شراكة استراتيجية بين غرف دبي ومجموعة موانئ دبي العالمية لتعزيز تنافسية الإمارة أمام الاستثمارات العالمية ودعم التوسع الخارجي
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
أعلنت غرف دبي عن توقيعها مذكرة تفاهم استراتيجية مع مجموعة موانئ دبي العالمية “دي بي ورلد” يمكن بموجبها لغرف دبي الاستفادة من شبكة تواجد المجموعة في الأسواق العالمية، لتأسيس وافتتاح واستضافة مكاتب تمثيلية خارجية للغرف في مرافق المجموعة حول العالم، وذلك دعماً لمبادرة “دبي جلوبال”.
ووقّع الاتفاقية اليوم في مقر غرف دبي كل من معالي عبدالعزيز عبدالله الغرير، رئيس مجلس إدارة غرف دبي، وسعادة سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية “دي بي ورلد”، رئيس مجلس إدارة غرفة دبي العالمية.
وتتماشى الشراكة مع مبادرة “دبي جلوبال” التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي بهدف إنشاء 50 مكتباً تمثيلياً حول العالم بحلول عام 2030، وذلك بهدف استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والموهوبين والمبدعين وأصحاب الثروات.
وتقود غرفة دبي العالمية، إحدى الغرف الثلاث العاملة تحت مظلة غرف دبي، مبادرة “دبي جلوبال”، علماً أن الغرفة افتتحت العام الماضي 16 مكتباً تمثيلياً جديداً لتوسيع شبكتها العالمية عبر أمريكا الجنوبية وأوروبا وأفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وأستراليا والشرق الأوسط. وفي الوقت ذاته، تحرص غرف دبي على مواصلة تفعيل دورها الريادي الذي يدعم جهود الشركات المحلية الساعية إلى توسيع نطاق انتشارها الدولي ودخول الأسواق العالمية.
وقال معالي عبدالعزيز عبدالله الغرير، رئيس مجلس إدارة غرف دبي: “نسعى من خلال هذا التعاون إلى تحقيق أهداف مبادرة “دبي جلوبال”، ودعم جهودنا لزيادة حجم التجارة والاستثمار بما يتماشى مع أجندة دبي الاقتصادية “D33″، ونتطلّع إلى مواصلة تفعيل الشراكات مع مختلف الجهات المعنية في الدولة بما يحقّق الأولويات الاستراتيجية للغرف، ويعكس المناخ الاستثماري المتطور الذي تعيشه إمارة دبي على مختلف الصعد”.
ومن جانبه قال سعادة سلطان أحمد بن سلّيم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة “دي بي ورلد” ورئيس مجلس إدارة غرفة دبي العالمية: “تسهم هذه الشراكة الاستراتيجية في ترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي للتجارة والاستثمار، ونأمل في أن تلعب دوراً فاعلاً في زيادة تدفقات التجارة الخارجية إلى الإمارة، حيث يفتح هذا التعاون مع غرف دبي المجال للاستفادة من تواجدنا الخارجي وتمكين حركة التجارة العالمية، مما يمثل نموذجاً يحتذى للتعاون الفعّال في مجتمع الأعمال لتضافر الجهود وتحفيز الاستثمار في الإمارة، وتسريع نموها وزيادة تنافسيتها على مستوى العالم”.
ومن المتوقع أن يسهم الحضور الدولي الواسع لمجموعة “موانئ دبي العالمية” في 74 دولة عبر القارات الست وشبكة المكاتب التمثيلية لغرف دبي في 31 مدينة حول العالم، في تعزيز الخدمات التي يقدمها الطرفان للشركات المحلية، ويساعدها على توسيع نطاق وصولها إلى الأسواق الدولية. كما تساهم هذه الشراكة في تسهيل تواصل الشركات المحلية مع أصحاب المصلحة والشركاء المحتملين في جميع أنحاء العالم بما يدعم توسعها نحو أسواق جديدة، وتوسيع عملياتها التشغيلية، وعقد الشراكات العابرة للحدود.
