التيار يسحب البساط المسيحي من تحت حزب الله
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
لم يعد التمايز الذي يقوم به "التيار الوطني الحرّ" في خطابه السياسي مع "حزب الله" يقع في اطار المناورة او تحسين الشروط، بل بات طلاقا بالمعنى الكامل للكلمة، اذ ان العونيين من اعلى هرمهم، اي الرئيس السابق ميشال عون، الى الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي مع إستثناءات قليلة، باتوا على خلاف علني شامل مع حارة حريك التي لم تدخل حتى الآن في اي جدال اعلامي مع الحليف السابق.
انتقل "التيار الوطني الحرّ" بقيادة رئيسه جبران باسيل في خلال اشهر، من كونه حليفاً كاملاً لـ"حزب الله" إلى طرف متمايز معه في القضايا الداخلية ووصل في الايام الماضية الى الخلاف الكامل حتى في القضايا الاستراتيجية، بمعنى آخر بات خصوم الحزب، مثل تيار المستقبل او الحزب التقدمي الاشتراكي يرفعون خطاباً أقرب إليه من خطاب حليفه البرتقالي الذي بات ينافس "القوات اللبنانية" بخصومتها مع الضاحية الجنوبية.
يعمل العونيون على اظهار الخلاف وتظهيره من دون اي سبب مباشر، اذ ان المعركة الحاصلة في الجنوب لا تشكل بشكلها الحالي اي مادة خلاف ضمن حسابات التحالف السابقة، لكن "التيار" دخل في كباش اعلامي من طرف واحد وأخذ بتصعيده بشكل تدريجي حتى وصلت الأمور إلى خطاب باسيل الاخير الذي قال فيه أن صوته "أعلى من صوت المدفع" على شاكلة "اذا بدك فييّ غطي عالمقدح" في مسرحية "شي فاشل" لزياد الرحباني.
لم يطلب "حزب الله" من باسيل عدم الاعلان عن الخلاف الحاصل في موضوع وحدة الساحات ولم يقل اي من مسؤولي الحزب علناً او في جلسات خاصة مع التيار (المقطوعة حالياً) ان صوت المعركة أعلى من الخلافات السياسية، بل على العكس يتعامل الحزب ببرودة مطلقة مع الاصوات المعارضة التي تعرف أن مسألة الاشتباك العسكري في الجنوب بات مادة للمفاوضات الدولية ولا يمكن لاي طرف داخلي التأثير عليه بها.
لكن على قاعدة "علّي وخود جمهور" قرر باسيل رفع صوته أعلى من صوت المدفع، وأعلن الطلاق، كما فعل عمه الرئيس السابق ميشال عون مع الحزب، ولعل هذه الخطوة تسحب البساط المسيحي عن "حزب الله" في لحظة المعركة العسكرية، علماً ان اختيار اللحظة لم يكن موفقاً، اذ ان خسارة الحزب المسيحيين في السياسة لم يعد مؤذيا كما كان عليه عام ٢٠٠٦ مثلا، خصوصا ان الحزب بات لديه غطاء سني ودرزي لا بأس به ولم يعد هناك امكانية لعزله.
وعليه بات "التيار" ورئيسه امام ازمة فعلية، فهم بلا ادنى شك يحاولون ارباك "حزب الله" في هذه اللحظة الحساسة وهذا يحصل وان بشكل نسبي، لكن مستوى الضغط الذي يحقق الموقف العوني لا يرتقي الى درجة تجعل الحزب يتنازل لباسيل سياسيا او رئاسيا، وفي الوقت نفسه لا يستطيع باسيل التراجع عن هجومه على الحزب من دون حجة بالغة الوضوح والا سيكون الخاسر الاكبر امام الرأي العام. المصدر: خاص
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
انسحاب التيار الصدري.. فرصة للمدنيين أم تعزيز للهيمنة التقليدية؟
30 مارس، 2025
بغداد/المسلة: فاجأ التيار الصدري الأوساط السياسية العراقية بإعلانه استمرار المقاطعة للعملية السياسية وعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، وسط حالة من الاستقطاب الحاد وصراع النفوذ بين القوى التقليدية والمستجدين على الساحة.
