قالت صحيفة واشنطن بوست إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن استخدمت النساء السود كقفازات مخملية وقبضات حديدية فيما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، حيث قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وإن الاستعمالين يدعمان تواطؤ الولايات المتحدة في هذه الفظائع ويحاولان تخفيف مظهرها.

وأشارت الصحيفة -في مقال بقلم كارين عطية- إلى زيارة كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي لمدينة سلما بولاية ألاباما، لإحياء ذكرى الأحد الدامي عام 1965 عندما هاجم الضباط البيض المتظاهرين المحتجين على قتل الشرطة لجيمي لي جاكسون والمطالبين بالحق في التصويت، واعتدوا عليهم بالضرب المبرح.

ففي هذا الموقف الذي يضفي جوا من السلطة الأخلاقية -كما تقول الكاتبة- ألقت هاريس آخر رسالة للإدارة حول محنة الفلسطينيين، وأعلنت أنه "قُتل عدد كبير جدا من الفلسطينيين الأبرياء"، واعترفت قائلة "لقد رأينا تقارير عن أُسر تأكل أوراق الشجر وأعلاف الحيوانات، وأطفال يموتون بسبب سوء التغذية والجفاف"، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار -على الأقل- خلال شهر رمضان، وإطلاق سراح المحتجزين، وسماح إسرائيل بتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.

لكن ما لم تقله هاريس كان على القدر نفسه من الأهمية، فهي لم تنتقد حصار إسرائيل واعتداءها المتعمّد، ولم تذكر نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وبدلا من ذلك أشارت إلى ما حل بالفلسطينيين في غزة باعتباره "كارثة" مجهولة السبب، وكأن إعصارا مليئا بالقنابل والرصاص انفجر من البحر الأبيض المتوسط.

استخدام السود

وكان خطاب هاريس خلال إحياء الذكرى -كما تقول الكاتبة- عبارة عن تراخٍ يتنكر في هيئة قوة، وقد تعرضت عمليات "إسقاط المساعدات الإنسانية" -التي روجت لها- لانتقادات شديدة باعتبارها غير فعالة وغير كافية بشكل مثير للشفقة، وبدا أنها علامة ضعف أميركي، وإن لم تكن علامة ضعف فهي إذن وجه القسوة الأميركية المستمرة تجاه الفلسطينيين.

ومن غير المرجح أن يتأثر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخطاب هاريس، الذي يبدو أنه لا يهدف إلى إقناعه بقدر ما يهدف إلى تهدئة قاعدة الحزب الديمقراطي المؤيدة لغزة والمناهضة للتطهير العرقي، خاصة أن امرأة سوداء أخرى وظفتها الإدارة الأميركية لإرسال رسالة مختلفة تمامًا إلى نتنياهو، حين صوتت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد مرتين ضد دعوات لوقف إطلاق النار.

وبالنسبة للعديد من المراقبين السود، أعادت صور هذه الأصوات ذكريات كولن باول، أول وزير خارجية أسود، عندما استخدم مكانته أمام الأمم المتحدة للدفاع عن غزو العراق، وهو -في نظر العالم- تمامًا كما هي حال غرينفيلد، وجه أسود وفر الغطاء لوحشية أميركا المباشرة وغير المباشرة في العالم العربي.

لكن ثمة أصوات لم تساير هذا الخط، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت كوري بوش النائبة الديمقراطية السوداء من ولاية ميسوري، من بين أوائل السياسيين الأميركيين الذين دعوا إلى وقف إطلاق النار وتقديم الإغاثة الإنسانية، عندما كتبت "دعوني أكون واضحة، إن العقاب الجماعي للفلسطينيين في غزة جريمة حرب. إن التزامي بإنهاء العنف والوحشية والقمع ليس مشروطًا".

وكانت النائبة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا إلهان عمر صريحة أيضًا بشأن الوحشية ضد الفلسطينيين، وقدمت قرارا لمنع مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، وتعهدت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) -جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل- بإنفاق ملايين الدولارات لمحاولة إقالة هؤلاء النساء السود من مناصبهن، ويمكنك أن تتخيل كم كان من الممكن تجنب المعاناة والموت لو تم الاستماع إليهن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

وقف المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن

أكد مسؤولون في مجال الإغاثة، وسلطات حكومية في اليمن، إن تعليق المساعدات الخارجية عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يهدد بشكل كبير حياة ملايين اليمنيين، ويفاقم الأزمة الإنسانية في بلد يصنف ضمن أفقر البلدان العربية.

