أشاد الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس جامعة الأزهر لفرعي البنات والوجه البحري، بعنوان المؤتمر الدولي الخامس لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة الذي يقام بعنوان: (الأخلاق ... وآليات بناء الوعي الرشيد) برئاسة الدكتورة شفيقة الشهاوي، عميدة الكلية رئيس المؤتمر.

وأشار إلى أن المجتمعات الآن في أمس الحاجة إلى هذا النوع من المؤتمرات التي نلمس فيها رحابة وسعة الضمير الخلقي، وعمق وفهم الدلائل العلمية نحو واقع مشرق ومجتمع أفضل يحيا بالفضيلة والخلق الحسن من أجل ترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمعات.

وأوضح نائب رئيس الجامعة
أننا نعيش في الآونة الراهنة وبصدق حالة من الاضطراب والخلل والانحراف والتغير شبه التام في المعايير والأسس الأخلاقية التي تربينا عليها،  وتربى عليها أجيال من العظماء، لافتًا أن تلك المعايير كانت مع ثوابت وصحيح الدين بمثابة الوعى العام للمجتمع، ونشأ عنها حالة من اليقظة الفكرية والشعور بالمسئولية البحتة تجاه الأفراد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.

الدكتور محمد فكري خضر- نائب رئيس جامعة الأزهر

وأضاف نائب رئيس الجامعة أن تلك الحالة كانت هي طوق النجاة وصمام الأمان من غدرات الزمن وأفكار المنحرفين والمرجفين، وليت انحرافهم وفسادهم كان على منوال واحد ليقضى عليه بالكلية، بل تنوع وتعدد، فوجدنا أنفسنا  بين انحراف ينحو للتفريق بتمييع أمور الدين وترك الثوابت بالكلية ونقض كل خلق حسن واستبداله بكل خلق مقيت، نشر على إثره الشذوذ والممارسات الخاطئة التي لا يقر بها عقل ولا فطرة سوية، ثم نجد على الوجه المقابل انحرافًا ٱخر لا يقل خطرًا وضراوة عن سابقه؛ ذلك هو الانحراف الذي ينحو للإفراط، فظهر أناس بفكرٍ مستورد من بيئات قاسية، صلدة فطرةً واعتقادًا، أشاعوا أفكارهم المسمومة، وتلقفها شباب لا يرون الأمور إلا بمنظور ضيق لا يتسع لمتنفسٍ فضلًاعن معتقدٍ.

وبين نائب رئيس الجامعة أن هناك توجهًا آخر عاس أصحابه في الأرض فسادًا وخربوا بعقيم فكرهم وتصوراتهم تلك الفطر السوية التي خلق الله الناس عليها، فضلوا وأضلوا، وليتهم وقفوا عند هذا الحد من الفساد، بل قد ألصقوا بالإسلام ذاته فرية القتل وسفك الدماء تحت راية الحق ولا إله إلا الله، والإسلام من ذلك ومنهم براء.

وتسائل نائب رئيس الجامعة:
ألسنا بعد كل هذا في أمس الحاجة إلى مثل هذه اللقاءات لنحيي موات ما اندثر، إننا بحق لفي احتياج شديد لذلك، موضحًا أن الوعي الأخلاقي في المجتمع يعد مرحلة أولى ومهمة من مراحل السلوك الاجتماعي الأخلاقي، الذي يكمن في القدرة على رؤية المعضلة الأخلاقية، ومقدار الدور الذي يمكن لتصرفاتنا أن تؤثر فيه على الآخرين؛ حيث يظهر هذا الوعي الأخلاقي أيضًا على إدراك العناصر ذات الصلة بالحالة الاجتماعية، وبناء التفاسير الأخلاقية والعرفية والفطرية استنادًا إلى تلك العناصر.