الانسحاب، الذي برره الصدريون بعدم وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات، فتح الباب أمام تساؤلات عما إذا كان ذلك سيفتح المجال أمام القوى المدنية، أم أنه سيصب في صالح الإطار التنسيقي الذي طالما شكل القوة المضادة للصدر سياسياً.
على منصات التواصل الاجتماعي، علق ناشطون على الانسحاب، معتبرين أنه قد يمنح القوى المدنية فرصة ذهبية للمنافسة الجادة، بعيداً عن سيطرة الأحزاب التقليدية.
أحد المغردين كتب: “غياب الصدريين يزيل أحد أركان الصراع السياسي، لكن هل نحن مستعدون لملء هذا الفراغ؟”. فيما يرى آخرون أن التجارب السابقة تؤكد أن مثل هذه الانسحابات غالباً ما تكون تكتيكية، وقد تعقبها تحولات دراماتيكية في اللحظات الأخيرة.
القوى المدنية تحاول بالفعل استغلال هذا الفراغ، فشخصيات بارزة من المستقلين وناشطي الحراك الاحتجاجي بدأوا بطرح أنفسهم كبديل حقيقي، مستفيدين من تراجع ثقة الشارع في الأحزاب التقليدية. لكن يبقى السؤال الأهم: هل يملكون الأدوات الكافية لمنافسة الأحزاب الممسكة بزمام السلطة، والتي تمتلك المال والسلاح والقاعدة الجماهيرية المنظمة؟
في المقابل، يبدو أن الإطار التنسيقي، الخصم الأبرز للتيار الصدري، هو المرشح الأكبر للاستفادة من الانسحاب. فبغياب التيار، سيكون من السهل عليه تعزيز نفوذه السياسي وحصد عدد أكبر من المقاعد البرلمانية.
تحليلات تؤكد أنه يستعد بقوة لاستثمار هذه اللحظة، فيما تشير تحليلات اخرى إلى أن انسحاب الصدريين قد يكون مقدمة لإعادة ترتيب التحالفات داخل البيت الشيعي، خاصة مع وجود قنوات اتصال غير معلنة بين بعض أطراف التيار والإطار.
الانتخابات المقبلة تبدو مفتوحة على جميع الاحتمالات. فإما أن نشهد اختراقاً للقوى المدنية واستفادة من الانسحاب الصدري، وإما أن يكون غياب التيار مجرد عامل إضافي لتعزيز هيمنة القوى التقليدية على المشهد السياسي.
والقوى المدنية في العراق لا تزال تواجه تحديات كبرى في فرض نفسها كفاعل أساسي في المشهد السياسي، لكنها رغم ذلك استطاعت تحقيق اختراقات مهمة خلال السنوات الماضية، خاصة بعد احتجاجات تشرين 2019 التي زعزعت معادلات السلطة التقليدية. لكن ما زال تأثيرها محدوداً أمام الأحزاب التقليدية المدعومة من شبكات نفوذ سياسية ومالية وأمنية قوية.
وفي الانتخابات الأخيرة، تمكنت القوى المدنية، المتمثلة بالمستقلين وبعض الأحزاب المنبثقة عن الحراك الشعبي، من تحقيق نتائج لافتة، لكنها لم تكن كافية لتغيير التوازنات. فبينما دخل المستقلون البرلمان بعدد مقاعد متواضع، لم ينجحوا في تشكيل جبهة موحدة قادرة على فرض أجندة إصلاحية قوية. أغلبهم انقسموا بين تحالفات متباينة، مما أضعف تأثيرهم في عملية صنع القرار.
وقد يمنح انسحاب التيار الصدري من الانتخابات المقبلة، المدنيين فرصة ذهبية لتعزيز حضورهم، لكن التحدي الأكبر يكمن في قدرتهم على استغلال هذا الفراغ بفعالية فيما الأحزاب التقليدية، وخصوصاً قوى الإطار التنسيقي، تمتلك خبرة تنظيمية وموارد مالية تجعلها أكثر قدرة على ملء الفراغ الذي يتركه التيار الصدري، ما لم تتمكن القوى المدنية من التحرك بذكاء لإقناع الناخبين بأنها البديل الحقيقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts