كشف أسطرلاب قديم "استثنائي" في متحف فيرونا بإيطاليا مؤخرا عن تعاون علمي بين العلماء المسلمين واليهود والمسيحيين خلال العصور الوسطى.

وهذه القطعة الأثرية التي يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر والتي اكتشفتها الدكتورة فيديريكا جيغانتي، تحمل نقوشا باللغات العربية والعبرية واللاتينية، ترمز إلى التقاء الثقافات والمعارف.

‘Extraordinary’: Islamic and Jewish science merge in 11th-century astrolabe https://t.co/Z6erGTJtRE

— The Guardian (@guardian) March 5, 2024

وعثرت الباحثة في كلية التاريخ بجامعة كامبريدج، الدكتورة فيديريكا جيغانتي، عن طريق الصدفة على الأسطرلاب، وهو أداة تستخدم لرسم خريطة النجوم ومعرفة الوقت كانت تعد أداة غير عادية في ذلك الوقت.

An astrolabe from Al-Andalus, hitherto unknown & unpublished, is preserved in the Fondazione Museo Miniscalchi-Erizzo in Verona. It is datable to the 11th century & features added Hebrew and Latin inscriptions https://t.co/nNl9BGXRv8https://t.co/t6XqHFWm94 Photo Federica Gigante pic.twitter.com/OMoAwJ3l4p

— Ticia Verveer (@ticiaverveer) March 5, 2024

وكانت جيغانتي صورة قطعة أثرية تعود للقرن الحادي عشر على الموقع الإلكتروني لمتحف في فيرونا بإيطاليا، عندما عثرت على الأسطرلاب. وقد اتصلت بمؤسسة Fondazione Museo Miniscalchi-Erizzo في فيرونا بسبب اهتمامها به، ولكن لم يكن لدى الموظفين أي فكرة عن أهمية هذه القطعة.

“It’s a powerful record of scientific exchange between Arabs, Jews and Christians over hundreds of years.”

See what Dr Federica Gigante @Federica_Gig from @CamHistory@christs_college saw when she looked closer at a rare 11th century astrolabe ????https://t.co/dEtoX76QWh

— Cambridge University (@Cambridge_Uni) March 5, 2024

وعادة ما يوصف الأسطرلاب بأنه "هاتف ذكي" نظرا لاستخدامه متعدد الوظائف في علم الفلك وعلم الملاحة.

وسافرت جيغانتي، وهي أيضا أمين سابق للأدوات العلمية الإسلامية في متحف تاريخ العلوم بجامعة أكسفورد، إلى فيرونا لإجراء بحوث على القطعة الأثرية، وعندما تسلل الضوء من إحدى نوافذ المتحف إلى الأسطرلاب ظهرت مجموعة من الخدوش، والتي دفعتها إلى تحقيق متعمق كشفت نتائجه أن الإسطرلاب كان يحمل نقوشا باللغات العربية والعبرية، كما كان يحمل أيضا نقوشا لمتحدث إيطالي لاتيني، ما يشير إلى مروره عبر خلفيات ثقافية ولغوية متنوعة.

إقرأ المزيد حل لغز "الكثبان النجمية الغامضة" في المغرب

وتشير نقوش الإسطرلاب وتصميمه المعقد إلى أصوله التي تعود إلى إسبانيا التي حكمها المسلمون، مع مشاركته في رحلات لاحقة عبر شمال إفريقيا قبل وصوله أخيرا إلى إيطاليا. ويسلط هذا المسار الضوء على دور الأداة في التبادل العلمي بين المسلمين واليهود والمسيحيين عبر القارات.

وتحكي نقوشه، المكتوبة باللغة العربية أولا، ثم بالعبرية، قصة كيفية إنشاء المعرفة ومشاركتها وتطويرها من قبل العلماء المسلمين واليهود الذين يعيشون ويعملون جنبا إلى جنب في الأندلس، المنطقة التي يحكمها المسلمون في شبه الجزيرة الأيبيرية.

