نائب رئيس جامعة الأزهر : نعيش حالة من الاضطراب والخلل في المعايير والأسس الأخلاقية
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
أشاد الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس جامعة الأزهر لفرعي البنات والوجه البحري، بعنوان المؤتمر الدولي الخامس لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة الذي يقام بعنوان: (الأخلاق ... وآليات بناء الوعي الرشيد) برئاسة الدكتورة شفيقة الشهاوي، عميدة الكلية رئيس المؤتمر.
وأشار إلى أن المجتمعات الآن في أمس الحاجة إلى هذا النوع من المؤتمرات التي نلمس فيها رحابة وسعة الضمير الخلقي، وعمق وفهم الدلائل العلمية نحو واقع مشرق ومجتمع أفضل يحيا بالفضيلة والخلق الحسن من أجل ترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمعات.
وأوضح نائب رئيس الجامعة
أننا نعيش في الآونة الراهنة وبصدق حالة من الاضطراب والخلل والانحراف والتغير شبه التام في المعايير والأسس الأخلاقية التي تربينا عليها، وتربى عليها أجيال من العظماء، لافتًا أن تلك المعايير كانت مع ثوابت وصحيح الدين بمثابة الوعى العام للمجتمع، ونشأ عنها حالة من اليقظة الفكرية والشعور بالمسئولية البحتة تجاه الأفراد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
وأضاف نائب رئيس الجامعة أن تلك الحالة كانت هي طوق النجاة وصمام الأمان من غدرات الزمن وأفكار المنحرفين والمرجفين، وليت انحرافهم وفسادهم كان على منوال واحد ليقضى عليه بالكلية، بل تنوع وتعدد، فوجدنا أنفسنا بين انحراف ينحو للتفريق بتمييع أمور الدين وترك الثوابت بالكلية ونقض كل خلق حسن واستبداله بكل خلق مقيت، نشر على إثره الشذوذ والممارسات الخاطئة التي لا يقر بها عقل ولا فطرة سوية، ثم نجد على الوجه المقابل انحرافًا ٱخر لا يقل خطرًا وضراوة عن سابقه؛ ذلك هو الانحراف الذي ينحو للإفراط، فظهر أناس بفكرٍ مستورد من بيئات قاسية، صلدة فطرةً واعتقادًا، أشاعوا أفكارهم المسمومة، وتلقفها شباب لا يرون الأمور إلا بمنظور ضيق لا يتسع لمتنفسٍ فضلًاعن معتقدٍ.
وبين نائب رئيس الجامعة أن هناك توجهًا آخر عاس أصحابه في الأرض فسادًا وخربوا بعقيم فكرهم وتصوراتهم تلك الفطر السوية التي خلق الله الناس عليها، فضلوا وأضلوا، وليتهم وقفوا عند هذا الحد من الفساد، بل قد ألصقوا بالإسلام ذاته فرية القتل وسفك الدماء تحت راية الحق ولا إله إلا الله، والإسلام من ذلك ومنهم براء.
وتسائل نائب رئيس الجامعة:
ألسنا بعد كل هذا في أمس الحاجة إلى مثل هذه اللقاءات لنحيي موات ما اندثر، إننا بحق لفي احتياج شديد لذلك، موضحًا أن الوعي الأخلاقي في المجتمع يعد مرحلة أولى ومهمة من مراحل السلوك الاجتماعي الأخلاقي، الذي يكمن في القدرة على رؤية المعضلة الأخلاقية، ومقدار الدور الذي يمكن لتصرفاتنا أن تؤثر فيه على الآخرين؛ حيث يظهر هذا الوعي الأخلاقي أيضًا على إدراك العناصر ذات الصلة بالحالة الاجتماعية، وبناء التفاسير الأخلاقية والعرفية والفطرية استنادًا إلى تلك العناصر.
وقال نائب رئيس الجامعة: إن الوعي الأخلاقي يُبنى في المجتمع من خلال أدوات تفاعلية نفسية، وقانونية، تمثل ضغط العرف الاجتماعي، وضغط فواعل القوى المؤثرة في المجتمع، من دولة، أو دين، أو أصحاب سلطة معرفية أو عرفية.
وبين أن علماء النفس التربوي والاجتماعي يرون أن الوعي الأخلاقي ليس هدية فطرية تجود بها الطبيعة على مجتمع دون مجتمع أو فرد دون الآخر، بل هي عادة مكتسبة تحصل تحت تأثير التربية والقدوة الصالحة النابعة من الوازع الديني التربوي، حين يدقق المجتمع في محاسبة أفراده، وحين يرفض الأفراد أنفسهم مبدأ التساهل مع الذات ومع الآخرين، ومن خلالها تأتي الصرامة الخلقية لتزيد من إحساس الأفراد بالقيم، وتسهم بخلق الإطار الاجتماعي الساند للصرامة الأخلاقية، التي تقوم المعوج لا تكسره ولا تفتك به فهي صرامة مرنة، تقود أفراد المجتمع إلى التمسك بالمبادئ الأخلاقية وتنمي لديه الوعي الخلقي لدى الأفراد أو الجماعات.
