سودانايل:
2024-07-01@14:20:00 GMT

أودل ضحية صراع صومالي وإقليمي

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

خالد حسن يوسف
أودل محافظة تابعة لجمهورية الصومال وتقع في أقصى الشمال الغربي لهذه الدولة، وهي تشارك الحدود جيبوتي والأراضي الصومالية المحتلة من قبل إثيوبيا، تاريخيا شكلت مركزا لسلطنة أودل والتي يطلق عليها غير الصوماليين سلطنة عدل أو أدال، ولكن بحكم أن هذه الأراضي صومالية فإن مسمى أودل الصومالي هو الأكثر صحتا والقائم على أرض الواقع.



وهذه المحافظة ذات أهمية تاريخية واستراتيجية نظرا لموقعها الجغرافي، ناهيك عن أن ساحلها زاخر بثروة نفطية، ويضم مدينة زيلع التي كانت عاصمة لسلطنة أودل.
تاريخيا على إمتداد حقب متعددة شهدت أطماع إثيوبية لسيطرة عليها، كما أن قومية العفر تدعي ملكية مدينة زيلع رغم أن هؤلاء لا يقطنونها، يضاف إلى ذلك أنها لم تكن تاريخيا جزء من وطنهم.

وقد ولى الاستعمار العثماني عند حكمه لجزء من الصومال، العفري أبوبكر باشا أميرا على زيلع، والذي استقدم مجموعة عسكرية من قبيلته الحسوبة لكي تساعده في حكم زيلع، فكان ذلك مدخل لادعاء العفر فيما بعد، ومع رحيل العثمانيين غادرت المجموعة المنحدرة من تلك القبيلة، وكان أن أشار الكاتب السوداني الراحل سيد أحمد خليفة إلى أن أصول الحسوبة تركية، في حين أن المعارض الجيبوتي العفري عبدالله دابركالي، في حوار له مع طاهر عولسو في قناة Waaga Cusub على اليوتيوب عام ٢٠٢١، ذكر أن الحسوبة عرب وليسوا عفر.

والمفارقة أن زيلع حاليا إنتهت كمدينة شبه مهجورة في ظل صراع قبيلتي الجذابيرسي والعيسى الصوماليتان عليها، وتزامنا مع تلك الخلفية التاريخية والمشادات التقليدية، جاءت الاتفاقية التي ابرمتها إثيوبيا مع رئيس الكانتون الانفصالي في شمال غربي الصومال في ١ يناير ٢٠٢٤، والقاضية بمنح إثيوبيا مساحة ٢٠ كيلومتر من مديرية لوجهيا في محافظة أودل، أدى الأمر إلى احتجاج الاهالي ممثلين في قبيلتي عيسى وجذابيرسي، والذين فيما مضى كانوا مرتبطين بشدة مع مشروع الانفصال.

الا أن الإجراء الذي سلكه القائمين على الكانتون الانفصالي، قد أدى إلى إثارة حفيظة السكان، والذين رأوا في ذلك على أنه يمثل واقع استهانة بهم وبمصيرهم، وأنهم أصبحوا كمادة مقايضة ما بين إدارة الكانتون واثيوبيا وهو ما دفعهم إلى حالة حشد لمواجهة قدوم قوات إثيوبية إلى المنطقة.

وفي إطار هذا السياق تواجه وفد ممثل لسكان محافظة أودل برئاسة الدكتور علي بحر رئيس حركة ولاية أودل، لتواصل مع الحكومة الصومالية بغية الحصول على الدعم، وذلك لمواجهة المشروع العنصري الانفصالي في شمال غرب الصومال، والمفارقة أن حركة ولاية أودل ينظر لها من قبل قبيلة عيسى بأنها مجرد حركة قبلية وتعني حصرا قبيلة جذابيرسي، لا سيما وأن مؤسسيها هم من هذه القبيلة، وعلى ضوء ذلك فإنهم يرون بأنها مجرد ممثل سياسي لخصومهم القبليين.

وهناك حالة محاصصة مبدئية طرحتها رئاسة حركة ولاية أودل، وتقضي بأن يتم تقاسم التمثيل السياسي بين ممثلي قبيلتي عيسى وجذابيرسي بالمناصفة ٥٠% لكلاهما.
في حين أن هناك شخصيات من العيسى رفضت ذلك وترى أن أراضيها ممثلة في مديريتي زيلع ولوجهيا أكبر مساحتا من مديريتي بورما وبكي المنسوبة لقبيلة جذابيرسي، وبتالي يرغبون هؤلاء أن ينالوا عدد تمثيل أكثر من جيرانهم.