الفن الإسلامي هو موطن قوة جيغانتي، لكنها كانت تعرف ما يكفي من الأبجدية العبرية لتكتشف أن شخصا ما قد ترجم الأسماء العربية الأصلية للعلامات الفلكية الموجودة على الأسطرلاب إلى اللغة العبرية. ثم لاحظت أن إحدى لوحات الآلة تحمل علامة طليطلة من جهة وقرطبة من جهة أخرى.

وتطابقت مواقع النجوم على الآلة مع تلك الموجودة على الأسطرلابات المصنوعة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، في حين أن لوحة أخرى من لوحاته محفورة بخطوط العرض في شمال إفريقيا، ما يشير إلى أن من كان بحوزته الجهاز في ذلك الوقت عاش في المنطقة أو سافر إليها بشكل متكرر.

وعلقت جيغانتي على ذلك قائلة: "يشبه الأمر إلى حد ما إضافة تطبيق إلى هاتف ذكي أو تشغيل تحديث".

إقرأ المزيد مصر.. العثور على كنز أثري ضخم تحت مستشفى (فيديو+صور)

من الصعب تحديد التسلسل الزمني الدقيق لرحلات أسطرلاب فيرونا، لكن جيغانتي تعتقد أنه تم صنعه في الأندلس وتم نقله إلى شمال إفريقيا، ربما المغرب، قبل أن يصبح في حوزة مالك يهودي.

وعلى الرغم من أنها كانت على الأرجح في أيدي بعض اليهود، إلا أن اللغة العربية كانت لغة مشتركة واستخدمها اليهود بقدر ما استخدمها المسلمون والمسيحيون.

ويبدو أن المجموعة الأخيرة من النقوش، بالأرقام الغربية، قد تم تنفيذها بواسطة متحدث إيطالي أو لاتيني.

وتقول جيغانتي إن اكتشاف إسطرلاب فيرونا لا يلقي الضوء على التطور التكنولوجي للحضارات الماضية فحسب، بل يوضح أيضا النسيج الغني للتبادل العلمي الذي تجاوز الحدود الدينية والثقافية.  مشيرة إلى أن هذه النتائج تؤكد على روح التعاون التي قادت التقدم العلمي خلال فترة العصور الوسطى، ما يتحدى الروايات المعاصرة عن العزلة والانقسام بين المجتمعات الدينية المختلفة.

المصدر: ذي غارديان

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: آثار اكتشافات الإسلام الديانة اليهودية المسيحية بحوث دراسات علمية متاحف العالم معلومات علمية

إقرأ أيضاً:

مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية

نوفمبر 4, 2024آخر تحديث: نوفمبر 4, 2024

المستقلة/- سلَّطت فعاليات مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، الذي عُقد بالدوحة على مدار يومين 30-31 تشرين الأول/أكتوبر، بعنوان “الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة”، الضوء على السياسات الكفيلة بحماية الأسر في البلدان المتضررة من النزاعات، وسُبل معالجة التحديات الكبرى التي تواجهها الأسر لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، والتصدي لأضرار الإفراط في استهلاك التكنولوجيا على الأجيال الناشئة، بالإضافة إلى آثار التغير المناخي على استقرار الأسر.

وقد شهد المؤتمر الذي نظمه معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، بالتعاون مع كل من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ووزارة الخارجية في قطر، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، حضور أكثر من 2000 مشارك من الخبراء وصناع السياسات وقادة الفكر من المنطقة العربية وجميع أنحاء العالم، الذين استعرضوا السياسات والبرامج التي من شأنها أن تعزز مكانة الأسرة في قلب المجتمع، وذلك خلال جلسات وفعاليات ركزت على الاتجاهات العالمية الكبرى التي تؤثر على حياة الأسرة.

تخلل المؤتمر مشاركة شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم العربي منهم: سعادة السيدة شاناز إبراهيم أحمد، حرم فخامة رئيس جمهورية العراق؛ وسعادة الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر؛ وسعادة الدكتورة أمثال هادي هايف الحويلة، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وشؤون الأسرة والطفولة في دولة الكويت؛ والدكتور هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان، إلى جانب عدد كبار الشخصيات وأصحاب السعادة.

وألقت الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، شدّدت فيها على أهمية التنبه للتأثيرات التكنولوجية العميقة على الأُسر العربية، وقالت:”لا شكَّ أنّ قضايا الأسرة وتحدياتِها تتماثلُ في المجتمعاتِ جميعِها، ولكنَّها تختلفُ في خصوصياتِها من بلدٍ إلى آخر، فهناك مشتركاتٌ كثيرةٌ بينَ الأُسرِ من شَمالِ العالمِ إلى جنوبِهِ، أبرزُها تحدياتُ التكنولوجيا وتأثيرُها، واللغةُ الأم في عالمٍ معَولَم، وصراعُ الهويات”.

وفي هذا الإطار، تشير دراسة بحثية رائدة نشرتها جامعة ديوك بالتعاون مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، إلى أن 84% من أولياء الأمور في المنطقة يشعرون بالقلق حيال تأثير الأوقات التي يمضيها أفراد أسرهم أمام الشاشات على العلاقات الأسرية، فيما يخشى 67% من احتمالية فقدان أبنائهم لهويتهم وخسارة قيمهم الثقافية في خضم هذا العصر الرقمي.

ويأتي تنظيم هذا المؤتمر، في سياق الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، حيث كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت عام 1994 سنةً دولية للأسرة، مؤكدة على دور الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، والتي ينبغي أن تحظى بأكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة وذلك وفقًا للمواثيق المصادق عليها دوليًا. ويضطلع مؤتمر السنة الدولية للأسرة، الذي يُعقد مرة كل عشر سنوات بدور محوري في تطوير السياسات والبرامج التي يمكنها دعم وتمكين الأسر عبر العالم.

 

وتحدثت خلال الجلسة الافتتاحية أيضًا، السيدة أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، عن أهمية الجهود الدولية في حماية الأسرة قائلةً: “غالباً ما يقع العبء على نسائنا وأطفالنا من غزة إلى السودان، ومن السودان إلى أوكرانيا، ومن أوكرانيا إلى ميانمار، والعديد من الأماكن الأخرى. من واجبنا في هذا المؤتمر أن نسعى لضمان أن تكون الأسرة من حق الجميع، وألا نترك أحداً خلف الركب.”

وقد تناول المشاركون في المؤتمر بالنقاش أربعة اتجاهات عالمية معاصرة تؤثر على الأسرة في قطر والمنطقة والعالم، وهي: التغير التكنولوجي، والاتجاهات الديموغرافية، والهجرة والتمدّن، وتغيّر المناخ.

وفي جلسة نقاشية حملت عنوان:” التأرجح بين الأسرة والعمل”، تحدثت الدكتورة ميمونة خليل آل خليل، الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة، بالمملكة العربية السعودية، عن التحديات والفرص الرئيسية التي تواجه الأسر العاملة في سعيها لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، قائلة: “أثبتت الأبحاث أن ابتعاد الأب والأم لساعات طويلة عن المنزل بسبب العمل، يؤثر على الخصوبة وسن الزواج وكذلك معدلات الطلاق. لذا، لا بد من تقديم مبادرات تهدف إلى التأكد أن النساء نشيطات في القوى العاملة، ولكن التأكد أيضًا أننا نمارس دور الأبوة والأمومة بشكل جيد”.

وأضافت:” بينما نعمل على تمكين الأسر ونطلب منهم توفير حياة أفضل لأطفالهم، علينا أن نتأكد أننا ندعمهم أيضًا بمبادرات مختلفة، مثل العمل المرن، والتربية النشطة. ويتعين على أرباب العمل إدراك أن هذه السياسات سوف تجعل النساء العاملات أكثر إنتاجية وتركيزًا في العمل، وبالتالي يسهمن بشكل أفضل في التنمية الوطنية.”

وفي جلسة أخرى جاءت بعنوان “حياة ممزقة: الأسرة في ظل الحروب والنزاعات”، تحدثت الباحثة والأكاديمية الفلسطينية، الدكتورة نور نعيم، المدير التنفيذي لأكاديمية “آي أي مايندز” عن التدمير الممنهج لكل من الطبقة الوسطى والتعليم في قطاع غزة، قائلة: “تأتي قوة المجتمع في غزة من الأسر والترابط الأسري القوي جدًا، حيث تنزح الأسر إلى منازل بعضها البعض، دون التمييز بين القريب والغريب، ويعيشون معًا كأنهم أسرة واحدة، فهذه هي القيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع في غزّة، عكس ما يحدث دائماً في الحروب. وهناك مجتمع مدني تطوعي شبابي داخل الخيام والمشافي لدعم الأسر الفقيرة، والمتطوعين في مجال التمريض”.