وقال نائب رئيس الجامعة: إن الوعي الأخلاقي يُبنى في المجتمع من خلال أدوات تفاعلية نفسية، وقانونية، تمثل ضغط العرف الاجتماعي، وضغط فواعل القوى المؤثرة في المجتمع، من دولة، أو دين، أو أصحاب سلطة معرفية أو عرفية.

وبين أن علماء النفس التربوي والاجتماعي يرون أن الوعي الأخلاقي ليس هدية فطرية تجود بها الطبيعة على مجتمع دون مجتمع أو فرد دون الآخر، بل هي عادة مكتسبة تحصل تحت تأثير التربية والقدوة الصالحة النابعة من الوازع الديني التربوي، حين يدقق المجتمع في محاسبة أفراده، وحين يرفض الأفراد أنفسهم مبدأ التساهل مع الذات ومع الآخرين، ومن خلالها تأتي الصرامة الخلقية لتزيد من إحساس الأفراد بالقيم، وتسهم بخلق الإطار الاجتماعي الساند للصرامة الأخلاقية، التي تقوم المعوج لا تكسره ولا تفتك به فهي صرامة مرنة، تقود أفراد المجتمع إلى التمسك بالمبادئ الأخلاقية وتنمي لديه الوعي الخلقي لدى الأفراد أو الجماعات.

وأضاف نائب رئيس الجامعة أن الحق -سبحانه- حين خلق الكون لم يخلقه عبثًا ولم يبدعه من غير سابق حكمة، بل خلق كل شيء وقدره تقديرًا، وما كان لهذا الكائن الذي قدر له عمارة الأرض أن يعيش دون منهج رباني تربوي خلقي يضمن سلامة حركة الحياة وسط انفعالات البشر وتغيراتهم، فسن الدين وأرسى تعاليمه في كل أمة بحسب مراد الله فيهم، حتى أتم الله الأمر ببعثة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق»؛ لذا كانت الأخلاق في الإسلام على رأس الأمر ومقدمته، ولأجل هذا كانت الفترة الزمنية المكية المباركة منصبة بالأصالة على غرس القيم الأخلاقية في النفوس واستمرت ثلاثة عشر عامًا لم ينزل فيها أوامر أو نواه أو تكاليف وكانت هذه هي الرسالة الأم التي عبر عنها جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة؛ حيث قال: "أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ؛ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ؛ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ؛ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ؛ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ؛ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ؛ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ" ثم عَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ، فهذا هو الاسلام في صورته الحقيقة السمحة التي أرادها الله للناس وتربى عليها صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونشروها في أرجاء المعمورة كلها؛ دعمًا للحق والسلام، ونشرًا للإخاء والمودة والمحبة بين الناس؛ ولذلك لن نستطيع أن نحيا دون أخلاق؛ لذلك صدق من قال:

إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت 
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

ومن قال:
واذا أُصـيـبَ القَومُ فــي أَخلاقِهِم  فَأَقِـم عَـلَـيــهِـم مَــأتَـمًاوَعَــويــلا

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جامعة الأزهر الدراسات الإسلامية الأخلاق ترسيخ القيم نائب رئیس الجامعة فی المجتمع

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة بنها: 600 مليون جنيه استثمارات بالمستشفيات الجامعية

افتتح الدكتور ناصر الجيزاوي رئيس جامعة بنها، اليوم الأحد، ندوة «حقوق الإنسان تحديات وإنجازات»، والتي حاضر فيها اللواء أركان حرب محمد حجازي، بحضور الدكتور السيد فودة نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.

وشهد الندوة الدكتور أسامة صلاح عميد كلية علوم الرياضة ، والدكتور وليد طلعت القائم بأعمال عميد كلية العلاج الطبيعى ، والدكتور إبراهيم راجح المدير التنفيذي لوحدة إدارة الأزمات والكوارث بالجامعة،  والدكتور هاني زكريا وكيل كلية علوم الرياضة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ، والدكتور أحمد نجيب نائب المشرف العام على مركز إعداد القادة ، وطلاب الجامعة.