ويتخوف اليمنيون ومنظمات الإغاثة من نقص حاد في مخزون السلع والمواد الغذائية، في وقت يعاني ملايين السكان من سوء التغذية، وارتفاع أسعار الغذاء، وتدني الخدمات، جراء الصراع المستمر منذ 10 أعوام الذي تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم بحسب تقدير الأمم المتحدة.
ويعمل برنامج الأغذية العالمي منذ 2015 على تقديم المساعدات لليمن لمنع المجاعة اعتماداً على المساعدات التي يتلقاها البرنامج الأممي  من المؤسسات والدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. 

الأزمةالمعيشيةالراهنة أصابت الاقتصاد اليمني بضررين كبيرين:الكساد والتضخم،حيث لم تعد القوة الشرائية للمواطنين تكفي لتأمين احتياجاتهم الأساسية.وبحسب مواطنين فإن ما يزيد الأمر صعوبة هو قدوم #رمضان واحتياجاته الموسميةالتي تحرص الأسر اليمنية على توفيرها.#اليمنhttps://t.co/fGoLZxj8KD pic.twitter.com/jpHAWyrB62

— المشاهد نت (@almushahidnet) February 21, 2025

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في فبراير (شباط) 2023، إن حجم المساعدات الأمريكية لليمن منذ بداية الصراع هناك عبر الوكالة الأمريكية للتنمية، ومكتب السكان واللاجئين والهجرة، فاق 5.4 مليارات دولار.
وفي ظل تدهور الأوضاع المعيشية، وجهت الأمم المتحدة نداء للمانحين في الشهر الماضي لتقديم 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن في 2025، مشيرة إلى أن نحو 20 مليوناً هناك يحتاجون للدعم الإنساني بينما يعاني الملايين من الجوع ويواجهون خطر الإصابة بأمراض تهدد حياتهم. 

تقرير: تفكيك وكالة التنمية الأمريكية ينذر بكارثة عالمية - موقع 24ظهر أول آثار تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بالفعل حتى قبل أن تنتهي جميع جهودها التنموية في أنحاء العالم، ويصف خبراء القرار القاسي للرئيس دونالد ترامب بالأسوأ للديمقراطية الأبرز، لما يصاحبه من آثار لا تحصى على حياة الملايين من البشر، وعلى سمعة أمريكا نفسها.

وجاء توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 20 يناير (كانون الثاني) لأمر تنفيذي بتعليق تمويل المساعدات الخارجية 90 يوماً لمراجعة سياسات التمويل، ليربك حسابات العديد من المؤسسات الخيرية، والإغاثية العاملة في اليمن.
ويأتي وقف المساعدات الأمريكية في وقت يدخل فيه قرار ترامب إعادة إدراج ميليشيا الحوثي اليمنية على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" حيز التنفيذ، ليزيد الأمور تعقيداً في بلد يعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار العملة وانعدام الخدمات، وحرب أوصلت واحدة من أفقر الدول العربية إلى حافة المجاعة.

تداعيات واسعة

وقال مسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن، إن تداعيات القرار الأمريكي بدأت تظهر تباعاً إذ تلقت الوزارة خلال الأيام القليلة الماضية عشرات الخطابات من منظمات إغاثية وتنموية محلية تفيد بوقف أو تقليص أنشطتها وتسريح المئات من موظفيها.
وأضاف المسؤولون أن غالبية هذه المنظمات تعمل في مناطق سيطرة الحوثي في شمال ووسط وغرب البلاد ذات الكثافة السكانية العالية، وأحجم المسؤولون عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل، لكنهم أكدوا أن توقف أنشطة المنظمات وتسريح مئات الموظفين سيساهم في ارتفاع معدلات البطالة المرتفعة أصلاً في البلاد.

