تشو شيوان **

من المعروف أن الصين قد أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم منذ سنين، وبدأت تؤدي دورًا أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية خلال السنوات الماضية، ولكن يجهل كثير من الناس في العالم النظام السياسي في الصين، وتكاد قلة قليلة تعرف كيفية تسير الأمور هناك وفي هذا الصدد، أود أن أتشارك معكم جانب من جوانب الحياة السياسية الصينية، وذلك من خلال التعريف بالدورتين السنويتين، والأهداف التنموية الصينية في العقود المقبلة.

تشير «الدورتان السنويتان»، أولا إلى المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، والذي يمثل أعلى هيئة تشريعية في الصين، وثانيًا إلى المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وهو الجهاز الاستشاري السياسي الأعلى في الصين، وعادة ما تقام الدورتان في بداية شهر مارس من كل عام، ويحضرهما كبار المسؤولين في الدولة وعدد من رجال الأعمال والشخصيات المختلفة، وتعد أجندة الدورتين من أكثر الأجندات ازدحامًا وزخمًا في الصين، حيث تقوم الحكومة بتقديم تقرير عملها عن العام الماضي، وأهم التحديات التي واجهتها وكيفية التغلب على هذه التحديات ومواجهتها، إضافة إلى رسم السياسات والتوجهات الحالية والمستقبلية للحكومة، ومن هنا تأتي أهمية الدورتين السنويتين والتي تكشف للشعب الصيني وللعالم أهداف الحكومة الصينية وتوجهاتها المقبلة.

وخلال افتتاح الدورة الثانية للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني يوم الثلاثاء الماضي، أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ أن الصين حددت هدفها من النمو الاقتصادي بنسبة حوالي 5 في المائة في عام 2024، وأهداف التنمية الرئيسية المتوقع تحقيقها خلال هذا العام، تتضمن نمو إجمالي الناتج المحلي بمعدل 5%، وتوفير فرص عمل جديدة لأكثر من 12 مليون شخص، وإبقاء نسبة البطالة في المدن والبلدات عند 5.5%، وإبقاء معدل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك عند 3%، والحفاظ على التوازن الأساسي في ميزان المدفوعات الدولية، وإبقاء حجم الإنتاج من الحبوب الغذائية عند أكثر من 650 مليون طن، وتخفيض استهلاك الطاقة للوحدة من إجمالي الناتج المحلي بقرابة 2.5 في المائة، وأجد أن مثل هذه المعلومات مهمة جدًا ليس للصين بل للعالم، فالصين تلعب دورًا هامًا في الاقتصاد العالمي.

وقبل افتتاح الدورتين السنويتين هذا العام وخلال الأسبوع الماضي، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أنه يجب اعتبار التنمية عالية الجودة أولوية قصوى في العصر الجديد، ومن الضروري تطبيق الفكر التنموي الجديد على نحو شامل، وتنفيذ المهام الإستراتيجية المتمثلة في تسريع بناء المنظومة الاقتصادية الحديثة، ودفع الاعتماد على النفس وتقوية الذات على مستوى عال في مجال العلوم والتكنولوجيا، وتسريع إنشاء النمط التنموي الجديد، وتخطيط ودفع الإصلاح العميق والانفتاح عالي المستوى، وتخطيط التنمية عالية الجودة والأمن رفيع المستوى وغيرها، وتحسين ودفع نظام فحص وتقييم التنمية عالية الجودة، بغية إرساء أساس متين لتعزيز التنمية عالية الجودة لافتاً إلى أن تطوير القوى الإنتاجية الجديدة هو مطلب جوهري ونقطة تركيز مهمة لتعزيز التنمية عالية الجودة، فمن الضروري مواصلة القيام بعمل جيد في الابتكار، ودفع التطوير المتسارع للقوى الإنتاجية الجديدة.

ومنذ المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، كان مفهوم "التحديث الصيني" عبارة مهمة عالية التأثير؛ فهو تحديث لعدد هائل من السكان، وتحديث الرخاء المشترك لكل الشعب، وتحديث التناغم بين الحضارتين المادية والروحية، وتحديث التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، وتحديث التنمية السلمية. التحديث الصيني يجلب إلهاما جديدا ويوفر فرصا جديدة للعالم. والصين تسعى إلى تعزيز التحديث الصيني من خلال التنمية عالية الجودة، وخلال السنوات الماضية طرحت الصين مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، وغيرها من المبادرات والمفاهيم الأخرى، وجوهرها يهدف إلى إظهار رغبة الصين في تعزيز الانفتاح للعالم باستمرار.

