قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، إن الإغريقين كانوا يستخدمون تعريف الكبرياء بالتألق المبالغ فيه، والكبرياء هو عمليا تمجيد الذات واعتداد النفس والغرور، وكلمة الكبرياء قد ذكرها يسوع في سلسلة الرذائل التي تحدث عنها لإيضاح أن الشر يأتي دائما من قلب الإنسان (مرقس 7، 22)، والمتكبر يعتبر نفسه أكثر بكثير مما هو عليه في الواقع، وينتظر أن يحظى بتقدير أكبر من الآخرين، ويريد أن تتم الإشادة دائما بميزاته ويزدري الآخرين معتبرا إياهم أقل شأنا.

وأضاف البابا فرنسيس، خلال رسالته في المقابلة العامة والتي تلاها المطران لويجي جيرولي من أمانة سر الفاتيكان بسبب عدم زوال أعراض البرد الذي يعاني منه، حسبما نشرته الصفحة الرسمية للفاتيكان: “أننا نرى كيف تتشابه رذيلة الكبرياء مع رذيلة المجد الباطل، والمجد الباطل إن كان مرضا للذات البشرية فهو يظل صغيرا إن قارناه بالخراب الذي يمكن أن تسفر عنه الكبرياء”.

واستطرد البابا فرنسيس: “إن نُساك الماضي قد وضعوا خلال تحليلهم لجنون الإنسان ترتيبا للشرور، حيث تأتي في المقدمة خطايا مثل الشراهة لتتبعها تدريجيا الشرور الأكثر خطورة، والكبرياء من الرذائل الكبيرة، وأن من يستسلم لهذه الرذيلة هو بعيد عن الله، كما يتطلب تغيير هذا الشر وقتا وجهدا أكثر مقارنةً بأي كفاح آخر على المسيحي القيام به”.

وكشف البابا فرنسيس: “إن داخل هذا الشر تختبئ الخطيئة الجذرية، التطلع غير المنطقي إلى أن نكون مثل الله. إن خطيئة والدَينا حسب ما يروي لنا سفر الخليقة هي بكل المعاني الكبرياء، حيث قالت الحية للمرأة إن الله عالِم أنهما في يوم يأكلان من ثمرة الشجرة التي في وسط الجنة تنفتح أعينهما ويصيران كالله (راجع تكوين ٣، ٥)، وأن الآباء الروحيين يهتمون في كتاباتهم بوصف تبعات الكبرياء على الحياة اليومية وإبراز كيف تدمر هذه الرذيلة العلاقات الإنسانية وتُسمم مشاعر الأخوّة التي يُفترض أن توحد بين البشر”.    

وأعلن البابا فرنسيس عن قائمة طويلة من الأعراض التي تكشف سقوط شخص ما في رذيلة الكبرياء، سواء أعراض جسدية من بينها تصلب العنق، وتعالي المتكبر وإصداره أحكام مليئة بالازدراء والتسرع في إصدار أحكام لا رجعة عنها على الآخرين الذين يراهم على الفور حمقى بلا قدرات". وواصل البابا فرنسيس أن من لديه رذيلة الكبرياء ينسى في تعاليه أن يسوع قد علمنا قوانين أخلاقية قليلة لكنه شدد بشكل خاص على "لا تُدين". و يمكن التعرف على من لديه كبرياء حيث يكفي أن نوجه إليه انتقادا بَناءً صغيرا أو ملاحظة بريئة حتى يُبدي رد فعل مبالغا فيه وكأن هناك مَن أهان جلالته، فيتملكه غضب كبير ويصرخ ويقطع العلاقات مع الآخرين.

وتابع البابا فرنسيس: “هناك القليل مما يمكن عمله أمام مَن هو مريض بالكبرياء، فمن المستحيل التحدث إليه أو إصلاحه. يجب فقط التحلي بالصبر إزاء مثل هذا الشخص،  لأن قصره سينهار يوما ما”. 

واشار البابا فرنسيس إلي أن يسوع قد التقى الكثير من المتكبرين وقد كشف هذه الرذيلة حتى في أشخاص يخفونها بشكل جيد، فنجد بطرس أراد تأكيد أمانته حين قال ليسوع "إِذا كُنتَ لَهم جَميعاً حَجَرَ عَثرَة، فلَن تكونَ لي أَنا حَجَرَ عَثرَة" متى ٢٦، ٣٣)، إلا أن بطرس، كان مثل الآخرين حيث خاف من الموت حين بدا قريبا، ولكن يَظهر بعد ذلك بطرس الآخر الذين يندم ويبكي فيداويه يسوع ليكون قادرا على أن يحمل مسؤولية الكنيسة.