وأضاف نائب رئيس الجامعة أن الحق -سبحانه- حين خلق الكون لم يخلقه عبثًا ولم يبدعه من غير سابق حكمة، بل خلق كل شيء وقدره تقديرًا، وما كان لهذا الكائن الذي قدر له عمارة الأرض أن يعيش دون منهج رباني تربوي خلقي يضمن سلامة حركة الحياة وسط انفعالات البشر وتغيراتهم، فسن الدين وأرسى تعاليمه في كل أمة بحسب مراد الله فيهم، حتى أتم الله الأمر ببعثة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق»؛ لذا كانت الأخلاق في الإسلام على رأس الأمر ومقدمته، ولأجل هذا كانت الفترة الزمنية المكية المباركة منصبة بالأصالة على غرس القيم الأخلاقية في النفوس واستمرت ثلاثة عشر عامًا لم ينزل فيها أوامر أو نواه أو تكاليف وكانت هذه هي الرسالة الأم التي عبر عنها جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة؛ حيث قال: "أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ؛ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ؛ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ؛ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ؛ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ؛ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ؛ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ" ثم عَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ، فهذا هو الاسلام في صورته الحقيقة السمحة التي أرادها الله للناس وتربى عليها صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونشروها في أرجاء المعمورة كلها؛ دعمًا للحق والسلام، ونشرًا للإخاء والمودة والمحبة بين الناس؛ ولذلك لن نستطيع أن نحيا دون أخلاق؛ لذلك صدق من قال:
إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ومن قال:
واذا أُصـيـبَ القَومُ فــي أَخلاقِهِم فَأَقِـم عَـلَـيــهِـم مَــأتَـمًاوَعَــويــلا
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر الدراسات الإسلامية الأخلاق ترسيخ القيم نائب رئیس الجامعة فی المجتمع
إقرأ أيضاً:
تفاصيل لقاء رئيس جامعة أسيوط مع نائب رئيس جامعة الفيوم
التقى الدكتور أحمد المنشاوى رئيس جامعة أسيوط اليوم الإثنين الدكتور عرفة صبري جمعة نائب رئيس جامعة الفيوم لشئون الدراسات العليا والبحوث، وأستاذ فيزياء علوم المواد، وذلك في إطار زيارته العلمية للجامعة؛ للمشاركة في مناقشة رسالة دكتوراه حول دراسات تركيبية ومغناطيسية لمواد الأسبينال والماجنتوبلومبايت لتطبيقات الطاقة بكلية العلوم.
وجاء ذلك بحضور؛ الدكتور جمال بدر نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور عبد الحميد أبوسحلى عميد كلية العلوم بالجامعة.
ورحّب الدكتور أحمد المنشاوي؛ بضيف الجامعة الدكتور عرفة صبري، مشيرًا إلى أن الجامعة تستهدف التخصصات البينية والمتكاملة والجديدة التي تواكب الثورة الصناعية، وتكنولوجيا العصر والذكاء الاصطناعي، ووظائف المستقبل، مؤكدًا حرص الجامعة على تعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي مع المؤسسات التعليمية والجامعات المرموقة، واستحداث البرامج، والتخصصات الجديدة، ودعم البحوث البينية والتطبيقية ذات المردود على التنمية والاقتصاد القومي.
وأعرب الدكتور عرفة صبري عن سعادته؛ بتواجده بجامعة أسيوط، مشيدًا بدورها العلمي والبحثي الرائد؛ لما تمتلكه من قامات علمية وكوادر بشرية مؤهلة على أعلى مستوى فى مختلف التخصصات.
والجدير بالذكر، إن الدكتور عرفة صبري يشارك فى مناقشة رسالة الدكتوراة المقدمة من الباحث أحمد محمد نشأت المدرس المساعد بقسم الفيزياء بكلية العلوم، بعنوان "دراسات تركيبية ومغناطيسية لمواد الأسبينال والماجنتوبومبايت لتطبيقات الطاقة "وتضم لجنة الإشراف والمناقشة كلٍ من: الدكتور عبدالعزيز أبوالفضل أستاذ فيزياء الجوامد التجريبية بكلية العلوم جامعة أسيوط، والدكتور محمد عبدالكريم أستاذ مساعد فيزياء الجوامد التجريبية بكلية العلوم جامعة أسيوط، والدكتور هيروكى ناكمورا أستاذ بقسم علوم المواد والهندسة جامعة كيوتو- اليابان، والدكتور صدقى حامد أستاذ فيزياء علوم المواد وعميد كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية كلية العلوم جامعة سوهاج.