اختلاف الآراء المصرية حول الشأن السوداني
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان للقاهرة و قبلها إلي ليبيا قد أثارت جدلا كبيرا بين النخب المصرية، و يتركز الجدل حول كيفية الحفاظ على الأمن المصري، و هذا الجدل هو يبين كيف تفهم النخب المصرية للعلاقة السودانية المصرية، إذا كان على مستوى علاقة الجوار بين البلدين هل هي علاقة عادية تحكمها علاقات حدود و احترام الجانبين للشأن الداخلي لكليهما، أم هي علاقة تحكمها عوامل عديدة و متداخلة و لها إرث تاريخي و يربطها برباط إستراتيجي؟.
علقت الدكتورة أماني الطويل الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية عن الشأن الأفريقي على زيارة البرهان لكل من طرابس و القاهرة إلي أحدى القنوات المصرية ونقلته عنها شبكة ” مدينة نيوز” قالت الطويل معلقة ( زيارة البرهان لليبيا كانت لافته للنظر، لأنه قابل أحد قيادات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، و هي تحركات إلي البرهان تثير إلي حد كبير علامات الاستفهام. البرهان بذلك يرسل رسائل متضاربة، و هذه الرسائل المتضاربة في الفترة الأخيرة حازت على نوع من أنواع القلق لدى القاهرة حول تحركاته الإقليمية وزيارته للقاهرة جزء منها لتطمين القاهرة حول تحركاته الإقليمية( الذي يريد أن يطمئن دولة أفضل قبل الزيارة و لا بعدها، المسألة مرتبطة بزيارة ليبيا و جاءت الطويل لكي تقرنها بزيارات أقليمية كأن البرهان جاء مصر لكي يقدم تقريرا كاملا عن زياراته الإقليمية للحكومة المصرية، و هذا فهم قاصر للعلاقة بين البلدين.ز هل بالفعل أن أماني الطويل مدركة و مستوعبة للثقافة الاجتماعية السودانية، التي ليس فيها شيئا من ثقافة الباشوات.. أن العلاقة بين البلدين فيها أحترام متبادل و ندية و لا اعتقد أن الحكومة المصرية تحمل مثل هذه التصورات الباشوية ألتي في مخيلة الطويل و تتعامل بها مع الدول الأخرى و خاصة السودان.
إذا نظرنا للقضية من جانب أخر، نجد حديث اللواء حاتم باشات قنصل مصر الأسبق في السودان و وكيل المخابرات الأسبق و عضو مجلس النواب الآن خلال حديثه في ندوة اللجنة المصرية للتضامن التي قال فيها ( أن هناك عناصر تم تجنيسها من تشاد و ليبيا و مالي و الكاميرون لتشعل الصراع.ز انما يحدث يستهدف احتلال عشوائي للسودان، و يجب أن نفهم الوضع بشكل صحيح.. فهناك خطة خارجية كبيرة لإحداث تغيير ديمغرافي، و جيوسياسي، في 15 إبريل 2023م في اعقاب اندلاع الحرب) أن الحرب الدائرة في السودان تدرك مصر ليست بين جنرالين أنما هي حرب مدعومة خارجية و يشارك فيها مرتزقة ليبين.
قالت أماني الطويل التي خرجت من جلباب الباحثة إلي الإعلامية المثيرة للجدل في اللقاء ( أن قيام البرهان بتسليح المستنفرين و المدنيين كل هذه مؤشرات تُقلق الجوار الإقليمي, وبروز تناقضات على الأرض بين حملة السلاح, وهو بذلك يفتح البلد نحو حرب أهلية على طراز الصومال, وهذه هي أكثر ما يمكن ان يقلق مصر بشكل أو بآخر( مصر القيادة متفهمة تماما لما يجري في السودان، و مستوعبة عملية استنفار المدنيين التي كان قد دعا لها القائد العام للجيش، و التي تجري تحت أمرة الجيش و تتحكم فيها قيادات من القوات .. الغريب في الأمر أن الباحثة أماني الطويل أنحازت لجانب في الصراع السوداني و تبنت خطابه السياسي و تلقي اللوم على الآخرين.. لولا هذا الاستنفار و المقاومة الشعبية لحماية مناطق تواجد المواطنين و ممتلكاتهم ما كان الجيش غير إستراتجية الدفاع إلي الهجوم و تحرير أم درمان.