ويشعر عبد الله سامي بالحسرة والحزن بعد تسريحه من منظمة إغاثة محلية تتلقى تمويلاً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومثله كثير من زملائه فقدوا وظائفهم، وأصبحوا بلا مصدر للدخل في ظل توقف الحكومة اليمنية عن توظيف الشبان منذ اندلاع الحرب منذ سنوات.
وقال سامي 32 عاماً، الذي يسكن مدينة عدن، إنه لم يخطر بباله قط أن توقف الولايات المتحدة تمويلها في اليمن، وأنه فقد بسبب هذا القرار دخلاً جيداً كان يحصل عليه من عمله في تكنولوجيا المعلومات، ويعينه على إعالة أسرته الصغيرة المكونة من زوجة وطفلين.
وتشير تقارير محلية وأخرى للأمم المتحدة إلى أن الأزمة الاقتصادية الخانقة في اليمن، قفزت بمعدل البطالة بين الشبان لنحو 60% مقارنة مع 14% قبل الحرب، ومعدل التضخم إلى نحو 45% والفقر إلى نحو 78%. 

وقال رئيس منظمة إغاثية محلية في العاصمة صنعاء، طلب حجب اسمه، إن وقف مساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لن يؤثر على المستفيدين من برامج الإغاثة فحسب لكنه سيضر بالعاملين في القطاع والذين يقدر عددهم بالمئات.

مناطق الحوثي

ويرى الباحث الاقتصادي في مركز اليمن والخليج للدراسات وفيق صالح، أن توقف برامج المساعدات الإنسانية الأمريكية في اليمن ينذر بمزيد من تدهور الأوضاع واتساع رقعة الجوع في البلاد. وقال إن مخاطر هذه الخطوة على الوضع الإنساني تتضاعف لأنها تتزامن مع أوضاع إنسانية متردية، وتقلص برامج مساعدات دولية أخرى تقدم لليمن، إلى جانب تدهور الاقتصاد الكلي، وتفاقم عجز مالية الدولة، وتشتت الموارد المحلية.
لكن بعض سكان صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، لا يعيرون الأمر الكثير من الاهتمام ويعتقدون أن تراجع أو توقف نشاط الوكالة الأمريكية "لن يكون له تأثير يذكر في ظل الوضع الإنساني الصعب الذي تعيشه البلاد".

وقال مهدي محمد البحري، أحد سكان صنعاء: "حضور الوكالة الأمريكية يكاد يكون منعدما على مستوى علاقتها المباشرة بالناس، فهي تشتغل على منظمات المجتمع المدني الحقوقية وهي في الغالب ليست منظمات إنسانية".
ويتفق معه في الرأي زيد الحسن الذي يقيم أيضاً في صنعاء والذي يقول: "القرار الأمريكي الجديد لم يعنينا لأن وضعنا صعب للغاية، ولم نتلق خلال الفترة الماضية أي إغاثة من الوكالة الأمريكية أو أي منظمات إغاثية أخرى".
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 80% من سكان اليمن يحتاجون إلى مساعدات، ويقف ملايين على شفا مجاعة واسعة النطاق، ويقول برنامج الأغذية العالمي إنه قدم المساعدة إلى 15.3 مليوناً أو 47% من السكان في اليمن، وعددهم 35.6 مليون نسمة في  2023.

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: بتطهيره البنتاغون ترامب يدفع الجيش الأميركي نحو المجهول
  • ينبغي على الدول العربية أن توقف ترامب ونتنياهو عن مسارهما
  • ممثل الأمين العام للأمم المتحدة: المرأة العراقية تعد نموذجاً مشرفاً للنساء
  • ما تداعيات توقف المساعدات الأميركية على الأزمة الإنسانية في اليمن؟
  • وقف المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن
  • "واشنطن بوست": تلميحات متكررة من ترامب حول إمكانية الترشح لولاية ثالثة
  • الأخطاء الثلاثة بغزة وأوكرانيا: خذلان الإخوة وحسابات الجغرافيا وخطايا السياسة بين الأمم
  • واشنطن بوست: تخفيضات موظفي وزارة الكفاءة الحكومية تطال الوكالة المشرفة على شركة تسلا
  • واشنطن بوست: عملية السلطة في جنين أظهرت ضعف قدراتها
  • الأهلية الفلسطينية: إسرائيل ستحاول تعميق الأزمة الإنسانية في غزة حتى تدفع السكان للتهجير