وتعد غرف دبي المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية ونمو الأعمال في دبي؛ وتعمل على تمكين مجتمع الأعمال المحلي، وبناء وتعزيز الشراكات الدولية، وتسريع الاقتصاد الرقمي، وترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي للأعمال والاستثمار.
وتعتبر موانئ دبي العالمية شركة لوجستية إماراتية متعددة الجنسيات تتخذ من دبي مقراً لها، وتتخصّص في دعم وتطوير الأعمال والخدمات اللوجستية بعمليات تشمل الموانئ والمحطات والمجمعات الصناعية والخدمات اللوجستية والمناطق الاقتصادية الحرة والخدمات البحرية والمراسي، كما وتعد الشركة المزوّد الرائد للحلول اللوجستية الذكية المتكاملة والرامية إلى تمكين التدفق التجاري حول العالم. ومع تقديمها مجموعة شاملة من المنتجات والخدمات التي تغطي جميع مراحل سلاسل التوريد، توظف موانئ دبي العالمية تقنياتها الرائدة على مستوى القطاع لتقديم حلول تجارية أكثر ذكاءً وكفاءة، وتحقيق أثر إيجابي مستدام على الاقتصادات والمجتمعات والبيئة.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
مشروع التوسع الإسرائيلي يهدد أمن العالم
عندما «اقترح» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سكان غزّة تركها علّل ذلك بأنه يسعى لإحلال السلام في الشرق الأوسط. بينما رآه الكثيرون خطوة على طريق يؤدّي لإفراغ القطاع من سكانه تمهيدا لاقتطاعه من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال ترامب أنه يريد من مصر والأردن استقبال الفلسطينيين من القطاع. «نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها. كما تعلمون، على مر القرون شهدت هذه المنطقة نزاعات عديدة». هذا الحماس الأمريكي للتوسع الإسرائيلي ستكون له تبعاته الإقليمية والدولية. فبرغم ما يدّعيه الغربيون من تماسكهم إزاء التحديات الأمنية التي تتحداهم من خارج عالمهم، فإن قضية فلسطين بقيت، على مدى ثلاثة أرباع القرن، شاهدة على عجزهم وتراجعهم الإنساني والأخلاقي.
فالمشاهد التي اكتظت بها شاشات التلفزيون في الشهور الأخيرة التي تظهر التوحش الإسرائيلي وعقلية التدمير غير المحدودة وما يمثله ذلك من تحد لأبسط قواعد الاشتباك التي يفترض أن الغربيين قد أقرّوها بعد الحرب العالمية الثانية، قلّصت من احترام العالم للسياسة الغربية. فما حدث لا يعكس قوّة حقيقية بقدر ما يعمّق الشعور بهيمنة المشاعر الشيطانية بالغلبة المادّيّة على حساب الالتزام الأخلاقي.
وهذه الحقيقة تضعف ثقة المواطن الغربي نفسه في مدى ما يمكن أن يتمتع به من أمن مستقبلي. فالحريق الذي يشب في حظيرة الجيران يمكن أن يعبر السواتر والحدود، فمن يضمن عدم تكرار مشاهد غزّة في مدن غربية أخرى فيما لو نشب نزاع مع حكام «إسرائيل» مستقبلا؟ فالنزعات الشيطانية المختزنة في عقولهم لا تختلف عن عقلية هتلر التي عاثت في أوروبا دمارا.
لقد أصبح واضحا أن الحرب الشرسة التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على القطاع منذ عام ونصف كانت تهدف لتحويله إلى منطقة دمار شامل لا يمكن إعادة بنائه. وما أكثر ما ردّد السياسيون الغربيون القول باستحالة إعادة إعمار غزّة. بل ادّعى بعضهم أن ذلك يحتاج لثلاثين عاما.
ولكن سرعان ما طرحت مقولات أخرى تؤكد أن إعادة البناء لن تستغرق أكثر من ثلاث سنوات، وقالت تقارير عن بعض أطراف الأمم المتحدة أن الركام ملوث بمادة الأسبستوس.