تطبيق معايير حقوق الانسان في مختلف المجالات 

وفي كلمته أكد الدكتور ناصر الجيزاوي رئيس جامعة بنها أن الدولة المصرية حريصة على تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف المجالات، مشيرا إلى أنه خلال الـ 10 سنوات الماضية شهدت منظومة التعليم العالي طفرة كبيرة، حيث أصبح لدينا 120 جامعة مختلفة تقدم خدماتها للطلاب، وذلك في إطار تأهيلهم لسوق العمل، وتجهيزهم على أعلى مستوى للمنافسة في السوق المحلية والدولية..

تطوير منظومة الصحة

وأضاف «الجيزاوي»، أن الصحة أحد المجالات العامة لحقوق الإنسان ونجحت الجهود في تطوير منظومة الصحة ، مشيرا الى أن مستشفيات بنها الجامعية شهدت تطورا كبيرا خلال الفترة الماضية ، حيث وصلت حجم استثماراتها إلى 600 مليون جنيه ما بين رفع كفاءة وشراء أجهزة طبية حديثة بهدف توفير كافة سُبل الرعاية الصحية للمرضى المُترددين عليها .

وأشار إلى إطلاق الدولة المصرية العديد من المبادرات الرئاسية التي تدعم وتحقق كافة أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، منها مبادرة «حياة كريمة» لتطوير قرى الريف المصري والتي أشاد بها المجتمع الدولي ، والتي استطاعت القضاء على عدد من المناطق العشوائية ، والتخفيف عن كاهل المواطنين بتنفيذ العديد من المشروعات التنموية في مختلف المجالات ، بالإضافة الى مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، والتي تستهدف إحداث تغييرات بناء الإنسان المصري صحيًا واجتماعيًا وتعليميًا، وتحسين جودة الحياة، والاستثمار في رأس المال البشري في سبيل تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل. 

وطالب رئيس الجامعة الطلاب بعدم الانسياق وراء الشائعات التي توجهها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، و تقارير المنظمات الدولية حول انتهاء حقوق الإنسان في بعض الدول، مؤكدا أن الجامعة حريصة على تنمية وعي الطلاب بهدف إعداد أجيال ترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للوطن.

من جانبه، قدم اللواء أركان حرب محمد حجازي، عرض تقديمي عن مفهوم حقوق الإنسان، وأنواع حقوق الإنسان، والمعاهدات الدولية، وتحديات تطبيق حقوق الإنسان في العالم.

وخلال الندوة دار نقاش بين اللواء أركان حرب محمد حجازي، والطلاب حيث أجاب على الاستفسارات لتوضيح توجهات الدولة لترسيخ قيم حقوق الإنسان.

مقالات مشابهة

  • الكشف على 345 حالة ضمن قافلة جامعة بنها بمعهد الخصوص الأزهري
  • رئيس جامعة القاهرة يكشف عن الملفات التي تعمل عليها الجامعة.. ويفجر مفاجأة بشأن خصخصة المشتفيات الجامعية
  • نائب رئيس جامعة القاهرة: لا زيادة في مصروفات المدن الجامعية
  • نائب رئيس جامعة الأزهر للشباب: اتركوا من التكنولوجيا ما يخرب فطرتكم
  • رئيس جامعة بنها: 600 مليون جنيه استثمارات بالمستشفيات الجامعية
  • رئيس جامعة الزقازيق يفتتح معرض التسوق الخيري للطلاب
  • 40 شركة متخصصة تُشارك بالمعرض الزراعي الأول بجامعة جنوب الوادي
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: الاختلاف والتباين بين البشر سُنة طبيعية وفطرة محمودة
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: الاختلاف والتباين بين البشر سنة الله في كونه
  • رئيس جامعة الأزهر: الحوار منطق العقول الراشدة التي تسعى للصواب بعيدا عن الضجيج