قالت الطويل في ذات اللقاء (جزء من زيارة البرهان للقاهرة حول موقفه من مخرجات إجتماع المنامة، فكانت هناك إلتزامات معينة لم يتم الإيفاء بها) اعتقد أن لقاء المنامة قد تجاوزته الأحداث في السودان، و رئيس وفد الحكومة السودانية للمنامة الفريق أول شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة و نائب القائد العام للجيش؛ أعلن في النيل الأبيض في مدنية ” كوستي” ليس هناك أي خطوة أخرى في أي مفاوضات قبل أن تخرج ميليشيا الدعم السريع من منازل الناس و المؤسسات الخدمية.. و اعتقد كل الذين كانوا في الوساطة يعلمون ذلك، أن الإثارة التي تتعامل بها الطويل لجذب الإنتباه مفعولها في حدود الذين يريدون طمأنة أنفسهم.أن الخيار الشبي أصبح واضحا هو سودان دون ميليشيا أليست هي رغبة مصر؟.
قال اللواء باشات في ذات الندوة ( المشروع المقصود يريد تقسيم السودان و إلي مسح الكفاءات و الكوادر و العقول الوطنية و قيادات السودان من الحياة .. فلا صوت يعلو فوق صوت المخابرات الأجنبية و التنظيمات المشبوهة القاتلة) و يضيف اللواء باشات (المشروع لا يتعلق بحميدتي لكنه أكبر من ذلك بكثير جدا.. حميدتي ما هو إلا أداة لتنفيذ هذا المشروع.. فهو يقوم بتفكيك الجيش، ثم الدولة ثم الشعب لتسليم هذه ” الكعكة” للجهات الأجنبية و الغاء التاريخ السوداني العريق بحضارته و ثقافته و رموزه) أن حديث باشات يمثل نظرة الحكومة المصرية لما يجري في السودان.. كل هذا الخطر تستنكر الطويل أن يستنفر شباب السودان لحمل السلاح حماية لبلدهم.. ما هو الجديد الذي طرأ على الطويل في أن تغير قناعاتها..
و قالت الطويل أيضا (تحركات البرهان نحو إيران, تجعل هنالك ارتباطا بين الملف السوداني و غزة, لأن إيران الآن لديها منصات في المنطقة العربية “الحوثي”و “حزب الله” و “حماس” وهو ما سيفتح زاوية جديدة للتأثير الإيراني الذي سيجر المنطقة إلى حرب إقليمية.) ليس هناك أي ارتباط بين الاثنين إلا في مخيلة أماني الطويل و هو الذي جعل فكرة خطابها تتماها مع التقرير الذي بثته قناة “الحدث العربية” و الغريب في الأمر أن السعودية و الامارات قد اعادتا علاقتيهما مع إيران. و الدولتان في حالة حرب مع الحوثيين في اليمن حلفاء إيران.. و تستنكر الأمارات عودة علاقة السودان مع إيران من خلال إشاراتها للإعلام الذي يبث من أراضيها.. و ركبت الطويل الموجة وفقا لقناعة تعود للإنحاز الذي أرادته.. أن عشمنا كبير أن تعيد دكتورة الطويل ارتداد جلباب الباحثة مرة أخرى لأنه يعطيها رونقة و اناقة في خطابها الذي أصبحت حمولته التشكيكية عالية لما يجري في السودان..
الوسومزين العابدين صالح عبد الرحمنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمانی الطویل فی السودان
إقرأ أيضاً:
الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
فاطمة غزالي
نعيش في دوحة المبادئ السامية والقيم العليا التي غرستها ثورة ديسمبر المجيدة، لا تزال المنقوشة على جدران الوطن وتحتل أعماق الوجدان السوداني رغم الابتلاء بالحرب فالثورة حاضرة في أذهان الشرفاء والإيمان باستمرارها مسيطر على أفئدة وعقول جيلها من الشابات والشباب الذين قدموا أعظم نماذج التضحيات فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ما بدلوا تبديلا.ديسمبرثورة جيل وثقت شجاعته بنادق القناصة، وسياط الجلادين، وأدوات التعذيب لم يتراجع ظل صامداً كالأجيال السابقة في درب النضال السلمي من أجل الحرية والسلام والعدالة في أكتوبر وأبريل وجميع ثورات التحرر من الظلم والقهر. ثورة ديسمبر المجيدة ليست لحظة عابرة في حياة الشعب السوداني ولن تكون فعل ماضي نتباكى عليه بل هي فعل مستمر تختلف الأساليب والآليات والأدوات مع اختلاف الظروف لأن الالتزام بتحقيق مبادئها عهد قطعته القوى المدنية والسياسية المؤمنة بالسلام والحرية والعدالة. الشاهد جيل ثورة ديسمبر هزم انقلاب 25 أكتوبر2021، وفشل الإنقلابيون في إعادة النظام البائد إلى السلطة بسبب الحراك الثوري والمليونيات التي أكدت تمسك الشعب بالحكم المدني الديمقراطي، ومارس جيل ثورة ديسمبر شعائر ثورته بقداسة السلمية، وهو مؤمن بأنها الطريق إلى الخلاص من طغيان الحركة الإسلامية السودانية التي وظفت المؤسسة العسكرية لمصلحة مشروعها، ونفذت عبرها انقلاب 30 يونيو 1989م، وانقلاب 25 أكتوبر2021م إلا أنها أي الحركة الإسلامية حينما فشلت بعد ألانقلاب الأخير في السيطرة التامة على مقاليد الحكم وإعادة إنتاج مشروعها بتشكيل حكومة إسلاسية كاملة الدسم استحضرت منهجها لأيديولوجي الشيطاني القائم على إراقة الدماء في إدارة صراعاتها مع القُوَى السياسية والشاهد على تنفيذ الشعار استباحة الدماء في سبيل الوصول إلى السلطة بدعوى أنها الحارس لدين الله في الأرض (فليعُد للدين مجده أو تُرق منا الدماء… أو تُرق منهم دماء.أو تُرق كل الدماء). فكرة حرب 15 أبريل 2023 م لم تأت من فراغ بل هي تنفيذ للشعار (أو تُرق كل الدماء) حينما أدرك الإسلاميون أنهم خارج منظومة إدارة السودان بعد تجربة الثلاثين عاماً من الدمار. معلوم لدى الكثيرين أن تراجيديا الحرب الكارثية سيناريو كتبته الحركة إسلامية الخبيثة استخدمت الجيش والدعم السريع لتنفيذه من أجل القضاء على ثورة ديسمبر ووئد أي محاولة للعودة بالبلاد إلى الحكم المدني الديمقراطي وإن كان الثمن إبادة كل الشعب السوداني (أو تُرق كل الدماء) وهي الحقيقة التي يحاول البعض غض البصر عنها (لشيء في نفس يُوسُف).
لا شك في أن قيادات الحركة الإسلامية المدنية والعسكرية التي مسيطرة على القرارات داخل مؤسسة الجيش ولا يريدون السلام لأنه يعني عودة جيل الثورة إلى الميادين من أجل تحقيق شعار ثورة ديسمبر (حرية وسلام وعدالة). الإسلاميون يعلمون أن جبروت الحرب لم يفلح في نزع الثورية من نفوس الثوار أو كسر إرادتهم في التغيير بالرغم من محاولات شق صف لجان المقاومة بالاستنفار واستهداف بعضهم بالاعتقالات واتهامهم بالعمالة. الثوار الشرفاء جددوا عهدهم وتمسكوا بثوريتهم فغيروا مؤشر الحراك الثوري من الميادين والطرقات التي سيطرت عليها القوى العسكرية إلى معسكرات النزوح والتكاياعبر لجان الطواري ووجهوا طاقاتهم وإمكانيتهم لخدمة المدنيين الأبرياء والسعي إلى تلبية احتياجاتهم في معسكرات النزوح ومراكز الإيواء والتكايا بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات العاملة في مجال العمل الإنساني وأهل الخير من أجل اطعام الجِياع وسقاية العطشى وعلاج المرضى… يعملون ليل نهار لإنقاذ أرواح المدنيين الذين أصبحوا بين مطرقة الجيش وسندان الدعم السريع.
شعار (فليعُد للدين مجده أو تُرق منا… أو تُرق منهم دماء… أو تُرق كل الدماء) يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن أهل السودان لن ولم يكونوا بخير وفي أمن و سلام ما لم تُقبر الحركة الإسلامية السودانية لأنها محور الشر، أس وأساس المعاناة، مصدر العذاب والقهر ومنبع العنف والدمار. تجربة قيادات الحركة الإسلامية في الحكم لمدة ثلاثين عاماً قضتها في تصفية الحسابات مع معارضيها من القوى السياسية والمدنية بجانب الفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي والإبادة الجماعية دارفور التي تسببت في ملاحقة الرئيس المخلوع جنائياً عمر البشير عبر المحكمة الجنائية الدولية، ولم تسلم العديد من مناطق السودان من الحروب كل هذه السياسات الديكتاتورية تؤكد أن جُرم الحرب جُرمهم وأن مسؤوليتها الكبرى تقع على قياداتها التي حرضت وتوعدت بالحرب الذي فتح أبواب الحجيم على الكل فكانت الممارسات السادية الإجرامية في التي مورست ومازال تمارس على الأبرياء من قبل طرفي الحرب. فلول النظام البائد يتلذذون بعذاب الشعب الذي يواجه القتل والتشريد والمعاناة في رحلة النزوح واللجوء والرعب في ميدان المعارك حيث تدور وَسْط الأحياء السكنية وفي قلب القرى والمدن والفرقان والكارثة الأعظم هي إغلاق منافذ السلام الذي يتشوق إليه المدنيين من أجل استعادة كرامتهم المسلوبة وطنهم المفقود.المؤسف أن تطلعات الشعب إلى السلام تصطدم بالعقبة الكؤود الذي وضعتها مليشيات الكيزان(كتائب البراء) في طريق السلام بدعوى حرب الكرامة وهي كلمة الحق الذي اريد به باطل. كرامة الشعب هي أن يشعر بالأمن والسلام والاستقرار، كرامة السودانيين ستعود إليهم عندما تتحقق آمالهم التي تعبر عنها كلمات الشاعر طارق الأمين:-
( كل آمالي نا..
السلام يملاها.. يطلع من هنا..
والحمام يتشابى
تقدل طفلة حلوة وبين إيديها كتابا
وحبوبة تمسح بالحنين أكوابا
والقمرية تصدح.. تستريح دبابة)
لاشك أن المعاني الجميلة للسلام الذي يعبر عن الحياة السودانية الجميلة التي وردت في كلمات الشاعر طارق الأمين تتناسب تناسباً عكسياً مع أهداف الإسلاميين وقياداتهم في الجيش والدليل على ذلك تصريحات الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش الذي يتمسك بخيار الحرب بالرغم من أهوال الحرب الذي يشيب لها الولدان وفي ذات الطريق يسير ياسرالعطا وهو يصرخ ويهدد ويتوعد ويغلق الباب أمام السلام ويؤكد عدم رغبة الإسلاميين في السلام ومقولته الشهيرة “لا سلام ولا هدنة وإن استمرت الحرب لمائة عام “… مئة عام تُراق فيها كل الدماء يا هذا؟ كم تعشقون الدماء! أولم يكفيكم إفساد حياة السودانيين بالحرب الذي دمر الوطن وشعبه وببنيته التحتية ومؤسساته الخدمية والمدنية وليس فحسب بل أفعالكم التي تغذي تقسيم المجتمع السوداني الذي وحدته ثورة ديسمبر بشعاراتها (سلمية… سلمية ضد الحرامية، حرية سلام وعدالة، يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور).
الإسلاميون عشاق الانفصال يسعون إلى تقسيم البلاد ولكن هيهات لَمَّا يخططوا. لسان حال قيادات النظام البائد كأنه يقول إن الشعب السوداني رهينة في أيديهم ولا قرار له وعليه أن يخضع لسياساتهم المدمرة كما خضع لإرادتهم في تجربة فصل الجَنُوب مع اختلاف المعطيات والظروف إلا أن النتيجة التي يسعى إليها الإسلاميين واحدة هي تفكيك البلاد إلى دويلات. قصدوا في تجربة الجنوب ألّا تكون الوحدة جاذبة وعملوا لتحقيق ذلك الانفصالين من الجنوب حتى تكون النتيجة لمصلحة الانفصال. بشأن الحديث المتداول عن التقسيم القائم على إرادة قوة الحرب هناك تساؤلات كثيرة تطرح نفسها هل محاولة شيطنة القوى السياسية والهجوم على(تقدم وقحت) محاولة لعزل القوى السياسية والمدنية لتنفيذ مخطط التقسيم كما حدث في اتفاقية نيفاشا وقعوا على تقرير المصير مع الحركة الشعبية إنابة عن الشماليين دون تفويض من الشعب؟ … نعم دون تفويض من الشعب ومعلوم أن الإنقاذ سرقت الديمقراطية و فرضت نفسها على الشعب السوداني بقوة الدبابة ولم تشهد البلاد انتخابات حرة ونزيهة في عهدها البائد. على أي أساس يتم فصل غرب السودان من بقية أطراف على أساس جهوي أم قبلي وإثني؟ وماهي الحدود الجغرافية التي يتم على أساسها التقسيم، هل يكون هناك استفتاء لولايتي الجزيرة والنيل بشأن تقرير مصيرهم هل يذهبون مع كردفان ودارفور أم إلى الشمال الجديد الذي يرسم البرهان وحاضنته السياسية (الكيزان) خريطته؟ .لا يختلف اثنان في أن الإسلاميين فصلوا الجَنُوب لأسباب دينية وعنصرية، هل الآن يحاولون إعادة ذات السيناريو بزج البلاد في دوامة التشظي لأسباب عنصرية؟ هل يريدون أن يدفع كل السودان فاتورة صراعاتهم مع الدعم السريع من أجل السلطة؟ وماهي القوى الإقليمية التي تغذي الانقسام لتحقيق مصالحها؟ هل يظل الشعب السوداني أسير لأمزجة القوة التي تحمل السلاح (الجيش والدعم السريع) وتسيطر على الأرض والإعلام والفعل السياسي؟ ماهو مصير المشتركة التي تقاتل بجانب الجيش؟ حتى متى تظل القُوَى السياسية والمدنية بعيدة عن مسرح الأحداث التي خلقت قُوَى الحرب واقعها، وهل يسمح الشعب السوداني بأن يكون تقسيم السودان بقوة السلاح؟ وماذا عن علاقات المصاهرة واالأخوة والصداقات العميقة بين الأسر السودانية؟ هل فكر الانفصاليون في ماذا يعني التقسيم؟ … حقيقة لسنا بحاجة إلى فلم جديد بعنوان(وداعاً عائشة أو مريم أو فاطمة) تكفينا جراحات فيلم (وداعاً جوليا)..
بالرغم من الحملات العنصرية التي تديرها الغرف الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لقوى الحرب التي تستغل حالة الغبن الشعبي من الانتهاكات والفظائع ضد المدنيين بلا استثناء ومازال تحدث نتيجة للحرب ،إلا أن العلاقات التي تربط بين السودانيين أقوى من أن تعصف بها تفاهات العنصريين التي تتعاطى معها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان) قانون الوجوه الغربية) الذي يستهدف المواطنين بدوافع جهوية وقبلية وسياسية مثلاً لهذه العنصرية وحملة الاتهامات والاعتقالات والقتل والتعذيب الذي يتعرض له بعض المواطنين من قبل طرفي الحرب (الجيش والدعم السريع) لأسباب جهوية وقبيلة وسياسة أيضاً جميعها ممارسات ترفع درجة حرارة الغبن في النفوس وتزيد رصيد العنصريين ما لم تقف القوى المدنية والشرفاء من الكنداكات والثوار وقفة إنسان واحد لمواجهة التحديات الكبيرة التي تتعلق بمصير ما تبقى من السودان المهدد كيانه ووحدته. السودانيون يمرون بتجربة قاسية وامتحان صعب بيد أنهم قادرون على تجاوز الصعاب شريطة أن تشَكَّل القوى السياسية والمدنية الديمقراطية رافعة قوية بأفعال تخرج السودانيين من حالة الاصطفاف الجهوي والقبلي وهذا لا يتحقق إلا بالسمو فوق الخلافات والعمل بالحد ألأدنى من التلاقي والتنسيق حتى لا يترك مصير السودان للقوى الذي يحمل السلاح فقط.السودان بالرغم من تنوعه القبيلي والجهوي والديني والثقافي فإن الرابطة الإنسانية والوطنية بين السودانيين أقوى من يجرفها طوفان الحرب الذي أخرج عقارب وثعابين العنصرية التي تنفث سمها في الموطنيين الأبرياء في مناطق الحرب والسلم .قطعاً طول أمد الحرب ليس في صالح النسيج الاجتماعي الذي تعبث به أيادي الانفصاليين إلا أن الأمل كبير في جيل ثورة ديسمبر الذي مازال رافعاً رايتها لتضميد جراحات الوطن الذي أنهكته الحرب.ألم يأن للسودانيين أن يعيشوا في سلام؟.
لا للحرب… نعم للسلام