علما بأن هناك حالة تداخل سكاني بين القبيلتين في نطاق تلك الأراضي، ناهيك عن أن قبيلة هبر أول أيضا تقطن في الجزء الشرقي من مديرية بكي، الا أنها في ظل المحاصصة القبلية ما بين الجذابيرسي والعيسى على مستقبل المحافظة، فإنها تعتبر قبيلة مستبعده من المحاصصة رغم أنها تقطن في جزء من أودل.
وتفسير ذلك أن الجزء القاطن من قبيلة هبر أول الاسحاقية في مديرية بكي بمحافظة أودل ينظر إليهم أنهم يشكلون جزء من مالكي المشروع الانفصالي، وكمؤيدين للاتفاق الذي تم ما بين أديس أبابا وهرجيسا. كما أن نسبة التواجد السكاني في المحافظة لعيسى وجذابيرسي تأتي لصالح الأخيرة، وهو ما يمكن قراءته من الاداء السياسي المحدود لطرف الأول.

الجدير بالذكر أن عدد ممثلي عيسى في مجلس النواب الصومالي يبلغون 8 نواب، بينما ممثلي الجذابيرسي يصلون إلى ٩ نواب وهي تقريبا النسبة ذاتها لقبيلتي ذولباهنتي(٥) ورسنجلي(٤) نواب، وبالتالي فإن عدد ممثلي عيسى وجذابيرسي معا وهم ١٧ نائبا يفوقون عددا نواب قبيلتي ذولباهنتي وورسنجلي وعددهم ٩ نواب.

بينما واقعيا هناك فارق كبير وتباين على صعيدي المساحة الجغرافية وعدد السكان بين الطرفين المشار لهما، مما يؤكد أن تلك المحاصصة تستند إلى حسابات سياسية ,كمثال أن اكتسب كل من العيسى والجذابيرسي حصتهم من التمثيل النيابي من مؤتمر المصالحة، الصومالية في جيبوتي ١٩٩٩-٢٠٠٠، حيث كان دور لرئيس إسماعيل عمر جيلي في تلك المحاصصة والتي تم تكريسها لصالح قبيلته في الصومال.

في حين أن قبائل هرتي دارود تقطن في مديريات ذهر،برن،لاس قري، عيرجابو (محافظة سناج)،لاس عانود،حودون،تليح(محافظة سول)، بوهودلي (محافظة توجظير)، والتي تشكل مساحة جغرافية أكبر من محافظة أودل والتي يقطنها قبائل دير ممثلة في جذابيرسي وعيسى وهبر أول.

وهو ما يؤكد أن واقع المحاصصة السياسية القائم على التمثيل القبلي في الصومال، غير دقيق ولا يراعي الحقائق على أرض الواقع وأنه نسبي ومجرد سياسي، وأنه يمثل عقبة سياسية قائمة تجاه قيام مصالحة وطنية، لكون أن واقع التمثيل النيابي يترتب عليه قضايا منها عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، التمثيل السياسي في مجلسي النواب والشيوخ والتخطيط بصدد المشاريع الخدماتية وغيرها، واشكالية التفاوت الغير دقيق في إطار التمثيل السياسي يشمل العديد من الجهويات في الصومال.

ويمكن القول أن نخب محافظة أودل لديها كم من الإشكاليات المتعددة، إشكالية فيما بينها بصدد المنافسة السياسية الداخلية على مستوى المحافظة، وأخرى مع إدارة المشروع الانفصالي والذي ارتكب الضرر بشأن واقعهم ومستقبلهم وسلبهم مستقبلهم وقرارهم السياسي.
وفي هذا المنحى يأتي الإختلاف على أحقية حركة ولاية أودل على تمثيل أهالي المحافظة، لكون هبر أول يرون أن الحركة تقوض مصير مشروع الانفصال، في حين يرى العيسى أنها ممثلة لجذابيرسي ولا تعنيهم، بينما يرى الأخيرين أنهم الطرف الأكثر حضورا وتمثيلا لسكان.

