أبو الغيط لـ الاحتلال الإسرائيلي: ستسكت المدافع في يومٍ قريب والغضب الذي زرعتموه في الصدور لن يزول
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية: إن يوم الخميس الماضي لا يجب أن يُمحى من ذاكرتنا، ومن ذاكرة العالم، وسيظل هذا اليوم حاضرًا في ذاكرة الإنسانية حيث استشهد فيه ما يقرب من 120 فلسطينيا وجُرح ما يقرب من 700 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهم يبحثون عن غذاء يسد جوعهم ويبقيهم على قيد الحياة.
وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية، في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (161) المنعقدة اليوم بالقاهرة، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ في شمال غزة بالقتل والتدمير إلى حد محو المدن وإلغاء مقومات الحياة لسنوات قادمة، وإنما صوب نيرانه نحو البطون الخاوية، لتبقى هذه المذبحة شاهدًا على حالة عجزٍ عالمي غير مسبوقة أمام حالة بلطجة ووحشية غير مسبوقة أيضًا.
وأشار أبو الغيط، إلى أنه لا يُمكن وصف ما يجري في قطاع غزة سوى أنه عارٌ على البشرية جميعًا أن تقف مكتوفة الأيدي بينما الفلسطينيون يُقتلون جوعًا أو قصفًا أو قنصًا.
وتابع: لقد حاول الاحتلال إقناع العالم بأنه يدير حربًا على حماس، وفق خطة لاجتثاثها، ولكن الحقيقة تكشفت بما لا يحتاج إلى بيان، هذه حرب إبادة كاملة ضد شعب بأسره، أدواتها الرصاص والقنابل والتجويع، وما يجري في غزة منذ أسابيع وشهور هو تجويع متعمد لسكانها وفق خطة لإشاعة الفوضى الكاملة في القطاع وضرب كافة مظاهر النظام المدني فيه، وقتل أكبر عدد من الناس، والسعي إلى تهجير من يُمكن تهجيرهم إلى خارج القطاع.
وتساءل أبو الغيط، قائلًا: ماذا ينتظر العالم بعد أن وضحت معالم الخطة على هذا النحو الفاضح والمخزي؟ أوجه هذا السؤال بالتحديد لتلك الدول التي ترى ذاتها من زاوية التفوق الأخلاقي، وتتحدث باسم القانون الدولي والنظام العالمي القائم على القواعد.هل يكفي أن تُلقى المساعدات على غزة من الجو حتى تشعر القوة الكبرى في عالم اليوم براحة الضمير؟ كيف يستقيم هذا بينما هذه القوة ذاتها تُسلح الاحتلال حتى الأسنان، وتعوضه بالذخيرة والعتاد؟ كيف يستقيم هذا بينما هذه القوة ذاتها هي من في يدها إيقاف الحرب بممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال وقادته؟
الحقيقة الساطعة أن الاحتلال يستخدم التجويع، ومنع المساعدات وتعطيلها والمماطلة في إدخالها، كاستراتيجية لتركيع المجتمع الفلسطيني في غزة، وبالأمس فقط مُنعت قافلة برنامج الغذاء العالمي، المكونة من 14 شاحنة، من الدخول إلى شمال غزة، بل ويسعى الاحتلال لإحكام الخناق من خلال استهداف الوكالة الأساسية التي تعمل في غزة وأربع مناطق أخرى يتواجد بها اللاجئون الفلسطينيون، أقصد الأونروا التي نشأت بقرار أممي في 1949 ويسعى الاحتلال الإسرائيلي اليوم لتفكيكها بادعاء أن 12 موظفاً، من أصل 30 ألف موظف يعملون بها، ضالعون في هجمات السابع من أكتوبر، أي منطق هذا؟ إن الأمر يُشبه إغلاق مستشفى كاملة لأن أحد أطبائها تورط في مخالفة للقانون.
وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية: «للأسف رأينا 16 دولة، من بينها دول تعد من المتبرعين الأساسيين للأونروا، تتماشى مع هذا المنطق المعوج، وتقبل بهذه الحجج العرجاء التي لا غاية لها سوى تصفية قضية اللاجئين، واليوم، فإن العمل الإنساني كله مهددٌ في القطاع بسبب تقويض دور الأونروا التي تُمثل المفصل الأهم في عمليات الاستجابة الإنسانية في غزة.. إننا نطلب من تلك الدول التي علقت مساهماتها المالية للأونروا مراجعة هذا القرار من زاوية إنسانية وأخلاقية فمسئولية غوث اللاجئين الفلسطينيين تبقى مسئولية دولية في الأساس، وليس معقولاً أن يصدر الحكم قبل التحقيق، ولا يُعقل أن يُعاقب أكثر من 2 مليون فلسطيني بشكل جماعي على أساس من اتهامات مرسلة، دوافعها معروفة وغاياتها مكشوفة».
وتابع: «إن الحقائق معروفة لنا جميعاً، وهي حقائق مخجلة لكل ضمير إنساني، أكثر 25 ألف طفل وامرأة ارتقوا شهداءً بعد 150 يوماً من القتل بدم بارد، احتاج البعض لخمسة شهور كاملة، وأكثر من 30 ألف شهيد، لكي ينطق كلمة الوقف الفوري لإطلاق النار، بل لا زال هناك من ينطق الكلمة من طرف اللسان، بينما المواقف الفعلية لا تنطوي على ضغوط حقيقية على الطرف المعتدي.. أقول بعبارةٍ واضحة لكل الراغبين في تخفيض التصعيد في المنطقة ولمن يعون خطورة الانزلاق إلى مواجهة إقليمية كبرى لن تكون في مصلحة أي طرف، أقول لهم إن ثمة وسيلة وحيدة لإطفاء النيران المشتعلة هنا وهناك، أوقفوا هذه الحرب المحرمة، ضعوا حداً لآلة القتل الإسرائيلية، احفظوا ما تبقى من هيبة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، إن كان لهذه المفاهيم معنى أو قيمة بعد هذه المجازر المتواصلة».
وأوضح أبو الغيط: «أقول لدولة الاحتلال وقادتها، إن كل يوم تمارسون فيه الإجرام في غزة يبعدكم سنواتٍ عن التعايش والسلام في هذه المنطقة.. أقول لهم: ستسكت المدافع في يومٍ قريب، ولكن الغضب الذي زرعتموه في الصدور لن يزول، وبذور الكراهية التي نشرتموها في الأرض لن تُنبت سوى الرفض والكراهية في المستقبل.. أقول لهم: أوهامكم لن تتحقق مهما أمعنتم في القتل، فالفلسطينيون باقون على أرضهم، والتهجير القسري مرفوض مرفوض مرفوض فلسطينياً، وعربياً، وعالمياً».
وقال: إننا على أعتاب شهر رمضان الكريم، وهو شهر رحمة وسلام، أحيي كل الجهود التي تبذلها دول هذا المجلس، وغيرها، من أجل تحدي حملة التجويع والتصدي لسلاح المجاعة الذي تشهره إسرائيل في وجه الفلسطينيين، وأدعو لاستمرار هذه الجهود من كافة الدول في العالم لإدخال المساعدات الأساسية، المنقذة للحياة، إلى قطاع غزة، بأي طريق كان، مع تأكيدنا على مسئولية دولة الاحتلال، التي تتحكم في معابر القطاع، عن إيصال هذه المساعدات إلى الناس».
وأقول إن إدخال المساعدات، وفق آلية مستدامة وسريعة وناجزة، سيسهم في إنقاذ الأرواح ولكنه لن يُنهي المأساة التاريخية التي يشهدها قطاع غزة، إن الحل الوحيد اليوم، وقبل الحديث عما سيكون عليه مستقبل القطاع، هو تحقيق وقف فوري مستدام لإطلاق النار، تلك هي نقطة البداية التي يُمكن البناء عليها والانطلاق منها لمعالجة الوضع الكارثي في غزة، ومن ثم استعادة القدرة على العمل السياسي لتنفيذ رؤية حل الدولتين.
اقرأ أيضاًأبو الغيط يشارك في الاجتماع الأول لمجموعة العمل الوزارية العربية المعنية بدعم الصومال
أبو الغيط: الجامعة العربية ترفض مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی أبو الغیط التی ت فی غزة
إقرأ أيضاً:
مستشار الرئيس الفلسطيني: المسجد الأقصى سيظل حاملًا لآمالنا وسنصلِّي فيه بأمان قريبًا
ألقى الدكتور محمود صدقي الهباش، قاضي قضاة فلسطين مستشار الرئيس الفلسطيني، في افتتاح أعمال الندوة الدولية الأولى التي نظَّمتها دار الإفتاء المصرية، كلمةً بارزة عبَّر فيها عن تقديره لجهود دار الإفتاء في جمع العلماء والمفكرين لمناقشة قضايا الأمة الإسلامية، معربًا عن شُكره العميق لفضيلة الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية، على تنظيم هذه الفعالية التي تفتح الأُفق للتشاور حول ما يُصلح حال الأمة.
كما وجَّه تحياته للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشيدًا برعايته لهذه الندوة التي تساهم في تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية ودعم القضايا المصيرية للأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
مستشار الرئيس الفلسطيني:دعم مصر لفلسطين وحمايتها من التهجير والعدوان هو مصدر قوة وصمود لناونقل معالي الدكتور الهبَّاش في كلمته شكرَ الشعب الفلسطيني وقيادته لمصر، لما تقدِّمه من دعمٍ مستمر وثابت للقضية الفلسطينية، سواء من خلال مواقفها السياسية الثابتة أو من خلال دعمها الشعبي والعلمي، مؤكدًا أن مصر تمثل صمام الأمان لفلسطين ولقدسها ومقدساتها. وقال: "إن دعم مصر لفلسطين وحمايتها من التهجير والعدوان، هو مصدر قوة وصمود لنا في وجه المحاولات المستمرة لتدمير ما تبقى من هويتنا الوطنية والدينية."
وواصل الهباش حديثه عن التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، مستعرضًا وضع المنطقة العربية التي تشهد صراعاتٍ مستمرةً، والتهديدات التي تواجه الشعب الفلسطيني.
وذكَّر الحضورَ بحديثين نبويين شريفين يقدمان وصفًا دقيقًا لواقع الأمة الإسلامية؛ الأول، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، مبيِّنًا التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في ظل الانقسامات والتدخلات الأجنبية في شؤونها.
أما الحديث الثاني فكان عن فقدان العلم، حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا، ولكن يقبضه بقبض العلماء." مستعرضًا بذلك أهمية دَور العلماء في حفظ القيم والثوابت الإسلامية في وجه محاولات تحريف الوعي.
وأشار الهباش إلى أن الشعب الفلسطيني يتعرض لمحاولات مستمرة لانتزاع هويته وحقوقه من خلال الاحتلال الصهيوني الذي يسعى إلى محو الوعي الفلسطيني وإجبار الشعب على الاستسلام.
وقال: "إن الاحتلال يسعى من خلال قتل الأطفال، وتدمير المساجد والمستشفيات، وتخريب المنشآت، إلى زرع الإحباط في نفوس الفلسطينيين ودفعهم إلى الاستسلام. لكنهم، رغم كل ما يمارس عليهم من ظلم، لن ينكسروا ولن يتخلوا عن أرضهم."
وأكد الهباش أن الشعب الفلسطيني، كما هو الحال مع الأجيال السابقة، سيظل متمسكًا بأرضه ولن يغادرها، وأنه سيظل يدافع عن المقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى، قائلًا: "كما بقي التين والزيتون في أرضنا، سيظل المسجد الأقصى حاملًا لآمالنا، وسننتصر في النهاية، إن شاء الله."
وفيما يتعلق بالتهديدات التي يواجهها الشعب الفلسطيني من جانب الكيان الصهيوني، أشار الهباش إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي قال فيها إن "إسرائيل" يجب أن تبقى قائمة لـ 100 عام، مضيفًا: "لكن هذا الأمل الذي يراوده بعيد المنال، لأن وعد الله في سورة الإسراء حاسم وواضح: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: 108]، وكل ما يفعله الاحتلال لن يغير من هذه الحقيقة".
وأكمل الهباش متحدثًا عن التحدي الثاني الذي يواجهه الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، وهو التحدي الداخلي المتعلق بالوعي، حيث أشار إلى محاولات الاحتلال الصهيوني لتغيير وعي الأجيال الفلسطينية، وزرع أفكار تدفع إلى الاستسلام وإضعاف الهوية الوطنية. وأوضح أن هناك جهودًا مكثفة من قِبل بعض القوى الخارجية لاستغلال الفكر الإسلامي وتحريفه لصالح مصالح الاحتلال، من خلال حملات إعلامية وفكرية تسعى إلى غزو العقول وتضليل الشباب العربي والفلسطيني، وخلق حالة من الإحباط والتنازل عن الحقوق. وقال: "إن محاولات تغيير الوعي الفلسطيني تندرج ضمن مخطط استعماري طويل الأمد يهدف إلى تدمير فكرة المقاومة والتمسك بالأرض."
وأكد الهباش أنَّ هذه المحاولات يجب أن تواجَه بتعزيز الوعي الديني والسياسي، وتربية الأجيال القادمة على فهم تاريخهم ومقدساتهم، وعلى أن فلسطين ستظل قلب العالم العربي والإسلامي، وأن الطريق الوحيد هو المقاومة والصمود في وجه كل محاولات الاحتلال وأعوانه.
وفي ختام كلمته، أكد الهباش أن الشعب الفلسطيني ماضٍ في نضاله ولن ينهزم، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني لا يترقب إلا وعد الله بالنصر، مؤكدًا: "نحن ماضون في دربنا، ولن ننهزم، وسنبقى على عهدنا بالدفاع عن أرضنا ومقدساتنا. وإننا ننتظر وعد الله في النصر القريب، حيث سيكون المسجد الأقصى مسرحًا لصلاة المسلمين بأمان، وسنصلي في المسجد الإبراهيمي في الخليل، بإذن الله، لنحقق وعده سبحانه."
وتوجه الدكتور الهباش بالدعاء إلى الله أن يكتب لفلسطين النصر القريب، وأن يعيد للأمة الإسلامية عزتها وكرامتها، وأن يتمكن المسلمين من أداء صلواتهم في المسجد الأقصى الشريف، وفي المسجد الإبراهيمي في الخليل.