ومن المعروف أن بعض مخيمات اللاجئين التي دُمرت أثناء الحرب قد بُنيت بهذه المادة. ومن المحتمل أن يكون الحطام محتويا على أشلاء بشرية لأن الدمار الذي أحدثته «إسرائيل» شامل وغير مسبوق، ولا تنحصر أهدافه بالانتقام والقتل فحسب، بل أن من خطّط للعدوان كان يهدف لجعل المنطقة مستعصية على إعادة البناء والتأهيل للاستخدام البشري. ومع التكاليف الباهظة لذلك والفترة الزمنية التي يحتاجها إعادة الإعمار، وتشجيع أكثر من مليون ونصف من سكان غزة على النزوح إلى مناطق وبلدان أخرى، يصبح مشروع إخلاء المنطقة من السكان أمرا ممكنا، في نظر المحتلّين وداعميهم.
ليس معلوما بعد أبعاد الخطّة التي تعتبر استكمالا لما حدث في 1948 و 1967 من احتلال الأرض وإقصاء أهلها. ولكن يبدو أن تصريحات الرئيس الأمريكي ساهمت في إفشالها. فما أن أطلق تصريحاته حتى ارتفعت أصوات الشجب والاستنكار من حكومات كثيرة ومنظمات حقوقية وإنسانية عديدة. ومع أن ترامب شخص عنيد يصرّ على موقفه ولا يتنازل عادة، ولكن يبدو أنه لم يتوقع حدوث ردّة فعل بالحجم الذي حدث.
ولا شك أن صمته خلال العدوان الإسرائيلي، وربما مشاركة القوات الأمريكية في القصف والتدمير يوحي بوجود خطة معدّة سلفا لإكمال مشروع الاحتلال. هذا المشروع انطلق بالتدمير الشامل لقطاع غزة بشكل فاق ما حدث في الحرب العالمية الثانية من دمار، بحيث تبدو الدعوة لإخلائه من الفلسطينيين أمرا مقبولا، بل ربما يوحي باهتمام إنساني يتجاوز الأطماع السياسية.
برغم ما يدّعيه الغربيون من تماسكهم إزاء التحديات الأمنية التي تتحداهم من خارج عالمهم، فإن قضية فلسطين بقيت، على مدى ثلاثة أرباع القرن، شاهدة على عجزهم وتراجعهم الإنساني والأخلاقي
ويبدو كذلك أن المشروع حظي بقبول عام لدى الأوساط الغربية، ولكنه كان من البشاعة بمكان بحيث دفع الحكومات العربية لرفضه جملة وتفصيلا لأنه كان فاقعا، نضح بدماء أكثر من 46 ألفا من سكان القطاع.
كما حدث إدراك مهم بأن الانصياع للخطة الأمريكية ـ الإسرائيلية ستمهّد لتطورات أخطر، وأن الأردن سيكون المحطة الأخرى التي يتضمنها مشروع توسيع الاحتلال الإسرائيلي. كما اتضح للكثيرين أن خطّة احتلال غزة بداية لتنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى» الذي سوف يزداد توسعا ويشمل بلدانا عربية أخرى وحدودا تصل إلى العراق.
برغم ما قيل، ليس هناك ما يؤكد توقف المشروع الاستيطاني الجديد عند هذا الحد، وأن المحتلّين سوف يستمرون في استهداف المناطق التي يسعون لضمها لمشروع التوسع والاستيطان الإسرائيلي.
وليس من المنطقي كذلك افتراض ان الضخّ الأمريكي والأوروبي لكيان الاحتلال سوف يتوقف في المستقبل المنظور. ولكن السؤال: ما مصلحة الغربيين من توسع «إسرائيل» بلا حدود؟ ما مصلحة الغربيين من انتشار القوات الإسرائيلية داخل الحدود السوريّة لتدمير كافة ما لدى ذلك البلد من إمكانات عسكرية وتحويلها إلى بلد منزوع السلاح؟ لقد أصبحت القوات الإسرائيلية تسيطر على مساحات واسعة وأصبحت على مقربة من دمشق. فهل هذا يخدم الأمن والسلم الدوليين؟ وماذا عن روسيا؟ لا شك أنها فقدت قدرا كبيرا من نفوذها في الشرق الأوسط بسقوط بشار الأسد، فما الذي بقي لديها من نفوذ بعد العراق وسوريا؟ الواضح أن روسيا في العقود الأخيرة لم تعد الاتحاد السوفياتي الذي كان في حالة توازن مع الناتو في ذروة الحرب الباردة.