الملحوظ أن الحضور السكاني لعيسى في محافظة أودل حاليا محدود بالمقارنة مع جوذابيرسي وسبب ذلك نزوحهم نحو جيبوتي، والتي إنتقل إليها الكثير منهم خلال العقود الثمانية الماضية.
بينما حدث تمدد جغرافي لجذابيرسي على أراضي العيسى خلال تلك العقود.
وعلى تلك الخلفية جاء تعالي البروفيسور أحمد إسماعيل سامتر، حين قال"ان العيسى سيتبعون ما نقرره لهم" وهو يخاطب حشد من أبناء قبيلته الجذابيرسي، وهناك آخرين بدورهم يصدر منهم الخطاب ذاته في مناسبات مختلفة.

وبطبيعة الحال فإن هذا النزاع الديمغرافي، السياسي والتقليدي بين القبائل سيؤذي إلى تدخل حكومة جيبوتي، والتي سيعمل أهالي العيسى في أودل للإستعانة بها، ناهيك عن أن هذا النزاع سيصعب الأمور على الحكومة الصومالية والتي ستجد ذاتها في ظل العمل على حل إشكالية بين مكونين اجتماعيين، وهو ما يعد عبئ إضافي يرفع من سقف التزاماتها الداخلية.

أما عمل أهالي أودل نحو المسؤولية والقيام باستحقاقاتهم بصدد الوحدة الوطنية ومواجهة التحديات الخارجية ولاسيما الإثيوبية، فهو أمر غير ملحوظ مقارنة مع حالة النزاع والمنافسة بينهم، وعسى أن يلعب التحدي الخارجي دوره كعامل مؤثر على تفاعلهم معا وادائهم وأن يصبح بالنسبة لهم دافع محفز لشأن العام.

خالد حسن يوسف

khalidsf5@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ما بین وهو ما فی حین

إقرأ أيضاً:

«داعش» يعزز وجوده في منطقة الساحل الأفريقي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تبنى تنظيم داعش الإرهابي أول هجوم انتحاري بعبوة ناسفة بدائية الصنع في مالي منذ عام ٢٠٢٠، بينما يواصل تطوير قدراته المختلفة وتعزيز قدراته في منطقة الساحل.
حيث شن تنظيم داعش الإرهابي هجوما كبيرا من خلال كمين معقد في ١٣ يونيو ٢٠٢٤، اشتمل على سيارة مفخخة استهدفت قافلة مشتركة من الجيش الأفريقي والجيش المالي على طول طريق R٢٠ الذي يربط بين مدينتي ميناكا وأنسونجو في شمال شرق مالي.
و ادعى تنظيم داعش أنه هاجم القافلة عدة مرات، مما أسفر عن مقتل وجرح ٣٠ جنديًا. هذا الهجوم هو أول هجوم بسيارة مفخخة تابعة لتنظيم داعش منذ عام ٢٠٢٢ على الأقل، عندما ادعى الجيش المالي أن تنظيم داعش استخدم سيارة مفخخة في هجوم على قاعدة للجيش المالي جنوب شرق أنسونغو.
كما عزز تنظيم داعش في ولاية مالي سيطرته الإقليمية في مالي على مدى العامين الماضيين، مما سهل قدراته العسكرية المتنامية.
ولاحظت الأمم المتحدة أن الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش تضاعفت بين عام ٢٠٢٢ والنصف الأول من عام ٢٠٢٣، بما في ذلك مساحات من شمال شرق مالي كان يسيطر عليها في السابق منافسوها المرتبطون بتنظيم القاعدة والميليشيات الطائفية.
كما حقق تنظيم داعش هذا النمو من خلال هجوم عسكري في عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣ بعد الانسحاب الفرنسي الذي استهدف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين والمجموعات العرقية التي دعمت تاريخيًا القوات الفرنسية وجماعة نصرة الإسلام ضد داعش.
قامت الجماعة بذبح مئات المدنيين في عمليات قتل انتقامية ضد المشتبه بهم الفرنسيين والمتعاونين مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين. 
ومنذ ذلك الحين، فرضت داعش في بوركينا فاسو تدابير حوكمة مختلفة في المناطق الريفية الخاضعة لسيطرتها وحاصرت عاصمة إقليمية، ميناكا، منذ أبريل ٢٠٢٣.
وأعادت الجماعة السكان المحليين الذين فروا من عدة قرى خاضعة لسيطرتها الآن وأعادت بناء المنازل المتضررة وأبراج المياه. كما بدأت في تنظيم استخدام أبراج المياه، وإعادة فتح الأسواق الأسبوعية، وتمويل الخدمات الصحية، وتوفير دوريات أمنية حول المدن وللتجار الذين يسافرون إلى الأسواق القريبة.
وقد مكنها الحصار المفروض على ميناكا من فرض ضرائب على النشاط الاقتصادي المحلي داخل وخارج المدينة. كما نفذت الجماعة العديد من العقوبات الشرعية في جميع أنحاء منطقتي جاو وميناكا منذ يونيو ٢٠٢٣. 
وعززت داعش في نفس الوقت جهودها العسكرية والحكومية عبر الحدود في النيجر منذ انقلاب يوليو ٢٠٢٣. وزادت الجماعة بشكل كبير من فتك هجماتها، حيث بلغ متوسط عدد القتلى حوالي خمسة أضعاف شهريًا منذ يوليو ٢٠٢٣.
وفي أكتوبر ٢٠٢٣، نفذت الجماعة كمينًا مشابهًا لهجوم ١٣ يونيو؛ ويقال إن هذا الهجوم شمل عدة سيارات مفخخة وقتل العشرات من الجنود النيجريين. كما وسعت داعش في نفس الوقت النطاق الجغرافي ومعدل أنشطتها الضريبية في شمال النيجر. وسبق أن خفضت قوات الأمن الضغط على تنظيم داعش بعد هجمات واسعة النطاق مميتة ومثبطة للمعنويات، مما سمح للجماعة بتعزيز وتوسيع مناطق دعمها.
وبعد ذلك، أوقف بعض الجنود النيجيريين المتمركزين بالقرب من الحدود المالية الدوريات وبقوا في قواعدهم بعد الهجوم الذي وقع في النيجر. يشير الاستخدام المتكرر للعبوات الناسفة المفخخة في الكمائن إلى أن الجماعة تحاول منع قوات الأمن من الوصول إلى المناطق المستهدفة.
وتستخدم ولاية غرب أفريقيا التابعة لتنظيم داعش تكتيكات مماثلة لصد دوريات قوات الأمن. وساهم الافتقار إلى الدعم الاستخباراتي والمراقبة والاستطلاع الغربي منذ مغادرة القوات الفرنسية مالي، في عام ٢٠٢١، وانقلاب النيجر، في عام ٢٠٢٣، في قدرة تنظيم داعش في ولاية سبها على شن هذه الهجمات واسعة النطاق في كلا البلدين. 
وقد استخدم تنظيم داعش تاريخيًا العبوات الناسفة المفخخة في هجمات واسعة النطاق اجتاحت قواعد قوات الأمن المتشددة بالقرب من البلدات الحيوية، مما سلط الضوء على المخاطر التي تهدد ميناكا.
وكذلك اجتاح تنظيم داعش مؤخرًا القوات المالية في تيسيت، منطقة جاو، في أغسطس ٢٠٢٢ في هجوم معقد شاركت فيه قوات برية ومدافع هاون وطائرات استطلاع بدون طيار وسيارة مفخخة. ثم قام المسلحون بترهيب السكان المحليين قبل الانسحاب.
وسيطر تنظيم داعش على المنطقة المحيطة وعزل القوات المالية في الأشهر التالية، وزعم أنه نفذ عقوباته الشريعة في البلدة في أغسطس ٢٠٢٣. وتشير العمليات الانتحارية التي قام بها التنظيم مؤخرًا ونشاطه في مجال الإدارة إلى أنه قام بتطوير القدرات العسكرية والإدارية التي يحتاجها لتنفيذ هذه الاستراتيجية في ميناكا.
وقد اجتذبت القوة المتنامية لتنظيم داعش في ولاية بورنو وسيطرته الإقليمية مقاتلين أجانب من شمال أفريقيا وأوروبا منذ أوائل عام ٢٠٢٣، مما يزيد من خطر التهديد العابر للحدود الوطنية للتنظيم.
وذكر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أغسطس٢٠٢٣ أن مجندي داعش وميسّريها أنشأوا ممرات عبور بين جنوب أوروبا ومنطقة الساحل. لقد عطلت قوات الأمن المغربية منذ ذلك الحين ثلاث خلايا تابعة لداعش تسهل سفر المقاتلين الأجانب إلى ولاية مالي، في أكتوبر ٢٠٢٣ ويناير- فبراير ٢٠٢٤.
وأدى وجود المقاتلين الأجانب في السابق إلى زيادة مؤامرات الهجمات الخارجية للجماعات السلفية الجهادية. المقاتلون الأجانب هم من الأيديولوجيين الأكثر تشددًا الذين ينتمون إلى السلفية الجهادية العابرة للحدود الوطنية ولا يهتمون بالأهداف أو المظالم المحلية التي تحفز المتشددين المحليين.
كما أظهر العديد من المقاتلين الأجانب اهتمامًا بالعودة إلى بلدانهم الأصلية لتنظيم مؤامرات الهجوم بعد أن أصبحوا أكثر تطرفًا في مسرح صراع نشط.
كما أظهرت ولاية داعش في شمال غرب أفريقيا بالفعل اهتمامًا بتنظيم النشاط الخارجي، نظرًا لأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أفاد بأنها نظمت خلية هجومية معطلة الآن تعمل انطلاقًا من المغرب وإسبانيا. 
حركة الشباب المجاهدين ومستقبل الاتحاد الأفريقي في الصومال
أيد الاتحاد الأفريقي خططًا لإنشاء بعثة حفظ سلام جديدة بقيادة الاتحاد الأفريقي في الصومال بعد انتهاء مهمة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال في نهاية عام ٢٠٢٤.
وأيد مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي (AUPSC) الخطط في ٢٠ يونيو في بيان جاء فيه: وأشار إلى "القلق" من أن الهجمات المستمرة لمكافحة الإرهاب والانسحاب المتزامن للقوات الدولية في نهاية عام ٢٠٢٤ من شأنه أن يترك فجوات يمكن أن تستغلها حركة الشباب.
وأكد مجلس السلم والأمن الأفريقي أيضًا على "أهمية" تشكيل القوات، وتجديدها، وتكاملها، وبناء القدرات كمعايير أساسية لتحمل الصومال المسؤولية الأمنية بشكل كامل. 
وقد ردد مبرر الاتحاد الأفريقي للمهمة العديد من التحذيرات بشأن القوة المتنامية لحركة الشباب في عام ٢٠٢٤. وقال مسئولون دفاعيون أمريكيون لم يكشف عن هويتهم لإذاعة صوت أمريكا في يونيو إن الشباب في عام ٢٠٢٤ "قلبت كل" المكاسب التي حققتها الحكومة الفيدرالية الصومالية في وسط الصومال منذ توقف هجومها في عام ٢٠٢٢.
ورفض مستشار الأمن القومي الصومالي هذا الادعاء بشدة. وحذرت منظمة مكافحة الإرهاب من مكاسب ملحوظة لحركة الشباب في مناطق حيوية في وسط الصومال طوال عام ٢٠٢٤. 
كما أشارت المجموعة الصومالية الاشتراكية والمراقبون المستقلون إلى أن الانسحاب الكامل للوجود العسكري للاتحاد الأفريقي في نهاية عام ٢٠٢٤ سيكون سابق لأوانه.
ونشر الاتحاد الأفريقي وحكومة الصومال تقييمًا مشتركًا في مارس الماضي أوصى بتعديل الجدول الزمني للانسحاب "على أساس الاستعداد والقدرات الفعلية" للقوات الصومالية، وأن "الانسحاب المتسرع لأفراد القوات الأفريقية سوف يسهم في حدوث فراغ أمني".
وطلبت المجموعة في مايو من الاتحاد الأفريقي إبطاء وتعديل الانسحاب المقرر لمهمة ATMIS الحالية. كما نشر مدير كلية إليوت للشئون الدولية بجامعة جورج واشنطن، بول د. ويليامز، تقييمًا للجيش الوطني الصومالي مقابل حركة الشباب في طبعة مايو من مركز ويست بوينت لمكافحة الإرهاب يقول ستكون حركة الشباب حاليًا أقوى عسكريًا قليلًا من الجيش الوطني الصومالي في حالة الانسحاب الكامل للاتحاد الأفريقي "بسبب مزاياها الكبيرة عبر الأبعاد غير المادية المتعلقة بتوظيف القوة والتماسك والعمليات النفسية، فضلًا عن استدامة قواتها.
وتتشابه الأهداف الأولية للبعثة الجديدة مع ATMIS، لكن الاتحاد الأفريقي خفف من التركيز على اللغة المتعلقة ببناء القدرات والدولة ووضع نفسه في إطار شريك مساوٍ لمجموعة SFG. ولا تشير المعلومات الأولية حول المهمة المستقبلية التي يقودها الاتحاد الأفريقي إلى أي تغيير عسكري كبير عن نظام ATMIS. العديد من الأهداف الأمنية للبعثة الجديدة تنتقل مباشرة من ولاية ATMIS، مثل إضعاف حركة الشباب، وتوفير الأمن للمدنيين، ودعم جهود تحقيق الاستقرار. 
وأشار بيان ٢٠ يونيو إلى أن البعثة سوف تقلل من التركيز على القدرات القيادية وبناء الدولة وتركز بدلًا من ذلك على أنشطة تحقيق الاستقرار بالتعاون مع مجموعة SFG.
وأكد AUPSC على الحاجة إلى إنشاء خطوط اتصال واضحة، وعمليات تخطيط مشتركة مركزية، وهياكل القيادة، وآليات تبادل المعلومات مع SFG. كما وضع الاتحاد الأفريقي جهود تحقيق الاستقرار كوسيلة "لتمكين" أولويات بناء الدولة ونقل المسئوليات الأمنية.
وهذا يختلف عن أطر عمل ATMIS وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، التي كلفت البعثة بشكل مباشر بتطوير القدرات الأمنية والحكومية. 
ويشير هذا التأطير إلى أن الاتحاد الأفريقي يهدف إلى تقليص مسئوليات البعثة وتهدئة المشاعر المؤيدة للسيادة في الصومال. يسعى المانحون الدوليون إلى تقليص المهمة بسبب نقص التمويل.
وقد قالت إدارة SFG الحالية مرارًا وتكرارًا إنها ستتولى مسئولية أمنها على خلفية النجاحات في مكافحة الإرهاب في عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣ قبل الانتكاسات الأخيرة في عام ٢٠٢٤، هذه الاتجاهات تجعل جميع أصحاب المصلحة مهتمين بتقليص نطاق وأهداف أي مهمة جديدة.
كما أدت الحكومة الصومالية إلى تفاقم المشاعر المؤيدة للسيادة وعلى وجه التحديد المشاعر المناهضة لإثيوبيا من خلال الخطاب العدواني ضد إثيوبيا في عام ٢٠٢٤ بسبب نزاع دبلوماسي.
وقد لعبت حركة الشباب تاريخيًا على هذا الشعور لانتقاد بعثة الاتحاد الأفريقي باعتبارها قوة "محتلة" تدعم حكومة "غير شرعية"، مما يخلق رد فعل عنيفًا محتملًا ضد استمرار مهمة الاتحاد الأفريقي. 
إن الأولويات المتغيرة لشركاء الصومال الإقليميين والدوليين تجعل من غير المؤكد أي الدول ستساهم بقوات وتمول المهمة. ولا يزال دور إثيوبيا في البعثة الجديدة غير واضح ومثير للجدل بسبب نزاعها الدبلوماسي المستمر مع الحكومة الصومالية.
وقال مستشار الأمن القومي الصومالي حسين شيخ علي إن الصومال ستطرد القوات الإثيوبية عندما ينتهي تفويض ATMIS، في نهاية عام ٢٠٢٤، ما لم تلغ إثيوبيا اتفاق الميناء الذي وقعته مع منطقة أرض الصومال الانفصالية المستقلة بحكم الأمر الواقع وأن الحكومة الصومالية ستدعو الدول الأربع الأخرى لنظام ATMIS للبقاء في البلاد في إطار ما بعد نظام ATMIS.
وقد قدرت مراكز أمنية سابقًا أن إثيوبيا ستحافظ بشكل شبه مؤكد على وجودها في الصومال لأنها تستخدم قواتها لإنشاء منطقة عازلة ضد حركة الشباب التي تعتبرها ضرورية لأمنها القومي. وتحتفظ إثيوبيا حاليًا بأكثر من ٤٠٠٠ جندي في الصومال كجزء من ATMIS، وآلاف الجنود الآخرين في البلاد على أساس ثنائي.
كما أشارت إثيوبيا إلى أنها ستبقى في الصومال عندما أرسلت آلاف القوات الإضافية عبر الحدود إلى الصومال في ٢٢ يونيو ٢٠٢٤، وحذرت القادة المحليين والعسكريين من أنهم سيعودون إذا تم العثور على مقاتلي حركة الشباب في المنطقة.
ومن شبه المؤكد أن الدول الشريكة والقوات المسلحة الصومالية لن تكون قادرة على تعويض فجوة القوة البالغة ١٠.٠٠٠ جندي أو أكثر إذا انسحبت إثيوبيا، كما أنها ستفتقر إلى الاتصالات في المنطقة التي عززتها القوات الإثيوبية.
كما يتنازع الشركاء الغربيون بشأن تمويل البعثة الجديدة. فقد سعى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهما أكبر ممولين لبعثات الاتحاد الأفريقي منذ بدأت في عام ٢٠٠٧، إلى تقليص عملية حفظ السلام بسبب المخاوف بشأن التمويل والاستدامة على المدى الطويل.
ويبدي المسئولون الغربيون مخاوفهم على وجه التحديد بشأن "التكاليف غير الضرورية" واللوائح المتساهلة المتعلقة بوجود القوات. ويريد الاتحاد الأوروبي أن يتم تمويل البعثة الجديدة من خلال الأمم المتحدة. وقد أقر مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيانه الصادر في يونيو بـ "الدعم الثابت" من جانب الاتحاد الأوروبي، لكنه أشار إلى أن مفوضية الاتحاد الأفريقي سوف تحتاج إلى مواصلة تطوير خيارات تمويل إضافية للبعثة الجديدة.
حقق تنظيم داعش هذا النمو من خلال هجوم عسكري في عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣
شباب المجاهدين بالصومال تشهد تقدمًا ملموسًا مع اقتراب انسحاب القوات الأفريقية من البلاد

وأخيرًا؛ تشكل التحديات الأمنية الناتجة عن توسع تنظيم داعش في دول الساحل الأفريقي تهديدًا جديًا ليس فقط للمنطقة نفسها، بل تمتد تداعياتها لتؤثر على الأمن في أوروبا.
يعزز هذا التوسع من قدرات التنظيم على التجنيد، والتمويل، وتنفيذ العمليات الإرهابية، مما يهدد بزيادة الهجمات الإرهابية على الأراضي الأوروبية. 
إن التهديد يمتد ليشمل حركة المقاتلين العائدين، وانتشار الأفكار المتطرفة، وزيادة حالات اللاجئين الهاربين من النزاعات.
كل هذه العوامل تتطلب تعاونًا دوليًا مكثفًا بين دول الساحل الأفريقي وأوروبا، وتطبيق استراتيجيات أمنية شاملة ومستدامة للتصدي لهذا الخطر المتنامي والحفاظ على الاستقرار والأمن في كلا المنطقتين. كما تشكل تهديدات حركة الشباب الصومالية للأمن الإقليمي تحديًا كبيرًا، حيث تؤدي أنشطتها العنيفة والمستمرة إلى زعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي.
يمتد تأثير هذه التهديدات إلى الملاحة وسلاسل الإمدادات، حيث تسعى الحركة إلى السيطرة على المناطق الساحلية، مما يعرض الملاحة الدولية للخطر ويهدد بقطع طرق التجارة الحيوية.
وقد تمثل حركة الشباب الصومالية تهديدًا غير مباشر على مصر من خلال تعزيز شبكات الإرهاب في المنطقة، وزيادة تدفق الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود. تحتاج مصر، والدول المجاورة، إلى اليقظة والتعاون الأمني المشترك لمواجهة هذا التهديد المحتمل والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي.
إن التصدي لتحديات حركة الشباب يتطلب جهودًا دولية منسقة، وتعزيز القدرات الأمنية والتنموية للدول المتضررة، لضمان حماية الممرات البحرية وسلاسل الإمدادات الحيوية على المستوى الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • الصومال والحلم الكبير
  • «داعش» يعزز وجوده في منطقة الساحل الأفريقي
  • الرئيس المشاط يهنئ رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية بالعيد الوطني
  • الرئيس المشاط يهنئ رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية
  • خلال عام واحد .. أكثر من 3000 ضحية بالحوادث المرورية في العراق
  • لكل زوجة.. حتى لا تكوني ضحية الشريك
  • جيجل..انهيار سقف إسمنتي  يخلف ضحية
  • الصومال: لا مفاوضات مع «الشباب» الإرهابية
  • النائبة آمال رزق الله: ثورة 30 يونيو أعادت تقديم مصر كقائد عربي وإقليمي صاعد
  • الاقتصاد الصومالي.. إنجازات في ظل صعوبات قاسية