أكد المهندس خالد بن حمدان البلوشي مدير دائرة تطبيقات النظم بالمديرية العامة لتقنية المعلومات بوزارة الصحة على الدور المهم لتقنية الذكاء الاصطناعي في خدمة القطاع الصحي وتحسين جودة الرعاية الصحية ورفع كفاءة الخدمات وتقليل التكلفة وتحسين العمليات الإدارية في المستشفيات والمرافق الصحية عبر تقليل الجهد المبذول من الكوادر الصحية والإدارية خاصة مع ندرة بعض التخصصات الطبية الدقيقة وتوفر فئة الاستشاريين.

وأضاف البلوشي في حوار مع "عمان": إن وزارة الصحة قد عملت على تطبيق تقنية الذكاء الاصطناعي في خمس مؤسسات صحية وهي المستشفى السلطاني ومستشفيات خولة والبريمي وإبراء ، بالإضافة إلى مستشفى السلطان قابوس بصلالة كمرحلة تجريبية امتدت لمدة سنة لقياس فاعلية النظام، مشيرا إلى أن التقنية قد سخرت في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وأثمرت في الكشف عن حالات في مراحل مبكرة تم التعامل معها وفق البروتوكول المتبع وسرعة تقديم العلاج، كما سجلت مؤشرات للحالة الصحية ما بين الاشتباه واحتمالية الإصابة نسبة دقة وصلت 96%، مؤكدا دورها في تحقيق الجودة والدقة في البيانات والسرعة في الكشف عن الحالات المشتبهة واستيعاب عدد أكبر من المرضى في التخصصات النادرة، إضافة إلى تطبيق برنامج تفاعل الأدوية، الذي يساعد الأطباء في معرفة حالة وصف الأدوية وتفاعلها مع بعضها البعض.

التعامل بحذر

أما عن وجود مخاوف ودعوات لتوخي الحذر بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة، فقد أكد البلوشي أنه يجب النظر أولًا إلى أن التقنيات الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، هي تقنيات مساعدة بشكل كبير في مختلف المجالات، ولا سيما في مجال الصحة، إذ تلعب هذه التقنيات دورًا كبيرًا في تقديم وتحسين الخدمات الصحية بشكل فعال، فعلى سبيل المثال، هناك العديد من الأنظمة المساعدة في "أخذ القرارات الطبية" التي تساعد الطبيب في أخذ القرارات الإكلينيكية، وكذلك يُستخدم الروبوت في إجراء بعض العمليات الجراحية مما يساعد في دقة الجراحة وسرعة الشفاء وتفادي الأخطاء، خاصة في تلك العمليات الدقيقة، ولضمان استخدام مثل تلك التقنيات، تحرص الوزارة على تطبيقها، ولا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي، والتأكد من فاعليتها من خلال الاعتراف بها من قبل المنظمات المتعارف عليها عالميًا، والتأكد من سلامتها من خلال إثبات التجربة مع يجب التدرب عليها بشكل كافٍ وعدم الاعتماد عليها بشكل نهائي، مشيرا إلى إمكانية توظيف تلك التقنيات في عملية التسريع في استيعاب عدد أكبر من الحالات في فترة زمنية قصيرة، ومعرفة الحالات المشتبهة والتعامل معها في المراحل الأولى من المرض وتفادي تفاقمها، وتحليل الصور الطبية مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي، لتحديد الأمراض بدقة عالية، والتنبؤ بالأمراض قبل حدوثها من خلال تحليل البيانات مما يسمح باتخاذ خطوات وقائية، إضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكّن من تطوير خطط علاجية مخصصة لكل مريض بناءً على خصائصه الفردية، ويبقى الطبيب والكادر الطبي هو متخذ القرار، ولا شك أن أحد العوامل المساعدة في تجنب مخاطر التقنية هو العمل على تنظيم وحوكمة استخدام التقنيات الصحية، بما فيها الذكاء الاصطناعي، وهذا ما تسعى إليه الوزارة من أجل تقليل التهديدات وإدارة المخاطر.

مستقبل تقني

وحول الخطط المستقبلية لاستخدام التقنية، أفاد مدير دائرة تطبيقات النظم: تعد وزارة الصحة من الوزارات التي قطعت شوطًا كبيرًا في عملية التحول الرقمي، حيث بدأت بتطوير نظام الشفاء في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، واستمرت في تطوير الأنظمة تباعًا، واليوم لديها أكثر من ثلاثين نظامًا مستخدمًا ومطبقًا إضافة إلى بعض الأنظمة التي تُستخدم من قبل المؤسسات الأخرى في القطاع الحكومي والخاص.

وتسعى الوزارة حاليًا إلى تطبيق تقنية الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن حالات اعتلال شبكية العين لمرضى السكري في 25 مؤسسة صحية، من خلال أخذ صور لشبكية العين بكاميرات خاصة تقوم بتحليلها عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالحالات المشتبه بها، كما تساعد هذه التقنية في تقليل مواعيد انتظار المرضى وسرعة الكشف عن الحالات المشتبه بها وتفادي تفاقمها، مما يُقلل من التكاليف.

وأضاف: إن "استراتيجية الصحة الرقمية" تعد أحد المشروعات المستقبلية التي تهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية للمجتمع من خلال تطبيق التقنيات الذكية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي على المستوى الوطني في جميع القطاعات الحكومية والخاصة وتأسيس منظومة متكاملة تربط الأنظمة الصحية وتسهل مشاركة البيانات من مختلف القطاعات، مشيرا إلى سعي الوزارة لتنفيذ مشروع مركزية الأشعة الرقمية (VNA) لتخزين وتبادل صور الأشعة بين المؤسسات الصحية ومن خلال هذا المشروع، يمكن تقليل الحاجة إلى إعادة تكرار الأشعة، حيث يمكن الاطلاع عليها من المؤسسات الصحية الأخرى وفقًا لمسارات عمل مُتبعة ومنظمة، كما يُمكن الاستفادة من تشخيص صور الأشعة الرقمية عن بعد، مما يسمح للاستشاريين بإجراء التشخيص في مؤسسات صحية أخرى وهم في مؤسساتهم.

ومن ضمن مشروعات التحول الرقمي التي تعمل عليها الوزارة حاليا إعادة تطوير البوابة الصحية بحيث تشمل خدمات صحية جديدة لقطاع الأفراد والأعمال.

نظام شفاء

وحول البرامج الذكية المستخدمة في وزارة الصحة أوضح أن الوزارة تُمتلك عدة أنظمة طورت داخليًا، بدءًا من نظام "الشفاء" لإدارة البيانات الصحية (HIMS) الذي يُحتفظ فيه بمعلومات المرضى، بما في ذلك التشخيصات، والأدوية، والفحوصات المختبرية، وصور الأشعة، والمواعيد، والتحويلات الإلكترونية، والعمليات الجراحية، وإدارة المخزون الطبي ، ويُعد نظام "الشفاء" مجموعة من البرامج والأنظمة والعمليات التي تُستخدم لجمع وتخزين وإدارة المعلومات الصحية، وتُستخدم هذه المعلومات لتوفير الرعاية الصحية للمرضى، وتحسين كفاءة النظام الصحي، ودعم الأبحاث والسياسة الصحية.

وقد طُبّق النظام في أكثر من 260 مؤسسة صحية على مستوى وزارة الصحة وبعض المؤسسات الحكومية الأخرى، بالإضافة إلى عيادة تنمية نفط عمان، مشيرا إلى أنكل مؤسسة لها قاعدة بيانات مستقلة، ورُبطت جميع المؤسسات الصحية مركزيًا بحيث تتدفق البيانات في قاعدة بيانات مركزية تُسمى "نظام نهر الشفاء" وهو نظام ملف المريض الموحد، حيث تُربط كافة الملفات الصحية للمريض عن طريق الرقم المدني، ويساعد النظام في معرفة تاريخ المرض، وكافة التحاليل المخبرية التي أجريت له، والأدوية المصروفة في مختلف المؤسسات الصحية، إضافة إلى قيام النظام بعمل إشعارات تنبيه في حالة تكرار الوصفات العلاجية والفحوصات المخبرية وما شابه ذلك، مما يساعد بشكل كبير في تقليل نسبة الخطأ والتقليل من إجراء الفحوصات غير اللازمة، سواء في صرف الأدوية أو الفحوصات أو الأشعة المخبرية، والحد من الإنفاق. وكذلك أُنشأ نظام "نبض الشفاء" الذي يعرض البيانات في لوحات إحصائية تساعد أصحاب القرار في رفع مستوى الخدمات الصحية عن طريق بناء استراتيجية صحية بعيدة المدى، مما يساعد في عملية الإنذار أو التنبؤ المبكر.

وتابع في حديثه: قامت المديرية العامة لتقنية المعلومات بتطوير تطبيق الهواتف الذكية "شفاء"، وهو تطبيق إلكتروني خاص بقطاع الأفراد، يُحفظ فيه جميع المعلومات الطبية، ويُشكل منصة لتبادل المعلومات الطبية بين المريض والطبيب المعالج يهدف إلى توفير سجل شخصي صحي لكل مواطن ومقيم، مما يسمح له بالحصول على البيانات الطبية المسجلة في المؤسسات الصحية، كما يستطيع المرضى من خلال التطبيق الاطلاع على ملفاتهم الصحية، ومعرفة نتائج الفحوصات المخبرية والأدوية المصروفة لهم، ويقدم العديد من الخدمات الأخرى، مثل حجز المواعيد في بعض مؤسسات الرعاية الأولية، وخدمة التبرع بالأعضاء مما يسهل عملية التبرع من خلال توفير معلومات وخطوات واضحة، والاطلاع على ملفات الأبناء القصر، ومتابعة ملفات المرضى من قبل الأطباء الذين يشرفون على علاجهم.

تطوير الأنظمة

وحول دور الوزارة في تقديم رعاية صحية متكاملة من خلال تطوير أنظمة إلكترونية، ذكر المهندس خالد البلوشي: أن الوزارة تؤدي دورًا محوريًا في تقديم رعاية صحية متكاملة من خلال تطوير أنظمة إلكترونية حديثة تُسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، ومن هذه الأنظمة نظام التحويلات الإلكترونية، حيث يُسهل هذا النظام عملية تحويل المرضى بين المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة، مما يُوفر الوقت والجهد على المرضى ويُقلل من ازدحام المستشفيات. ونظام "أجيال" للإبلاغ عن المواليد والوفيات يُساعد في رصد وتسجيل جميع حالات المواليد والوفيات في الدولة، مما يُسهم في تحسين جودة البيانات الصحية وتوفير معلومات دقيقة للباحثين وصانعي القرار، ونظام "ترصد" للإبلاغ عن الأمراض المعدية المختص برصد وتتبع انتشار الأمراض المعدية، مما يُمكن من اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع انتشارها، وهناك نظام "أمان" للإبلاغ وإدارة حوادث سلامة المرضى داخل مؤسسات الرعاية الصحية، يهدف إلى تحسين نتائج سلامة المرضى بشكل استباقي وتعزيز جودة الرعاية المقدمة بشكل مستمر من خلال إرساء ثقافة الإبلاغ والتعلم. بالإضافة إلى نظام بنك الدم الذي يُساعد في إدارة مخزون الدم وتوزيعه على المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة، مما يُسهم في ضمان توفر الدم لجميع المرضى المحتاجين.

كما تبذل جهود أخرى في مجال التحول الإلكتروني حيث قامت بالربط مع العديد من المؤسسات الأخرى، مثل نظام الأحوال المدنية، ونظام وزارة التنمية الاجتماعية، ونظام الحج التابع لوزارة الأوقاف والشئون الدينية، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وزيادة كفاءة العمل، وتُعد أنظمة وزارة الصحة الإلكترونية خطوة مهمة نحو تقديم رعاية صحية متكاملة للمواطنين، وتسعى الوزارة إلى تطوير المزيد من هذه الأنظمة وتحسينها بشكل مستمر، وذلك لضمان تقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی المؤسسات الصحیة الرعایة الصحیة الخدمات الصحیة وزارة الصحة تحسین جودة إضافة إلى مشیرا إلى الصحیة ا من خلال فی مجال نظام ا إلى أن بما فی الذی ی التی ت

إقرأ أيضاً:

«أبو العينين» يحذر من تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي .. فيديو

تحدث النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، عن أهمية الذكاء الاصطناعي وما أحدثته التكنولوجيا من تطور كبير، محذرًا من التحديات الكبرى التي تواجه استخداماته، والتي تتطلب تضافر الجهود العربية لوضع استراتيجية تضمن الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات.