ويصادف هذا العام، الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس جمهورية الصيني الشعبية، وتعد الدورتان السنويتان فرصة مميزة أمام العالم لمعرفة السياسات الداخلية للصين؛ حيث إن الصين قد حققت الإنجازات الملموسة في المجالات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والثقافية والدبلوماسية وغيرها من المجالات الأخرى، وتكمُن التجارب التنموية الصينية في الدورتين السنويتين، حيث إن هناك مؤتمرات صحفية للصحفيين الأجانب لتعريف عن  السياسات الصينية الداخلية والخارجية. فإن الدورتين السنويتين من أفضل منصة ونافذة للعالم لمعرفة الصين بشكل موضوعي وحقيقي وشامل؛ إذ إن الصين مُستعدة للعمل مع دول العالم لتقاسُم فرص التنمية عالية الجودة وتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، والسعي وراء السلام والتنمية والازدهار والاستقرار.

ولهذا أردتُ من خلال هذا الطرح أن استعراض جانب من جوانب الحياة السياسية الصينية ليفهم العالم أن التطور والتنمية في الصين، يمضي وفق أهداف وخطط ومراجعات واضحة ومدروسة.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشاي الصيني.. مفيد لضغط الدم والجهاز الهضمي

يُعد الشاي الصيني الطبي، الذي يُزرع في مقاطعتي الشاي الرئيسيتين هاينان وسيتشوان، صنفًا فريدًا من نوعه ينمو على أشجار "الشاي" التي يبلغ طولها عدة أمتار.

 

تتشكل الخصائص الطبية المعروفة للشاي من هذا التنوع من خلال وجود عدد كبير من العناصر الدقيقة المفيدة في أوراق الشاي، والتي لا تسمح فقط بتحفيز العمليات الحيوية، ولكن أيضًا لتدمير الميكروبات المسببة للأمراض بنجاح، ويتم تعزيز هذه الظاهرة من خلال تقنية الحد الأدنى من التخمير، والتي تحافظ بشكل كامل على الخصائص العلاجية المعجزة للشاي الطبي، وفقًا لتقارير MedicForum.

 

هذا الشاي الشعبي له تأثير معرق ومدر للبول، ويمكن أن يحسن عمل الجهاز الهضمي، ويعيد ضغط الدم إلى طبيعته، ويقاوم نزلات البرد، ويخفف الصداع وتعب العضلات.

 

ولكن الأهم من ذلك، أن الاستهلاك المستمر للشاي العلاجي هو وسيلة فعالة للوقاية من السرطان، والتي أثبتت مرارا وتكرارا فعاليتها في الممارسة العملية، ونظرًا لهذه الخصائص الفريدة، غالبًا ما يتم إضافة الشاي الطبي إلى الأصناف الشائعة الأخرى بنسب صغيرة.

 

في الصين القديمة، كان الشاي الطبي يعتبر المكون الرئيسي للأدوية العشبية، القادر على استعادة الصحة بسرعة، بينما يعطي في الوقت نفسه إحساسًا لطيفًا بالطعم يتم الحصول عليه أثناء تذوق أوراق الشاي العطرية والمريرة قليلاً.

مقالات مشابهة

  • عُمان ودورها في تعزيز الحوار وإرساء قيم العدل والسلام
  • رئيس مجلس النواب يهنئ نظيره الصيني بذكرى تأسيس جمهورية الصين
  • "فتح": الصين حاضنة آمنة للقضية الفلسطينية وقضايا التحرر في العالم
  • الترقب الصيني: كيف تتطور الصواريخ الصينية العابرة للقارات؟
  • خبير: مشاهدة فيديوهات بجودة عالية تؤدي لزيادة استهلاك باقة الإنترنت
  • مفتي الجمهورية يبحث مع سفير سنغافورة تعزيز التعاون
  • كارلوس خويديس: توفير تسجيلات عالية الجودة وأفلام وثائقية
  • السياحة الليبية تؤكد ضرورة تعزيز القطاع لتحقيق التنمية
  • الشاي الصيني.. مفيد لضغط الدم والجهاز الهضمي
  • دبلوماسيون: الدبلوماسية الثقافية جزء من التنمية وتُسهم في تعزيز التعايش