ومع تطور العلاقات الشخصية بين ترامب وبوتين تراجعت حدّة التنافس بين الشرق والغرب، حتى أن أزمة أوكرانيا التي كان بالإمكان أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، تراجعت كثيرا، ولم تعد أمريكا متحمسة لدعمها من أجل التخلص من النفوذ الروسي. إنها واحدة من حوادث القدر على صعيد التوازن الدولي حيث لم تعد هناك أجواء منافسة ساخنة، خصوصا مع توسع نفوذ لاعبين آخرين، واستمرار أمريكا في رفع نفقات التسلح برغم تراجع نفوذها الاقتصادي في مقابل توسع النفوذ الاقتصادي الصيني.
وهكذا أصبح شبح الحرب أمرا مقلقا يسعى الجميع لمنع وقوعه نظرا لما لذلك من مخاطر غير محسوبة. بل أن أمريكا نفسها، برغم الضوضاء السياسية حول إيران وإرسال طائرات بي 2 إلى الشرق الأوسط، هرعت لتبريد نقطة التماس الوشيكة مع إيران، وبدأت حوارا استراتيجيا مع طهران في العاصمة العمانية، مسقط. فمع ما يبدو من تصاعد احتمالات الحرب بدأ الحوار مع ترسخ قناعة الغربيين بأمرين: أولهما استحالة وقف المشروع النووي الإيراني، وثانيهما عدم وجود ما يؤكد توجه إيران لإنتاج أسلحة نووية.
لا شك أن فسيفساء التوازنات السياسية والعسكرية في المنطقة تزداد تعقيدا، ولكن يخفف من مخاطر ذلك التنوع شعور الأطراف جميعا بضرورة منع وقوع الحروب خصوصا في ضوء عجز العالم عن احتواء الأزمة الأوكرانية من جهة، أو احتواء مخاطر التوتر المتواصل في الشرق الأوسط من جهة أخرى. كما أن العجز عن احتواء أزمة السودان التي أصبحت تتحدى البشرية مع انتشار بوادر مجاعة كبرى تضيف بعدا آخر لتراجع الإرادة السياسية لدى زعماء «العالم الحر» وتداعي حماسهم للتعاطي مع تحديات من هذا النوع. هذا يظهر أن إشعال الحروب والخلافات خيار سهل، ولكن إنهاءها ليس متيسرا، بل أن القضايا الكبرى بقيت عالقة منذ أن بدأت.
وتزداد الأمور تعقيدا بتهميش دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. فأمريكا التي تسعى لإضعاف العمل الدولي المشترك لم تثبت قدرتها على التصدّي بقدر من الحياد للقضايا الكبرى، بل كثيرا ما كانت طرفا مباشرا فيها. ولم تسفر تدخلاتها في الصراعات عن حلول ناجعة، الأمر الذي يستدعي ضرورة بروز جهة دولية فاعلة لسد الفراغ القيادي الذي أحدثه تهميش الأمم المتحدة.
ربما يعتقد بعض زعماء الغرب أن البلطجة الإسرائيلية تساهم في كبح جماح القوى الإقليمية التي قد تحتضن نزعات للتمرد على الهيمنة الغربية. ولكنهم مخطئون في ذلك. فهم بذلك يخلقون عفريتا آخر ويكررون قصة «فرانكشتاين» المرعبة. أما المنطق الأقرب للحكمة والواقع فيدعوهم لانتهاج سياسات أخرى أكثر توازنا وعدلا، وأقل عداء للعرب والمسلمين. وبدون ذلك التغيير في النهج السياسي الغربي وتجاهل حقوق البشر في بلدان مثل فلسطين والسودان والعراق، سيصبح العالم متوجها نحو مصير مجهول يتداخل فيه سيل الدماء مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والأخلاقية.