بحضور النائب محمد أبو العينين| الحكومة تبحث مع التحالف الوطنى ملفات العمل التنمويواجب حيوي وخطير .. أبو العينين يطالب بخطوات استباقية لمواكبة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي

قال وكيل مجلس النواب، خلال أعمال دائرة الحوار العربي للذكاء الاصطناعي، التي نظمتها جامعة الدول العربية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي في العالم العربي وبثها الإعلامي أحمد موسى، مقدم برنامج «على مسئوليتي»، المذاع على قناة «صدى البلد»، أن تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية »، برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وبحضور الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومحمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، والدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري والدكتور عبد المجيد بن عبد الله، رئيس جامعة نايف للعلوم الأمنية.

وتابع أبو العينين: « ما شاهدناه خلال الفترة الأخيرة من استخدامات خطيرة للذكاء الاصطناعي في مجالات التسليح وعمليات الاغتيال عن بُعد، والتي تابعناها في منطقتنا، يحتم علينا التحرك العاجل لوضع رؤية واضحة لمستقبل الذكاء الاصطناعي»، معتبرًا أن ذلك «واجب حيوي وخطير» يستلزم الإسراع في اتخاذ خطوات استباقية لمواكبة التطور، ووضع ضوابط لاستخداماته.

وطالب وكيل مجلس النواب خلال مائدة الحوار العربية بضرورة وضع استراتيجية عربية متكاملة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، تشمل سياسات وتشريعات وممارسات واقعية، مشددًا على أهمية البدء بمناقشة التحديات التي تعيق تحقيق هذه الاستراتيجية، لضمان تحقيق أقصى استفادة منها لخدمة المنطقة العربية.

كما شدد على ضرورة أن تستفيد الدول العربية من دروس الثورات الصناعية السابقة، والتي لم تتمكن خلالها من امتلاك مفاتيح التكنولوجيا، بل اكتفت باستيرادها حتى اليوم. وأكد أنه "آن الأوان لأن تستثمر الدول العربية في قدراتها العقلية والعلمية لتحقيق نهضة تكنولوجية وصناعية وفكرية كبرى".

أشار “أبو العينين” إلى أن الشباب العربي أصبح أكثر وعيًا بأهمية استثمار قدراته في المجالات التكنولوجية، ويسعى لاستكشاف آفاق جديدة نحو المستقبل، مما يستدعي وضع استراتيجية واضحة لبناء مستقبل هذه الصناعة التكنولوجية الحيوية.

وجدد التأكيد على أهمية وضع خارطة طريق لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الدول العربية، في ظل ما تمتلكه المنطقة من إمكانيات قادرة على تطوير تطبيقات وتكنولوجيا تعبر عن احتياجاتها، خاصة مع تصاعد المخاطر المرتبطة بالأسلحة التكنولوجية.

مقالات مشابهة

  • حسام زكي: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تسوية النزاعات
  • «أبو العينين» يحذر من تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي .. فيديو
  • متحدث “الوزراء”: مؤسسات المجتمع المدني تلعب دورا كبيرا في ملف الصحة
  • اتفاقية بين "عمان داتا بارك" و"تواصل" لتوفير حلول الأمن السيبراني المعززة بالذكاء الاصطناعي
  • ديالى تستعين بالذكاء الاصطناعي لـتعزيز الأمن
  • كيف يُساعد الذكاء الاصطناعي في حماية الحياة البرية؟
  • ميزة الاستدلال في «ديب سييك» تعزز ثقة المستخدمين بالذكاء الاصطناعي .. تقرير
  • استشراف مستقبل مؤسسات التعليم العالي في عصر الذكاء الاصطناعي
  • «الصحة»: سيتم تفعيل نظام الإحالة بين المستشفيات والوحدات الإنجابية
  • جوجل تضيف ميزة مذهلة بالذكاء الاصطناعي لتطبيق الصور.. ما الجديد؟