح تشيلسي في الدقيقة الثالثة، بعد خطأ مدافع السيتي عبد القادر خوسانوف أحد تدعيمات مان سيتي في الميركاتو الشتوي الحالي.

ومنع القائم الأيسر لحارس تشيلسي هدف التعادل لرفاق مرموش في الدقيقة العاشرة، وذلك بتسديدة صاروخية من فيل فودين.

وسجل مرموش هدفًا في الدقيقة 34، بعد متابعته كرة ارتدت من روبرت سانشيز، لكن حكم اللقاء ألغاه بداعي التسلل.

ونجح الكرواتي جوشكو جفارديول في تسجيل هدف التعادل لزملاء عمر مرموش في الدقيقة 42، لينتهي الشوط الأول بالتعادل 1-1.

يحتل مانشستر سيتي المركز  الخامس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 38 نقطة، بينما يأتي تشيلسي في المرتبة الرابعة وفي رصيده 40 نقطة.

مقالات مشابهة

  • فلسفة الحياة
  • تحذيرٌ إسرائيلي جديد لسكان جنوب لبنان.. ماذا أعلن أدرعي؟
  • اليوم.. المركزي المصري يطرح أذون خزانة بقيمة 55 مليار جنيه
  • سوسن بدر: من حق الراجل يتجوز للمرة الثانية ولكن بشروط
  • مرموش يسجل ولكن.. مانشستر سيتي يتعادل مع تشيلسي بالشوط الأول
  • النجباء: المجاميع التي استولت على الحكم في سوريا لها تاريخ سيء مع العراق
  • اكتشاف قمتين أعلى من إيفرست.. ولكن تحت الأرض
  • إبراهيم العنقري: قراءة الأرقام يجب أن تكون بالمشاهدة
  • خطيب المسجد النبوي: لا يتم إيمان المرء ما لم يأمن جاره من إيذائه
  • لاعب للمستقبل .. أول قرار لـ جوارديولا لأجل عمر مرموش