وفي ختام تعليمه الأسبوعي حول الرذائل والفضائل أراد البابا فرنسيس خلال المقابلة العامة مع اليوم في ساحة القديس بطرس، التأكيد على أن الخلاص يمر عبر التواضع الذي هو العلاج الحقيقي لأيٍّ من أفعال الكبرياء. وكتب القديس يعقوب الرسول في رسالته إلى المشتتين من الأسباط الاثني عشر حين تحدث عن مخاصمات ومعارك فيما بينهم بسبب أهوائهم وذكَّر بأن الكتاب يقول: "إِنَّ اللهَ يُكابِرُ المُتَكَبِّرين ويُنعِمُ على المُتَواضِعين" (يعقوب ٤، ٦). ثم دعا البابا فرنسيس إلى الاستفادة من زمن الصوم لمكافحة كبريائنا.  

 


 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: البابا فرنسيس بابا الفاتيكان الكبرياء النفس الغرور قلب الإنسان البابا فرنسیس

إقرأ أيضاً:

هل يستقيل البابا فرنسيس من منصبه؟ خبراء يجيبون وسط توقعات بمفاجآت

(CNN)-- عندما أصبح بابا الفاتيكان الراحل بنديكت السادس عشر أول بابا يستقيل منذ 600 عام، أحدث ذلك صدمة في الكنيسة الكاثوليكية. والآن، بعد أن أمضى أسبوعين في المستشفى يكافح الالتهاب الرئوي، فإن التكهنات في الفاتيكان هي ما إذا كان خليفته البابا فرنسيس قد يفعل الشيء نفسه.

وقال أوستن إيفريغ، كاتب السيرة البابا، لشبكة CNN: "أعتقد أن الظروف الوحيدة التي قد يفكر فيها (فرنسيس) في الاستقالة، كما قال، هي إذا كان يعاني من حالة تنكسية أو موهنة طويلة الأمد تمنعه ​​من القيام بالخدمة البابوية بالكامل".

وقال الفاتيكان إن البابا وُضع على جهاز للتنفس، الجمعة، بعد أن تعرض لنوبة مفاجئة من صعوبة التنفس. وأضاف الفاتيكان أن النوبة كانت معقدة بسبب القيء. وقال مصدر في الفاتيكان، الجمعة، إن الساعات الـ24 إلى الـ48 القادمة ستحدد ما إذا كانت الحالة العامة للبابا قد تدهورت. وفي صباح، السبت، قيل إن فرنسيس يستريح، بعد ما وصفها الفاتيكان بليلة هادئة.

والاستقالة من منصب البابوية ليست مثل التنحي عن منصب رئيس شركة أو الرئيس التنفيذي لشركة كبيرة. فلا توجد حدود زمنية، ولا مجلس إدارة، وتعتبر وظيفة مدى الحياة. بالنسبة للكاثوليك، فإن البابا هو خليفة القديس بطرس، ويقوم بالخدمة التي  قدمها المسيح نفسه. 

ومع ذلك، فإن البابوية هي أيضًا منصب. ولا يزال من غير الواضح كم من الوقت سيبقى البابا البالغ من العمر 88 عامًا في المستشفى أو كيف سيتم تشخيص حالته على المدى الطويل.

وأصر إيفريغ على أن كون البابا مسناً أو ضعيفاً لا يشكل عائقاً، كما أن الكنيسة الكاثوليكية لا تريد إرساء سابقة بأنه عندما يصل البابا إلى سن معينة أو درجة معينة من المرض فإنه يتعين عليه أن يتنحى. وعلاوة على ذلك، أوضح كاتب السيرة الذاتية أن البابا الحالي "منخرط في كل شيء" ولا يرغب في تقليص دوره البابوي بشكل كبير.

وأعاد هذا الأسبوع ذكريات ذلك اليوم الدرامي، في 11 فبراير/شباط 2013، عندما أعلن بنديكت السادس عشر، المولود باسم جوزيف راتسينغر، أنه سيتنحى. حدث كل ذلك خلال ما كان يفترض أن يكون اجتماعا روتينيا للكرادلة - المعروف باسم المجمع الكنسي. في نهاية ذلك الاجتماع، بدأ البابا الألماني يتحدث باللغة اللاتينية وأذهل الحاضرين عندما أخبرهم أنه سيستقيل. بدأ بعض الكرادلة يميلون إلى بعضهم البعض ليسألوا عما إذا كانوا قد سمعوه بشكل صحيح.

وتم رسم أوجه التشابه مع استقالة بنديكت عندما أعلن الفاتيكان، الثلاثاء، أن فرنسيس دعا إلى عقد اجتماع مجمع كنسي بتاريخ غير محدد للنظر في المرشحين للقداسة. وقد فعل ذلك خلال اجتماع في المستشفى، حيث يتلقى العلاج، مع بعض كبار مسؤوليه الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر الكرسي الرسولي، ورئيس الأساقفة إدغار بينيا بارا، الذي يرأس هيئة كبار الموظفين البابوية.

وقال ماركو بوليتي، المعلق الفاتيكاني ومؤلف كتاب جديد عن بابوية فرنسيس: "بعد مفاجأة استقالة راتسينغر، أصبحت المجالس الكنسية في بعض الفترات الصعبة في الكنيسة الآن سياسية إلى حد كبير".

وأضاف: "أعتقد أنه في الوقت الحالي، يركز الحبر الأعظم على احتمالات تخطي الأزمة والقدرة على استكمال اليوبيل (العام). في عيد ميلاده التاسع والثمانين، سيضطر إلى طرح السؤال على نفسه عما إذا كان لا يزال لائقًا لقيادة الكنيسة". والكنيسة الكاثوليكية حاليا في خضم احتفال باليوبيل الذي يستمر لمدة عام، وهو حدث يُعقد تقليديا كل 25 سنة.

ويحب فرنسيس أن يبقى الناس في حالة تأهب، ومن المؤكد أنه كان يعلم أن الإعلان عن عقد اجتماع المجمع الكنسي سيثير كثيرا من التكهنات. ولكن ليس مرجحا أن يكون البابا راغبا في الكشف عن موقفه من مثل هذا القرار الكبير.

وقال إيفريغ: "بالنسبة لفرنسيس، فإن الحرية في تمييز هذه المسائل أمر مطلق".

فالحرية مهمة لأن استقالة البابا وفقاً لقانون الكنيسة هي قرار يجب أن "يُتخذ بحرية وبشكل سليم". ولا يمكن للبابا أن يخضع لإكراه أو ضغط خارجي عند اتخاذ قراره.

وفي الماضي، قال البابا فرنسيس إن البابوية هي "ad vitam" (أي مدى الحياة باللغة اللاتينية)، وإن الاستقالة ليست واردة على جدول أعماله. ومع ذلك، فإنه لم يستبعد أبدًا الاستقالة وقال إن قرار بنديكت "فتح الباب" أمام الباباوات المستقبليين للتقاعد.

وتتم الدعوة إلى عقد المجمع الكنسي بعد الاستقالة بنفس طريقة انعقاده في حالة وفاة البابا، ولكن في عام 2013 عدل بنديكت القانون للسماح بإجراء الانتخابات في وقت أقرب.

والبابا الأرجنتيني المولد لديه شعور عميق بالمهمة، ومنذ دخوله المستشفى أظهر تصميما على التعافي، رغم معاناته من الالتهاب الرئوي في كلتا رئتيه. وأشار رئيس الأساقفة بول غالاغر، هذا الأسبوع إلى أن استقالة البابا ليست واردة وأن فرنسيس سيبذل قصارى جهده للتعافي.

وقال لمطبوعة " America" الكاثوليكية: "إذا كانت إرادة الله أن يتحسن، فهذا رائع. إذا كانت إرادة الله ألا يتحسن، حسنًا، فسوف يقبل ذلك، هذه هي روح حياته..."

وغالبًا ما يفاجئ البابا الحالي الآخرين. وإذا تنحى فرنسيس، فمن المرجح جدًا أن يفعل ذلك عندما لا يتوقع الناس ذلك على الإطلاق.

مقالات مشابهة

  • خضع لعملية .. مستجدات الحالة الصحية لقداسة البابا فرنسيس
  • البابا فرنسيس يتعرض لمشكلات جديدة في التنفس
  • الفاتيكان يكشف حالة البابا فرنسيس الصحية
  • الفاتيكان: حالة البابا فرنسيس مستقرة
  • شارك في القداس.. استمرار استقرار الحالة الصحية لقداسة البابا فرنسيس
  • الفاتيكان: البابا فرنسيس ظل في حالة مستقرة ولا يحتاج لتنفس اصطناعي
  • في تقريره اليومي.. الفاتيكان: حالة البابا فرنسيس مستقرة
  • "حالته مستقرة".. الفاتيكان يطمئن العالم على صحة البابا فرنسيس
  • هل يستقيل البابا فرنسيس من منصبه؟ خبراء يجيبون وسط توقعات بمفاجآت
  • البابا فرنسيس قضى ليلة هادئة