وأضافت: “حالة التكافل المجتمعي في غزة يجب أن تدرّس في الكتب وعلم الاجتماع في العالم بأسره، والدافع الأساسي لهذا التكافل هو أننا كلنا سواسية تحت الموت في كل لحظة، وليس أمامنا الآن رفاهية البكاء، خيارنا هو التماسك والصبر”.

وفي جلسة نقاشية أخرى دارت حول تأثيرات التغير المناخي على استقرار الأسر، سلَّط المتحدثون الضوء على آثار الهجرة الناجمة عن المناخ والأمن الغذائي وندرة المياه والقلق حيال قضايا البيئة، وجاءت بعنوان: “حماية كوكبنا تبدأ من الأسرة”.

وخلالها، قالت السيدة ماهينور أوزدمير جوكتاش، وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في الجمهورية التركية: “لأجل التوصل إلى حلول ناجعة، يبقى الأهم هو تحمل المسؤولية بشكل جماعي، ودعم المؤسسات الحكومية في مختلف البلدان بكوادر بشرية مؤهلة، بالإضافة إلى الدعم المالي اللازم. كما تبقى الحاجة ماسّة لتعزيز التعاون بين مختلف الدول عن طريق تبادل خبراتنا والانخراط في تحالف بيئي من خلال وضع سياسات فعالة ومستدامة تستهدف مواجهة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي”.

بدوره، سلَّط الدكتور محمد بهناسي، وهو خبير بيئي أول في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومقره في العاصمة المغربية، الرباط، الضوء على ثلاث ظواهر بيئية مترابطة تؤثر على الأسر وهي: “النزوح الناجم عن تأثير المناخ وانعدام الأمن الغذائي الذي يتفاقم بسبب التغير المناخي، وانعدام الأمن بفعل الحروب.”  وشدّد على أن “هذه التحديات المترابطة باتت تفضي إلى ما نسميه الهجرة المناخية – أي الهجرة التي ترجع أسبابها إلى قضايا بيئية، وتتضخم أكثر بسبب ندرة المياه والفيضانات والتصحر وإزالة الغابات”.

واُختتمت فعاليات المؤتمر بالإعلان عن “نداء الدوحة للعمل” الذي تضمن سلسلة من التوصيات الرامية إلى التصدي للتحديات الكبرى التي تواجه الأسر حول العالم ودعا الحكومات إلى دعم الأسر وتمكينها من المساهمة في عملية التنمية. ومن المقرر أن تتم مشاركة هذا النداء للتباحث مع جميع المشاركين في مواقع صناعة القرار، ومنظمات الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، ومراكز الفكر، والجامعات، والجهات المعنية.

مقالات مشابهة

  • الرئيس التونسي يتلقى دعوة لحضور القمة العربية الإسلامية المشتركة بالرياض
  • د. محمد سليم شوشة: استخدام الذكاء الاصطناعي في اللغة يُهدد الحضارة العربية
  • أبو شامة: فوز ترامب استثنائي والنتيجة كانت مفاجئة.. أمر يستحق الدراسة
  • ميقاتي يتسلم دعوة من خادم الحرمين للمشاركة في القمة العربية الإسلامية
  • دومة يبحث سبل حل الصعوبات التي تواجه جمعية الدعوة الإسلامية العالمية
  • علي جمعة: الأمة الإسلامية الوحيدة التي عندها عالم الغيب ومشاهد القيامة والجنة والنار
  • ميقاتي تسلّم دعوة من الملك سلمان للمشاركة في القمة العربية - الإسلامية المشتركة في الرياض
  • دومة يناقش العراقيل التي تواجه جمعية الدعوة الإسلامية العالمية
  • ” المعاناة التي تنتظر الهلال”
  • مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية